13 نصيحة لمساعدة الأشخاص المشغولين على اتّباع أسلوب حياة صحي

يحتج الكثير من الناس بالقول أنَّ حياتهم مليئة بالمشاغل التي لا تسمح لهم باتّباع أسلوب حياة صحّي، وقد سأمتُ صراحةً من سماع هذه الأعذار. قد تقول: "لكنَّني فعلاً مشغول"، وهي عبارةٌ أسمعها في كثيرٍ من الأحيان ويقولها عادةً أشخاصٌ اختاروا العمل في نوعٍ معينٍ من المهن، أو إنجاب طفلٍ، أو تربية حيوانٍ أليف دون أي اعتبارٍ للنتائج المترتبة على قراراتهم هذه. والذي لا أفهمه فعلاً كيف يمكن لشخصٍ أن يتحمل جميع أنواع المسؤوليات ثم يسمح لها أن تمنعه من الاعتناء بالأمور الضرورية للحفاظ على صحّته وسلامته.



يمكن القول ببساطة أنَّ عذر "كثرة المشاغل" يمكن أن يختفي إذا وضع الناس الاهتمام بأنفسهم على رأس قائمة أولوياتهم، لكن لماذا يجب على المرء أن يضع مصالحه في المقام الأول؟ لأن الفرد هو الأساس الذي تُبنى عليه حياة كل شخص، وإذا لم يكن الأساس متيناً سينهار كل شيءٍ بني فوقه. فإذا تولى شخصٌ الكثير من المسؤوليات وأهمل صحته وسلامته سينسى أهم مسؤوليةٍ يجب عليه أن يتحملها في هذه الحياة.

لا يقتصر أسلوب الحياة الصحّي على اتّباع نظام غذائي صحي والحفاظ على النشاط، لكنَّه يتضمن أيضاً التعامل مع مشاعر الضغط، وعلاج مشاكل النوم، وضبط كمية المعلومات التي نتلقاها كل يوم. وفي عصرنا هذا الذي أضحت الأجهزة التكنولوجية منتشرة في كل مكانٍ فيه، ستكون هذه النقطة الأخيرة المتعلقة بتلقي المعلومات من ضمن الأمور التي سأركز عليها الاهتمام بشدة في هذه المقالة.

إنَّ أسلوب الحياة الصحي هو أسلوب حياة متوازن، أي أنَّه يؤمِّن العناية الضرورية بالنفس ويحقق المهام اليومية التي تحتاج إلى إنجاز العمل، والعناية بالأطفال، ورعاية الحيوانات الأليفة، وجميع الأمور الأخرى التي قد تظهر خلال الأيام العادية. والعناية بالنفس تعني ببساطة أن تضع صحتك وسلامتك الذهنيتين والبدنيَّنتين على رأس قائمة أولوياتك، وأن تفكر في تأثيرهما في قراراتك اليومية على المَدَيَيْن القريب والبعيد.

لذلك سأقدم لك هنا 13 نصيحة لاتباع نمط حياة صحي. ليس ضرورياً أن تنفذ جميع الاقتراحات التي سأذكرها، لكن إذا استطعت البدء بتنفيذ بعضها فقط ستكون في الطريق الصحيح نحو اتباع نمط حياة صحي:

1- ترتيب المواعيد:

هنا يبدأ كل شيء، إذ يُعَدُّ تنظيم جدول أعمال واستخدام أكبر عدد ممكن من القوائم، لضمان معرفة كل ما يتعلق بالمهمات المهمة من أفضل الطرائق للحفاظ على التنظيم واتباع أسلوب حياة صحي. وسيحدد جدول الأعمال كيف تبدأ القيام بكل مهمة خلال اليوم، ومتى يمكنك أن تُدْرِج ضمن الجدول أنشطة الحفاظ على أسلوب الحياة الصحي.

2- اتّباع عادات صحيّة في النوم:

أظهرت الدراسات أنَّ غالبية أنشطة التعافي والترميم تحدث في أثناء النوم، وليس المقصود بالتعافي هنا تعافي عضلات الجسد بل تعافي الدماغ وترميمه، وإذا أخذنا هذا في الحسبان يجب أن يكون الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة في طليعة الأمور المهمة بالنسبة إليك. فإذا لم تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم لن يكون جسدك وعقلك قادرين على العمل بأقصى طاقتيهما، وهذا يعني أنَّ قدرتك على اتخذا القرارات ستتأثر بشكلٍ سلبي.

