10 صفات تميز القائد اللطيف

يعتقد الكثير من المديرين أنَّ عليهم اتباع الأسلوب الصارم والمتعالي مع الموظفين، فهُم يخشون أن يفقد الموظفون دافعهم للعمل واحترامهم لهم إن بدا أسلوبهم ليِّناً بعض الشيء.



ولا ينفكُّون عن الاستشهاد بقادةٍ استثنائيين مثل "ستيف جوبز" (Steve Jobs)، والذي كان يتَّبع أسلوباً صارماً في القيادة، ويقرِّع موظفيه.

إن أردنا التحدث عن موضوع النجاح في القيادة، فلا يُعَدُّ أسلوب القيادة الصارمة كلياً قاعدةً وإنما استثناء؛ فقد أشارت آخر الدراسات أنَّ القادة الذين يبالغون بأسلوبهم الصارم يُسبِّبون لموظِّفيهم مشكلات حقيقية تتعلق في الدافع للعمل، كما تؤثر في صحتهم أيضاً؛ مما سيجعلك تفكر مرتين قبل أن تتَّبع أسلوب الإدارة الصارمة.

أظهرَت الدراسات أنَّ المدير الذي يبالغ في صرامته يُسبِّب الضغط لموظفيه، ففي دراسة أُجرِيَت في جامعة "لندن" (University of London) تبيَّن أنَّ هناك رابطاً وثيقاً بين أمراض القلب والضغط الذي يُسبِّبه مديرك في العمل، وفي جامعة "كونكورديا" (University of Concordia)، أثبتَت دراسة أُجرِيَت على موظفين يُصنِّفون أنفسهم بأنَّهم يعانون من التوتر الشديد أنَّهم يُشكِّلون 46% من زيادة مصاريف التأمين الصحي لمديرهم، كما أكَّد بحث في معهد الطب التابع للبحرية (Institute of Naval Medicine) أنَّ المدير الصارم يدفع الموظفين للبحث عن عمل آخر، ويُضعِف أداءهم، كما قد يدفعهم لرفض الترقية وحتى الاستقالة من العمل، وأما في شركة "راندستاند كونسلتنغ" (Randstad Consulting)؛ فقد بيَّنَت الدراساتُ أنَّ الموظفين يُفضِّلون استبدال مديرهم على أن يحظوا بزيادة 5000 دولار في رواتبهم، مما يدفعنا للقول إنَّ الموظفين لا يتركون عملهم؛ بل يتركون المدير السيء.

يستطيع المديرون اللطيفون، إلى جانب التقليل من المشكلات الصحية وخلق دافع العمل، نشْرَ إيجابيات رائعة قد لا يستطيع المدير الصارم إيجادها؛ ففي دراسة في جامعة "كاليفورنيا لونغ بيتش" (California State Long Beach) تبيَّن أنَّ القادة ذوي السلوك العادل يتيحون المجال لتعزيز روح الفريق وإنتاجية الموظفين، بل ويرفعون أداء الأفراد في كل فريق، وأظهرَ بحث أُجرِي في جامعة "فيرجينيا" (University of Virginia) أنَّ القادة الذين يتَّسمون بالتعاون والتضحية يُشكِّلون مصدر إلهام لموظفيهم، مما يدفعهم لمزيد من الالتزام والتعاون مع زملائهم.

إذاً، ما هي صفات المدير اللطيف؟ وما السبيل لتحقيق ذلك دون الظهور بمظهر الضعف أو السذاجة؟

1. إظهار اللطف وليس الضعف:

اللطف هو من أكثر المهارات صعوبةً، ويكمن سر امتلاكها في معرفة أنَّ اللطف في حقيقته أسلوبٌ مباشر وملكةٌ من القوة، فمن اللطف إخبار الناس بالحقيقة المُرَّة عوضاً عن حمايتهم من تأثير إجراء محادثة عصيبة، الأمر الذي يُعَدُّ ضعفاً، ويعني اللطف أيضاً أن تكون لطيفاً دون مقابل، فباستطاعة الناس أن يستشفُّوا أهدافك إن كانت لك غاية خفية وراء أسلوبك اللطيف.

2. إظهار القوة وليس القسوة:

لا شكَّ أنَّ القوة من أساسيات صفات القائد، فالناس لن تتَّبع قائداً ما لم يتأكدوا من قوَّته، وهم بحاجة إلى قائد شجاعٍ وقادرٍ على اتخاذ القرارات الصعبة ورعاية مصالحهم وحفظ الاستقرار في الأوقات العصيبة، والقائد القوي هو مَن يُلهمهم ويدفعهم لإظهار قوَّتهم.

يعتقد الكثير من المديرين أنَّ الأسلوب القاسي والقائم على السيطرة يُعبِّر عن القوة، ظنَّاً منهم أنَّ السيطرة والضغط على الآخرين سيكسبهم ولاء مَن حولهم، ولكنَّ القوة لا تُكتَسَب بالقوة، فأنت لن تكسب ثقة الناس في قوَّتك إلا عند إظهارها وإثباتها في الشدائد.

شاهد بالفيديو: القوانين الثمانية للقيادة

3. إظهار الثقة وليس الغرور:

لا شكَّ أنَّنا ننجذب للقادة الواثقين من أنفسهم، فتلك الثقة تنعكس علينا وتجعلنا نؤمن بقدراتنا الكامنة، لكنَّ المهارة تكمن في الحفاظ على هذه الثقة دون الانجراف وراء الغرور والتعجرف؛ إذ تعني الثقة الشغف والإيمان بالقدرات، إلا أنَّ الثقة هذه تفقد مصداقيتها عندما تتمحور حول نفسك وتبتعد عن الواقع، فتحسب نفسك قادراً على فعل ما لا طاقة لك به، وتنسب لنفسك أفضالاً غير حقيقية.

