3 دراسات تثبت أهمية الإبداع والابتكار في ريادة الأعمال

ما الذي يتطلبه الأمر لإنشاء منتج مُبتكَر وإبداعي؟ إنَّه ليس سؤالاً بسيطاً؛ وذلك لأنَّ المبتكرين في عالم الأعمال عادةً ما يستثمرون الكثير من الوقت والمال لإيصال فكرتهم الكبيرة إلى السوق، بالنسبة إلى أولئك الذين،جحوا، فإنَّ المكافآت، المالية وغيرها، يمكن أن تكون رائعة، وما يسمى بـ ميزة المحرك الأول في السوق (first mover’s advantage) حقيقية وتعني أنَّ المنتج الناجح قد يملي الشروط في مجال جديد بالكامل، لقد كان موقع أمازون (Amazon.com) أول شركة تجارة إلكترونية كبيرة، ولا تزال الأولى، وكانت شركة ستاربكس (Starbucks) أول شركة روجت بيع القهوة، وكان موقع إيباي (eBay) أول موقع مَزاد على الإنترنت.



ولكن مقابل شركة إيباي (eBay) وستاربكس (Starbucks)، هناك المئات من الشركات الأخرى التي لم تنشهر أبداً، إذاً ما هو الفارق؟ ألقِ نظرة على بعض الابتكارات التجارية؛ والتي يُعَدُّ بعضها خطيراً وبعضها ممتع:

1. تصوُّر السوق:

وجَّهت الحكومة الأمريكية خلال نقص المطاط في الحرب العالمية الثانية دعوة لابتكار مطاطٍ صناعي، وابتكرت شركة جنرال إلكتريك (General Electric) مادة تسمى جاب "Gupp"، كانت مثيرة للاهتمام، وكانت تتمدد وتتقلص، على عكس المطاط الصناعي.

ومع ذلك، نظراً لأنَّ المواد كانت مثيرة جداً للاهتمام، فقد أَرسَلت شركة جنرال إلكتريك عينات إلى العلماء والأكاديميين في جميع أنحاء العالم، تطلب أفكاراً حول ما يجب فعله بها، وبالتأكيد يمكن لأي شخص أن يبتكر استخداماً علمياً صالحاً لهذه المادة العجيبة.

لم يكن لدى أحد أي فكرة، ولكن بلحظة مفاجأة، بعد الحرب، رأى مسوق عاطل عن العمل اسمه بيتر هودجسون (Peter Hodgson) مالكةَ متجر ألعاب تُدعى روث فالغاتر (Ruth Fallgatter) تسحب المادة وتلعب بها، واعتَقَدَ كلاهما أنَّه يمكن صنع لعبة رائعة منها، وبعد عام، اقترض هودجسون (Hodgson) بعض المال، ودفع 147 دولاراً لشركة جنرال إلكتريك مقابل حقوق براءة الاختراع وكمية من المادة، وبدأ العمل.

لقد أعطى اسماً مضحكاً وجديداً لـ (Gupp)، وغلَّفها تغليفاً مميزاً داخل بيض أحمر، ووضعها بالفعل في عدد قليل من متاجر الألعاب والمكتبات، لكن لم يشترِها أحد، حتى اشترى كاتب في مجلة نيويوركر (The New Yorker) بعضها، ولعب بها، وأحبها وكتب عنها في العدد التالي من المجلة.

لم يضطر بيتر هودجسون (Peter Hodgson) إلى القلق بشأن المال مرة أخرى؛ حيث تلقى 250.000 طلباً لشراء معجون سيلي - المعجون السخيف - خلال الأيام الثلاثة التالية، وعندما توفي في عام 1976، كانت قيمة ثروة هودجسون 140 مليون دولاراً.

المغزى من القصة هو أنَّه في بعض الأحيان لا شيء يتفوق على بعض العلاقات العامة القديمة الجيدة عند محاولة ترويج منتج جديد.

إقرأ أيضاً: 7 طرق مجانية للترويج لعملك الصغير

2. براعة مقاومة للخطأ:

في الخمسينيات من القرن الماضي، كانت بيتي نسيمث غراهام (Bette Nesmith Graham) أُمَّاً عزباء عملت في أحد البنوك كسكرتيرة، وعلى الرغم من أنَّها لم تكن سكرتيرة جيدة وارتكبت الكثير من الأخطاء المطبعية، إلا أنَّها كانت رسامة ممتازة؛ لذلك في كل عام، كانت ترسم رسومات عيد الميلاد على نوافذ البنك.

ارتكبت خطأً في إحدى السنوات، في أثناء رسم مشهد العطلة، ورسمت فوق الخطأ مباشرة، وفكرت في نفسها، أتمنى أن أفعل ذلك في أثناء الطباعة.

