10 نصائح لتستعيد حماسك عندما تملُّ من الحياة

كان يا ما كان، توجد فتاة تستطيع فعل أيِّ شيء تريده، وكلُّ ما كان عليها فعله هو اختيار شيء والتركيز عليه، واختارت ذات مرة أن ترسم فجلست أمام لوحة قماشية وبدأت بالرسم عليها، وبعد فترة أصبحت ضرباتها بالفرشاة تتحسن شيئاً فشيئاً، وكانت تقترب من إنجاز تحفة فنية مثالية ببطء وعناية، وعندما انتهت أخيراً نظرت بفخر إلى لوحتها وابتسمت.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوَّن مارك تشيرنوف (Marc Chernoff)، ويُقدِّم لنا فيه 10 نصائح لاستعادة الشغف في الحياة.

كان من الواضح لأيِّ شخص أنَّ الفتاة كانت تمتلك موهبة، لقد كانت فنانة، وتعرف ذلك في قرارة نفسها؛ لأنَّها شعرت بهذه الموهبة في صميم أعماقها، لكن بعد بضعة دقائق من إنهاء لوحتها شعرت بالقلق، وأحسَّت أنَّها أضاعت وقتها؛ لأنَّها فكَّرت بأنَّها قادرة على فعل أي شيء تريده في الحياة، لكنَّها أضاعت وقتها في رسم تلك اللوحة.

لقد شعرت بوجود أشياء كثيرة في العالم يمكن فعلها، لقد كانت لديها خيارات كثيرة، وإذا ما قررت حقاً أن تفعل شيئاً مختلفاً في الحياة فإنَّ الرسم لن يكون سوى مضيعة للوقت.

لذلك ألقت نظرة خاطفة على لوحتها للمرة الأخيرة، وخرجت من منزلها في الليل، وبينما كانت تمشي كانت تفكِّر؛ ومن ثمَّ أسرعت في المشي، ولم تعر انتباهاً للنجوم والغيوم في السماء التي كانت تحاول إرشادها؛ لأنَّها كانت تفكِّر في القرار الهام الذي يجب أن تتخذه، وهو أنَّ عليها أن تختار شيئاً واحداً فقط في الحياة من بين كل الأشياء الأخرى لتفعله، وأخذت تفكِّر هل يجب أن تمارس الطب؟ أم الهندسة المعمارية؟ أم تختار تدريس الأطفال؟ أم غير ذلك ممَّا لا يمكن تعداده، لقد كانت في حيرة من أمرها.

بدأت الفتاة بالبكاء بعد خمسة وعشرين عاماً من الحيرة؛ لأنَّها أدركت أنَّ كل تلك السنوات انقضت وأنَّها كانت غارقة في التفكير في الاحتمالات التي لا تنتهي؛ وبذلك لم تفعل أيَّ شيء ذي مغزى مطلقاً.

تعلَّمت الدرس القاسي أنَّ الحياة لا تدور حول الاحتمالات فكلُّ شيء ممكن؛ إنَّما الحياة تدور حول اتخاذ القرارات؛ إنَّها تعني أن تقرر فعل شيء يثير مشاعرك؛ لذلك قامت الفتاة بشراء بعض القطع القماشية الخاصة بالرسم وبعض الألوان من متجر محلي، وقصدت متنزها قريباً، وبدأت بالرسم.

بدأت ضربات الفرشاة تتوالى بعناية تماماً مثلما فعلت ذلك لأول مرة، وكانت سعيدة بما تفعله فقد استمرت في الرسم في النهار والليل؛ لأنَّها اتخذت قرارها في نهاية المطاف، وعلى الرَّغم ممَّا فاتها فإنَّ ما يزال أمامها متسع من الوقت لتستمتع بسحر الحياة.

توقَّف عن القلق وانطلق في الحياة:

ربما من المنطقي أن نفكِّر بأنَّه يوجد في الحياة ما هو أهم من مجرد القيام بما يمليه عليه شغفنا خاصةً أنَّ في الوقت الحالي ليست الاهتمامات جميعها تحقق دخلاً، على الأقل ليس على الأمد القصير، ومعظمنا لديه عائلات يجب علينا أن نعتني بها، وأطفال يجب أن نطعمهم علاوةً على الفواتير؛ لذلك من الإنصاف أن نقول أنَّ الشغف وحده لا يكفي.

لكن في الوقت نفسه لا بدَّ من الشغف القليل ربما يمكن أن نخلص إلى النتيجة الآتية: "يجب ألا تُفهم الحياة بأنَّها كلُّ شيء أو لا شيء أبداً"، وإذا أردنا أن نستنتج حكمةً من القصة القصيرة أعلاه، فمن المؤكَّد أنَّها لن تكون: "اتبع شغفك حتى لو قادك إلى الفقر المدقع"؛ بل نقول لا تتخلَّ عن شغفك تخلياً مطلقاً حتى لا تقع في التعاسة.

عندما تكتشف شيئاً يجعلك تشعر بالمغزى من الحياة، ويجلب لك السعادة والحماسة وعندما يكون هذا الشيء هاماً جداً بالنسبة إليك، فاحرص على تخصيص وقت له في حياتك حتى لو جزء بسيط من الوقت.

