3 أفكار لبناء ثقافة عمل تحركها الغاية

يوجد تحول جذري يحصل في العلاقة بين رب العمل والموظف، فمنذ وقتٍ ليس ببعيد كان الناس يتطلعون إلى شركاتهم للحصول على راتبٍ لائق ومزايا، ومسارٍ للارتقاء في المؤسسة.



لقد كان العمل والحياة الشخصية عادةً منفصلين بشكلٍ أوضح؛ إذ إنَّ الناس استثمروا وقتهم وطاقتهم في العمل لاكتساب الإحساس بالغاية، في حين أنَّ السعي إلى الهدف سعياً يجعل العمل إدماناً يمكن أن يكون خطيراً، إلَّا أنَّ الموظفين معظمهم يتوقعون اليوم مستوىً جديداً من الشعور بالرضى ضمن وظائفهم.

لقد وحَّدت التكنولوجيا والتعريف الموسَّع للمجتمع حياتنا، وفي هذا الواقع الجديد تستند القرارات المتعلقة بمكان العمل ومدة البقاء فيه الآن إلى شيءٍ أكبر من التعويض والتقدُّم الوظيفي؛ سواءً أحببنا ذلك أم لا.

للحصول على فرصة للمنافسة على موظفين موهوبين، يتعيَّن على الشركات أن توفِّر للموظفين فرصة ممارسة عملٍ هادف، وإجراء عمليات تواصل حقيقية وإحداث فارق في حياتهم.

هذا الاتجاه المتزايد نحو الوصول إلى الغاية في العمل ليس مجرد نزعة جاء بها جيل الألفية أو فكرةٍ فريدةٍ من نوعها للشركات الواعية اجتماعياً؛ بل هو قوة عظيمة تعيد تعريف مشهد الشركات كما كنا نعرفه وتُبقِي العديد من القادة مستيقظين خلال الليل، فكيف تبدو الشركة الموجهة بالغاية، وما هو دور القادة في هذا العالم الجديد؟

1. تأثير وجود رؤية مشتركة:

غالباً ما يتوتر المديرون التنفيذيون نتيجة مطالب إنشاء الغاية وترك أثر في العمل. هل يجب أن تكون غايتنا إنقاذ الكوكب؟ لا، ولكنَّ قادة الشركات الموجهة بالغاية يحتاجون إلى تحديد سبب وجود الشركة، وبعبارةٍ أخرى، كيف تؤثر تأثيراً إيجابياً في الموظفين والعملاء والعالم.

يبدأ تحديد هدف الشركة بالسؤال التالي: ما الذي نفعله ويعود بالفائدة على المجتمع؟

انطلاقاً من هذه الغاية يُنشِئ القادة رؤيةً للتأثير الذي يوجه الشركة، سواءً كنت تقدم منتجاً أم خدمةً أم تتعامل مع شركاتٍ أو مستهلكين، وسواء كنت الرئيس التنفيذي CEO أم رئيس قسم الموارد البشرية CHRO أم مديراً يمارس الإدارة أول مرة، فمن الضروري أن تفهم تأثير شركتك؛ لأنَّك - بصفتك قائداً - سوف تحتاج إلى شرحها من خلال سرد القصص والتحلي بالقيم ودمجها في استراتيجيتك وعملياتك، وتحديد أولوياتها في جميع أنحاء الثقافة وفي أثناء توزيع الموارد. والأهم من ذلك أنَّ القادة سوف يحفزون موظفيهم ويلهمونهم من خلال توفير مجال رؤية واضح لكيفية مساهمة عمل كل شخص في هذا التأثير.

2. بناء ثقافة تعطي الأولوية للموظفين:

تتميز الشركة الموجهة بالغاية أيضاً بثقافة الموظفين أولاً، والقادة هم أول رُعاة لتلك البيئة. من المرجَّح أنَّكم قد سمعتم القول: "إنَّ الثقافة أهم من الاستراتيجية"، ولكن في هذه الأيام هناك حاجة إلى كليهما ويجب على القادة الاهتمام بهما اهتماماً متساوياً؛ إذ إنَّ ضمان وجود ثقافة تعاونية وتمكينية وشاملة هو في الواقع قرارٌ استراتيجي عميق الأثر، وتتمحور ثقافة "الموظفون أولاً" حول الاعتراف بأنَّ الموظفين هم أكثر مواردنا قيمة، ويجب أن يكون نموهم الشخصي والمهني أحد أهم أولويات القائد.