لذلك أَخذَت غراهام بعض ألوان التمبرا (Tempera) للعمل وصححت فوق الأخطاء المطبعية، وسرعان ما أدركت أنَّ هذه كانت فكرة رائعة يمكن أن تحقق نشاطاً تجارياً رائعاً، وكانت تعمل من المنزل بعد انتهاء دوامها في العمل، وجربت ذلك في الرسم.

بعد جهد كبير، ابتكرت الخليط الذي أصبح في النهاية يسمى سائل التصحيح (Liquid Paper). ولكن على عكس بيتر هودجسون (Peter Hodgson)، لم يكن ابتكار جراهام ناجحاً بين ليلة وضحاها، لقد واصلت العمل في البنك وعمل دفعات من مصحح الأخطاء في مطبخها؛ حيث كانت تبيع 100 زجاجة شهرياً.

ولكنَّ التحدي يكمن في أنَّ المنتج كان مبتكراً جديداً؛ لذا فهم القليل من الناس سبب احتياجهم إليه، ولكن مع علم الناس بالمنتج، تقدم العمل ببطء، ومع ذلك، فقد مر 18 عاماً بعد إطلاق المنتج قبل أن تصل مبيعات سائل التصحيح (Liquid Paper) إلى مليون دولار سنوياً، وبعد خمس سنوات، كان 25 مليون دولاراً في السنة.

في الواقع باقي القصة معروف؛ إذ في نهاية المطاف ستطغى شهرة جراهام على شهرة ابنها؛ حيث أصبح مايك نسميث (Mike Nesmith) في الستينات عضواً في فرقة المونكيز (The Monkees)، بالإضافة إلى منتج أفلام ومنتج فيديو.

هناك طرائق عدة لنجاح الاختراعات والإبداع، ويُعَدُّ العمل في المنزل أمراً رائعاً، ولكن في كثير من الأحيان تكون المثابرة هي التي تحقق النجاح، وليس من الصعب فهم السبب، وغالباً ما يحتاج اختراع منتج مبتكر مثل سائل التصحيح ضرورة تعليم المستهلكين سبب حاجتهم إليه.

إقرأ أيضاً: الإبداع: كيف تحرر عبقريتك الإبداعية الدفينة؟

3. الاختراعات الخاطئة:

في تاريخ قرارات العمل السيئة، ربما كان الأسوأ على الإطلاق هو قرار شركة كوكا كولا (Coca-Cola) بإلغاء اسم كوك (Coke) واستخدام نيو كوك (New Coke)، كما اكتشفوا أنَّ التخلي عن اسم كوك مخالف لما هو متعارف عليه.

جاء القرار في منتصف الثمانينيات وسط معركة خاضتها شركة بيبسي (Pepsi) ضد شركة كوكا كولا (Coca-Cola)، وكان تحدي شركة بيبسي حملة إعلانية تليفزيونية جعلت المستهلكين يخضعون لاختبار التذوق الأعمى، ثم يخبرون كيف أنَّ مذاق بيبسي أفضل.

ونتيجة لذلك؛ بدأ المسؤولون التنفيذيون في شركة كوكا كولا بإجراء تجارب سرية على تركيبات جديدة، حتى وجدوا واحدة تتفوق على نكهة بيبسي في اختبارات التذوق، واقتنعت شركة كوكا كولا (Coca-Cola) بفوزها بنجاح، وأطلقت "New Coke".

ربما لم يُستقبَل منتجٌ جديد استقبالاً سيئاً كهذا، فقد منحوا الممثلين الكوميديين الكثير من المرح، وقاطع الناس المنتج الجديد وحتى بدؤوا بالمطالبة بالمنتج القديم، وسَحبت شركة كوكا كولا نيو كوك (New Coke) من الأسواق في غضون ستة أشهر.

إذاً ما الخطأ الذي حدث؟ بطريقة ما، لم يُجرَّب في الأسواق، كما أنَّهم لم يحذِّروا الناس أبداً من أنَّ نيو كوك لا تعني أنَّه كان يوجد كوكا كولا قديمة، كان كل شيءٍ غامضاً للغاية.

يجب أن يكون الدرس واضحاً، فالابتكار شيء عظيم، لكنَّ الابتكار بحد ذاته لا يكفي، المنتج المبتَكر الرائع حقاً ليس جديداً فقط؛ يجب أن يلبي حاجة السوق غير الملباة، وببساطة لم يكن هناك حاجة لأن يحل شيءٌ محل كوكا كولا.

إنَّ طرح بديل أفضل ليس بالأمر السهل، ويتطلب الأمر فكرة رائعة وتنفيذاً مثالياً وتحليل احتياجات السوق، فالمسألة لا تقتصر على قليل من الحظ، لكن إذا طَبَّقتَ ذلك، يمكنك تغيير العالم.

المصدر




مقالات مرتبطة