11 استراتيجية علمية لمزيد من الثقة (الجزء الثاني)

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن الثقة بالنفس وكيفية الظهور بمظهر واثق من خلال لغة الجسد والحديث والصوت وكيفية التعامل في المواقف الاجتماعية، وسنتابع في هذا الجزء الثاني والأخير عن بعض الاستراتيجيات الأخرى لزيادة الثقة بالنفس.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتُخبرنا فيه عن بعض النصائح الهامة لزيادة الثقة بالنفس.

5. المشي بثقة عالية:

هل تعلم أنَّ طريقة مشيتك تستطيع أن تُظهر ثقتك بنفسك؟ إذ يقوم مختبر "بيو موشن" (Bio Motion) للأبحاث بتحليل أنماط الحركة البيولوجية ودمجها؛ أي إنَّهم يدرسون أنماط المشي والحركة.

هنا مُقتطَفٌ من موقع الويب الخاص بهم: "تحتوي الحركة البيولوجية على معلومات عن عديد من المشاعر والنوايا والسمات الشخصية والسمات البيولوجية للعامل؛ فالنظام البصري للإنسان حساس جداً للحركة البيولوجية، وقادر على استنتاج هذه المعلومات منه، ونحن نحقق في مسألة كيفية تشفير هذه المعلومات في أنماط الحركة البيولوجية، وكيف نستطيع استرجاعها منها، وقد طورنا نموذجاً يصوِّر الحركة البيولوجية ضمن مخطط، فنستطيع بذلك تطبيق الأساليب الخطية من الإحصاءات والتعرف إلى الأنماط وتحليلها".

فهم يستخدمون متغيرات عديدة لإظهار أنواع مختلفة من المشي، ومن ذلك: الجنس والوزن والعصبية والسعادة؛ إذ يمشي الشخص العصبي بسرعة، مع تثبيت الذراعين بإحكام على الجانبين، ويمشي الشخص السعيد أو المرتاح ببطء أكثر مع فك الذراعين من الجانبين، كيف تبدو مشيتك عادةً؟

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لتحدّي الخوف واكتساب الثقة بالنفس

6. إيجاد شخص واثق يستطيع أن يكون قدوةً لك:

غالباً ما يكون تطوير الثقة أسهل عندما نستطيع مشاهدة شخص ما ومحاكاته في أثناء العمل.

هل لديك شخص في حياتك يفيض ثقةً على المستوى المهني أو الشخصي؟ ربما شريك أو زميل أو صديق مقرب؟ حاول الاقتداء به.

تستطيع أن تجعل هذا الاقتداء بطريقة سرية (تراقب ملاحظات عن كيفية تفاعله وتدوِّنها) أو صريحة، وهو الخيار الأفضل؛ إذ ليس هناك مجاملة أفضل من إخبار شخص ما بأنَّ ثقته الطبيعية بنفسه جذابة؛ إذ يؤدي ذلك إلى فوائد متعددة، مثل تعميق علاقتك به، ومشاركة الأفكار عن كيفية زيادة ثقتك الفردية، وربما يصبح أيضاً مينتوراً للثقة أو شريك مساءلة.

إذا لم تكن متأكداً من اختيارك للشخص القدوة، تُقدم شركة "كايين للاستشارات" (Cayenne Consulting) اقتراحاتٍ للبحث عن نموذج يحتذى به في مكان العمل يجسِّد الصفات الآتية:

  • يظهر الثقة والقيادة.
  • لا يخشى أن يكون فريداً.
  • يتواصل مع الجميع ويتفاعل معهم.
  • يُظهِر الاحترام والاهتمام للجميع.
  • واسع المعرفة وحَسِن الاطلاع.
  • يتصف بالتواضع والاستعداد للاعتراف بالأخطاء.
  • يقوم بأشياء جيدة خارج العمل.

ما أحبه في قائمة الصفات هذه هو أنَّ معظمها غير متوقع؛ إذ تأتي الثقة بأشكال متعددة، ولا يتعلق الأمر بأن تكون الشخص الأكثر تقبُّلاً للآخرين؛ بل في بعض الأحيان يتعلَّق بالتعاطف، وفي أحيانٍ أخرى بالكفاءة.