سيقود الاستثمار بسخاء في إمكانات موظفيك إلى تحقيق الشركات نتائج هامة بدءاً بالاحتفاظ بالموظفين وليس انتهاءً بقيمة العلامة التجارية.

لكنَّ الحفاظ على تلك المزايا التنافسية سيتطلب بيئة متنوعة ومزدهرة؛ حيث يزرع القادة في الشركات الموجهة بالغاية ثقافةً تمكِّن الأفراد من تقديم كل ما لديهم في وظائفهم؛ إذ يؤدي التواصل الحقيقي والعلاقات الهادفة إلى الشعور بالانتماء وهو أمر أساسي للوفاء في العمل.

3. تطوير مهارات القيادة:

كتب الصحفي الحائز على جائزة "بوليتزر" (Pulitzer) ومؤلف كتاب "قوة العادة" (The Power of Habit) "تشارلز دوهيج" (Charles Duhigg) مؤخراً في جريدة "ذا نيويورك تايمز" (The New York Times): "عادةً ما تكون الوظيفة أكثر من مجرد وسيلةٍ للحصول على راتب؛ إذ إنَّها تكون مصدراً للغاية والمعنى، وحيزاً في هذا العالم".

يرغب الناس في العمل في شركاتٍ موجهةٍ بالغاية؛ حيث يُنشِئ القادة رؤية مشتركة للتأثير ويبنون ثقافة تمنح الأولوية للموظفين، على الرغم من أنَّ هذا النوع من القادة لا يُنتَج عبر برنامج تدريبي تقليدي يتضمن محاضرات في الفصول الدراسية أو الدروس التي تُقدَّم عبر الإنترنت، وكما تَذكُر إحدى مقالات مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review): بأنَّ هناك الكثير من الخلل في تطوير القيادة في يومنا هذا؛ إذ تقول:

"يتطلب تطوير قادةٍ موجهين بالغاية قواعد جديدة مرتبطة ارتباطاً عميقاً بالتعلم التجريبي والتعاون مع الزملاء والمجتمع، ومنهجاً يركز في العقليات والسلوكات الهامة".

إنَّ القيادة هي أكبر عاملٍ حاسم في تزويد الموظفين بمزيدٍ من الغايات في العمل، وبينما تتطلب جهداً واستثماراً كبيرين، فإنَّ العائد واضح؛ لأنَّ الشركات التي توجهها الغاية تتفوق تفوقاً كبيراً على نظيراتها.

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

إذاً، من أين نبدأ؟ جرِّب إحدى الاستراتيجيات الآتية:

  • تحفيز وإلهام المديرين الذين يمارسون الإدارة أول مرة من خلال تجربةٍ تُبيِّن لهم تأثيرهم في العمل.
  • إنشاء ورشة عمل لتعزيز عقلية النمو مع المديرين ذوي المراتب المتوسطة أو ذوي الإمكانات العالية.
  • إطلاق مبادرة تدريب لتقوية الذكاء العاطفي عند كبار القادة والمديرين التنفيذيين.
  • غرس مفاهيم العمل الحالي لديك بسرد القصص لمساعدة جميع الموظفين على فهم مسؤوليتهم تجاه تعزيز الإدماج.

نقضي نحن البشر وقتاً في العمل أكثر من معظم النشاطات الأخرى في حياتنا، فنحن في كثير من الأحيان نكون مع زملائنا أكثر من عائلاتنا؛ لذا فلا عجب أن يطالب الناس الآن بأن تكون خبرتهم في العمل شيئاً يساهم في الشعور بالهدف وتحقيق قدرٍ أكبر من الإنجاز.

إنَّ الغاية في العمل وُجِدَت لتبقى، والشركات بحاجةٍ إلى قادةٍ راغبين وقادرين على إدارة هذه الفرصة الرائعة؛ لذلك حان الوقت لتبنِّي هذا التوجُّه.

المصدر




مقالات مرتبطة