3 طرق للحصول على حافز قوي لتحقيق النجاح

قبل سنة من الآن وعندما أكملتُ الـ 34 من عمري، دخلت إلى مكتب مديري وأخبرته أنَّني سأستقيل من وظيفتي، كان هذا واحداً من أصعب الأشياء التي اضطررت إلى فعلها خلال حياتي، فبعد 14 سنة من العمل في الشركة التي أحبها حصلت على مسيرة مهنية رائعة، ولكنَّني لم أستطع أن أتجاهل رغبتي في السفر حول العالم، وكنت أعلم أنَّني كلَّما أجَّلت القيام بهذا الشيء، ازدادت رغبتي فيه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش "رافي رامان" (Ravi Raman)، ويتحدث فيه عن التحفيز بوصفه عنصراً أساسياً للتغيير الإيجابي في الحياة.

لقد كان دافعي واضحاً، وخلال سنة كاملة تأملتُ مطولاً في قراري كما فكرت كثيراً في كيف استطعتُ البقاء مُتحفِّزاً لاتِّخاذ هذا القرار، وفكرتُ أيضاً في مراحل أخرى من حياتي عندما اضطررت إلى اتِّخاذ قرارات صعبة، والشعور بالتحفيز والحفاظ على هذا الشعور على الأمد الطويل؛ وذلك بدءاً بالتدريب والتنافس في الألعاب الرياضية وانتهاءً بالمشاركة في "ألترا ماراثون" (Ultramarathon).

لقد قرأتُ الكثير من الكتب والدراسات عما يتطلَّبه الأمر من أجل الحصول على الحافز والمحافظة على هذا الشعور، وما تعلمته هو أنَّ الحافز ليس مجرد فن روحاني، كما أنَّه ليس مجرد علم مثير للدهشة؛ بل هو شيء عملي وقابل للتنفيذ، كما يمكن دراسته وقياسه وتحديد كميَّته وتطبيقه يوماً بيوم، وهو أمر يساعد على اتِّخاذ قرارات أفضل، ويساعد أيضاً على الالتزام بتحقيق الأهداف وتحقيق إنجازات نوعيَّة في الحياة.

ما هو الحافز؟

الحافز أو الافتقار إلى الحافز هو ما يؤدي إلى النجاح أو الفشل؛ سواء بالنسبة إلى الشركات أم الأفراد، فأنا لديَّ الكثير من الأصدقاء الذين يبدو أنَّهم يفعلون الأمور بشكل طبيعي لتحسين حياتهم، وأعرف العديد من الشركات التي تملك موظفين متحمسين على الدوام في عملهم ولتحقيق أهداف الشركة.

والسؤال هو؛ ما هو الشيء الذي يجعل بعضنا متحمساً جداً وبعضنا مفتقراً بشكل كبير إلى الدافع؟ وما هو الشيء الذي يجعل بعض الشركات متحمسة إلى تحقيق إنجازات كبيرة، في حين لا يتجاوز طموح بعض الشركات الأخرى الحفاظ على وضعها الراهن؟

سنركِّز في هذه الأسئلة خلال هذا المقال، كما سنقدِّم استراتيجيات فعَّالة يمكنك تطبيقها يومياً لتحفِّز نفسك وتحفِّز الآخرين على القيام بأشياء رائعة.

هل يمكن اكتساب الحافز أم أنَّه موهبة؟

تتغيَّر النظرة للحافز تغيُّراً كبيراً من مجرد كونه شعوراً إلى شيء يمكن دراسته وتعلُّمه وتطبيقه، ففي السابق، كان يُفهَم الحافز على أنَّه خاصيَّة ميتافيزيقية مرتبطة بشخصية الفرد، تُترجَم إلى إرادة قوية؛ أي شيء يمنحك إياه القدر لتُغيِّر مصيرك، ولكنَّ الحقيقة الرائعة هي أنَّ الحافز أمر أقرب إلى العلم أكثر من كونه فناً.

