11 درساً يُعلِّمنا إياها فيلم كونغ فو باندا

يوجد طفل صغير داخل كلٍّ منَّا، وأكثرنا صدقاً هم من يعرفون كيف يعاملون هذا الطفل بعطفٍ ومحبة، ويميل معظم البالغين إلى إهمال الطفولة التي بداخلهم، ويبذلون قصارى جهدهم ليكونوا أقوياء وجادِّين قدر الإمكان؛ لكنَّهم يفشلون فشلاً ذريعاً؛ فالبلوغ وتحمل المسؤولية لا يعني إهمال الجانب الطفولي منك؛ وإنَّما تعلُّم كيفية معاملته، ولا حرج في التصرُّف على نحو طفوليٍّ من حين لآخر؛ كالنوم حتى الظهيرة، ومشاهدة أفلام الرسوم المتحركة، أو حتى الانزعاج دون سبب إن كنت لا تعتاد ذلك وتعلم متى يكون الوقت مناسباً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "ميهاي هيرمان" (Mihai Herman)، ويُخبرنا فيه عن أهم دروس الحياة التي يتضمَّنها فيلم كونغ فو باندا.

القدرة على التصرُّف كالأطفال هي مهارة خاصة، ولكن كي تحافظ على نجاحك المهني عليك معرفة كيف ومتى يمكنك التعبير عن جانبك الطفولي، وذلك أمرٌ بالغ الأهمية لعيش حياة متوازنة مليئة بالإبداع والابتكار.

ما من طريقة أفضل من مشاهدة الرسوم المتحركة لاسترجاع الطفولة، وربما أحد أفضل أفلام الرسوم المتحركة هو كونغ فو باندا (Kung Fu Panda)، وقد لفتت انتباهي بعض الدروس الهامة التي يتضمنها الفيلم، وإليك بعضاً منها:

11 درساً يُعلِّمنا إياها فيلم كونغ فو باندا:

1. العقل مثل الماء:

تَصعُب الرؤية بوضوح حين يتعكَّر؛ لذا حاول بأقصى جهدك ألَّا تحكم على موقفٍ ما، أو تتخذ قراراً بشأنه حين تكون غاضباً أو حزيناً أو لست في حالة مزاجية جيدة.

اتَّبع قاعدة الثلاثة أيام حين تواجه موقفاً صعباً؛ أي امنح نفسك ثلاثة أيام للتوصُّل إلى استنتاج، وعندما تتلقى أخباراً سيئة من الطبيعي أن ينتابك شعورٌ سيئ، tتذكَّر أنَّك إنسان ولا بأس في أن تُثقِل بعضُ الأخبار قلبَك، ولكن حين تشعر بالإحباط سيصعب عليك رؤية الجانب المشرق في أيِّ شيء؛ لذا امنح نفسك يوماً على الأقل حتى تهدأ، ثمَّ تحدَّث مع شخص مقرَّب وفكر في الأمر مرة أخرى، حتماً ستجده أقلَّ تعقيداً، جرب واكتشف ما الذي يحسِّن مزاجك؛ فالشعور بالإحباط أو السلبية لن ينفعك على الإطلاق.

2. لا شيء يحدث مصادفة:

قبل بضعة أشهر اضطررت إلى الانتقال من الشقة التي كنت أستأجرها، وبدأت البحث عبر الإنترنت عن منزل جديد بسعر معقول، وبعد رؤية مئات الإعلانات وزيارة حوالي عشرة منازل وجدنا إعلاناً جيداً، وكانت شقة بسعر منخفض وأثاث جديد؛ لكنَّها بعيدة عن وسط المدينة وصغيرة جداً؛ لذا قررنا أنا وزوجتي روسويثا (Roswitha) أنَّنا سنعيش فيها لستة أشهر على الأقل وبعدها سنقرر الخطوة التالية، وكنا سنوقَِّع عقد الإيجار وننتقل إلى الشقة بعد أسبوعين؛ لكنَّ الشخص المقيم هناك لم يكن يرغب بالمغادرة ويأمل أن يجدد عقد إيجاره، وفي ذلك المساء قمنا بزيارة صديق مقرَّب وبقينا لتناول العشاء، وخلال بحثنا علمنا أنَّ الشقة المجاورة لشقته ستكون متاحة في غضون شهر، ولكن لم يكن باستطاعتنا الانتظار هذا الوقت كله؛ لذا بحثنا عن بديل، لكن أخبرنا صديقنا حينها أنَّ المستأجرين انتقلوا صباح ذاك اليوم، وبعد عشر دقائق التقينا بالمالك الذي قرر أن يعطينا الشقة على الفور.

