3 أسئلة لفهم حقيقة التوازن بين العمل والحياة الشخصية

لقد اجتمع قسم الموارد البشرية لمناقشة خرافة الموازنة بين العمل والحياة الشخصية، لذا طلبت من الموظفين الرد على دعوة الحضور لمعرفة ما إذا كان في إمكانهم الاجتماع حول طاولة الحوار أم لا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن مدير الموارد البشرية "ستيف براون" (Steve Browne)، ويُحدِّثُنا فيه عن تجربته مع التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

ما كان مضحكاً هو تلقِّي رسائل تفيد بأنَّ الأشخاص لن يتمكنوا من الحضور؛ وذلك لأنَّهم كانوا في إجازة "للحصول على مزيد من التوازن في حياتهم"، وكأنَّ محتوى تلك الإجابات كان يفيد بأنَّ التوازن - أحد محاور الجلسة - هو التهرب من العمل.

لقد كان من الرائع أن نشكل مجموعات صغيرة ونبدأ الحوار بطرح أسئلة مثل:

  1. كيف تُعرِّفون "العمل"؟
  2. لماذا نعتقد أنَّ العمل والحياة الشخصية منفصلان؟
  3. كيف يمكننا السير مع التيار بشكل متناسق أكثر؟

انطلقت المجموعة التي كانت حاضرة لمناقشة هذه الأسئلة برغبة طوعية، وبعد بضع دقائق، اجتمع الناس مرة أخرى لتبادل أفكارهم.

1. كيف تُعرِّفون "العمل"؟

هو النشاط الذي يُمارَس من أجل الحصول على عائدٍ مالي:

إنَّ النتائج والمكاسب التي يسعى إليها معظم الأشخاص الذين يأتون إلى العمل هي كسب المال وإعالة أنفسهم والآخرين؛ لذلك لا يمكننا التغاضي عن هذه الحقيقة الأساسية عندما نتحدَّث عن القضايا المشتركة بين العمل والحياة الشخصية؛ إذ إنَّ الضغوطات الاقتصادية والوقائع الحياتية التي يتعرَّض إليها موظفونا حاضرة دائماً في أذهان الناس.

إنَّ العمل هو "هويتنا":

أنت لا تصدق هذا أليس كذلك؟ لكن إذا سألتك ما هو أول سؤال تطرحه على شخص آخر بعد أن تُحيِّيه؟ فستكون الأسئلة في99% من الوقت على النحو التالي: "ما هي مهنتك؟".

إنَّ هذه الطريقة التي يميل الناس من خلالها إلى تعريف أنفسهم مطبوعة فينا منذ الوجود، وفي قمة هذه العملية يضع الأشخاص أيضاً قيمة مُتصوَّرة للعمل الجدير بالاهتمام والوظائف المُتعِبة المملة؛ الأمر الذي يجعل الناس يستاؤون من ظروفهم الحالية، وعلى الرغم من أنَّ الأمور لا تسري بالطريقة نفسها بالنسبة إلى كل الناس، إلَّا أنَّ الغالبية العظمى منهم كذلك.

إنجاز مهام بهدف تحقيق هدف ما:

لقد كانت هذه الإجابة مُختصَرة ومُلخَّصة إلى حدٍّ ما، ولكنَّها تشير إلى حقيقة أنَّ الناس يحبون أن تكون هناك مهام وأمور ليقوموا بها. نريد جميعاً أن يكون لدينا شعور واضح بالإنجاز؛ إذ يمنحنا ذلك الشعور المحرك والدافع لمعرفة أنَّنا سنرى نتيجة لجهودنا، ويكون أملنا أن تجلب هذه الجهود أيضاً قيمة لنا على الصعيد الشخصي وقيمة للشركة التي نعمل فيها.

