3 أخطاء تعيق تحقيق التنمية الشخصية

يسعى جميع الأفراد دون استثناء إلى تحقيق التنمية الشخصية على مختلف الأصعدة؛ لأنَّ الإنسان الذي لا يتقدم يتراجع فعلياً ولا يُحقق الهدف من وجوده في الحياة، لطالما ركزتُ خلال حياتي على التعلم وتنمية شخصيتي، واكتشفت في أثناء ذلك 3 أخطاء تعوق هذه العملية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتشاركنا فيه 3 أخطاء تعوق تحقيق التنمية الشخصية.

3 أخطاء تعيق تحقيق التنمية الشخصية:

1. نزعة الكمال:

يسعى بعض الأفراد جاهدين إلى تحقيق الكمال، ووضع معايير أداء عالية زائدة عن الحد، وبالنتيجة يعجزون عن إحراز أي تقدُّم في حياتهم.

يندفع بعض الأشخاص من ناحية أخرى إلى العمل ويطلقون مشاريعهم الخاصة دون كثير من التفكير والتخطيط المسبق، ويقترف مثل هؤلاء الأشخاص بعض الأخطاء؛ لكنَّهم يطلقون مشاريعهم في زمن قياسي، دون تعقيد الأمور ويكون مفهوم العمل التجاري بالنسبة إليهم بسيطاً جداً.

يقرأ الباحث عن الكمال من ناحية أخرى كتباً عدة عن أسباب فشل المشاريع الصغيرة، ووضع استراتيجيات عدة مختلفة لتحقيق المدخول المادي، دون أن يحرك ساكناً؛ بل إنَّه يبالغ في دراسة المشروع وتمحيصه مرة بعد أخرى، بحثاً عن الطريقة المثالية لمباشرة العمل، والطريقة المناسبة عند إطلاق المشاريع هي إيجاد حلول وسطية ما بين الاندفاع غير المدروس والسعي خلف الكمال.

أما في حالة التنمية الشخصية، يجب أن تكون مُندفعاً، وتتطلب التنمية الشخصية القيام بأعمال جديدة، وليس أعمال مثالية، فقد أردت قبل سنوات عدة أن ألتزم بممارسة التمرينات الرياضية، وجربت حينها استراتيجيات عدة مختلفة، حتى أنِّي صمَّمت نظام محاسبة لكي أكافئ نفسي على الجهود التي أبذلها، وأعاقبها عند الكسل، ولم تفلح هذه الأساليب معي وقتئذٍ. 

لكنَّني أصبحت أتمرن بانتظام بعد سنوات عدة لم يكن هذا الالتزام ناجماً عن سبب أو طريقة بذاتها؛ لكنَّه جاء نتيجة جهود حثيثة وسنين طويلة من المحاولة والتجريب، فقد شهدت بأم عيني فوائد الالتزام بالرياضة وعواقب إهمالها، واقتنعت في نهاية المطاف بأهمية ممارستها بانتظام.

كان تقاعسي وترددي ناجمَين عن تفكيري بالأسلوب والوقت المثالي لممارسة التمرينات الرياضية، وكيف أطبِّق كل تمرين على حدة ومتى، وتبرز هذه المشكلة عندما يضع المرء نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: أن يقوم بالعمل بصورة مثالية، أو لا يقوم به أبداً، مثلاً ممارسة التمرينات الرياضية بعد تناول وجبة دسمة بعد منتصف الليل أفضل من عدم ممارستها.

يقتضي التخلص من نزعة الكمال أن تركز على بذل قصارى جهدك، بدل أن تصرَّ على العمل وفق معاييرك المثالية.

2. وضع أهداف صعبة:

تقوم التنمية الشخصية على إجراء تحسينات تدريجية تراكمية؛ لأنَّ بنية الدماغ البشري لا تسمح بالقيام بتغييرات جذرية بين ليلة وضحاها، وتنجم التغييرات الجذرية المفاجئة عن أيام أو أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات من الاستعداد والتحضير والجهود الحثيثة.