هل هذه مصادفة؟ لا، لقد كنَّا في رعاية الله الذي بعثنا إلى المكان المثالي، والآن نحن نعيش إلى ضفاف نهر بالقرب من وسط المدينة وعلى مقربة من أكبر سوق للمزارعين في المدينة.

العبرة: اعلم أنَّ كل ما يصيبك هو خير لك، أو ابتلاء سيساعدك على النمو ويجعل منك شخصاً أفضل.

3. أحياناً يأتيك الخير من حيث لا تحتسب:

نبحث في كثير من الأحيان عن الخير حيث نتوقع أن نجده، ولكن بمقدورنا العثور عليه حينما نسلِّم أمرنا للقدر، ونتوقف عن الاحتفاء بما يحدث حسب المتوقع، ونؤمن بدلاً من ذلك أنَّ الخير الذي يأتينا من حيث لا نحتسب أجمل وأروع.

إقرأ أيضاً: 8 دروس ستحتاجها في رحلة حياتك

4. لن تكون مستعداً أبداً:

لن تجد نفسك يوماً مستعداً 100% لبدء عمل تجاري جديد أو تعلُّم لغة جديدة، عليك فقط أن تتحلَّى بالإيمان والثقة في أنَّك ستتعلم كلَّ ما تحتاج إليه للنجاح خلال الرحلة.

بعد تخرُّجي من هندسة الطاقة في واحدة من أفضل جامعات رومانيا قررت في شهر أيلول عام 2014 إنشاء مدونة إلكترونية، واتخاذ التدوين مهنة لي بدوام كامل، وقد أخبرني كثير من الأشخاص أنَّني مجنون ولن أستطيع كسب لقمة عيشي بهذه الطريقة، ولكن كان يوجد رجل واحد يؤمن بأنَّني أستطيع تحقيق ذلك، ويعلم أنَّ عملي مهندساً سيقتلني ببطء، وكان هذا الشخص هو أنا.

أحياناً ستكون الشخص الوحيد الذي يؤمن بحلمك ولا بأس في ذلك، فقط استمر بالسعي وستصل حتماً إلى حيث تريد.

الآن ما زلت على قيد الحياة، وأكثر سعادة من أيِّ وقت مضى وأعيش بالكامل من أرباح عملي عبر الإنترنت؛ لكنَّني حقَّاً لم أكن مستعداً عندما اتخذت القرار لأول مرة.

5. العقلية الإيجابية هي الأهم:

حافظ بو (Po) بطل الفيلم على عقليته الإيجابية حتى عندما كان يواجه وقتاً عصيباً، واستمر بالنظر إلى الجانب المشرق وكان سعيداً لمجرد وجوده هناك، وعمل ببطء على حلمه بدلاً من إعداد المعكرونة في مطعم والده.

توقَّف وانتبه إلى طريقة تفكيرك، واسأل نفسك إن كان بإمكانك أن تسدي لنفسك معروفاً وترى الأشياء من منظور أكثر تفاؤلاً؛ فالتفاؤل لا يعني أنَّك متهور؛ وإنَّما أنت تختار رؤية كلَّ شيء من منظور أكثر إشراقاً وسعادة.

قد يدعوك بعضهم حالماً، وهذا جيد؛ فإذا نظرتَ إلى مختلف أحداث حياتك على أنَّها أمر جيد ستجذب مزيداً من الخير إلى حياتك، وسرعان ما سيستبدلون صفة حالم بمحظوظ، ولكن في الحقيقة لا علاقة للأمر بالحظ؛ بل بالخيارات التي اتخذتها من قبل.

شاهد بالفديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

6. لا يوجد ألم أكبر من القيام بشيء لا تحبه:

لن تكون الصعاب التي تواجهها في مهنة تحبها أكثر ألماً من أن تشغل مهنة لا تحبها.

كان بو (Po) قادراً على تحمُّل جميع التحديات اللازمة ليصبح محارب كونغ فو، ولم تكن مؤلمة مثل العمل في مطعم والده؛ فعلى الرغم من أنَّه لم يكن بارعاً كما يود أن يكون، إلَّا أنَّه على الأقل كان يعمل على تحقيق حلمه لا حلم والده.