والأمر يشبه تطور مفهوم الطب؛ ففي السابق، كان يُنظَر إلى الطب على أنَّه فن يمكن أن يمارسه فقط أشخاص لديهم موهبة روحانية خاصة، وبالطبع تبدو هذه الفكرة سخيفة في وقتنا الحالي، وكما قلنا؛ يزداد فهم الحافز على أنَّه شيء يمكن أن يدرسه ويتعلَّمه ويطبقه أي شخص لديه العزيمة والصبر الكافي لتعلُّم وتطبيق بعض المبادئ الجوهرية، كما يجب الأخذ في الحسبان ما إذا كان مصدر الحافز لديك هو شعورك الداخلي أم أنَّه مرتبط بعوامل خارجية.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحفيز النفس وتشجيعها على اتّخاذ خطوات جريئة

3 طرائق رئيسة لزيادة دوافعك:

توجد 3 طرائق رئيسة لزيادة دوافعك، وتعتمد هذه الطرائق على أفكار وأبحاث علماء بارزين في مجال علم النفس، كما تعتمد على تجربتي في اتِّخاذ قرارات صعبة والالتزام بالأهداف التي كنت أضعها.

سألخِّص هذه الطرائق الثلاث وأُقدِّم بعض الأفكار لتطبيقها في الحياة العملية:

1. الاستقلال في اتِّخاذ القرار:

يجادل عالِما النفس "إدوارد إل ديسي" (Edward L. Deci) و"ريتشارد إم ريان" (Richard M. Ryan) من جامعة "روتشيستر" (Rochester) بأنَّ الإنسان يكتسب الحافز عندما يشعر بالمسؤولية.

فقد أجريا تجربة لاختبار هذه الفرضيَّة، ووجدا أنَّ الأشخاص يستمرون لفترة أطول في محاولة حل المشكلة عندما يعملون في مجال يحبونه، أكثر من الأشخاص الذين يُجبَرون على القيام بعمل ما.

وأثبت العالمان أنَّه حتى تشعر بالتحفيز؛ يشترط أن تعمل على مهمة تجعلك تشعر بالمسؤولية، كما لا يجب أن تشعر بأنَّك مجبر على العمل بأيَّة طريقة؛ بل يجب أن تشعر بأنَّ ما تقوم به نابع عن رغبتك وإرادتك الحرة تماماً.

وهذه بعض الأسئلة التي يجب أن تسألها لنفسك:

  • هل قرارك أو هدفك أو المشروع الذي تعمل عليه نابع عن رغبتك أم أنَّك أُجبِرت عليه؟
  • في حال كنتَ تشعر بأنَّك مُجبَر، فهل يمكنك تعديل عملك أو ما تقوم به فتشعر بأنَّه أمر من اختيارك الشخصي؟
  • إذا لم تتمكن من تغيير ما تقوم به، فماذا يمكنك أن تفعل لتشعر بمزيد من المسؤولية حيال عملك؟
إقرأ أيضاً: 5 نصائح ستجعلك شخصاً أكثر مسؤولية في العمل

2. القيمة:

يعطيك الحافز دفعة قوية جداً عندما تعمل وفقاً لمعتقداتك وقيمك الأساسية، وهذا الأمر منطقي؛ فمن الصعب مثلاً أن تدافع عن قضية لا تؤمن بها، ومن الهام جداً أن تلاحظ أنَّ تقديرك لشيء يزيد من احتمالية السعي إلى الحصول عليه مع شعور أكبر بالمسؤولية؛ بعبارة أخرى، توجد علاقة وثيقة بين الشعور بالمسؤولية والشعور بأهمية ما تفعله.

في مراجعة لعدَّة أبحاث أجراها عالِما النفس "آلان ويغفيلد" (Allan Wigfield) و"جينا كامبريا" (Jenna Cambria) من جامعة "ماريلاند" (Maryland)؛ لاحظ العالمان وجود علاقة بين حب الطالب لمادة من المواد الدراسية، ورغبته في البحث لإيجاد إجابة عن سؤال يتعلق بهذه المادة بطريقة مستقلة.

على سبيل المثال، إذا شعرَ الطالب بتقدير كبير لأهمية مادة معيَّنة مثل الرياضيات، فإنَّه سيمتلك المزيد من الرغبة للتركيز وحل مسائل الرياضيات بطريقته الخاصة، ودون الحاجة إلى تشجيع من الآباء أو المدرِّسين.

