10 أخطاء مدمرة في طريقة تفكيرنا

العقل البشري رائع وقوي؛ لكنَّه بعيد عن الكمال؛ فقد يتخذ عدة تقديرات خاطئة، وتُعرف هذه الأخطاء في مجال علم النفس باسم "التحيزات المعرفية" أو "المغالطات في التفكير"، وتحدث للجميع بصرف النظر عن العمر أو الجنس أو التعليم أو الذكاء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُخبرنا فيه عن بعض الأخطاء المدمرة التي نرتكبها في طريقة تفكيرنا.

أصبحت على مدار الأشهر القليلة الماضية مفتوناً بهذه التحيزات والمغالطات؛ لذلك قرأت عدة كتب عنها، واليوم أريد أن أشارككم عشرةً منها، إنَّها الأخطاء التي ألاحظ نفسي والمقربين مني مراراً وتكراراً نعانيها، وآمل أن تستخدم المعلومات الواردة في هذا المقال لتحديد هذه الأنماط المدمرة في تفكيرك، وتتحرر منها قبل أن تدفعك إلى المسار الخطأ.

إليك فيما يأتي 10 أخطاء مدمرة في طريقة تفكيرنا:

1. النبوءات ذاتية التحقق:

النبوءة التي تحقق ذاتها هي النبوءة التي تدفع الشخص إلى اتخاذ الإجراءات التي تجعلها تتحقق، وغالباً ما يدمِّر هذا النوع من التفكير العلاقات ويؤدي إلى فشل الناس في تحقيق أهدافهم، وفيما يأتي مثالان نموذجيان عن ذلك:

  • يظنُّ الرجل أنَّ علاقته مع شريكة حياته "لن تدوم أبداً" فيتوقف عن بذل الجهد في العلاقة، وينسحب منها عاطفياً، وبعد شهر تفشل هذه العلاقة.
  • طالبة جامعية ذكية في مجال الصحة تقنع نفسها بأنَّها "لا تملك المهارات والذكاء" لتصبح طبيبة؛ لذلك فهي لا تكمل المتطلبات الأساسية لكلية الطب، ومن ثمَّ لن تصبح طبيبة أبداً.

2. نَسب الفضل فقط للنتائج الإيجابية:

يحدث نمط التفكير المدمر هذا عندما نعترف فقط بنجاحاتنا ونعطيها الفضل فيما نحن عليه؛ لكنَّنا نتنصَّل من مسؤولية أخطائنا، ويمكن ملاحظة مثل هذه الأخطاء في الحصص الدراسية بالمدارس في جميع أنحاء العالم عندما يحصل الطلاب على درجة جيدة فإنَّهم غالباً ما ينسبونها إلى ذكائهم وعاداتهم الدراسية الممتازة، ولكن عندما يحصلون على درجة سيئة فإنَّهم ينسبون بعض فشلهم إلى معلمٍ سيئ، أو مجموعة صعبة من أسئلة الاختبار، أو مادة لا جدوى منها في الحياة الواقعية؛ خلاصة القول هي: كي ينمو الشخص عاطفياً يجب أن يكون على استعداد لتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع أفعاله ونتائجها، النجاحات والإخفاقات على حد سواء.

شاهد بالفيديو: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح

3. الاعتقاد بأنَّنا محصَّنون جداً ضد الإغراء:

لدينا سيطرة أقل بكثير ممَّا نظنُّ على رغباتنا اللاواعية في كثير من الأحيان؛ إذ إنَّ إدمان الطعام والمخدرات والكحول أمثلة على ذلك، ويظنُّ العديد من المدمنين أنَّهم يستطيعون الإقلاع عن إدمانهم في أي وقت يريدون؛ لكنَّهم في الواقع يكذبون على أنفسهم، لكن ليس عليك أن تكون مدمناً حتى تكون عرضة للإغراء؛ إذ ينتهي الأمر بكثير من الأشخاص الأذكياء بالاستسلام باندفاع للإغراء لمجرد أنَّه أسهل طريقة للتخلص منه.

ربَّما يبدو الأمر سخيفاً؛ لكنَّه صحيح؛ فإذا أراد شخص ما التخلص من إدمان شرب الكحول فإنَّ أسهل طريقة هي شربه، وإذا أراد شخص ما التخلص من الرغبة الشديدة في الطعام فإنَّ أسهل طريقة هي تناوله؛ إذ إنَّ الكف عن السلوك اللاواعي في مواجهة الإغراء ليس بالأمر السهل؛ بل يتطلب قدراً كبيراً من ضبط النفس؛ لذا كن حذراً؛ لأنَّنا عندما نكون واثقين جداً من قدرتنا على السيطرة على دوافعنا فإنَّنا نميل إلى تعريض أنفسنا إلى الإغراء الذي بدوره يعزز السلوك اللاواعي الذي نريد تجنبه.

4. إصدار حكم عام من حدثٍ واحدٍ فقط:

الانطباع الأول غير الدقيق هو مثال جيد على هذا الخطأ، فيتعلق الأمر بميلنا البشري الطبيعي إلى تقييم شخص أو موقف بنظرة عامة، ثمَّ افتراض معرفة ما يكفي لإصدار حكم منطقي، ويحدث هذا كثيراً في عالم الشركات؛ فقد يتأخر الموظف الجديد عن العمل بعد تعرضه لمشكلة في سيارته؛ لكنَّ رئيسه يشعر على الفور بالريبة من أنَّه ليس موظفاً ملتزماً ومسؤولاً، ويعامله على هذا النحو لعدة أسابيع بعد ذلك، غير أنَّ الحل الواضح هنا هو النظر إلى الصورة الكبيرة قبل البدء في توجيه أصابع الاتهام أو وضع افتراضات.