الآباء يحبوننا كثيراً ويريدون ما يؤمنون أنَّه الأفضل لنا، ولا بأس في ذلك؛ لأنَّ لديهم مخاوفهم وشكوكهم الخاصة، إضافة إلى أنَّنا نعيش أوقاتاً مختلفة الآن، أنا أحبُّ والديَّ وأقدرهما على كلِّ ما فعلوه من أجلي وأنا متأكد من أنَّك تشعر بالشيء نفسه، لكن هل سبق لك أن أخبرت والديك بذلك؟ لا أحد يستحق أن يموت دون سماع "أنا أحبك" من أطفاله، كما أنَّك ستُدهَش من مدى شعورك بالارتياح ومدى إمكانية تغيير علاقتك معهم بفعل ذلك.

لقد كنتُ أحلم طوال السنوات الخمس الماضية أن أتمكَّن من الاعتماد ماديَّاً على الكتابة وتدريب الأشخاص عبر الإنترنت، وفي أثناء ذلك كنت أُكمل جامعتي وأعمل في الصيف؛ لكنَّني منذ شهر أيلول عام 2014 أدوِّن بدوام كامل.

لقد مررت بأوقات عصيبة لم أستطع فيها دفع الإيجار؛ لكنَّها لم تكن مؤلمة مثل العمل لدى شخص آخر وعدم القدرة على تنمية إبداعي، ولا يوجد ألم أكبر من عدم القيام بما تحب أن تفعله، وعندما ترى شخصاً يشغل وظيفةً لا علاقة لها بهدفه الأسمى؛ فذلك للأسباب الآتية:

  • يعمل لأجل المال.
  • يسعى إلى إرضاء الآخرين؛ كأبويه مثلاً.
  • عاش في محيط لم يعلِّمه أنَّ لديه القدرة على ابتكار وظيفته الخاصة وكسب المال منها.

أَسدِ لنفسك صنيعاً وابدأ بملاحقة شغفك وتأسيس عمل منه؛ فذلك أمرٌ قابل للتحقيق حتى بالنسبة إلى مهندس رومانيٍّ مثلي.

7. لكلِّ شخص محفزات مختلفة:

عندما بدأ بو (Po) رحلته كان بطيئاً جداً، وكانت لكماته ضعيفة جداً، إلى أن اكتشف مدربه كم يحب بو (Po) الطعام، واستخدم ذلك في تدريباته معه من خلال وعده بجميع أنواع الطعام إن تمكن من إنهاء تدريبه.

ينطبق ذات الأمر عليك؛ فبمجرد أن تعثر على ما يدفعك سوف تضمن النجاح، ومن الهام جداً أن تكون مرناً ومنفتحاً للتعلُّم إن كنت تريد أن تكون سعيداً؛ فالتمسك بأنماط سلوكك وتفكيرك القديمة سيجعل المضي قدماً والاستمتاع بالحياة أمراً شاقَّاً.

يتحدث الكاتب الأمريكي توني روبنز (Tony Robbins) في كتابه "إيقاظ العملاق الداخلي" (Awaken the Giant Within) عن كيفية ربطنا بين الألم والمتعة وكيف يحدد ذلك مستويات السعادة والنجاح لدينا، ويقول إنَّنا بمجرد أن نتمكَّن من ربط المتعة بعادة صحية فسوف ننجذب تلقائياً إلى نمط حياةٍ صحيٍّ، ولكن بالمقابل ربط المتعة بالعادات غير الصحية يجعلنا نميل إلى اتِّباع أسلوب حياة غير صحي؛ لذا في النهاية الأمر عائد إليك.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لتعزيز التحفيز الذاتي

8. تعلُّم كيفية استخدام مواهبك الفريدة:

لكلٍّ منَّا مواهبه الفريدة، ولكن في كثير من الأحيان يكون من الأسهل التركيز على ميزات الآخرين والشعور بالإحباط لعدم امتلاكنا الميزات نفسها.

