نقدِّم في هذا المقال خبرة رائد الأعمال "توني روبنز" (Tony Robbins) التي استقاها بعد مسيرة عمل طويلة امتدت 40 عاماً عمل خلالها مع الآلاف من أصحاب الشركات، وما استنتجه من صفات تميِّز القائد العظيم القادر على تجاوز الأزمات.
يؤكِّد روبنز على حقيقة نغفل عنها كثيراً، وهي أنَّ القاسمَ المشترك الذي يجمع قادة الشركات الناجحين هو امتلاكهم قوة نفسية تتيح لهم تطبيق أسلوب قيادة فعال يمكِّنهم من تجاوز الأزمات والصعوبات الاقتصادية.
تعزيز القوة النفسية للقائد:
العامل الأكثر أهميةً لنجاح أي شركة هو قائدها، فيمكن للشركات التي يقودها قائد قوي وحازم أن تحقق النجاح بالرغم من أيَّة تحديات تتعلق بعوامل خارجية، يرى "روبنز" أنَّ 20% فقط من الكفاءة في القيادة تتعلق بالمهارة العملية، والباقي يتعلق بالقوة النفسية للقائد.
لذلك، ينبغي، إذا أردت أن تكون قائداً فعالاً، أن تعمل على تعزيز قوتك النفسية، ستجعلك هذه القوة قادراً على تجاوز أصعب المواقف، من غير الممكن للقائد أن يعزز ثقة فريقه بالنجاح إذا لم يكن هو نفسه واثقاً من ذلك.
نُخطئ عندما نعتقد أنَّ سمات القيادة فطرية، وإنَّما هي سمات يتم اكتسابها من خلال العمل الدؤوب، وجزء من هذا العمل هو تكوين شخصية قوية ذات رؤية، وفهم أساسيات النجاح، وما يتطلبه من قيم وعلاقات بنَّاءة، وأحد الأمور الأساسية لبناء شخصية قيادية قوية هي خوض تحديات جديدة دون الخوف من الفشل.
لا بدَّ لك، إذا أردت أن تمتلك شخصية القائد الناجح، أن تُجرِّب أساليب جديدة وتسمح لنفسك بالتعلُّم من أخطائك ونجاحاتك على حدٍ سواء، وبمجرد أن تعزز قوتك النفسية، ستكون جاهزاً للعمل على اكتساب السمات الشخصية التي يحتاجها القائد الناجح، والخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الهدف هي أن تُدرك السمات التي يتمتع بها القادة العظماء، ومن ثمَّ تنميتها لديك.
مجدداً، لا بدَّ لك من التفكير خارج الصندوق، والإقدام على تجارب جديدة تتيح لك التعلُّم من إخفاقاتك، ونجاحاتك إذا أردت تطوير هذه السمات.
شاهد بالفديو: 8 أساليب للقيادة الناجحة في أوقات الأزمات
أهم 3 سمات يتمتع بها القادة العظماء:
يتعلق كل شيء بسمات شخصيتك، فإذا أردت أن تكون قائداً نجاحاً، لا بدَّ لك من امتلاك مجموعة من السمات الشخصية التي تهيئك لذلك، وإحدى أبرز السمات التي تميز القائد الناجح هي امتلاك رؤية واضحة وقدرته على وضع رؤيته موضع التنفيذ لتحقيق أهداف الشركة.
لنكون أكثر دقة، فتوجد 3 سمات أساسية يتميز بها قادة الشركات الناجحون، وهي: التأثير، والرؤية واليقين، والمرونة واللياقة العاطفية، وإليك هذه السمات الـ 3 بالتفصيل:
1. التأثير:
يتميز القادة العظماء بكونهم أشخاص مؤثِّرين، أي إنَّهم أشخاص قادرون على إلهام الآخرين ودفعهم لتحقيق أهداف جماعية بدلاً من التركيز على الأهداف الفردية فحسب، لكن يجب أن تكون قادراً على إلهام نفسك حتى تمتلك القدرة على إلهام الآخرين؛ بمعنى أن تكون قادراً على تحفيز نفسك لاتخاذ الإجراءات، والقرارات الصحيحة التي تحقق مصلحة الفريق بأكمله، ويمكن القول باختصار إنَّ السمة الأهم للقائد العظيم هي إعطاء الأولوية للمصلحة العامة، وإلهام الآخرين للتفكير بنفس الطريقة.