تركيز اهتمامك على الحصول على نومٍ عميق يجعلك تنام نوماً مستقراً (ولا تستيقظ بشكلٍ متقطِّعٍ خلال الليل)، وتستطيع بعض المكملات الغذائية مساعدتك في الحصول على نومٍ أفضل وهذا ما سأناقشه في الأسفل.

3- الإكثار من شرب الماء الصحّي:

لا يمكن أبداً إهمال هذه النصيحة لأنَّ 60% من أجساد الأشخاص البالغين مكونة من الماء، إذ تُشكِّل نسبة الماء في العقل والقلب 73% وفي الرئتين حوالي 83% وتُقدَّر نسبة المياه الموجودة في الجلد بـ 64% وفي العضلات والكلاوي بـ 79% وحتى العظام تشكل نسبة الماء فيها 31%.

باختصار حياتك قائمة على الماء، ومن دون هذه المادة المهمة لن تكون قادراً على العمل بشكلٍ فعال وقد تصاب بالأمراض.

وتُعَدُّ جَودة الماء مهمةً تماماً أيضاً، وأنا أقترح أن تكون مياه الينابيع الطبيعية المصدر الأساسي للحصول على الماء. وتذكَّر أنَّ استخدام عملية "التناضح العكسي" (Reverse Osmosis)، التي تنقِّي الماء وتزيل الجزء الأكبر من المواد الملوِّثة الموجودة فيه، تسحب المعادن من الماء أيضاً وبالتالي ستحتاج إلى المكملات الغذائية لتعويض تلك المعادن.

شاهد بالفديو: أضرار قلّة شرب الماء

4- الصوم:

هناك الكثير من المقالات والفديوهات التي تتحدّث عن فوائد الصيام، حيث يُقدّم الصيام فوائد لا يمكن إنكارها وقد بدأت تظهر العديد من دراسات التي تدعم هذا الكلام.

5- ممارسة التمارين الرياضية بشكلٍ يومي:

ثمَّة مجموعة متنوعة من التمارين، وأنا لا أقول لك أن تمارس رفع الأثقال كل يوم، بل أطلب منك أن تواظب يومياً على ممارسة تمارين خفيفة لتنشيط عضلة القلب على أقل تقدير، وهذا يعني أن تمارس المشي مدة 20 دقيقة في اليوم على الأقل، ويمكنك تقسيم الـ 20 دقيقة إلى جزأين تمارس المشي مدة 10 دقائق في كل جزءٍ منهما، لكن تذكر أنَّ هذا هو الحد الأدنى المطلوب.

أنا أشجعك على تحدي نفسك ووضع هدف ثابت كخسارة س كيلوجرام من الوزن، أو رفع أوزانٍ يبلغ ثقلها ع كيلوغرام خلال ممارسة التمارين الرياضية، فالأهداف ضروريةٌ لنا لنواصل السير في الطريق الصحيح، وأنصحك أيضاً أن تنضم إلى أشخاصٍ آخرين يدعمونك في رحلتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إقرأ أيضاً: تحديد الأهداف الشخصية... خطّط لكي تعيش كما تريد

6- اتّباع عادات صحيّة عند تناول الطعام:

ألاحظْتَ كيف أنَّني لم أستخدم هنا كلمة "حمية" لأن الحمية بحد ذاتها -اتباع حمية غذائية والتخلي عنها- أصبحت في الحقيقة تقليداً أعمى. إنَّ أسلوب الحياة الصحي يقتضي وضع نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ والمواظبة عليه بشكلٍ دائم وقد سبق أن اقترحت استخدام تطبيقات مراقبة الوجبات كتطبيق (MyFitnessPal) لأنَّه يتبع مبدأ المحاسبة ويتابع التقدم الذي يحرزه الشخص.

تُعَدُّ العادات الغذائية الصحية طريقةً متوازنةً للحصول على القدر المناسب من "المغذيات الكبيرة" (macronutrient) و"المغذيات الدقيقة" (Micronutrient). وتُعَدُّ السعرات الحرارية مهمةً تماماً أيضاً وسيكون من المفيد استخدام تطبيقات لمراقبتها. ولن نبالغ إذا قلنا أنَّ الأكل الصحي يحتاج إلى تناول مختلف أنواع الطعام وضمان الحصول على قدر كافي من البروتينات ذات النوعية الجيدة.

7- الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي:

يرى العديدون أنَّ الجهاز الهضمي هو الدماغ الثاني للإنسان، إذ ثمَّة العديد من عمليات التواصل التي تجري بين الجهاز الهضمي للإنسان ودماغه، وثمَّة بعض من يقولون أنَّ الكثير من القرارات التي يتخذها الإنسان تبدأ من جهازه الهضمي، وإذا كان الجهاز الهضمي مُعتلَّاً من المُأكَّد أنَّ القرارات التي يتخذها ستكون معتلةً أيضاً.

تستطيع الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي من خلال استخدام "البروبيوتيكس" (المُعينات الحيوية) كاللبن الطبيعي، أو "الكومبوشا": وهو مشروب الشاي الأخضر أو الأسود المُحلى بدون خمر وهو فوار قليلاً (انتبه قد يأتي هذا المشروب مخمّراً)، يُستعمَل بشكلٍ عام مشروباً وظيفياً من أجل فوائده الصحية المُفترضة.

8- عدم الإفراط في طهو اللحوم:

تُعَدُّ هذه النصيحة بسيطةً جداً ومن السهل تطبيقها، فحينما تُفْرِط في طهو الطعام، لا سيما اللحوم، أنت تفسح المجال لظهور مواد غير ضرورية وغير مرغوبة فيها تؤدي إلى الإصابة بالسرطان. ومن الطرائق المتبعة لتقليل نسبة تلك المواد استخدام مزيج توابل القهوة (coffee rub) مع اللحوم التي طُهيَت أكثر من اللازم.

إقرأ أيضاً: 4 عادات ضارة وغير صحيّة لطهي الطعام

9- استخدام المكملات الغذائية:

أنا أؤمن بشدة بأنَّ الطعام هو خط الدفاع الأول عن الجسم، لكن إذا لم تكن تستطيع الحصول على جميع العناصر الغذائية الأساسية تُعَدُّ المكملات الغذائية بديلاً رائعاً عنها. لكن تأكَّد رجاءاً من أن تقوم بالبحث قبل شراء أي مكملٍ غذائي لضمان أنَّه ليس مادةً غير فعالة تُباع بغرض الاحتيال وأنَّه فعالٌ حقاً.

من الفيتامينات التي يُعَدُّ الحصول عليها مهماً فيتامين د3، وب6، وب12، وفيتامين س، والمغنيزيوم، والكالسيوم، والبروتين، وغيرها. ومن المواد الأخرى التي استُخدِمَت بشكلٍ واسع وتبيَّن أنَّ نتائج استخدامها مضمونة، زيت مُركَّب الكانابيديول (CBD Oil) وقد استخدمته أنا شخصياً للحصول على نومٍ عميقٍ ومستقر.

10- قضاء الوقت في أحضان الطبيعة:

يُعدُّ التنزه في الغابات أو بين أحضان الطبيعة علاجاً صحياً فعالاً لا سيما للأمراض العقلية. "شينرين يوكو" (Shinrin-yoku) مصطلحٌ يعني "المكوث في الأجواء الطبيعية" أو "حمام الغابة"، وقد ظهر في اليابان في ثمانينات القرن الماضي وأصبح أحد الأعمدة الأساسية في مجالَي العناية الصحيّة الوقائيّة والاستشفاء في الطب الياباني.

اطلع باحثون يعملون في جامعة (University of East Anglia) على بياناتٍ جمعوها من مجموعة كبيرةٍ من الدراسات، تضمَّنت 103 دراسات رصدية (observational studies)، و40 دراسة سريرية (interventional studies)، شملت 290 مليون مشارك من 20 دولة مختلفة، وقد استنتجوا من خلال تلك البيانات أنَّ قضاء وقت أطول في المساحات الخضراء مرتبطٌ بانخفاض مستويات هرمون الضغط الكورتيزول، ومعدل ضربات القلب، وخطر الإصابة بأمراض القلب، وضغط الدم، ومستوى الكوليسترول، وخطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، ومعدل الوفيات التي تتنوع أسبابها، وحالات الموت الناجمة عن أمراض القلب. وقد كانت البيانات المرتبطة بالنساء الحوامل مدهشةً أكثر، إذ ارتبط قضاء وقتٍ أطول في الغابات بانخفاض خطر صِغَر حجم الجنين مقارنةً بسنِّه والولادة المبكرة. وقد ازداد وسطياً احتمال قول المشاركين أنَّهم يتمتعون بصحةٍ جيدة.