إقرأ أيضاً: الأحكام المفيدة وغير المفيدة: هل يمكن أن يكون إطلاق الأحكام أمراً نافع

5. الاعتقاد بأنَّنا نستطيع السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه:

تحدث مغالطة التفكير هذه عندما يبدأ الناس بالظنِّ بأنَّ لديهم نوعاً من القوة أو التأثير المباشر في حدث خارجي عشوائي تماماً، ويتجلى خصوصاً في أذهان المقامرين الهواة، لا سيَّما أولئك الذين حصلوا على سلسلة من لحظات الحظ السعيد.

على سبيل المثال إذا قمت برمي عملة معدنية في الهواء وطلبت من شخص ما تخمين الكتابة أو الصورة، وقد أجاب إجابة صحيحة عشر مرات متتالية فقد يبدأ في الاعتقاد بأنَّ حظه السعيد هو تأكيد على أنَّه يتحكم في النتيجة في كل مرة تُرمى فيها القطعة المعدنية؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّه يوجد دائماً احتمال بنسبة 50% فقط أن تكون إجابته صحيحة، وأنَّ آخر عشر تخمينات كانت حظاً خالصاً.

6. تجاهُل المعلومات التي لا تدعم المعتقد:

يشير علماء النفس عادة إلى هذا على أنَّه انحياز تأكيدي؛ فنحن البشر نميل تلقائياً إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتنا وتدعمها، وإلى التغاضي عن المعلومات التي لا تفعل ذلك، فنحن انتقائيون في الأدلة التي نختار جمعها حتى لا نضطر إلى التشكيك في طريقة تفكيرنا؛ لأنَّه من الأسهل عدم القيام بذلك، هذا النوع من التفكير المدمر شائع جداً، ويمكن أن تكون له آثار ضارة في إنتاجيتنا عندما نتخذ قرارات كبيرة بناءً على معلومات خاطئة.

إقرأ أيضاً: اكتشاف معتقداتك المقيدة

7. تفاؤل المبتدئين:

تفاؤل المبتدئين هو ميل الإنسان للتهاون مع الوقت اللازم لإكمال مهمة غير مألوفة، ويحدث ذلك بسبب نقص التخطيط والبحث والحماسة لفعل شيء لم نفعله من قبل؛ بعبارة أخرى عندما نُكَلَّفُ بمهمة جديدة نتحمَّس للبدء فيها، وبدلاً من تأخير وقت البدء لتقييم مستوى الصعوبة والموارد المطلوبة بدقة، فإنَّنا ببساطة نخمن ونبدأ، ومن ثمَّ فإنَّ توقعاتنا بشأن عبء العمل تستند إلى التفاؤل بدلاً من الخبرة السابقة والبيانات الموثوقة، وهذا كله يأتي بنتائج مناقضة عندما نواجه عملاً شاقاً لم نكن مستعدين له.

8. التمرُّد لمجرد إثبات الحرية الشخصية:

على الرغم من شيوع هذا التفكير الخاطئ عند الأطفال إلا أنَّه يمكن أن يؤثر في الأشخاص في أيِّ عمرٍ، إنَّها في الأساس رغبة الشخص في القيام بشيء قيل له ألا يفعله خوفاً من حرمانه من حريته في الاختيار، فقد لا يرغب هذا الشخص في فعل كل ما يفعله؛ لكنَّه يفعل ذلك انطلاقاً من مبدأ كل ممنوع مرغوب، إنَّ تكتيك علم النفس العكسي أسلوبٌ شائعُ الاستخدام للاستفادة من مغالطة التفكير هذه في التأثير في الآخرين.

9. الحكم على قدرات الشخص بناءً على مظهره فقط:

يحدث هذا آلاف المرات يومياً في جميع أنحاء العالم عندما يفترض شخص ما شيئاً عن شخص آخر بناءً على مظهره؛ على سبيل المثال قد يرى شخص ما رجلاً طويل القامة وأنيقاً في أوائل الخمسينات من عمره يرتدي بدلة عمل، ويفترض على الفور أنَّه ناجح وموثوق به، على الرغم من عدم وجود دليل ملموس يدعم هذا الافتراض؛ خلاصة القول: لا يمكنك الحكم على الكتاب من غلافه.

شاهد بالفيديو: 15 قاعدة بسيطة لكسب احترام الآخرين

10. محاولة تقليل الخسائر من خلال الاستمرار في متابعة فشل سابق:

يُطلق عليه أحياناً اسم مغالطة التكلفة الغارقة، وهو خطأ في التفكير يحفزنا على مواصلة دعم محاولة فشلت سابقاً، فنبرر قرارنا بمواصلة الاستثمار في هذه المحاولة الفاشلة بناءً على تراكم الجهود التي بذلناها سابقاً، على الرَّغم من الأدلة الجديدة التي تشير إلى أنَّ تكلفة الاستمرار في متابعته بدءاً من اليوم تفوق الفوائد المتوقعة.

الشيء المنطقي الذي يجب القيام به هو إيقاف الخسائر وتغيير مسار عملنا، ومع ذلك نظراً للتكاليف الهائلة التي استثمرناها بالفعل فإنَّنا نخشى التوقف؛ لذلك نستثمر مزيداً من الوقت والمال والطاقة فيه، على أمل أن يؤدي استثمارنا الإضافي إلى تحسين النتيجة؛ لكنَّ هذا لن يحدث أبداً.




مقالات مرتبطة