10 أخطاء مهنية عليك تجنبها

ارتكبتُ أخطاء مهنية عديدة خلال العقد الماضي؛ إذ انتقلت من كوني طالباً لأُصبح رائد أعمال، ثمَّ بدأت العمل مستقلاً، لأتسلَّق بعدها السلم الوظيفي، ثمَّ أصبحت مدوناً فمُدرِّساً، وهذا ليس مساراً وظيفياً عادياً بالطبع، كما أنَّه مختلفٌ عمَّا توقَّعته من قبل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويشرح لنا فيه تجربته والدروس التي تعلَّمها من ارتكاب أخطاء مهنية عديدة.

لقد ارتكبت أيضاً أخطاء مهنية عديدة خلال مسيرتي هذه؛ وذلك لأنَّ الحياة نادراً ما تسير كما نتوقَّع؛ فنحن مجرد بشر، والبشر يُخطئون؛ إذ تلقَّيت منذ فترة رسالة بريد إلكتروني من أحد القرَّاء، سأل فيها عن أكبر خطأ ارتكبته في مسيرتي المهنية، وهذا ما دفعني إلى التفكير في الأمر، وكتابة الكثير عنه.

بعد أن كتبتُ أكثر من 2000 كلمة عن أخطائي المهنية، أدركتُ بأنَّني لم أترك خطأ إلا وارتكبته، وبعد حذفِ الأمور البديهية، ها هي قائمة بأهم 10 أخطاء، قد تكون إحداها مفيدةً لك:

1. افتراض أنَّ حياتك المهنية تسير في خطٍّ مستقيم:

هذا أهم درس تعلَّمته، فقد أدركتُ في البداية أنَّ الافتراضات دائماً خاطئة؛ إذ نفترض جميعاً كثيراً من الأمور دون أن نسأل أو نبحث عنها، وإحدى هذه الافتراضات هي أنَّ المسارات الوظيفية تسير على نحوٍ مستقيم، وعندما أُفكِّر في الأمر، لا أملك أدنى فكرة لما اعتقدت ذلك في المقام الأول؛ إذ نفترض أنَّ الأمور تسير على هذا النحو:

  • تُنهي تعليمك، ثمَّ تمرُّ بفترة تدريب، وتبقى مكانك لمدة ثلاث سنوات، ثمَّ تحاول أن تستلم منصباً إدارياً منخفض المستوى، وتُرقَّى بعد بضع سنوات، وإذا تعثَّرت الأمور، فتنتقل إلى منصبٍ جديد ذي أجرٍ أعلى في شركة أخرى.

أو تسير على هذا النحو:

  • تعمل مستقلاً، وتبدأ بتقديم خدماتك مجاناً، وتستمر في فعل ذلك لسنوات؛ لكنَّك تجد صعوبةً في تغطية نفقات المعيشة، فتحصل على وظيفة، ثمَّ تتركها لأنَّك تكرهها، فتُقرِّر بعد ذلك تقاضي الأجر مقابل عملك المستقل، وترفع السعر قليلاً كلَّ عام.

أمَّا الاحتمال الأخير:

  • تعمل بصفتك رائد أعمال، وتبدأ مشروعاً تجارياً، فتُحقِّق نمواً، وتظنُّ بأنَّك تُبلي بلاءً حسناً، فتُنفق أكثر ممَّا تكسب؛ إذ تحاول استقطاب المستثمرين، فيستحوذونَ على الحصة الأكبر ويتحكَّمون بك، وينتهي بك الحال إلى الفشل.

السؤال الهام هنا: لماذا نفعل هذه الأمور؟ إنها متوقَّعة، وطريق الحياة أقصر من أن تقضيه في القيام بأمور مُملَّة مثل هذه الأمور؛ لذا احرص على تسريع منحنى التعلُّم الخاص بك، وركِّز على القيمة، وتعلَّم واكسب المزيد، حقِّق قفزات نوعية في حياتك، فأحياناً عندما تتعلَّم، تتراجع خطوةً إلى الوراء، لكن لا بأس في ذلك؛ لأنَّك ستكسب المزيد في المستقبل.

في النظام الاقتصادي القائم اليوم، الأمر الأهم هو ما يُمكنك تقديمه، ولأوَّل مرة في التاريخ، لا تفكِّر معظم الشركات في العمر والجنس والعِرق والشهادات العلمية؛ بل يهمُّها ما يمكنك تقديمه للشركة؛ لذا قدِّم عملاً رائعاً من خلال التعلُّم سريعاً؛ فالوصول إلى المعلومات لم يكن بمثل هذه السهولة من قبل، فاستفد من ذلك.