نحن جميعاً فريدون مع تجارب ومواهب فريدة، والذين نراهم أفضل منَّا هم مجرد أشخاص تعلَّموا كيفية استثمار مواهبهم؛ لذا خذ الوقت الكافي للتعرُّف إلى نفسك، وإلى نقاط قوتك وضعفك؛ فهذا سيمنحك ميزة كبيرة في الحياة ويقرِّبك من أحلامك.

9. يتطلَّب الإتقان وقتاً:

يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ ثمَّة طريقة سريعة لتتقن العمل وتصبح محترفاً؛ لكنَّ الحقيقة المُرَّة هي أنَّ عليك بذل كثيرٍ من الجهد والوقت للوصول إلى النجاح.

نحن نعيش في عالم مليء بالنجاحات التي تحدث بين عشية وضحاها التي تترك لدينا انطباعاً خاطئاً بأنَّنا نفعل شيئاً خاطئاً، أو أنَّنا فاشلون ما لم نحقق النجاح بالسرعة التي ينجح بها الآخرون.

أحب قراءة قصص النجاح، ولكن في معظم الأحيان لا يشارك الأشخاص الناجحون الحقيقة وراء نجاحهم؛ لأنَّها ليست ممتعة؛ وإنَّما مملة ومليئة بالسهر والتعب والمعاناة والمواقف البائسة.

أطلقت شركة روفيو (Rovio) أكثر من خمسين لعبة فاشلة قبل أن يتمكنوا من التوصل إلى اللعبة المشهورة "أنجري بيردز" (Angry Birds)؛ لكنَّ 90% من الناس يحسبون أنَّها حققت النجاح بين عشية وضحاها، فيرتبط الإتقان بتطوير عادات صحية من شأنها أن تزيد فرصك في النجاح، ولكن يتطلَّب ذلك الوقت والمثابرة.

شاهد بالفديو: كيف يمكن تكوين وترسيخ عادات جديدة في حياتك؟

10. ليس عليك أن تبدو بطلاً:

يترك المجتمع انطباعاً لدينا بأنَّك لتكون محبوباً وناجحاً وسعيداً عليك أن تكون، أو تتصرف، أو تظهر بطريقة معينة.

نحن جميعاً مختلفون، وما يناسب أحدنا لن يناسب شخصاً آخر؛ لذلك عليك أن تبدأ بالتركيز على نفسك، والتعرُّف إلى نفسك وتحديد ما يعنيه النجاح أو السعادة بالنسبة إليك، وقد يكون ذلك الفنون أو الموسيقى أو الكتابة أو التحدث؛ لكنَّك لن تعرف حتى تفصل ما بين أفكارك والأفكار التي تشرَّبتها من محيطك.

قد تظنُّ أنَّ بو (Po) هو آخر شخص يمكن أن يتقن فن الكونغ فو، وعلى الرَّغم من أنَّه فيلم رسوم متحركة، إلَّا أنَّه ينطبق على الحياة الواقعية، فكِّر في عدد الأعذار التي تظنُّ أنَّها تُعرقل النجاح: "سمين جداً، صغير جداً، نحيف، غير متعلم، فقير، وحيد، مشكلات عائلية، الحي سيئ وما إلى ذلك".

هذه الأمور كلها هي تجارب صعبة تساعدنا على النمو بطرائق قد لا نفهمها أبداً؛ لذا تقبَّل هذه التجارب واستمد منها القوة دوماً.

11. أنت من يقرر كيف ستنتهي قصتك:

إن كنت قد نشأت في ظروف سيئة أو مؤسفة، أو عانيت كثيراً من الألم طوال الطريق؛ فذلك لا يحدد هويتك ومستقبلك، أنت أكبر من ظروفك، وأكبر من ماضيك، وأكبر بكثير من معاناتك كلها.

تعلَّم التخلِّي عن تأدية دور الضحية، وعش حياةً مليئة بالقوة والتقدُّم؛ فعلى الرَّغم من أنَّها بدأت بصورة سيئة يمكنك اختيار كيف ستنتهي، ولديك القدرة على تغيير حياتك، ونيل السعادة؛ بل حتى يمكنك تغيير العالم وترك أثر طيبٍ في هذا الكوكب.

في الختام:

اكتشف نفسك، وكن على سجيتك، واسمح لنفسك بالتصرف كأنَّك طفل بين الحين والآخر، وتعلم كيفية توظيف مهاراتك الفريدة، والأهم من ذلك قرر كيف تريد أن تنتهي قصتك.




مقالات مرتبطة