إذا شعرت أنَّ لا وقت لديك أبداً يمكنك تخصيصه لمتابعة شغفك، فتوقف عن القيام بالأشياء التي لا تهمك، مثل مشاهدة كثير من برامج التلفاز أو الدردشة على وسائل التواصل الاجتماعي.

شاهد بالفديو: 8 أشياء يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة

تعلَّم كيف تدير وقتك بحكمة:

الهدف في نهاية المطاف هو السبب الذي يجعلك تمضي في الحياة، والشغف هو بمنزلة الضوء الذي ينير الدرب لك، ويكاد يكون من المستحيل دون هذا الشغف الداخلي أن تتقدم في الحياة؛ لذا فإنَّ الشغف هو ما يجعل الإنسان قادراً على التميز، فلا شيء يجعل الإنسان يشعر بالسعادة الحقيقية أكثر من القيام بما يحب؛ لذلك توقف عن التأجيل، وإذا كان لديك حقاً ما يثير شغفك مهما بلغت بساطته فابدأ به من الآن.

إليك بعض النصائح التي من المفيد أن تتذكرها:

1. اتخذ خياراتٍ أفضل:

جزء كبير من حياتك هو نتيجة للخيارات التي اتخذتها، وإذا لم تكن راضياً عن حياتك وشعرت أنَّها تفتقر للحماسة والشغف؛ فهذا يعني أنَّه ينبغي لك إجراء تغييرات واتخاذ خيارات أفضل.

2. افهم أنَّ الغاية من الحياة هي الشعور بالسعادة:

الغاية من الحياة هي السعادة لا المعاناة، وبينما تسير في مسار يثير مشاعرك لا تنسَ أنَّ بمقدورك فعل أشياء بسيطة وإيجابية تجعلك تشعر بالسعادة.

3. لا تعش حياةً عبثية:

في كلِّ صباح فكِّر ملياً ما الذي ستفعله اليوم ومَن هم الأشخاص الذين ستقضي يومك معهم؟ لأنَّه وبخلاف المال والتسلية والواجبات وما إلى ذلك، فإنَّ الوقت هو الشيء الذي لا يمكن تعويضه بعد فواته.

4. عوِّل على الأفعال لا الأقوال:

ليست الأهمية لما تقوله؛ بل لما تفعله، وعندما يكون لديك رغبة حقيقية للقيام بشيء ما فلا بدَّ من أن تجد طريقة لذلك وبالمقابل عندما لا يكون لديك الرغبة فمن السهل أن تجد عذراً.

5. تمسَّك بشغفك مهما كانت الظروف:

شغفك هو جزء متجذر فيك؛ لذلك لا تتخلَّ عنه، ولا تعتقد أنَّ الأشياء التي تمتلك شغفاً كبيراً تجاهها هي مضيعة للوقت بصرف النظر عن مردودها على الأمد الطويل.

6. تقدَّم باستمرار ولو قليلاً:

عندما تركِّز مشاعرك وأفكارك على هدف ذي مغزى، وتلتزم بتحقيق تقدِّم تدريجي نحو هدفك يومياً، فستتدفق الطاقة الإيجابية إلى حياتك تلقائياً.

7. تحمَّل مسؤولية واقعك:

لا تحمِّل الآخرين مسؤولية تعاستك وعدم شعورك بالرضى؛ فهم ليسوا مسؤولين عن ذلك على الأمد الطويل.

8. ابحث عن الرضا في داخلك وليس في الآخرين:

كلَّما ملأنا حياتنا بهدف وشغف حقيقي قلَّت حاجتنا إلى نيل استحسان ورضا الآخرين.

9. أعد اكتشاف شغفك في كلِّ مرة تمر فيها بظروف قاسية:

قد تمرض وقد تُحرم من النوم لعدِّة ليالٍ وأنت تراجع ذكرياتك الأليمة، وقد تفقد حب حياتك، وقد تصل إلى مرحلة تشعر فيها أنَّ كلَّ ما هو محيط بك مليء بالسلبية، وقد تفقد احترامك بسبب التعامل مع أشخاص فظين، لكن يوجد علاج وحيد فقط لكلِّ هذه الحالات القاسية، وهو إعادة اكتشاف ما يمنحك الحماسة، ومنحه وقتك وجهدك، فما تحبُّه بشدة لا يمكن أن تسأم منه مهما بلغت من الإرهاق النفسي، ولا يمكن أن تندم عليه أبداً.

10. اخطُ وإن خطوة واحدة كلَّ يوم نحو هدفك:

هذا سيكون كافياً طالما أنَّ الهدف الحقيقي ليس له تاريخ انتهاء والشغف الحقيقي لا ينتهي؛ ولذلك لا حاجة إلى بذل جهدٍ فوق طاقتك؛ بل افعل ما يمكنك فعله، واحرص على متابعة التقدُّم.