شاهد بالفيديو: نصائح لتجنُّب الفشل وتحقيق النجاح في الحياة المهنية

2. منح الأولوية للمال:

لقد ارتكبت هذا الخطأ المهني أيضاً، وإذا قمتَ بذلك، فثمَّة ثلاثة أمور محتملة الحدوث:

  1. ينتهي بك الأمر في وظيفة مبيعات تكرهها.
  2. تعمل في مجال المبيعات عملاً جدياً، أو تعمل عملاً مستقلاً.
  3. ترضى القيام بعمل يحطم روحك.

لا خطبَ في هذه الأمور؛ لكنَّها ليست مستدامة، وليس المقصود بهذا ثنيك عن كسب بعض المال، لكن بدلاً من التركيز على المال؛ ركِّز على أمور أخرى أكثر إرضاءً، مثل التعلم واكتساب الخبرة والقيام بعملٍ تستمتع به، وإضافة قيمةٍ إلى حياةِ الآخرين.

لن يتبع معظم الناس هذه النصيحة على الأرجح؛ لأنَّهم لا يستطيعون رفض المال، وثمَّة قاعدة واحدة بسيطة تتعلَّق بالمال والحرية تنصُّ على أن تعيش حياةً مُقتصِدة، وهذا صعب بالطبع.

3. هدر الوقت:

لن تصدِّق عدد الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع التي فوَّتُها لأقضي وقتي بمشاهدة التلفزيون، أو الخروج مع أصدقائي، أو التسوق بلا جدوى، أو القيام بأيِّ نشاط ترفيهي آخر؛ فالترفيه مفيد، لكن يجب ألا نقضي وقت الفراغ بالاسترخاء دائماً.

هذه حياتك ومهنتك، وعليك أخذها على محمل الجد، فكِّر في المهارات التي تملكها والأمور التي تبرع فيها، فإذا كنت تجهلها، فقد حان الوقت لتتعمَّق في التفكير، ابدأ بالتعلُّم والتدريب والإنجاز، أو أيَّاً كان، وافعل ما يُكسبك الخبرة الكافية للعمل في مجال ما.

4. تفضيل العمل في وظيفة عشوائية:

جرَّبت حظي في معظم المجالات خلال العقد الماضي، بما في ذلك الضيافة والأزياء وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المصرفية؛ لكنَّني التزمت فقط بتقديم الاستشارات والتعليم في السنوات الأخيرة.

أتمنَّى لو فعلتُ ذلك في وقت سابق؛ فالانتقالُ من مجال إلى آخر مُكلِفٌ جداً، فعليك أن تدرس مجال العمل والسوق والناس والقوانين غير المُدوَّنة، وكلُّ ما يخطر ببالك.

يقرِّر معظم الناس مهنتهم المستقبلية (أو يندفعون إلى أيَّة مهنة ببساطة)، ويحاولون بعد ذلك العثور على عمل، فهم لا يهتمون بنوع مجال العمل طالما أنَّه يدِرُّ عليهم المال، أو يرغبون في أن يُصبحوا رواد أعمال، أو أصحاب عمل مستقل، ويسعون خلف المال.

لكن هذه ليست استراتيجيةً فعَّالةً على الأمد الطويل؛ لأنَّك لن تصبح خبيراً في أيِّ مجال، فبدلاً من ذلك، اختر مهنةً تحبها أو اثنتين، والتزم بإيجاد فرصة عمل في هذا المجال.

5. الشعور بالراحة والاطمئنان لما حقَّقته:

إذا كنت تظنُّ أنَّك بذلت جهداً وأتقنت عملك كاملاً، ففكِّر مرةً أخرى، فأنت لست بأمان أبداً، لأنَّ الحياة منافسة، والمُرشَّح التالي للعمل ينتظر أن تُخطئ بفارغ الصبر كي ينتهز الفرصة ويأخذ مكانك.

قد لا يكون هذا صحيحاً تماماً، لكن من الأفضل الاعتقاد أنَّ هذا هو الحال؛ فذلك يُبقيك متأهِّباً، وآخر أمرٍ تريده هو الشعور بالاطمئنان.

6. الامتناع عن الطلب:

قد تكون شخصاً لطيفاً، لكن لا تُبالغ في الأمر، فهذا أحد أكثر الأخطاء المهنية غير الملحوظة التي يمكن أن ترتكبها.

سيأخذُ الناس مكانك، ويزيحونكَ جانباً، وسينتهي بك المطاف خالي الوفاض، فليس عليك أن تكون لئيماً، فقط اعلمْ أنَّك عندما تكون في مجال الأعمال، عليك أن تُبعد عواطفك وتأخذ الأمور بمهنية.

