ملاحظة: هذا المقال مأخوذ ٌعن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن مجموعة من الممارسات الَّتي تميِّز الأشخاص الناجحين عن غيرهم.
7. الحفاظ على البساطة:
قال الرسام ليوناردو دافنشي (Leonardo da Vinci) ذات مرة: "البساطة هي ذروة الخبرة"، وهذه حقيقة، فالآن في عصرنا الحديث الذي تتدفَّق فيه المعلومات بسرعة الضوء وتبدو الفرص للابتكار لا حصر لها، لدينا مجموعة وفيرة من الخيارات عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لحياتنا وعملنا، لكن للأسف، غالباً ما تؤدي وفرة الخيارات إلى التعقيد والارتباك والتقاعس عن العمل.
أظهرت العديد من الدراسات التجارية والتسويقية أنَّه كلما زاد عدد خيارات المنتجات المتاحة للمستهلك، قلَّ عدد المنتجات الَّتي يشتريها عادة، وفي النهاية، إنَّ إيجاد المنتج الأفضل من بين ثلاثة خيارات هو حتماً أسهل بكثير من البحث عنه بين ثلاثمئة خيار، فإذا كان اتخاذ قرار الشراء صعباً، فإنَّ معظم الناس يتخلون عن الأمر، وبالمثل، إذا جعلت حياتك معقدة بتشتيت نفسك بين العديد من الخيارات، فسوف يستسلم عقلك الباطن.
البساطة هي الحل، فإذا كنت تبيع منتجاً ما، فاجعل الخيارات بسيطة، وإن كنت تحاول اتخاذ قرار بشأن شيء ما في حياتك، فلا تضيع وقتك في تقييم كل التفاصيل لكل خيار ممكن، فاختر شيئاً تعتقد أنَّه سيُجدي نفعاً وجرِّبه، وإن لم ينجح الأمر، فتعلم ما يمكنك من التجربة، واختر شيئاً آخر واستمر في المضي قدماً.
8. التركيز على إجراء تحسينات صغيرة ومستمرة:
قال رجل الأعمال هنري فورد (Henry Ford) ذات مرة: "لا شيء صعب إن قسمته إلى أجزاء صغيرة"، فكما تتناول وجبة طعامك لقمة تلو الأخرى، ينطبق ذلك على تحقيق أهدافك الكبرى، فإنَّ إجراء تغييرات صغيرة وإيجابية كتناول القليل من الطعام الصحي، وممارسة بعض التمرينات الرياضية، واتباع بعض العادات الصغيرة الَّتي تعزز الإنتاجية هو طريقة رائعة لتحفيزك على عيش الحياة والوصول خطوة تلو الأُخرى إلى مستوى النجاح الذي تطمح إليه.
إذا بدأت بمهام صغيرة، فلن تحتاج إلى كثيرٍ من التحفيز للبدء أيضاً، وسيمنحك البدء بالعمل وإنجاز شيء ما الحماسةَ الَّتي تحتاج إليها، وسرعان ما ستحقق سلسلة من التغييرات الإيجابية، تغييراً يجرُّ الآخر، فعندما بدأتُ تطبيق ذلك في حياتي، شعرتُ بحماسة شديدة لدرجة أنَّني بدأتُ هذه المدونة لمشاركة هذه الفلسفة مع العالم.
ابدأ بمهمة واحدة فقط، وضع خطة لكيفية التعامل مع المشكلات عند ظهورها، على سبيل المثال، إن كنت تحاول إنقاص وزنك، فضع قائمة بالوجبات الخفيفة الصحية الَّتي يمكنك تناولها حين تشعر برغبة شديدة في الأكل، وسيكون الأمر صعباً في البداية، لكنَّه سيصبح أسهل تدريجياً، وهذا هو بيت القصيد، فكلما نمت قدراتك، استطعت مواجهة تحديات أكبر.
9. قياس التقدُّم ومتابعته:
لا يؤدي الأشخاص الناجحون عملهم وحسب، بل يحرصون على متابعة أدائهم أيضاً، فيتمهلون ويقيِّمون تقدُّمهم بانتظام، ويواظبون على متابعة ما أحرزوه من تقدُّم في العمل على أهدافهم، ويعرفون ما يجب القيام به بالتحديد ليتفوقوا ويدفعوا بعجلة أدائهم.
لا يمكنك التحكم بما لا تقيسه بشكل صحيح، فإن تتبعت الأشياء الخاطئة، لن ترى الفرص المحتملة عند ظهورها في الأفق، تخيل لو أنَّك في أثناء إدارة شركة صغيرة، ركزت على تتبُّع عدد أقلام الرصاص ومشابك الورق الَّتي استخدمتها، هذا ليس منطقياً لأنَّ أقلام الرصاص ومشابك الورق ليست مقياساً لما هو هام في الأعمال التجارية، وليس لها أي تأثير في الأرباح ورضى العملاء ونمو السوق وما إلى ذلك.
النهج الصحيح هو معرفة هدفك الأهم، ثم تتبُّع الأشياء الَّتي تتعلق مباشرة بتحقيق هذا الهدف؛ لذا خصص بعضاً من وقتك الآن لتحديد هدفك الأهم، إضافة إلى الأشياء الَّتي يجب عليك تتبُّعها، ثم ابدأ في تتبُّعها على الفور، فوثِّق النتائج كل أسبوع في جدول بيانات واستخدم البيانات لإنشاء رسوم بيانية أسبوعية أو شهرية توضِّح تقدُّم العمل حتى تتمكَّن من تصوُّره، ثم قم بما يلزم للحصول على نتائج إيجابية.
