10 طرقٍ تحمي من التشاؤم والسلبية

إن كنتَ قد سمعتَ يوماً بشخصيات مثل "ديبي داونر" (Debbie Downer) أو "نيغاتيف نانسي" (Negative Nancy)، وهي شخصيات تلفزيونية خيالية تتحدَّث فقط عن الجوانب السيئة والمُحبِطة لشيءٍ ما، وتقلِّل من حماسة ومتعة الآخرين، فأنت تعرف أنَّها شخصيات سلبية إلى الحدِّ الذي لا يترك أي مجال في حياتهم لحدوث وتطوُّر الأشياء الجيدة.



في الواقع، تمتلئ عائلاتنا وأوساطُنا الاجتماعية بشخصياتٍ مماثلة، وقد يكون البقاء بقربهم فحسب مستنزِفاً للقوى ومُرهِقاً عاطفياً؛ لذا يجب عليك أن تكون حذراً لأنَّ تلك السلوكات التشاؤمية مُعدية جداً وقد تجدُ نفسك تقلِّدهم وتتأثر بهم دون أن تشعر؛ فتولِّد السلبية نوعاً من الاستياء وعدم الرضى، وتفسِد العقل باختلاق حالةٍ من الفوضى داخله مما يصعِّب للغاية إيجاد السعادة أو تحقيقها.

إليكَ عشر طرائق لحماية نفسك من التشاؤم والسلبية:

1. عدم عد أو أخذ سلبية الآخرين بوصفها مسألة شخصية:

لا يتصرف الأشخاص المتشائمون مُعظَمهم بطريقة سلبية أو سيئة معك فقط، بل مع أي شخصٍ يتعاملون أو يتواصلون معه، فما يقولونه أو يفعلونه هو تعبير عن واقعهم ومواقفهم السلبية الخاصة؛ وحتى حين يبدو الموقف الذي تتعرض له بسبب أشخاصٍ مماثلين شخصياً بسبب تعرضك لإهانة مباشرة منهم، إلَّا أنَّه لا علاقة له بك في كثيرٍ من الأحيان؛ لذا تذكَّرْ دوماً أنَّ أقوال الناس وأفعالهم وآراءهم مَبنيةٌ وقائمة بالكامل على أساس التفكر الذاتي الخاص بهم.

2. قضاء مزيدٍ من الوقت مع الأشخاص الإيجابيين:

يؤثر الأشخاص الذين تقضي مُعظَم وقتك معهم بك تأثيراً عظيماً، وقد يلعبون دوراً كبيراً في تشكيل شخصيتك؛ فإن كنتَ برفقة أشخاص متشائمين ومتشككين ومتهكمين طوال الوقت، ستصبح مثلَهم قريباً؛ لذا ابدأْ بقضاء وقتك مع أشخاص لُطفاء يتمتعون بالذكاء والاندفاع والنشاط ويُشابهونك في الآراء وطريقة التفكير، فالمغزى من علاقاتك الاجتماعية هو مساعدتك لا إيذاؤك أو التسبب بالألم والحزن لك.

لذا عليك أن تحيط نفسك بأشخاصٍ تود أن تكون مثلهم، واختيار أُناس تفخر وتعتزُّ بمعرفتهم وأشخاصٍ تحترمهم وتقدِّرهم وكذلك يحبونك ويُظهرون الاحترام لك ليكونوا أصدقاءك، فيجب أن تصادق أشخاصاً يجعلون يومك أكثر إشراقاً من خلال وجودهم في حياتك بكل بساطة.

3. التحلي بالإيجابية التي ترغبُ في رؤيتها في العالم المُحيط بك:

كُنْ قدوةً، فلن تتمكن من إنقاذ العالم دوماً، ولكنَّك تستطيع جعلَه مكاناً أفضل من خلال تطبيق النصائح التي تقدِّمها للآخرين وممارستها في حياتك اليومية؛ وهو ما يمكنك فعلُه من خلال أن تصبح شخصاً مدركاً لذاته، وتستثمر التقمص الوجداني لديك وتستفيد منه جيداً، وتحمي مساحة الإيجابية الموجودة بداخلك.

يؤدي فعلُ أشياء بسيطة كالتحدُّث عن الفعاليات والتطورات الإيجابية التي حدثَت خلال اليوم أو الأصدقاء المُشترَكين أو الهوايات أو الأخبار السعيدة إلى تلطيف المحادثات مع الأشخاص السلبيين، ويمكنك أن تحافظ على محادثاتك معهم مُركَّزةً على المجالات التفاؤلية والجوانب الإيجابية التي تمس حياتهم بشكل أو بآخر؛ إذ يمكنك بهذه الطريقة أن تُبطل فاعلية تشاؤمهم وسلبيتهم، حتَّى وإن كان ذلك لبعض الوقت فقط.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتدريب العقل على التحلي بمزيدٍ من الإيجابية

4. تغييرُ طريقة تفكيرك:

إنَّ الشيءَ الوحيد الذي لا يمكن لأحدٍ أن يسلبك إياه هو طريقة ردك على أقوال الآخرين وأفعالهم، فلا تكمن المشكلة في الأحداث أو المواقف السلبية، بل تكمن في ردِّ الفعل الذي تبديه تجاهها أو الطريقة التي تتفاعل بها معها، فاختيار طريقة تصرُّفك وسلوكاتك خلال أي ظرفٍ أو وضعٍ مُعيَّن هو مُنتهى الحرية، في حين أنَّ الشكوى والتذمر وإلقاء اللوم على الآخرين والانتقاد لن يغير الموقف أو الظرف الذي تتعرض له.

ليس من السهل دوماً إيجاد السعادة في داخلنا، ودوماً ما يستحيل إيجادُها في مكانٍ آخر؛ لذا بصرف النظر عن الموقف الذي تواجهه أو تتعرض له، فإنَّ تصرُّفك ورد فعلك خلاله ينجم عن خياراتك وحدك، ولكن عليك أن تتذكر جيداً بأنَّك لا يمكن أن تحظى بحياة إيجابية وأنت تعيشُها بتشاؤم وتتخذ مواقف وسلوكات سلبية فيها، إذ تقيِّد السلبية والتشاؤم تصرُّفاتك وسلوكك وأفعالك والفرص التي تُتاح أمامك عندما تتركها تتحكم بعقلك وأفكارك، ولو كنتَ تدرك مدى قوة وتأثير أفكارك، لم تكُنْ لتخطر على بالك فكرةٌ سلبية أخرى مُجدَّداً.

5. التركيز على الحلول:

يمتلك الأشخاص السلبيون والمتشائمون قدرةً لامتناهيةً على لعب دور الضحية وإثارة شفقة الآخرين؛ لذا لا تتجاوب معهم أو تتأثر بهم، فكثيراً ما يلجأ الناس لاستخدام السلبية والتشاؤم بوصفهما حاجزاً يحميهم من الخيبات الموجودة في العالم، ولكنَّ هذا الحاجز بدوره يحجب عنهم الحلول التي يمكن لها أن تحسن حياتهم.

عليك أن تحدد الحلول التي بإمكانك اللجوء لها بدلاً من استخدام السلبية بوصفها حاجزاً أو درعاً لحمايتك؛ وذلك دون أن تركز كثيراً على الأمور التي فشلت أو أخطأت فيها وتشغل بالك بها؛ وبدلاً من ذلك، ركِّزْ على الخطوة الإيجابية التالية أمامك، واستثمرْ طاقتك في المضي قدُماً في الحياة نحو إيجاد حلولٍ لمشكلاتك، وتذكَّرْ أنَّ التركيز على الحلول من خلال التفكير والتصرف بإيجابية يعزز جمال حياتك، فترى كلَّ شيءٍ جميلاً وكأنَّ الحياة عبارةٌ عن احتفال كبير يعجُّ بالرقص والموسيقى والضحكات.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق لتحسين مهاراتك في حل المشكلات

6. محبَّة أي إنسانٍ حولك كي تكون محبوباً:

تحرَّ اللطف والطيبة في تصرُّفاتك وأفعالك، إذ يصبح من الأصعب بكثير أن تكون سلبياً ومتشائماً بحضرة أو وجود الحب واللطف والحنان؛ لذا عليك أن تكون ذلك الإنسان المُفعَم بالحب والحنان قدر الإمكان وتتخلى عن حذرك؛ فتحدَّثْ إلى الأشخاص الذين لا تعرفهم بصراحة ومن أعماق قلبك، وامتدحهم وعبِّرْ عن إعجابك بهم، ولا تتوقع الإحراج أو الغرابة في ذلك؛ فكلُّ ما عليك فعلُه هو أن تكون على سجيَّتك بتلك الطريقة الرائعة التي تتمتع بها وحدك فقط، وتمنحَ الآخرين فرصةً للابتسام والتواصل معك، فأحياناً ما يكون سماعُ كلمةٍ طيبة وتلقِّي اهتمام بسيطٍ من أحد أصدقائك هو كلُّ ما تحتاج إليه لتغيير موقفك السلبي ونظرتك التشاؤمية بالكامل.

7. تقديم الدعم والمساندة حين تجد ذلك منطقياً:

يلجأ بعض الناس للشكوى والتذمُّر بوصفهما طريقةً لطلب المساعدة من الآخرين، غير أنَّهم قد لا يكونون واعين أو مُدركين لذلك؛ لذا تُعطي تعليقاتهم وملاحظاتهم انطباعاً خاطئاً فتبدو وكأنَّها شكاوى سلبية بدلاً من صيغة الطلب أو الرجاء، وهُنا عليك أن تبدي بعض الاهتمام لهم وتُظهر مشاعر القلق لأجلهم، إذ يمكن لسؤالٍ بسيط عن أحوالهم أو عرضٍ لتقديم يد العون لهم أن يُحسِّن مزاجهم.