شاهد بالفديو: كيف تزيد من شغفك نحو تحقيق أهدافك؟

يكمن الشغف في داخلك وليس في الخارج:

لقد كان الشغف هو العامل الأهم الذي ساعدني على تجاوز بعض الفترات الصعبة في حياتي، ففي نقطة معينة من مسيرة أيِّ إنسان وخاصةً عندما تصبح الأمور صعبة من الضروري أن تعرف ما الذي تفعله ولماذا.

كنت أسأل نفسي خلال سنوات، وأقدِّم آلاف الأسباب التي تجعلني أتابع العمل على مدونتي التي أنشأتها مع زوجتي آنجل (Angel)، ويعود ذلك إلى شغفي في استثمار جهدي ووقتي لاستكشاف صعوبات الحياة.

ما يميِّز الأشخاص الذين يتابعون شغفهم عن الأشخاص الذين يفتقرون للعزيمة، هو أنَّ النوع الأول غالباً ما يكون تعلَّم بواسطة دروس الحياة القاسية ربما جرَّاء خسارة أو أزمة شديدة عصفت به؛ وبذلك فهموا أنَّ الحياة قصيرة وأنَّ الفرص لا تُقدَّر بثمن، ويجب الاستفادة منها استفادة مثلى لجعل حياتنا أفضل ما يمكن.

إذا لم يكن لديك اهتمام في الوقت الحالي يدفعك للشعور بالحماسة، فلا بأس ما تزال قادراً على البحث عن الشغف بداخلك، والإيمان من صميمك أنَّك قادر على أن تعيش حياةً ذات مغزى يملؤها الحب، وأنَّ كل لحظة لها سحرها الخاص.

الشغف ليس شيئاً تعثر عليه في الحياة؛ بل هو شيء تمارسه؛ لذلك عندما تريد أن تجد الحماسة والقدرة الداخلية التي تحتاجها لتغيير وضع ما، فيجب أن تُجبر نفسك على اتخاذ خطوة إلى الأمام.

ما يزال معظمنا يحاولون بيأس أن يجدوا شغفهم، ويتخيلون أنَّه شيء سيحدث في النهاية، ويجعلهم أكثر سعادةً وأكثر نجاحاً وأقرب إلى تحقيق الحياة التي يريدونها.

نُصاب بالإحباط ونعتقد أنَّه من غير الممكن العثور على الشغف في الحياة، لكن لا نلاحظ الخطأ الذي نقع فيه عندما ندَّعي أنَّنا نحاول العثور على شغفنا، فهذا يعني أنَّ الشغف شيء يجب البحث عنه والإمساك به، ولكن هذا بعيد كلَّ البعد عن الحقيقة؛ فالشغف ليس شيئاً نكتسبه؛ بل يأتي من فعل الأشياء بالطريقة الصحيحة ما يعني بالضرورة أنَّه من العبث أن تبحث عن شغفك في الخارج، وتنسى أنَّه موجود في داخلك.

عندما تعتقد أنَّ الشغف موجود في الخارج؛ فهذا يعني أنَّك تنتظر الظروف حتى تصبح مثالية؛ ومن ثمَّ تبذل كل جهدك وطاقتك لتتويج الظروف بالنجاح، لكن نادراً جداً ما تتحقق الظروف المثالية، مما يعني أنَّك ستنتظر إلى الأبد.

أمَّا إذا سئمت الانتظار، وتفضِّل أن تعيش بشغف بدءاً من اليوم، وتُجري بعض التغييرات الإيجابية في حياتك، فما عليك سوى أن تشعر بالشغف تجاه الشيء الذي ستفعله لاحقاً.

لنبسِّط الأمر: فكِّر في آخر مرة أجريت فيها محادثة مع شخص عزيز عليك دون أن يتشتت انتباهك بعوامل خارجية، ومتى كانت آخر مرة مارست فيها الرياضة، وبذلت أقصى طاقتك في حصة التدريب؟ ومتى كانت آخر مرة حاولت فيها بذل قُصارى جهدك في شيء ما؟

من المُحتمل جداً أنَّك مثل معظم الناس تقوم بمعظم الأشياء بعزيمة واهنة، والسبب كما ذكرنا أنَّك ما زلت تنتظر العثور على شيء تصبح شغوفاً به، شيء يشبه أن يكون سحراً يجعلك تحقق الحياة التي تحلم بها؛ لذا أقول لك، توقف عن الانتظار.

إقرأ أيضاً: 6 تغييرات إيجابية على سلوكياتك ستغير حياتك بأكملها

في الختام:

لا يمكننا أن نفعل كلَّ شيء، ولا يمكننا الحصول على كلِّ ما نحلم به؛ ففي بعض الأحيان يتعين علينا أن نتخلى عن بعض الأشياء الجيدة حتى نتمكن من التركيز على الأشياء الأكثر أهميةً، وفي بعض الأحيان نضطر إلى تحمُّل مخاطر قليلة بوقتنا وطاقتنا؛ ولكنَّ الخطر الأكبر هو عندما ترفض المخاطرة؛ لأنَّك بذلك تخاطر بكلِّ شيء.

لذا انطلق، وأقدِم على بعض المُخاطرة منذ اليوم، واشعر ببعض الشغف، واكتشف الحب وانطلق في حياتك مفعماً بالحرية، واستمتع بسحر الحياة.




مقالات مرتبطة