شاهد بالفيديو: 14 صفة يتمتع بها الأشخاص الناجحون
10. الحفاظ على نظرة إيجابية والتعلُّم من الأخطاء:
يركز الأشخاص الناجحون على الإيجابيات، ويبحثون عن الجانب المشرق في كل موقف؛ إذ يعلمون أنَّ الإيجابية هي الطريق نحو العظمة، فإذا كنت ترغب في النجاح، فأنتَ تحتاج إلى التمتُّع بنظرة إيجابية تجاه الحياة، وسوف تختبرك الحياة مراراً وتكراراً، فإذا استسلمت لسلبية أفكارك الداخلية، فلن تتمكن أبداً من تحقيق أهدافك.
تذكَّر أنَّ كل خطأ ترتكبه هو تقدُّمك بحدِّ ذاته؛ لأنَّ الأخطاء تعلِّمك دروساً هامة، ففي كل مرة تُخطئ تقترب خطوة من هدفك، والخطأ الوحيد الذي يمكن أن يؤذيك حقاً هو اختيار عدم القيام بأيِّ شيء لمجرد أنَّك تخشى ارتكاب خطأ؛ لذا لا تتردَّد ولا تشك في قدراتك، ولا تدع سلبيتك تخمد حماستك للعمل، وتعلَّم ما يمكنك تعلُّمه، واستمر في دفع نفسك إلى الأمام.
11. قضاء الوقت مع الأشخاص المناسبين:
يصاحب الأشخاص الناجحون أشخاصاً طموحين يشبهونهم في طريقة التفكير ويدعمونهم دوماً، ويتواصلون مع الأشخاص الذين يضفون الحيويةَ لأيِّ مكان يدخلونه بدلاً ممن يبددونها، ويختارون صحبة الأفراد الصادقين الذين يلهمونهم بحق لمواصلة العمل على أحلامهم وأهدافهم.
أنت تتطبع بمن تقضي معهم معظم الوقت، فإذا قضيت وقتك مع الأشخاص الخطأ، فسوف يؤثرون فيك سلباً، ولكن إن اخترت صحبة الأشخاص المناسبين، فستصبح أكثر قدرة ونجاحاً مما كان يمكن أن تكون وحدك، فابحث عمن يشبهونك واعملوا معاً لإحداث فرق إيجابي في حياة كل منكم.
12. الحفاظ على توازن الحياة:
إن حاول معظم الناس تلخيص ما يريدونه من الحياة، فسوف يعددون أشياء مثل: الوقوع في الحب، وكسب المال، وقضاء الوقت مع العائلة، والعثور على السعادة، وتحقيق الأهداف وما إلى ذلك.
لكن للأسف، يفشل معظم الناس في الوصول إلى توازنٍ يتيح لهم تحقيق هذه الأشياء، وعادة ما يحققون واحداً أو اثنين منها بينما يهملون الباقي تماماً، فاسمحوا لي أن أقدِّم لكم مثالين:
- أعرف سيدة أعمال ذكية للغاية حققت أرباحاً تقارب المليون دولار من العمل عبر الإنترنت العام الماضي، وهي تحظى بتقدير كل رائد أعمال أعرفه بسبب نجاح عملها، لكن قبل بضعة أيام، أخبرتني فجأة أنَّها مكتئبة وقالت لي: "أنا مرهقة ووحيدة، فلم أخصص قدراً كافياً من الوقت للاعتناء بنفسي في الفترة الأخيرة، وأشعر أنَّ شيئاً ما مفقود في حياتي"، لقد تفاجأت أنَّ واحدة من أنجح الأشخاص الذين أعرفهم لا تشعر بالنجاح لأنَّها غير راضية عن الطريقة الَّتي تنظم فيها حياتها.
- أعرف أيضاً راكب أمواجٍ يمارس مهنته هذه طوال اليوم، أجده كل يوم على الشاطئ أمام مجمعنا السكني في مدينة سان دييغو (San Diego)، إنَّه أحد أكثر الرجال الذين قابلتهم مرحاً وتفاؤلاً على الإطلاق، وعادة ما يبتسم ابتسامة عريضة، لكنَّه يعيش في شاحنة صدئة يشترك في ملكيتها مع راكب أمواج آخر، وكلاهما كثيراً ما يستجديان السياح لأجل النقود.
لقد اعترف لي أنَّ الضغوطات المترتبة على كسب ما يكفي من المال لتناول الطعام غالباً ما تمنعه من النوم في الليل؛ لذلك بالرغم من أنَّي لا أستطيع إنكار أنَّ هذا الرجل يبدو سعيداً معظم الوقت، إلا أنَّني لن أعدَّ حياته قصة نجاح.
هذان فقط مثالان بسيطان عن أنماط الحياة غير المتوازنة الَّتي تعوق الناس عن اكتشاف إمكاناتهم الكاملة، فعندما تدع حياتك المهنية، أو الاجتماعية، أو الأسرية، أو غيرها تستحوذ عليك وتركز كل طاقتك في هذا المجال، فمن السهل جداً أن تفقد توازنك.
في الختام:
صحيح أنَّ التنظيم والتركيز هامان، لكن إن كنت تريد إنجاز الأمور بشكل صحيح وتكون ناجحاً حقاً، فأنت بحاجة إلى تحقيق التوازن بين مجالات حياتك المختلفة، فإنَّ إهمال جانب ما بالكامل في سبيل جانب آخر، لن يؤدي إلَّا إلى الإحباط والإرهاق على الأمد الطويل.
أضف تعليقاً