خطوة عملية: اكتب تعريفك الخاص للثقة، ماذا تعني وتمثل لك؟ وبعد ذلك، ابحث عن شخص في مكان عملك يناسب تعريفك، وأخبره أنَّك معجب به.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار تمنحك الثقة بالنفس

7. زيادة الشعور بالثقة:

هل أنت في حالة من الفوضى والاضطراب؟ فعندما نعاني الإرهاق أو الاحتراق الوظيفي، تميل ثقتنا إلى الانخفاض، لكن توجد طريقة ممتعة لزيادة ثقتك بنفسك وهي إنشاء أنواع مختلفة من قوائم الأغاني أو الفيديو التي تزيد الشعور بالثقة.

تستطيع عبر الإنترنت العثور على قوائم تمنحك بعض الإلهام، أو حتى بعض الملفات الصوتية المفضلة لديك تستطيع أن تساعد على ذلك، فاستمع أو شاهد في أثناء قيامك ببعض المهام اليومية الروتينية أو في أثناء تنقلاتك في أي وقت تحتاج فيه إلى زيادة شعورك بالثقة.

8. تجاوُز حالة متلازمة المحتال:

غالباً ما يكون للنجاح ثمن بالنسبة إلى معظم المتفوقين، وهذا الثمن يُعرف باسم "متلازمة المحتال"، وهي ظاهرة نفسية تجعل الأشخاص الأذكياء والموهوبين يشعرون كأنَّهم محتالون، وأنَّهم لا يستحقون إنجازاتهم.

لقد وجدت الدراسات أنَّ 70% من الأشخاص يشعرون بأنَّهم محتالون بوقت أو بآخر، وهذه مشكلة كبيرة؛ لكنَّ الشيء الأهم الذي يجب مراعاته هو أنَّ هذا ليس عيباً؛ فمتلازمة المحتال ليست سمة شخصية؛ بل هي رد فعل لحدث ما؛ هل فكرت يوماً أنَّ إنجازاتك مجرد حظ؟ أو هل سبق لك الشعور بالقلق من أن يكتشف الناس أنَّك لا تستحق ما حققته؟

هذه هي متلازمة المحتال في العمل، عندما تعمل أذهاننا وأفكارنا ضدنا، تتلاشى ثقتنا وتختفي، وإحدى طرائق محاربة متلازمة المحتال هي الأحاديث الذاتية المُحفِّزة.

9. إثارة الثقة في دماغك:

تُملي أفكارنا تقريباً كل جانب من جوانب وجودنا؛ لذلك إذا كانت أفكارنا غير آمنة أو مُحبِطة، فمن المستحيل تقريباً التفكير والشعور بالثقة تجاه أنفسنا.

يناقش "شاد هيلمستتر" (Shad Helmstetter)، مؤلف كتاب "ماذا تقول عندما تتحدث إلى نفسك؟" (What to Say When You Talk to Your Self)، بأنَّ أفكارنا هي التي تحدد شكل شخصياتنا، وأنَّ عقليتنا وحقائقنا الذاتية هي مركز ثقتنا.

فالحقائق الذاتية: هي الأفكار التي نقولها لأنفسنا، والمعتقدات التي نتبناها، سواء كانت صحيحة أم لا.

ما هي القصص التي تحكيها لنفسك؟ وما هي الحقائق التي تؤمن بها؟ وهل يمكن أن تكون هذه الحقائق الواقعية أو المفترضة أكاذيب لأنَّك لم تتأكَّد منها؟

معظم الأشخاص يقولون لأنفسهم: "لن أجيد الرياضة أبداً" أو "أنا لست مبدعاً" أو "لا أستطيع أبداً البدء بعملي الخاص"؛ لكنَّني أريدك أن تتعمق أكثر في هذه الحقائق، هل تصدق هذا لأنَّ شخصاً ما أخبرك أنَّك لن تنجح أبداً في أحد هذه الأمور؟ وهل لديك شعور أعمق بعدم الأمان يساهم في هذا الاعتقاد المُقيِّد؟

إذاً تحدَّ أفكارك وسيطر عليها لوقف هذه الأكاذيب والعيش في الحقيقة.