إنَّه المكان الذي أذهب إليه كل يوم:

لا يمكننا أن ننسى أنَّ العمل بالنسبة إلى الكثيرين هو موقع؛ حيث نستعمل "نحن ذاهبون إلى العمل" كإجابة عن السؤال: "إلى أين؟"؛ وقد يشمل ذلك التنقل يومياً بين العمل والمنزل أو المكتب أو مواقع متعددة، وكما أنَّ نوع المهمات التي نستمر في بذل الكثير من الجهد من أجلها هي سمة مميزة للعمل، فإنَّ المكان الذي نصل إليه للقيام بالمهمات التي نتحمل مسؤوليتها هو سمة مميزة أخرى.

شاهد بالفديو: 10 نصائح للموازنة بين الحياة والعمل

2. لماذا نعتقد أنَّ العمل والحياة منفصلان؟

لأنَّنا ترعرعنا على ذلك:

نحن نحاول جميعنا الفصل بين جميع جوانب حياتنا اليومية؛ ويُعَدُّ هذا الأمر صحياً من نواحٍ عدة؛ وذلك لأنَّه يمنح الأشخاص معاييرَ تُمكِّنهم من معرفة متى يستحوذ مجال معيَّن على الكثير من وقتهم وتركيزهم وطاقتهم.

لقد قُسِّمَت الحياة على امتداد أجيال إلى صنفين لا ثالث لهما؛ إما نشاطات غير روتينية أو عطلات وإجازات؛ لذا ينتابنا شعور أفضل عندما ننظِّم جميع نشاطاتنا في فئات مخصصة لها.

لأنَّنا غالباً ما نُعرِّف "المتعة" بأنَّها "النشاطات غير المرتبطة بالعمل":

لقد مُنِحَت كلمة "عمل" معنىً ثقيلاً؛ وهذا جعلها تبدو سلبية في أغلب الأحيان. وفي الواقع، يوجد الكثير من الناس الذين يستمتعون بالعمل وقد يمنحون وقتهم للعمل أكثر من منحه للقيام بنشاطات حياتية خارج مهنتهم اليومية. نحن نعتقد جميعاً أنَّ الحياة هي فعل ما نحن شغوفون به، وهذا يؤدي إلى ما نُعرِّفه على أنَّه ممتع أم لا؛ لذلك لا يمكننا أن نُحدِّد بشكل فعال ونعرف كل ما هو ممتع بالنسبة إلى الناس؛ وذلك لأنَّنا جميعاً فريدون ولدينا اهتمامات مختلفة.

تجنُّباً ومنعاً لحدوث الاحتراق الوظيفي:

تتعامل هذه الإجابة مع الموضوع بأكمله على أنَّه هروب؛ وذلك لأنَّ الناس يشعرون بأنَّه سينتهي الأمر بالعمل بأن يصبح مملاً في مرحلة ما. قد يكون هذا هو الحال، ولكنَّ هذا يفترض أنَّ حدوث الإرهاق أمر مؤكد؛ لذا إليك الأمر الذي يجب أن تتذكره دائماً: إذا كنتَ تتوقع حدوث الإرهاق، فسيحدث. وإذا نظرت إلى العمل على أنَّه ممل، فسيكون كذلك؛ إذ ينطبق هذا الأمر على جميع آرائنا وتوقعاتنا حول العديد من جوانب حياتنا.

إقرأ أيضاً: كيف تتعافى من الاحتراق الوظيفي؟

لأنَّه لا يمكننا أن نكون على سجيتنا في مكان العمل:

هذه ليست قضية عمل أو حياة؛ وإنَّما المسألة هي ثقافة الشركة؛ إذ يميل الناس إلى أن يكون لديهم وجهان: وجه خاص بالعمل، وآخر لحياتهم اليومية. لسوء الحظ، يحدث هذا الأمر مع الغالبية العظمى من العاملين، وتبذل الشركات قصارى جهدها لتبديد الطابع الشخصي للعمل والقضاء عليه، وهو أمر مثير للسخرية؛ لأنَّ حقيقة أنَّ الشركات تريد من الناس بذل قصارى جهدهم في وظائفهم تعني أيضاً أن يأتوا بجانبهم الإنساني تلقائياً في كل مرة.

