3 طرق غريبة ومدهشة تؤثر بها الموسيقى على صحتك

يمكن للاستماع إلى الموسيقى أن يغيِّر مزاج المرء، سواء كان طالباً يستعد لامتحاناته النهائية أم مديراً مرهَقاً يأخذ استراحة في منتجع محلي، فأنت تعلم ذلك سابقاً؛ إذ لا بد أنَّك لاحظت يوماً قدرة الموسيقى المذهلة على تغيير حالتك المزاجية مباشرةً، ولكن إلى جانب تعزيز ما تشعر به هل توجد أيَّة فوائد مثبتة علمياً للموسيقى؟ وهل يمكن أن تترك أثراً دائماً في طريقة تفكيرك وشعورك أو حتى في طريقة تلقِّيك للمعلومات؟



بالنظر إلى أحدث الدراسات العلمية المتعلقة بتأثيرات الموسيقى، إليك بعض الإجابات التي ستفاجئك.

3 طرائق غريبة ومدهشة تؤثر بها الموسيقى على صحتك:

1. التقليل من التوتر المرافق للمهن عالية الخطورة:

إن كنت رائد أعمال كثير الانشغال، أو تاجراً يحتاج إلى مراقبة البورصة على الدوام، أو طبيباً كثير الأعباء، عليك إذاً أن تجرب الاستماع إلى الموسيقى.

قامت دراسة نُشِرَت في مجلة التمريض المتقدم (Journal of Advanced Nursing) بتقييم آثار الموسيقى في طاقم تمريض في أثناء الخدمة، حيث اختير 54 ممرضاً وممرضة عشوائياً وقُسِّموا في مجموعتين:

  • استمعت المجموعة الأولى إلى موسيقى هادئة خلال سماعات الرأس لمدة 30 دقيقة.
  • في حين جلست المجموعة الثانية للراحة دون أيَّة موسيقى لمدة 30 دقيقة.

بعد نهاية المدة المحددة اختُبِر أفراد كلا المجموعتين بحثاً عن علامات التوتر؛ فأظهرت النتيجة أنَّ الممرضين الذين استمعوا إلى الموسيقى انخفض لديهم مستوى هرمون الكورتيزول الذي يُفرَز استجابةً للتوتر، إضافة إلى انخفاض معدل ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم قليلاً.

كان هذا التأثير مؤقتاً؛ لكنَّه أثبت الاعتقاد الشائع بأنَّ الموسيقى تقلِّل حقاً من التوتر، وتُظهر العديد من الدراسات فوائد مماثلة للموسيقى فيما يخصُّ تخفيف التوتر.

شاهد بالفيديو: كيف تجعل التوتر صديقك؟ أخصائية علم النفس كيلي ماكينجال، Kelly McGonigal

2. زيادة الذكاء:

يمكن أن تجعلنا الموسيقى أكثر ذكاء، وهذا ما يدعى تأثير موزارت (Mozart effect)؛ ففي عام 1993 قام باحثون في جامعة ويسكونسن (University of Wisconsin) باختبار 36 طالباً جامعياً في ثلاث مهام تقيس معدل الذكاء المرتبط بالتفكير المكاني/ البصري، فيرتبط التفكير المكاني بالذاكرة والقدرة على حل المشكلات المجردة، كمسائل الرياضيات.

قبل كل مهمة من المهام الثلاث، كُلِّف الطلاب بالاستماع إلى:

  • مقطوعة موسيقية من تأليف موزارت.
  • شريط من أصوات الطبيعة التي تساعد على الاسترخاء.
  • مقطع صوت صامت.

عند تقييم نتائج الاختبارات وجد الباحثون أنَّ أداء الطلاب كان أفضل بكثير في مهمة الذكاء التي أدوها بعد الاستماع إلى موزارت؛ إذ إنَّ الاستماع إلى موسيقى موزارت لـ 10 دقائق فقط حسَّنت معدل ذكائهم بنسبة تصل إلى 7% وسطياً.

لا يمكن أن نعزو النتائج إلى أنَّ الموسيقى مريحة بطبيعتها؛ فلم يتحسن أداء الطلاب كثيراً بعد الاستماع إلى شريط الاسترخاء، إلا أنَّ العلماء توصلوا إلى أنَّ موسيقى موزارت أو أي مقطوعة موسيقية كلاسيكية معقدة تحفز الدماغ وتحسن التركيز.

على الرَّغم من أنَّ التأثير كان مؤقتاً؛ إذ استمر مدة 10 أو 15 دقيقة إلا أنَّه كبير بما يكفي لاستنتاج أنَّ الموسيقى تجعلك أكثر ذكاء.

إقرأ أيضاً: 8 عادات يوميّة تزيد الذكاء

3. التقليل من أعراض تلف الدماغ:

ربما لم تتفاجأ بأنَّ الموسيقى تقلل من التوتر وتحسن التركيز؛ لكنَّ تأثيرات الموسيقى تتجاوز هذه النتائج الظاهرية؛ إذ تظهر الأبحاث أنَّ العلاج بالموسيقى يمكن أن يخفف من أعراض الأمراض الخطيرة مثل ألزهايمر، كما يمكن أن يعالجها حتى.

في دراسة أجريت في مستشفى جامعة لاند سبيتالي (Landspitali University Hospital) في أيسلندا (Iceland) اختير 38 مريضاً يعانون مرض ألزهايمر ما بين المعتدل إلى الخطير وتقسيمهم إلى مجموعتين، خضعت المجموعة الأولى إلى جلسات مركزة من العلاج بالموسيقى لمدة 6 أسابيع، في حين خضعت المجموعة الثانية إلى جلسات علاج ضبط النفس (Self-control Therapy) خلال فترة 6 أسابيع، وبعد انقضائها اختُبِر المرضى على مقياس "بيهيف-آد" (BEHAVE-AD)؛ وهو اختبار طبي يُستخدَم لقياس أعراض مرض ألزهايمر بما في ذلك العدوانية والذهان والقلق والهلوسة وما إلى ذلك.

وجدت الدراسة أنَّ المرضى الذين خضعوا إلى العلاج بالموسيقى أظهروا انخفاضاً ملحوظاً في شدة الأعراض الرئيسة التي يقيسها اختبار "بيهيف-آد" (BEHAVE-AD)؛ على سبيل المثال انخفض الذهان من 1.4 إلى 0.8، في حين انخفضت صعوبة الحركة من 1.6 إلى 0.7، وانخفض القلق من 1.0 إلى 0.7.

بالعموم:

  • المرضى الذين خضعوا إلى العلاج بالموسيقى انخفضت شدة أعراضهم تبعاً لاختبار "بيهيف-آد" (BEHAVE-AD) بنسبة 20%.
  • في حين المرضى الذين خضعوا إلى علاج ضبط النفس انخفضت شدة أعراضهم تبعاً لاختبار "بيهيف-آد" (BEHAVE-AD) بنسبة 13%.

هذه ليست الدراسة الوحيدة التي تثبت العلاقة بين العلاج بالموسيقى وصحة الدماغ، فقد وجدت دراسة أخرى نشرتها جمعية علم النفس الأمريكية (American Psychological Association) أنَّ العلاج بالموسيقى يمكن أن يحسن المزاج والقدرة على التواصل لدى المرضى الذين يعانون إصابات شديدة في الدماغ.

في هذه الدراسة اختير 18 مريضاً، اتبعت مجموعة منهم برامج إعادة تأهيل تقليدية، واتبعت أخرى برامج إعادة تأهيل مع العلاج بالموسيقى، ثمَّ طُلِب من المجموعتين وعائلاتهم والقائمين على رعايتهم تقييم مزاج كل مريض وقدرته على التواصل.

وجدت الدراسة أنَّ المرضى الذين خضعوا إلى العلاج بالموسيقى:

  • وجدوا تحسُّناً أعلى في مزاجهم وتواصلهم.
  • عدَّهم أفراد أسرهم أكثر سعادة وأكثر اجتماعية.
  • عدَّهم القائمون على رعايتهم أكثر تعاوناً ومشاركةً في علاجهم.

الاستنتاج: الموسيقى تجعلك أكثر سعادة، حتى لو كنت تعاني إصابات خطيرة في الدماغ ومشكلات الصحة العقلية.

إقرأ أيضاً: دماغ الإنسان و12 حقيقة مشوقة عنه

في الختام:

الموسيقى مذهلة حقاً، قد يكون من المعروف أنَّها تُحسِّن مزاجك وتعزز مشاعرك، ولكن يمكن أيضاً أن تحسن الأداء العقلي، وتخفف التوتر، حتَّى أنَّها تخفف أعراض إصابات الدماغ كما تظهر هذه الدراسات؛ لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بالتوتر ضع سماعات الرأس وابدأ بالاستماع إلى الموسيقى.




مقالات مرتبطة