2. الرؤية واليقين:
يتمتع القادة العظماء باليقين حتى في أوقات الأزمات، فكِّر في القادة الذين يواجهون المواقف العصيبة برباطة جأش تمكِّنهم من مساعدة الآخرين على إيجاد حلول للمشكلات، تُعزى هذه السمة إلى قدرة هؤلاء القادة على إدارة عواطفهم والتحكم بها.
يثق الناس، في الفترات التي تتسم بعدم اليقين، بالأشخاص الذين لديهم رؤية ويقين، ويسعون إلى الحصول على الإرشاد والتوجيه منهم؛ لذلك تُعد الرؤية واليقين من أهم سمات القائد الناجح؛ لأنَّها تدفع أعضاء الفريق إلى التضامن مع رؤيته للعثور على حل والمضي قدماً.
3. المرونة واللياقة العاطفية:
تبدو هاتان السمتان مترادفتين، لكنَّهما ليستا كذلك، ففي حين تشير المرونة إلى قدرة الشخص على تعديل سلوكه ليتكيف مع مختلف الظروف، فإنَّ اللياقة العاطفية تعني قدرة الفرد على تحمُّل مختلف العواطف دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان توازنه النفسي ولذلك؛ لا بدَّ أن يتمتع القائد الفعال باللياقة العاطفية والصلابة النفسية والاستعداد لمواجهة الصعوبات المُفاجئة.
على الرغم من ضرورة التفاني لتحقيق الأهداف، والرؤى المستقبلية، إلا أنَّ القائد العظيمَ يُدرك حاجته إلى التحلي بالمرونة من أجل تحقيق النتائج المرجوة، فنحن نعرف في كثير من الأحيان ما يجب القيام به لتحقيق أهدافنا، لكن المشكلة أنَّنا نفتقر كثيراً للمرونة التي تتيح لنا تعديل سلوكاتنا أو أفكارنا لتنفيذ المطلوب.
من الضروري أن يكون القائد مرناً عاطفياً بحيث يقوى على توظيف العواطف الإيجابية، مثل الفضول، والتعاطف، والمرح، والفكاهة في بيئات العمل المُرهِقة حتى يتمكن من توجيه جهود الفريق بما يضمن التغلب على التحديات.
تشبه "اللياقة العاطفية" اللياقة البدنية من حيث أنَّ كليهما يتطلبان الممارسة والتدريب، فلا تتوقع أن تتمتع بمقدار كبير من المرونة العاطفية ما لم تقضِ فترات طويلة من التدريب على هذه المهارة وتعمل باستمرار على تطوير السلوكات القيادية الفعالة، وعقلية التقدُّم.
لذا؛ إليك بعض الأسئلة:
- "ما مدى مرونتك العاطفية وقدرتك على التكيف عندما تواجه الأزمات العصيبة؟".
- "كيف تقيِّم قدرتك على منح الآخرين الشعور بالثقة واليقين، وتوظيف الابتكار، والفكاهة، والرؤية الاستراتيجية، وإرشاد الآخرين في الفترات التي تنطوي على عدم اليقين؟".
- كيف تقيِّم لياقتك العاطفية على مقياس من 1 إلى 10؟
- ما مدى براعتك في التأثير في عواطف الآخرين؟
أجب عن هذه الأسئلة بصراحة، وضع خطة لتحسين هذه المهارة وفق تقييمك لنفسك.
في الختام:
يوجد كثير من القادة، لكن قلَّة منهم فقط مَن يليق بهم وصف "قادة المواقف الصعبة"، وإنَّ المهارة الأساسية التي يتميز بها هؤلاء القادة هي قدراتهم النفسية، إضافة إلى امتلاكهم للسمات الـ 3 الأساسية التي تحدَّثنا عنها في هذا المقال، وأهمها بلا شك هي القدرة على التأثير في الآخرين وإلهامهم، والرائع في الأمر أنَّه يمكن اكتساب هذه السمات بالممارسة والمران.
أضف تعليقاً