يتصف القادة العظماء بالتواضع إلى جانب الثقة، ولا يسمحون لإنجازاتهم أو سلطتهم أن تُشعرهم أنَّهم أفضل من غيرهم، وبذلك هم لا يترددون بتحمُّل المهام الصعبة عند الحاجة، ولا يطلبون من غيرهم القيام بأعمال ليسوا على استعداد للقيام بها بأنفسهم.

4. التحلي بالإيجابية والواقعية:

لا يتوقف الأمر عند الثقة، فهناك تحدٍّ آخر يواجه القادة عادةً وهو التوازن بين الإيجابية والواقعية، ففكِّر بثلاثة أشخاص على متن قارب: الأول متشائم، والثاني متفائل، والثالث قائد ناجح؛ حيث يسير كل شيء على ما يرام إلى أن تهبَّ الرياح؛ فالمتشائم سيستسلم ويتذمر بشأن الرياح، أما المتفائل فسيسترخي ويقول إنَّ الأمور ستكون كلها بخير، ولكنَّ القائد الناجح سيقول: "نحن لها" وسيُعدِّل الأشرعة ويقود السفينة، وإنَّ مزيجاً من الإيجابية والواقعية هو ما يجعل المركب يتقدَّم نحو الأمام.

إقرأ أيضاً: 7 فوارق تميّز بين القائد والمدير في العمل

5. القيادة بالقدوة وليس بالموعظة:

لا يبثُّ القادة العظماء الثقة والإعجاب عبر أقوالهم فحسب؛ بل عبر أفعالهم أيضاً، ويقول الكثير منهم إنَّ النزاهة تهمُّهم أولا، ولكنَّ القائد الناجح حقاً هو من يُثبت ذلك بأفعاله كل يوم، فالتطبيل للأسلوب الذي تريده طوال الوقت لا يُقارَن باقتدائك بهذا الأسلوب فعلاً.

6. الاستعداد للتضحية من أجل فريقهم:

يفعل القائد الناجح كل شيء من أجل فريقه، ويحميه في الظروف كلها، ولا يحاول توجيه اللوم لغيره، أو تجنُّب الاعتراف بالخطأ، ولا يخشى القادة الحقيقيون الاعتراف بمستوى قدراتهم، إلا أنَّهم يُرحِّبون بالتحديات والنقد ووجهات النظر المختلفة، وهم على يقين أنَّ البيئة التي لا يتشجع أفرادها على التصريح برأيهم أو إدلاء رؤيتهم أو طرح الأسئلة هي بيئة محكوم عليها بالفشل.

7. إيجاد التوازن بين العمل والمرح:

يعطي الكثير من القادة أهميةً للمرح، ولكنَّ ذلك مع الأسف يعود بنتائج سلبية، وبالمقابل، هناك قادة لا يعلمون كيف يستمتعون بوقتهم؛ فالقائد المتوازن واللطيف في الوقت ذاته هو فقط من يستطيع تحفيز موظفيه لتقديم أفضل ما عندهم، ولكنَّه أيضاً يُشجعهم على امتلاك الوسائل لقضاء أوقات ممتعة والاحتفال بالنتائج؛ حيث يحد هذا التوازن من الإرهاق، ويبني ثقافة تعامل رائعة، ويعود بنتائج جيدة.

8. بناء روابط متينة:

سيشعرك القائد اللطيف أنَّك تخوض معه حديثاً منفرداً حتى لو كانت الغرفة تعجُّ بالناس، وستشعر أنَّك أهم الموجودين في المكان؛ فالقائد اللطيف يبني تواصله على أساس شخصي وعاطفي، ولا ينسى أنَّ الإنسان الذي يتحدث إليه كائن بشري من لحم ودم.

إقرأ أيضاً: ما الذي يجعل القائد مصدراً للإلهام؟

9. إعطاء تغذية راجعة صادقة:

يحتاج الأمر إلى لباقة لتقديم التغذية الراجعة الهادفة والدقيقة، والتي تكون في الوقت ذاته ملهمةً، وتتَّسم بالاحترام؛ حيث يعرف القائد اللطيف كيفية إيصال الرسالة اللازمة مع مراعاة مشاعر موظفيه.

10. الكرم:

يتَّصف القادة الناجحون بالكرم عبر الإقرار بفضل الآخرين في إنجاز العمل، ولا يبخلون بالمديح، وهم دائماً ملتزمون بنجاح مرؤوسيهم كما نجاحهم، وهم يريدون إلهام الآخرين للوصول لأفضل ما عندهم، وهذا لأنَّهم يهتمون بالأفراد بشكل شخصي ليس فقط من أجل نجاح الفريق.

"القائد الناجح هو مَن يأخذ أكثر من حصته من اللوم وأقل من حصته من المديح" - المؤلف "جون ماكسويل" (John Maxwell).

في الختام:

يتَّصف القائد الناجح بالحيوية، ويجمع العديد من الصفات والمهارات الفريدة، أدرِج تلك الصفات في يومياتك، وسترى تطوُّراً مباشراً في مهاراتك القيادية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة