3 دروس حياتية تعلمتها بعد تأجيل زفافي بسبب جائحة كورورنا (COVID-19)

أصبحت الحياة في ظل جائحة كورونا (COVID-19) محفوفة بالصعاب أكثر من أي وقت مضى، فقد اعتقدنا في البداية أنَّ الأمر ليس إلَّا سحابة صيف عابرة، وكنا سعيدين بهذه الفرصة التي تسنَّت لنا أخيراً للاسترخاء في منازلنا والتسمر أمام الشاشات دون الاكتراث بأعباء الحياة الاجتماعية الثقيلة؛ ولكن الآن، وبعد مرور أشهر طويلة، وجدنا أنَّنا ملزمون بتغيير خططنا وإعادة بناء حياتنا من جديد.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "ماديسون بلوت" (Madison Plott)، والذي تحدثنا فيه عن تجربتها والدروس التي تعلمتها من تأجيل حفل زفافها.

بعد مرور كل هذا الوقت على بداية هذه الجائحة، أمسى هذا الحلم الجميل بالراحة كابوساً يهدد الكوكب بأسره؛ ومع ذلك، فقد كسبت الكثير من لقبي الجديد "عروس كوررونا (COVID-19)".

نحن عادة ما نمتلك صورة سلبية عن العرائس، فنراهنَّ فتيات مدللات وأنانيات؛ لكن لا يهم إن كانت تلك حقيقة أم محض افتراء، إذ تعرف اللواتي مررن بهذه التجربة حقيقة الأمر تماماً؛ حيث ترزح العروس تحت كمٍّ هائل من المسؤوليات الجديدة - زيادة على مسؤولياتها السابقة - لتحقيق عرس الأحلام الذي يراعي قواعد الإتيكيت المثالي؛ ناهيك عن المواعيد الكثيرة والنفقات وتوقعات العائلة والأقارب وغيرها؛ لكن قد يُحوِّل هذا الحلم الأبيض حياتها إلى جحيم أسود، فما بالك لو كانت عروساً في ظل جائحة كورونا (COVID) تتقاذفها أمواج من الأحداث غير المسبوقة، مما يجبرها على نسف جميع خططها لهذا اليوم والبدء من جديد؟

هذا ما حدث لي في الحقيقة بعد قرابة سنتين من الخطوبة؛ حيث كان قد تبقى شهر تماماً على حفل زفافي قبل أن أُصدَم بحقيقة أنَّه لن يتم في الموعد الذي حددناه.

رغم قناعتي الراسخة أنَّني سأتزوج، لم أستطع منع نفسي من الشعور أنَّ أشهر العمل الطويلة التي كرستها ليومي المميز ذلك قد ضاعت سدىً؛ وأسوأ ما في الأمر أنَّه ليس بإمكاني فعل شيء لتغيير هذا الواقع.

إنَّه لمن المؤكد أنَّ مواجهة ظروف يضطر المرء فيها إلى إلغاء زفافه أو تأجيله أو التخطيط له من جديد، ستُشعِره أنَّه على شفا الإصابة بذبحة صدرية حرفياً، لكن ثقوا تماماً أنَّ التجارب المريرة في الحياة ستعلمكم دروساً لن تحصلوا عليها بطريقة أخرى.

فيما يأتي ثلاثة دروس مؤثرة تعلمتها بعد أن اضطررت إلى تأجيل حفل زفافي مرتين:

1. لا تخشَ أن تقول نعم لنفسك:

عندما تخطط لحفل زفافك، تجد أنَّ توقعات الآخرين التي تنهال عليك تلقي عليك حملاً أكبر من مسؤوليات زواجك نفسه؛ إذ يبدو أنَّ للجميع رأي بيوم زفافك، ومن ضمنهم أسرتك وأقرباؤك وأقرباء شريكك وأصدقاؤك، حتى أنَّنا قد نمتثل لما يقترحونه علينا في النهاية، فنوافق على ما يريدون، ونشطب ما نريده من على قائمتنا.

ليست هذه المشكلة وقفاً على حفلات الزفاف، بل تتعداها لتؤثر في كل جوانب حياتنا؛ فعندما نشعر بالضغط الناتج عن مجاراة تطلعات الآخرين، نحاول جاهدين أن نقولب أنفسنا بالشكل الذي يطلبون، حتى أنَّنا نقنع أنفسنا أنَّ ذلك لصالحنا.

وجدنا أنا وخطيبي في تأجيل حفل زفافنا فرصة نادرة لإعادة ضبط حياتنا وتغيير الأمور التي لم تلقَ إعجابنا، وقد لاحظت أنَّ الأمور التي أردت تغييرها لم أكن أنا من اخترتها منذ البداية؛ فقد كان كل أمر بتفاصيله ناتجاً عن حرجي وخوفي من تلبية رغباتي بدلاً من إرضاء الآخرين.

لذا علينا أن نرضي أنفسنا كي نحصل على الأشياء التي نرغب فيها ونعيش حياتنا على هوانا، كما علينا أن نتعلم ألَّا بأس في تخييب أمل الآخرين كي نُسعَد نحن.

إقرأ أيضاً: 6 طرق للحفاظ على سلامتك النفسية عند التعامل مع الآخرين

2. تتضمن أفضل الخطط حلولاً بديلة:

اعتدنا على تجهيز خطط تشمل نواحي حياتنا  كافة قبل ظهور هذه الجائحة؛ بدءاً من التخطيط الأكاديمي والمناهج الدراسية التي تُعطَى لنا منذ نعومة أظافرنا، إلى عدد من برامج التخطيط الرقمية التي تساعدنا على جدولة العديد من الأدوار في حياتنا اليومية؛ فقد تعلمنا أنَّ التخطيط جزء لا يتجزأ من النجاح؛ ورغم عدم دقة هذا الادعاء، لكنَّ الخطط في الحقيقة قد تتغير أو تُلغَى دون سابق إنذار.

عندما أقدمنا على وضع الخطط وإجراء الحجوزات وتوقيع العقود، لم يخطر في بالنا أنَّ وباءً سيجتاح العالم، فلا أحد لديه مفاتيح الغيب؛ لكنَّ افتقاري إلى الخطط البديلة أرغمني على فسخ عقودي وخسارة العرابين التي دفعتها وامتلاء سلة المهملات لدي بالأوراق التي لم يعد لها أي قيمة؛ ورغم أنَّني لم أمتلك القدرة على التنبؤ بما سيحدث لي في سنة 2020، لكنَّني مع الأسف لم أضع خطة بديلة في الحسبان.

تكمن العبرة هنا في أنَّ رحلة حياتك ترتكز على الخطط التي تضعها، لكنَّها يجب أن تكون مرنة؛ فنحن لا نستطيع أن نحيط علماً بالمستقبل المجهول؛ ولا يعني هذا أن ننساق وراء تهويل الأمور في كل خطة صغيرة نضعها، بل أنَّ علينا بذل أكبر جهد ممكن لنغادر منطقة أماننا وراحتنا ونواجه المجهول.

3. الوحدة هي خيار متاح دوماً:

إنَّ الشعور بالوحدة في ظل الصدمات النفسية والأزمات العاطفية أمر شائع، فمن الطبيعي أن تشعر ألَّا أحد يتفهم ما تمر به من أزمات إلَّا النذر القليل من الناس؛ لكنَّني تعلمت درساً من تجربتي أكد لي أنَّ القوة في الجماعة.

كان من الصعب عليَّ أن أكون عروساً في بداية هذا العقد الجديد من القرن، وشعرت لأول مرة في حياتي أنَّ عبارة "لا أحد يفهمني" تنطبق علي.

لم يجعلني البقاء في المنزل معزولة عن زملائي وأصدقائي وأفراد عائلتي وحسب، بل جعلني أشعر ألَّا بأس في التحسر على خسارة ما كنت أخطط له ليكون أجمل يوم في حياتي.

لم يساعدني التحدث مع أصدقائي على الهاتف كما كنت آمل، لأنَّه من الصعب الحصول على نصيحة مفيدة من صديق لم يمر بالحالة نفسها التي تمر بها؛ ومع ذلك، لاحظت أنَّ عدم اختبار الأشخاص من حولي لتجربتي نفسها لا يعني أنَّني وحيدة.

لم يترك هذا العصر الرقمي أحداً يعاني الوحدة؛ فقد أضحى بإمكاننا التواصل مع المجموعات والمجتمعات التي لم يخطر في بالنا قط منذ عقدين أنَّنا سنتعرف بها؛ وأيَّاً كانت الظروف التي تواجهك في أي جانب من حياتك، فلا زلت تمتلك الفرصة للتواصل مع أشخاص ما كنت ستقابلهم بطرائق أخرى غير هذه.

لكن شتَّان بين العلاقات الافتراضية والعلاقات التفاعلية بين الأشخاص، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها؛ ومع ذلك فقد يغمرنا التواصل مع أشخاص يمرون بالحالة نفسها التي نمر بها بمشاعر الدعم والراحة.

إقرأ أيضاً: 9 طرق للبقاء على تواصل مع العالم في ظلِّ التباعد الاجتماعي

ستتمكن دائماً من أن تجد شخصاً يمر بظروفك نفسها من خلال مجموعات الدعم على الإنترنت والمدونات والمنشورات العامة والصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تواكب الظروف والأحداث.

لقد تأجل موعد زفافنا مرتين، ولم يكن هذا بالأمر السهل علينا، لكنَّني تعلمت أنَّ أقسى الظروف أهمُّها؛ فهي التي تلقننا أهم الدروس؛ إذ تنبع قوتنا من صراعنا، وتخفي الصعاب تحت ركامها النعم، ويعتمد ذلك على منطلقنا ونظرتنا إلى الحياة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة