لو كان جميع الأشخاص من حولك مثل هذا الشخصِ الداعِم، فهذه المقالة ليست مُوجَّهةً إليك.
إنَّه لمن المُحتمل أنَّك تقضي بعض الوقت مع أشخاصٍ لا يَسْمُونَ بك إلى الأعلى، وأنَّ هناك بعض الأشخاص المقرَّبين منك يحدُّون من تقدُّمك بالفعل ويُنقصون من قدراتك، أو يُحبطونك في كلِّ فعلٍ يمكن أن يفسح لك المجال لتأخذ نصيبك من الفرص الجديدة الشيقة في عملك أو مهنتك أو حياتك الخاصة؛ حتَّى إن كان هذا عن غير قصد.
إنَّنا أشخاصٌ اجتماعيون بطبعنا، كما أنَّنا نكون في أفضلِ أحوالنا عندما نشعر أنَّنا جزءٌ من جماعةٍ نمتلك روابط وعلاقاتٍ جيدةً معهم؛ لكن علينا أن نعرف أن ليس الجميع سواسيةً في ذلك.
تكمنُ المشكلة في أنَّنا قد نُكوِّن علاقاتٍ قد لا تُخرِج أفضلَ ما لدينا بينما نمضي في الحياة، بل لعلَّها تزيد على شكوكنا، وتحدُّ من تطلُّعاتنا، وتقلِّل من بصيرتنا، وتُجبِرنا على لعبِ دورٍ صغيرٍ لا يليقُ بطموحاتنا.
لذا إن كنت أنت أعظم مفكِّرٍ في الكون، وكُنت لا تتطلَّعُ إلى محاورة الأشخاص الذين تقضي وقتك معهم، لكنَّك لا تستطيع المُجاهرة بذلك؛ فربَّما قد حان الوقت لتقرِّر أن تصبح أكثر انتقائيةً في علاقاتكَ التي تعلِّق آمالاً عليها.
إليكَ بعض الاستراتيجيات كي تبدأ ذلك:
1. ابدأ من نفسك، فطاقتك تجذب مَن حولك:
يمكنُ لقطعة حديد مُمغنطة أن تجذب أضعافَ وزنها؛ لكن إذا أزلنا الشحنات المغناطيسية منها، فلن تقوى على جذب ريشة. وفقاً لذلك، يجذب الأشخاص الشغوفون بالحياة الفرص والحظوظ والأشخاص الإيجابيين إلى حياتهم؛ والعكس صحيح، حيث تجذبُ الأشياء المُتماثلة بعضها بعضاً، كما تُحدِّد الطريقة التي تظهر فيها إلى العالم بالتأكيد ماهيةَ الأشخاص الذين سيظهرون في حياتك الخاصة.
لا يتعلَّقُ هذا بمحاولةِ إثبات ذاتك أو بالمُجاملة أو التصرُّف بما يُناقض شخصيَّتك؛ بل يتعلَّق بمدى تقديركَ لذاتك والتركيز على ما تُريد أن تكون عليه في الحياة.
يمكنك إثارة إعجاب الناس رغم الضغوطات الذي تتعرَّض إليها؛ فعندما تمتلك قرارك الشخصي، تجذب الأشخاص المُتفهّمين والواثقين بأنفسهم، والقادرين على مساعدتك لتصبح الإنسان الذي تطمح أن تكون عليه.
2. كُن سبَّاقاً ولا تنتظر اقتناص الفرص، بل اخلقها لنفسك:
يحدثُ ما يُشبه المُعجزات في بعض الأحيان، ويدخل شخصٌ مذهلٌ إلى حياتك ليُغيِّرها إلى الأفضل؛ لكن على أيِّ حال "يساعد الله أولئك الذين يساعدون أنفسهم". لذا اقضِ الوقت في الأماكن التي يمكن أن تجد فيها الأشخاص الذين ترغب بقضاء الوقت معهم، فمثلاً: احضر مؤتمراً، وسجِّل في إحدى الدورات، أو نظِّم حدثاً يخصُّك؛ وادعُ الأشخاص الذين ترغب أن تتعرَّف عليهم أكثر.
3. ابتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، فليس هناك تكنولوجيا تستطيع استبدال التواصل البشري:
تُظْهِر الدراسات أنَّه على الرغم من أنَّنا مترابطون أكثر من أيِّ وقتٍ مضى في تاريخ البشرية، إلَّا أنَّ الملايين من الأشخاص يشعرون بالوحدة والتفكُّك الاجتماعي أكثر من أيِّ زمنٍ مضى.
الأمرُ المُثيرُ للدهشة أنَّ الأشخاص ممَّن هم أصغر من 35 عاماً هم أكثر الأشخاص الفعَّالين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم أنفسهم أكثرُ من يشعر بالوحدة؛ ويعني هذا أنَّه يجب علينا تخطِّي الإعجابات بالصور الشخصية على مواقع التواصل، ففي حين تُوهِم هذه التفاعلات بوجود الصداقة، تفشل في تحقيق مُبتغاها في تلبية توق الإنسان العميق إلى التواصل الصادق.
هل يمكن أن يكون الابتعاد عن أجهزتنا الذكية والتواصل مع الأشخاص وجهاً لوجهٍ أمراً مُتعباً؟ يتطلَّب التواصل البشري التكيُّفَ مع حقيقةِ أنَّ التواصل من خلف شاشات أجهزتنا يمنحنا الفرصةَ لتجنُّب الآخرين؛ ومع ذلك، فعندما نقلِّل من التواصل الافتراضي المُزيَّف ونصبح أكثر واقعيةً مع الأشخاص الحقيقين، نستطيع إنشاءَ علاقاتٍ هادفةٍ ومُجزية. لذا ضع هاتفك جانباً، وابدأ الحديث مع أحد الأشخاص أمامك، فلا تعلم كم من الفُرص التي يمكن أن يخلقها ذلك.
إنَّه لمن المؤكّدِ أن تتخلَّى عن بعض العلاقات بينما تمضي الحياة؛ لكن لا يعني هذا أنَّك لا تبالي بأشخاصٍ تشاركوا معك فصلاً من فصول حياتك، وربَّما العديد منها؛ إنَّما يعني هذا فقط أنَّ استمرارك في قضاء مزيدٍ من الوقت معهم لم يعد ينفعك أو ينفعهم، على الرَّغم من أنَّهم ربَّما لا يرون ذلك بالطريقة نفسها.
لا يُعدُّ مثل هذا تصرُّفاً بغيضاً أو مُجحفاً؛ فهو يعكس تطوُّرك الذاتي، وعدم نضوج بعض الأشخاص بالوتيرة نفسها التي قد نضجت بها أنت؛ ولا يمكن هنا تقييم هذا الشيء على أنه جيدٌ أو سيِّئ، فهذه هي الحياة.
إنَّ طاقتك ثمينة، وكذلك وقتك، وأنت ذو قيمة عاليةٍ أيضاً؛ فإذا كان الأشخاص الذين تقضي الساعات الثمينة معهم لا يساعدونك على التطوُّر إلى ذلك النوع من الاشخاص الذي ترغب أن تكون عليه، فتوقّف عن خلق الأعذار، وابدأ استثمار وقتٍ أكبر مع الأشخاص الذين يدفعونك دوماً للمُضِيِّ إلى الأمام.
أضف تعليقاً