لا بأس بوضع أهداف كبيرة، لكن يجب تجزئتها إلى مراحل وخطوات ومهام صغيرة، ويخلط بعضهم ما بين الهدف والمهمة، وهذا يرهقهم ويُتعب نفسياتهم؛ لأنَّهم يتوقعون تحقيق هدف ضخم بخطوة واحدة، وحتى الحواسيب العملاقة تُجزِّئ المهمة الواحدة إلى مجموعة من التعليمات.

يشتهر الخبير المالي الأمريكي "ديف رمزي" (Dave Ramsey) بمساعدة الأفراد على سداد الديون، وهو ينصحهم دوماً بتجزئة أهدافهم إلى خطوات صغيرة، وهذه النصيحة مفيدة لمن يواجه ضائقة مادية ويعاني تراكم الديون، فهي تهدِّئ من روعه وتساعده على التركيز على الأعمال التي يمكن أن يقوم بها في الوقت الراهن لتحسين وضعه، ويحقق الفرد في هذه الحالة هدفه؛ لأنَّه يفكر تفكيراً منطقياً ولا يتوقع جني مبالغ هائلة في زمن قياسي، أو تسوية وضعه بين ليلة وضحاها.

إقرأ أيضاً: أساليب تطوير وتنمية الذات : 14 طريقة لتطوير مهاراتك الشخصية

أي باختصار، يجب أن تُجزِّئ هدفك إلى مراحل وخطوات صغيرة وسهلة، حتى يتسنى لك أن تحرز التقدم تدريجياً وتنال مرادك في نهاية المطاف بسرعة أكبر ممَّا تتخيل.

شاهد بالفيديو: استراتيجيات لوضع ورقة عمل خاصة بالأهداف الذكية

3. إعلان النجاح قبل أن يحين أوانه:

ينجح بعضهم بخسارة وزنهم الزائد، ويَعدُّون العملية انتهت وتحقق الهدف؛ لكنَّهم سرعان ما يستعيدون الوزن الذي عملوا بجد على خسارته.

عندما تعلن نجاحك، فأنت تفترض بأنَّ العملية انتهت ولا داعي للعمل والجد بعد الآن، وقد صرَّح لاعب كرة القدم الأمريكي "جاي فيلدر" (Jay Fiedler) قبل سنوات عدة خلال الدوري الوطني الأمريكي بأنَّ فريق "جيتس" (Jets) "لا يمكن أن يتأهل ويواجهنا مجدداً"، وقد تمكن الفريق من التأهل والعودة والفوز في نهاية المطاف.

يتعرض الإنسان للفشل عندما يكون مغروراً وواثقاً من نفسه ثقة زائدة عن الحد الطبيعي، ويتيح التواضع والثقة بالنفس من ناحية أخرى إمكانية تحقيق التقدم والنجاح والحفاظ على النتائج.

لقد أُجريت دراسة عن موضوع تحقيق الإنجازات، وأفادت النتائج بأنَّ احتمالات تحقيق النجاح تقل عندما يخبر الشخص أصدقاءه عن أهدافه ومخططاته، وقد فسَّر الباحثون النتيجة بشعور الرضى الذي ينتاب الفرد عندما يتحدث عن أهدافه ويتلقى استجابة إيجابية من قبل أصدقائه، ويشعر الفرد بهذه الحالة أنَّه حقق النجاح قبل أن يبدأ حتى.

يُستحسَن أن تنتظر حتى تُحقِّق هدفك قبل أن تخبر الآخرين عنه وفقاً لهذه الدراسة، لكن يوجد استثناء لهذه القاعدة؛ وذلك عندما تخبر شخصاً بالهدف الذي تعتزم تحقيقه لكي يزداد شعورك بالمسؤولية والمحاسبة، وتكمن المشكلة في بحث الإنسان عن الثناء والتأييد قبل أن ينجز هدفه.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات سحرية لتحقيق أهدافك

في الختام:

يتضح من خلال المقال أنَّ السعي خلف الكمال، والمهام الضخمة المتعِبة، وإعلان النجاح قبل أوانه أخطاء تعوق تحقيق التنمية البشرية؛ لذا يجب أن تُجزِّئ أهدافك الكبيرة إلى خطوات صغيرة، وتبقى متواضعاً وتخبر الآخرين عن أهدافك بعد أن تنجزها على أكمل وجه.




مقالات مرتبطة