كلُّ شيء في الحياة عبارة عن عمل؛ الفن والرياضة والإعلام وعلاقات العمل والزملاء وكلُّ ما يخطر في بالك، وإذا أردت الحصول على شيء ما، اطلبه، فإذا كنت ترغب في زيادةٍ في الأجر، اطلبها، وإلَّا لا أحد سيقدِّمها لك؛ لذا لا تتوقع أن يُثنى على جهودك فيقال لك: "أنت شخص رائع حقاً، وتستحق هذه الزيادة في الأجر"، فلن يحدث ذلك أبداً.

شاهد بالفيديو: 6 سلوكيات خاطئة تمنعك من تحقيق النجاح المهني

7. تجاهُل الاهتمامات:

توجد وجهتا نظر مختلفتان عن هذا الموضوع؛ فثمَّة من يخبرونك أنَّ عليك اتباع شغفك، والذين يقولون العكس، والمضحك في الأمر هو أنَّ الأشخاص الذين ينصحونك أن تتبع شغفك، لم يتَّبعوه بدورهم، فلماذا قد يشجِّعون الآخرين على ملاحقة شغفهم؟ والعكس صحيح.

لن تدوم الحياة إلى الأبد، فهل ترغب حقاً في قضاء وقتك في فعل أمورٍ تُبغضها؟

8. عدم الإصغاء إلى الناس:

عندما حصلت منذ سنوات على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وصفت نفسي بأنَّني شخص عظيم، فامتنعت عن الإصغاء إلى الأشخاص الأكثر خبرةً مني، وكان هذا خطأً فادحاً؛ فالتطبيقُ العملي مختلفٌ عمَّا تقرؤه في الكتب، وهذا ما لم أدركه حينها، أمَّا الآن فأُفضِّل أن أكون شخصاً متواضعاً يُصغي إلى الجميع، وهذا يعني أيضاً الاستماع إلى الأشخاص الأقل خبرةً مني؛ فغالباً ما يكون لديهم أفضل الأفكار.

9. الرغبة في إنجاز الكثير بالسرعة القصوى:

مع أنَّ حياتك المهنية قد لا تسير وفق خطٍّ مستقيم بالضرورة، فإنَّك لا تستطيع تحقيق قفزة نوعية كلَّ يوم، فقد حاولت التقدُّم بسرعة كبيرة في البداية؛ لكنَّني أصبحت الآن أكثر صبراً، فقبل أن أبدأ بالتدوين على الإنترنت، كنت قد كتبت مئات المقالات في أثناء دراستي للحصول على شهادتي، إضافةً إلى كتابة أُطروحَتين واسعَتي النطاق، وقد عملت في مجال الأعمال والتسويق لسنوات قبل أن أبدأ بالعمل الاستشاري والكوتشينغ، أمورٌ لم يُعرها أحدٌ الاهتمام من قبل، لكن لا مشكلة فهكذا تتعلَّم.

إقرأ أيضاً: وازن بين حاجاتك كي تستطيع الإنجاز

10. الامتناع عن طلب المساعدة:

قد تكون متكبِّراً جداً، أو تخشى أن يظنَّ الناس بأنَّك غبي، وربما لم تُربَّ بهذه الطريقة، لكن إذا لم تطلب المساعدة، فمن المؤكَّد أنَّك لن تحصل عليها أبداً، فكلُّ شيء في الحياة تقريباً قائمٌ على جهد جماعي، فحتى لو كنت تعمل لمصلحتك، ما زلت تحتاج إلى الآخرين، وهم يحتاجون إليك كذلك.

قصص النجاح "العصامية" جميعها مزيفة؛ فعندما يكون الحِمل عليك ثقيلاً، اطلب العون من الآخرين؛ مثل الزملاء والشركاء والأصدقاء والعائلة؛ إذ سيُقدِّمون يد المساعدة، وإذا لم يفعلوا ذلك فهم ليسوا أصدقاء حقيقيين.

إقرأ أيضاً: 13 مهارة أساسية للتعامل مع الناس وتحقيق النجاح المهني

في الختام:

يجب عليك أن تأخذ الأمر على محمل الجد، وهذا أمر لم ألتزم به، إلا قبل بضع سنوات، فلم أكن بهذا النشاط أبداً، وإذا لم تكن راضياً عن حياتك المهنية، أو طريقة تقدُّمها، فأحدِث تغييراً، فهذه هي النصيحة العامة الوحيدة التي يمكن تقديمها، اتبعها اليوم، وإلَّا ستظل تؤجِّل ولن تفعل ذلك أبداً.




مقالات مرتبطة