3 خطوات لغرس أفكار جديدة في الآخرين والتأثير على حياتهم

تخيَّل للحظة أن تسكن عقل شخص آخر، أو تعيش داخل أحلامه ولديك مطلق الحرية في تشكيل واقعه كما تراه مناسباً، وتوجيه مسار حياته من خلال تغيير الأفكار في عقله الباطن، والتي ستملي عليه الإجراءات التي يتخذها وتغيِّر عالمه إلى الأبد.



كان ذلك مجرد يوم آخر في حياة طاقم العمل في فيلم "استهلال" (Inception)، وهم مجموعة من موجهي الأحلام، بارعون في استخراج أفكار وأهداف ضحاياهم واستبدالها بأفكار مزيَّفة، فهم حراس شخصيون مستأجرون، يُدفع لهم من قبل الشركات الثرية لانتزاع الأسرار من منافسيهم.

قد يكون "استهلال" (Inception) هو مجرد فيلم خيالي؛ لكنَّ فكرة غرس فكرة في عقل شخص ما ليست كذلك؛ إذ لا يمكنك بالضرورة الوصول إلى أحلام شخص آخر، بل يمكنك الوصول إلى عقله الباطن، إلى حيث تنشأ أفكاره الأكثر تأثيراً، وأين يمكن أن يحدث التأثير بغرس الأفكار الجديدة.

فيمكنك فعل ذلك بنفسك، لكن عليك أولاً أن تفهم العواقب؛ إذ يمكن مثل أي أداة قوية استخدام غرس الأفكار الجديدة من أجل الخير أو الشر؛ لذا استخدمه لمساعدة الآخرين على مساعدة أنفسهم وسيكون لك تأثير خفي في نجاحهم؛ وذلك لأنَّ استخدامه بلا مبالاة يُعدُّ مخاطرة بتدمير الثقة والعلاقات الهامة.

فيما يأتي 3 خطوات لغرس أفكار جديدة في الآخرين والتأثير في حياتهم:

الخطوة 1: إيجاد الهدف الأساسي:

عندما يبدأ "كوب وآرثر" ( Cobb and Arthur) - وهما اثنان من الشخصيات الرئيسة في الفيلم - في التخطيط لإدخال فكرة في عقل "فيشر" (Fisher)، نجل أحد أقطاب صناعة الطاقة الثريين؛ فإنَّ مهمتهما الأولى هي معرفة أهم شيء في حياته، وهو نَيل استحسان والده، وبمجرد أن يعرفا ذلك، سيكون لديهما بالضبط ما يحتاجان إليه لبناء فهم جديد تماماً عن تلك الرغبة في الاستحسان.

لفهم أعظم آمال وأحلام شخص ما عليك فهم جوهر من يكون، فالتفكير في أهدافك الخاصة، هو ما يبني شخصيتك، كما يُقيَّم كل إجراء تتخذه في ذهنك فيما إذا كان يساعدك على تحقيق ما تريده حقاً من الحياة أم لا.

عندما تنشغل بالكامل في التفكير في هدفٍ ما، ستفعل كل أنواع الأشياء المجنونة لتحقيقه، والتي قد يفكِّر فيها جدياً الأشخاص العاديون ويرفضون محاولة تنفيذها، وهذا لن يغيِّر شيئاً في إقدامك على ما تريد لأنَّه إذا نجح، سيكون أعظم إنجاز في حياتك.

يملك كل شخص هذا الهدف، لكن بعضهم يخفيه بطريقة أفضل من الآخرين، وإذا كنت ترغب في العثور عليه، فالطريقة الوحيدة التي ستنجح هي الاستماع عشر مرات أكثر من التحدث؛ إذ سيخبرك الناس بالضبط ما يريدون من الحياة إذا كنت ستصغي لهم فقط، فمن الشائع أن تتحدث عن حياتك ورغباتك الخاصة، لكن لكي تتعرَّف إلى شخص ما، عليك أن تصمت لفترة كافية لسماع ما سيقوله.

لذا غذِّ شعور الفضول في داخلك، واطرح كثيراً من الأسئلة، وأصغِ إلى الآخرين باهتمام، فنحن نتردَّد دائماً في إخبار بعضنا بعضاً بالضبط بما نريده بعبارات مباشرة خوفاً من أن يُنظر إلينا نظرةً سخيفة، لكنَّنا سنلمِّح إلى ذلك في كل ما نقوله؛ لذا تعلَّم قراءة ما بين السطور، وسترى ما هو أبعد من القيمة الاسمية لكلمات شخص ما، وستفهم أشد الطلبات والرغبات إلحاحاً في حياتهم.

بعد وصولك لهذه الحقيقة، سيكون لديك مفتاح تفكيرهم، وعندها يمكنك البدء في تشكيل الأفكار التي ستساعدهم على تحقيق ذلك دون أن يتم اكتشافهم تماماً.

إقرأ أيضاً: كيف تستثمر لغة الجسد لتكسب كاريزما قوية تسحر من حولك

الخطوة 2: إنشاء مشهد أحلام

عندما عرف "كوب وآرثر" مدى أهمية حصول "فيشر" على تقدير والده المحتضر، استعانا بـ "أريادن" (Ariadne) - وهو مهندس معماري - لبناء مشهد الأحلام الذي سيقودون "فيشر" خلاله من أجل "العثور" على الفكرة التي يريدون منه أن يفعلها، ويوجهونه من خلال طرح أسئلة موجهة تؤدي مباشرة إلى الإجابة التي يريدون منه أن يصل إليها.

لكنَّ العقل البشري يرفض الأفكار الإبداعية التي ليس مصدرها الإلهام الصادق؛ لذلك إذا كانت مهمتك هي كسب قلب وعقل شخص يختلف معك، فمهما كانت الفكرة التي تريد أن تعطيه إياها يجب ألا تبدو كأنَّها جاءت منك، بل من داخله، ويمكنك فعل هذا من خلال تأطيرها بلغتهم الخاصة.

فإذا لم تكن قد جرَّبتها من قبل، سيذهلك ما يقوله لك الناس عن أنفسهم عندما تصغي لهم، وكما اعتاد الكاتب الراحل "ديل كارنيجي" (Dale Carnegie) أن يقول: "أحلى صوت يمكن أن يسمعه الإنسان هو صوت نفسه".

من الطبيعة البشرية أن ترغب في إيصال وجهة نظرك، لكن من الحماقة أن تفعل ذلك قبل أن تفهم كيف سيفهمك الآخرون؛ إذ يتمتَّع كل شخص بنظرة فريدة للعالم تحدِّد بالضبط كيف سيتلقى الفكرة، فإذا أصغيت لوقتٍ كافٍ، ستكتشف بالضبط كيف يبدو العالم لشخص ما، وبمجرد إدراكك لذلك، سيكون لديك كل الأدوات التي تحتاج إليها لإرسال الإشارات الصحيحة وطرح الأسئلة الصحيحة التي تناسب فكرتك في مشهد أحلامهم.

شاهد بالفديو: كيف تمتلك مهارة الإقناع والتأثير في الآخرين

الخطوة 3: زرع الفكرة

عندما يأخذ فريق (Inception) "فيشر" عميقاً بما يكفي في مشهد أحلامه لزرع فكرتهم في عقله الباطن، فعليهم أن يكونوا حذرين جداً بشأن كيفية تقديمها له؛ فلا يمكنهم تقديمها له على طبق، لكن عليهم وضع أجزاء الفكرة بدقة في جميع أنحاء المشهد، وقيادة "فيشر" إليهم على أمل أنَّه سيرغب في العثور عليها بنفسه.

لذا؛ كن حذراً في كيفية تقديم فكرتك، ولا تخرج مباشرة وتعرضها، بل أرشده خلالها واتركه يكتشف، وأفضل طريقة لأعرف كيف أفعل ذلك هي أن ألعب دور الغبي، فعندما يأتي إليك شخص ما طالباً المساعدة في أمرٍ ما، قد يكون لديك بالضبط الفكرة التي يحتاج إليها لحل مشكلته، لكن إذا عرضتها عليه مباشرةً، فلن يتابع ذلك لأنَّ أي نجاح لديه سيكون إنجازك وليس إنجازه.

لكن بدلاً من ذلك، رتِّب الأجزاء وتظاهر أنَّك لا تستطيع تجميعها معاً بنفسك، فإذا أرسلت ما يكفي من التلميحات، يمكنه إنشاء الروابط الهامَّة التي تؤدي به إلى الحل بنفسه، وفجأة ستبدو أنَّها فكرته بدلاً من كونها فكرتك، وهذا ما سيجعلها أكثر فاعلية، ولا تمنح الفضل لنفسك بهذه الفكرة، بل هنِّئه على اكتشافها بنفسه.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

استخدام هذه التقنية للخير أو الشر:

إذا كنت قد قرأت هذا الآن، فسأفترض أنَّه من المحتمل أن يكون لديك أحد الآراء الآتية في هذه المرحلة:

  1. تظنُّ أنَّ هذا الأمر رائع ولا يسعك الانتظار حتى تجربه.
  2. تظنُّ أنَّ هذا ضربٌ من التلاعب.

تذكَّر أنَّك تستطيع جعل هذا التكتيك مثل أي تكتيك آخر، فهو أداة يمكن استخدامها في الخير أو الشر، وما يشكِّل الاثنين يعتمد دائماً إلى حدٍّ ما على الشخص الذي يصدر الحكم، وهو ليس مجرد أداة مفيدة، لكنَّه مطلوب لأي شكل من أشكال القيادة.

هذا ما يفعله القادة في كل مناحي الحياة؛ إذ إنَّهم يحدِّدون اتجاه السفينة لأتباعهم، ويسمحون لهم باتخاذ القرارات التي تدفعهم إلى هناك، ويتعرَّفون إلى الأشخاص الذين يساعدونهم ويعرفون أنَّهم سيتلقون أفكاراً مختلفة، ثمَّ يخلقون بيئة تمكِّنهم من تجميع طاقاتهم.

يمكنك التخطيط لجميع التعليمات وإخبار الأشخاص بما يجب عليهم فعله بالضبط، لكنَّك لن تكون قائداً بل مدرِّباً، وتأثير المدرِّب غالباً ما يكون محدوداً بالنسبة إلى القائد؛ لذلك لا تتردَّد في استخدام هذه التقنية لتحقيق أهدافك الخاصة، بل افعل ذلك بنوايا نبيلة.

المصدر




مقالات مرتبطة