10. اتِّباع قاعدة الـ 5 ثوانٍ:

هل تشعر بثقة كبيرة في التحدث بفكرة ما أو إلقاء نكتة أو تشجيع صديق، ثم تختفي هذه الثقة مباشرة؟

تشرح المحامية "ميل روبينز" (Mel Robbins) قاعدة الخمس ثوانٍ؛ إذ تظن أنَّ الثقة هي مهارة تتطلب عقلية وعملاً حتى تصبح سارية المفعول، وخلاف ذلك تزول الثقة تماماً، وإذا سمحت للشك بالتسرب إلى أفكارك أو كلامك، فلن تتجسد هذه الثقة في العمل.

كتبت "ميل" في مدونتها: "قاعدة الخمس ثوانٍ هي قاعدة بسيطة، فإذا كانت لديك رغبة في العمل على هدف ما، يجب أن تتحرك جسدياً في غضون 5 ثوانٍ وإلا سيعمل عقلك على قتل تلك الرغبة، وفي اللحظة التي تشعر فيها بالرغبة في العمل على هدف أو التزام ما، استخدم القاعدة؛ وعندما تشعر بالتردد قبل القيام بشيء تعرف أنَّه يجب القيام به، عُدَّ من 1 إلى 5 ثم انطلق، وتحرك نحوه".

تقول المحامية "ميل روبنز" (Mel Robbins): "تتحدد حياتك بالفجوة بين ما يحدث لك ورد فعلك تجاهه".

خطوة عملية: في المرة القادمة التي تريد فيها التحدث أو مشاركة شيء ما، استخدم قاعدة الخمس ثوانٍ بوصفها رأس حربة لثقتك بنفسك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق ذهبية لاكتساب الثقة بالنفس

11. الحدُّ من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي:

نحب جميعاً أن نبحث عن صور جميلة على موقع إنستغرام (Instagram) أليس كذلك؟

لكن تُظهر الأبحاث أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تؤذينا؛ إذ يمكن أن تكون للمقارنات اللانهائية التي نُخضع أنفسنا لها عبر هذه التكنولوجيا تأثيرات دائمة وضارة، وقد أجرت الباحثة "كلاريسا سيلفا" (Clarissa Silva) مقابلات مع رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 28 و73 ووجدت هذه النتائج المخيفة:

  • أفاد 60% من الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أنَّها أثَّرت في تقديرهم لذاتهم تأثيراً سلبياً.
  • أفاد 50% أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي لها آثار سلبية في علاقاتهم.
  • أفاد 80% أنَّ المواد التي يشاركها الآخرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تجعل الانخداع بهم أسهل.

هذا الشعور بعدم الأمان منتشر خاصة في مجال التواصل بين الشركاء عبر الإنترنت؛ فوفقاً لسيلفا: "يبدو أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تختلق تأثيراً متناقضاً فهي توهمك بخيارات عدة، بينما تجعل من الصعب العثور على خيارات قابلة للتطبيق؛ إذ إنَّ التأثير المتناقض في المواعدة عبر الإنترنت هو اختلاق الوهم بوجود علاقات اجتماعية كثيرة وقاعدة اجتماعية وشعبية، مع إخفاء الشخصية الحقيقية للفرد".

تذكر أنَّ هناك عالماً كبيراً ومشرقاً يحدث حولك؛ إذ تساعدنا وسائل التواصل الاجتماعي على التواصل وتعزيز معلوماتنا، لكن من الهام إيجاد توازن بين الواقع والخيال.

إذا كنت تريد حقاً التغلب على إدمانك على متابعة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك، حاول أن تقضي مقابل كل ساعة تقضيها على وسائل التواصل الاجتماعي في الشهر التالي، الوقت نفسه مع الأصدقاء أو العائلة شخصياً لتحقيق التوازن.

خطوة عملية: أنشئ قائمة تتعلم من خلالها ترك الهاتف ومنح بعض الوقت للعالم الواقعي.

إقرأ أيضاً: أهم النصائح والإرشادات لتستعيد ثقتك بنفسك

في الختام:

إنَّ الطريق إلى مزيد من الثقة بين يديك؛ فلا تنمو الثقة دون تغذية اللطف والمحبة والاهتمام وتعزيزهم جميعاً؛ لذا اتخذ تلك الخطوات - حتى الصغيرة منها - لزيادة ثقتك بنفسك وبدء الحياة التي لطالما أردتها.




مقالات مرتبطة