لأنَّ الموارد البشرية قد أوجدت نوعاً من التوازن بين العمل والحياة الشخصية:

يا لها من إجابة رائعة، وقد تكون هناك بعض الحقيقة حول هذا الأمر؛ فمن المحتمل أنَّ موظفي الموارد البشرية أرادوا المساعدة على معالجة الضغوطات التي تحدَّث الموظفون عنها أمامهم وكانوا قد تعرَّضوا إليها بأنفسهم آنفاً؛ لذلك قد يكون موضوع تحقيق بعض التوازن في حياتنا منطقياً حتى يتمكَّن الناس من الاستمتاع بكلٍّ من عملهم والوقت الذي يقضونه بعيداً عنه، وعلى الرغم من أنَّني غير متأكد من مدى صحة هذا الأمر، إلَّا أنَّها ملاحظة رائعة مع ذلك.

3. كيف يمكننا السير مع التيار بشكل متَّسق اتساقاً أكبر؟

منح مجال للمرونة في الشركة:

يوجد عدد قليل من مجالات العمل والبيئات التي يجب أن تُحدَّد فيها أوقات العمل من خلال أنظمة صارمة تماماً، فاسمح بأوقات بدء وانتهاء مرنة في العمل، واسمح بدوام جزئي أو حتى مشاركة الوظيفة أو المهمات، ولا تجعل من نظام العمل كمقاسٍ موحد ومناسب للجميع؛ إذ إنَّ هذا النظام لا يناسب مجتمعنا وبيئاتنا الشخصية والعائلية المتغيرة باستمرار.

إقرأ أيضاً: 4 قواعد لتوفير المرونة في العمل دون فقدان المساءلة

جعل الموارد البشرية تشرف على هذا الأمر:

إذا كنت تريد طريقة لجعل شركتك تركِّز أكثر في الأشخاص، فابحث عن كيفية حدوث العمل في شركتك، ومن ثم انظر كيف يمكنك تغيير أو حتى إزالة الأنظمة التي يبدو أنَّها تتعارض مع السماح للأشخاص بالازدهار داخل العمل وخارجه؛ إذ إنَّه نهج أكثر إيجابية يتبعه قسم الموارد البشرية ويخرجك من الجانب المظلم من الحياة.

السماح للموظفين بالتعبير عمَّا يميزهم كأفراد:

إذا أردت أن يعمل الناس على توظيف ذواتهم بالكامل، فاسمح لهم بالتعبير عن ذلك. نعم، في إمكانك أن تضع معايير لما هو مقبول وما هو غير مقبول، ولكن لا تفعل ذلك؛ بل دع الناس يعبِّرون عن أنفسهم في أماكن عملهم واسمح لهم بجلب ما يُشعِرهم بالحياة إلى عملهم.

تذكّر أنَّنا كائنات حيَّة لا آلات:

لقد كانت هذه إجابة رائعة من أحد الحاضرين. خُذ وقتك في التعرُّف إلى اهتمامات الآخرين ومشاركتهم اهتماماتك الشخصية أيضاً. يمكنك حشد الجهود ودعمها من خلال الوقت أو التطوع أو حتى تقديم الرعاية المالية. انظر إلى القيمة الموجودة في تنوع اهتمامات الآخرين؛ إذ إنَّهم يتوقون إلى أن تسأل وتهتم بكل ما يقومون به في عملهم وحياتهم.

كان هذا موضوعاً ممتعاً للمناقشة؛ فقد وصلنا إلى قناعة بأنَّ عملنا وحياتنا متشابكان إلى الأبد، وبأنَّ اهتمام الموارد البشرية والقيادة بجميع الجوانب التي تحيط بموظفيهم هو أمر سيعود بالفائدة عليهم لا محال، فكلَّما عرفنا بعضنا بعضاً كبشر أكثر، كان وقتنا معاً إيجابياً ومنتجاً أكثر.

المصدر




مقالات مرتبطة