اسأل نفسك الأسئلة الآتية:

  • ما الذي تقدِّره في الحياة أو العمل أو فيما يتعلق بالعائلة؟
  • كيف يمكنك ربط أهدافك ومشاريعك الرئيسة بهذه القيَم؟
  • كيف يمكنك إعادة تشكيل أهدافك أو مشاريعك؛ إذ تصبح متوافقاً توافقاً أكبر مع قيَمك الأساسية ومع الأشياء ذات القيمة الكبيرة في حياتك؟

3. الكفاءة:

يزداد الحافز بازدياد الكفاءة وإتقان المهارة؛ إذ لاحظت عالمة النفس "كارول إس دويك" (Carol S. Dweck) من خلال البحث أنَّ الشخص يكون مستعداً بشكل أكبر للمثابرة على إنجاز مهمة عندما يعلم أنَّ عمله الدؤوب سيؤتي ثماره.

وأُكِّدَ على الفكرة نفسها في كتاب "التدفق: علم نفس التجربة المُثلى" (Flow, The Psychology of Optimal Experience)، ولا تعني الكفاءة الإتقان الكامل لإحدى المهارات؛ بل تعني أن يشعر الشخص بأنَّه يمتلك معرفة كافية، ويحقِّق تقدماً يعادل المجهود الذي يبذله.

فمن الممكن أن تكون مبتدئاً ومع ذلك تمتلك الكفاءة، كما يمكنك زيادة ثقتك بكفاءتك من خلال العمل الجاد والمتابعة الدؤوبة لتحقيق الهدف.

ولقد لمستُ هذه الحقيقة بنفسي عندما قررت ممارسة التزلُّج على جبال الألب؛ فبدايةً أخذت درسين مدة كل واحد منهما ساعتين، وبذلت الكثير من الجهد طوال يومين لاختبار مهاراتي التي تعلمتها حديثاً، وفي النهاية، امتلكتُ الثقة بكفاءتي بصفتي متزلِّجاً، وبالطبع، لم أكن قادراً على التزلُّج مثل المحترفين، ولكنَّني كنت واثقاً بنفسي وشعرت بأنَّني أمتلِك ما يكفي من المهارة.

إليك الآن بعض الأسئلة التي يمكنك أن تسألها لنفسك:

  • ما هي المجالات التي تمتلك فيها كفاءة؟
  • كيف يمكنك استثمار كفاءتك في سبيل تحقيق أهدافك؟
  • هل يمكنك كسب المزيد من الثقة بكفاءتِك من خلال اتِّباع عادات أفضل أو تطوير مهارة معيَّنة؟
  • كيف يمكنك متابعة التقدُّم؛ إذ تؤدي الجهود التي تبذلها إلى تحقيق نتائج أفضل وتساهم في إنجاز الهدف؟

شاهد بالفديو: كيف ترسم لنفسك خارطة طريق إلى النجاح؟

في الختام:

باختصار، يكمن امتلاك الحافز في العناصر الثلاثة الأساسية الآتية:

  1. تحمُّل مسؤولية قراراتك الشخصية "الاستقلال".
  2. تقدير أهمية ما تقوم به "القيمة".
  3. زيادة الحافز بازدياد المهارة والخبرة "الكفاءة".

عندما تراجع أهدافك ومشاريعك، خصِّص بعض الوقت وفكِّر في كل هدف ومشروع موجود لديك، وتأكَّد من مقدار شعورك بالمسؤولية وبأهمية ما تفعله وثقتك بالكفاءة التي تمتلكها، وإذا شعرتَ أنَّك تفتقر لإحدى هذه العناصر الثلاثة، فاستخدم الأسئلة الموجودة في هذا المقال من أجل معالجة الضعف في هذه العناصر.

يساعدك الحافز على الالتزام بتحقيق أهدافك وتحقيق إنجازات نوعية في حياتك، وقد يكون من المفيد تدوين إجاباتك عن الأسئلة التي تطرحها على نفسك، ومن ثم قراءة هذه الإجابات على مسمعيك، كما ستساعدك قراءة إجاباتك بين فترة وأخرى على امتلاك أفكار قويَّة تجعلك مُتحفِّزاً على الأمد الطويل.

المصدر




مقالات مرتبطة