11- التأمل:

ليس ضرورياً أن تجلس صامتا وتتخذ وضعية زهرة اللوتس لتمارس التأمل، إذ ثمَّة أربع وضعيات معروفة تجعل ممارسته أبسط وأكثر سهولة. يمكن ممارسة التأمل باتخاذ أيٍّ من هذه الوضعيات الأربع: جالساً، وواقفاً، ومستلقياً، ومشياً على الأقدام. الغرض من التأمل هنا هو الحفاظ على الانتباه خلال اليوم، ويمكنك تعزيز فعالية التأمل من خلال ممارسة نوع التأمل الشائع باتخاذ وضعية زهرة اللوتس، والتي تركز الاهتمام بشكلٍ أساسيٍّ على السكون والهدوء (سكون العقل وهدوءه).

إقرأ أيضاً: 8 خطوات تساعد المبتدئين على تعلُّم رياضة التأمل

12- قضاء الوقت مع الأصدقاء وأفراد العائلة:

لقد أضحى تطبيق هذه النصيحة أكثر صعوبةً في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه حالياً بسبب وجود مصادر كثيرة تسبب تشتت الانتباه، لذلك في المرة القادمة التي تقابل فيها أفراد عائلتك أو أصدقائك، ضع من يدك الأجهزة الإلكترونية وكرس كامل انتباهك للحوارات التي تجريها معهم.

من خلال قضاء الوقت مع الأصدقاء، أو العائلة، أو حتى الحيوانات الأليفة أنت تلبي حاجة الإنسان إلى الاجتماع والتواصل الاجتماعي، وحينما تركز انتباهك بهذه الطريقة ستتبادل الطاقة مع الكائنات الحية الأخرى.

13- متابعة محتوى عالي الجودة والاطلاع على معلومات مهمة:

تحتاج إلى هذه النصيحة لتبقى مطلعاً على آخر المستجدات حولك، حيث يُعَدُّ ضبط المعلومات التي تتلقاها أمراً في غاية الأهمية.

لقد كنت أركز الكثير من الاهتمام على "سرقة الانتباه"، التي تحدث بشكلٍ أساسي حينما تشتت انتباهك مؤثراتٌ خارجية وتصرفه بعيداً عن المهمة الأساسية التي تؤديها. من الأمثلة على أمورٍ تسرق الانتباه المكالمات الهاتفية غير المتوقعة، أو حتى الرسائل الإلكترونية التي تشتت انتباهك بعيداً عن العمل الذي تؤديه.

وإضافةً إلى سرقة الانتباه يختار العديد من الناس متابعة محتوى ذو جودة متدنية والاطلاع على معلومات لا قيمة لها. بالنسبة إلي تُعَدُّ البرامج التلفزيونية التي تصيب العقل بالبلاهة أو قنوات الأخبار مصدرين يقدمان محتوىً ذا نوعيةٍ رديئة، في حين يُعَدُّ الاطلاع على معلوماتٍ تؤدي إلى زيادة وعي الشخص بخبايا ذاته وخبايا الموقف الذي يعيشه، وتساعده بشكلٍ مؤكدٍ في تحسين أسلوب حياته، مصدراً للمحتوى ذو النوعية الجيدة.

من الرائع أن تبدأ بقراءة كتبٍ ذات قيمة، والاستماع إلى الكتب الصوتية، والتسجيل في الدورات أو المحاضرات التي تقدَّم عبر الإنترنت، والاستماع إلى المدونات الصوتية.

النتيجة:

يُعَدُّ كل واحدٍ من هذه الاقتراحات مفيداً بطريقةٍ مختلفة وقد استعرضت باختصار فائدة كل واحدةٍ منها.

إذا كنت مهتما فعلاً باتباع أسلوب حياة صحي يجب عليك أن تسعى إلى تطبيق جميع هذه النصائح، وحينما تبدأ رؤية نتائج عملك ستكون متحمساً جداً وسترغب في متابعة التحسن يوماً بعد يوم، وعاجلاً أو آجلاً ستتمتع بصحةٍ لا مثيل لها وستساعد الآخرين في القيام بالأمر نفسه.

أمَّا إذا لم تكن تأخذ صحتَّك وطول عمرك على محمل الجد فقد حان الوقت الآن للبدء في ذلك حيث يمكنك أن تقوم بخطواتٍ صغيرةٍ كل يوم من أجل إحراز التقدم على هذا الصعيد ورويداً رويداً ستحقق نتائج رائعة. وستنظر إلى حالتك قبل سنةٍ، أو سنتين، أو خمس سنوات وستُذهَل بالصحة والسعادة اللتين وصلت إليهما بعد أن نَفّذْتَ خُطةً لاتباع نمط حياة صحي.

المصدر




مقالات مرتبطة