يجب عليك أيضاً أن تقاوم اندفاعك الشديد والرغبة الملحَّة بداخلك بإطلاق الأحكام والافتراضات بشأنهم، فمن الصعب التعاطف مع شخصٍ ما وتفهمه حين تفترض أنَّك تعرف ظروفه؛ لذا حاول أن تبثَّ لديهم شعوراً بالطمأنينة وبأنَّهم ليسوا وحدهم، لأنَّ الناس يتغلبون على قوة المشاعر السلبية كالغضب والكراهية حين تكون قوى الحب والدعم أكبر منها.

8. إدراك وتقبُّل أنَّ الحياة مجموعةٌ من النجاحات والإخفاقات:

اعترفْ بالسلبية والتشاؤم التي تعاني منهما وتقبَّلْهما وكن واعياً بهما ليعلِّماك بذلك درساً أو عبرةً دون أن تُفسدا يومك أو يؤثرا فيه، فالحياة تعجُّ بالتقلبات والنجاحات والإخفاقات، ولكن لا يجب عليك أن تنساق وراءها وتتأثَّر بها، إذ نتطوَّر ونتقدَّم انطلاقاً من الأحداث السلبية حين نتقبلها ونتعلم منها، ويعدُّ هذا التقلب بين النجاح والفشل جزءاً من التجربة البشرية بأكملها؛ لذا عليك أن تسترخي وتتغاضى قليلاً عن الإخفاقات التي تمر بها وتستمتع برحلتك في هذه الحياة.

شاهد بالفيديو: الاخفاق سرّ النجاح... كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

9. التركيز على اليوم أو الوقت الحاضر:

كثيراً ما نحمل داخل أذهاننا أشياء وأحداثاً تؤذينا من الماضي، كالأمور التي نندم عليها أو نشعر بالخزي والعار بسببها أو مشاعر الغضب والألم، فيشبه التمسُّك بمشاعر الغضب تجاه أحدهم أن تشرب السم وتتوقع موت الطرف الآخر؛ لذا لا تسمح لهذه النقاط أو الأحداث السلبية والسيئة من الماضي بسلب أو سرقة سعادتك الحالية.

قد تتعرض للمعاناة وتحمُّل تلك الأحداث السيئة في الماضي والتي لا يمكنك تغييرُها للأسف، ولكن لا تعيش هذه الأحداث سوى في ذهنك؛ لذا انسَ تلك الأحداث وامضِ قدماً في حياتك وعِشْ سعيداً؛ فيمكنك أن تتخذ قراراً في الحال بألَّا تؤثر التجارب والأحداث السلبية التي حدثَت في الماضي في مستقبلك أو تتنبأ به وتحدده.

10. الغفران والنسيان حين يجب ذلك:

إن فشلت كل الطرائق السابقة، أخرجْ نفسَك وابتعدْ عن جميع المواقف والأوضاع والعلاقات الخاطئة؛ لأنَّ بعض الناس يشبهون الغيوم السوداء المشؤومة التي يُشرق يومك وتعمُّه البهجة والتفاؤل باختفائها من حياتك؛ إذاً، عليك أن تعرف متى يحين الوقت الملائم للتخلي عن أولئك الأشخاص السلبيين، ولا يعني التخلي عنهم أو تركهم بأنَّك تكرههم، بل يعني أنَّك تهتم بصحتك وعافيتك النفسية والجسدية، إذ تفسح مجالاً في حياتك لمزيدٍ من الأحداث الإيجابية والسعيدة في كل مرةٍ تتخلص من السلبية وتحذفها من حياتك.

إقرأ أيضاً: الغفران: المبدأ الذي عليك تبنيه

في الختام:

ليس من السهل أن تبقى إيجابياً حين تحيط بك السلبية والتشاؤم وتحاصرك تماماً، ولكن عليك أن تتذكَّر أنَّك تتحكم بتصرفاتك وأفعالك ومواقفك تحكُّماً كاملاً؛ ويمكن فهم ذلك إن فكرنا بالأمر على النحو الآتي، إذ لا يمكن لمُسطَّح مائيٍّ كامل بحجم المحيط الهادئ أن يُغرق سفينةً ما إلَّا حين يتسرَّب إلى داخلها؛ وبصورة مشابهة، لا يمكن لكل التشاؤم والسلبية الموجودة في العالم أن تُحبطك وتسبب لك الكآبة ما لم تسمحْ لها بالتسلُّل إلى داخل عقلك.

الأشخاص القادرون على تمييز أو ملاحظة النقاط الإيجابية في كل المواقف والأحداث السلبية والسيئة التي يتعرَّضون لها هم الذين ينجحون ويزدهرون على الأمد الطويل؛ لذا دافعْ عن نفسك واحمِها من السلبية والتشاؤمية وأفسحْ مجالاً في حياتك لعيشِ يومٍ يعجُّ بالسعادة والإيجابية.




مقالات مرتبطة