نموذج كوتر للتغيير:
سواءٌ كنت قائداً داخل مؤسسة أم أحد الموظفين العديدين الذين يعملون فيها، يمكن لتنفيذ التغييرات أن يكون أمراً مخيفاً، لاسيما بالنظر إلى القائمة الطويلة من التحديات اليومية التي تصاحب ذلك التغيير؛ لكنَّ التكيف ضرورة للأعمال المستدامة؛ لذلك يتعيَّن حتَّى على الشركات الناجحة التي تعمل في ظلِّ نظام أو طريقة مثبتة تحديث ممارساتها، وضمان استمراريتها بمرور الوقت، وهنا سوف نتحدث عن نموذج جون كوتر للتغيير.
عندما تحدث تغييراتٌ كبيرةٌ في عالم الأعمال، يمكن للقيادة الواعية إحداث فارقٍ ضخم؛ فهي الفيصل بين الشركات التي تزدهر والأخرى التي تتلاشى.
لقد قدمت العديد من الشخصيات المؤثرة على مدار سنين خبرتها في التغيير التنظيمي أو المؤسسي؛ ولكن عندما يتعلق الأمر بتغيير نماذج الإدارة في عالم الأعمال، فلا يعلو صوت على صوت الدكتور "جون كوتر" -مؤلف كتاب (Leading Change) عام 1995- بصفته أستاذاً في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وزعيماً فكرياً عالمياً حول التغيير التنظيمي.
لقد قسَّم كوتر عملية التغيير إلى ثماني خطوات لإدارة التغيير، والتي نشير إليها الآن باسم "نموذج كوتر المكون من ثماني خطوات للتغيير"؛ فما كان صحيحاً منذ أكثر من 2000 عام هو كذلك اليوم.
نحن نعيش في عالم متغير تملؤه المبادرات الجديدة كلَّ يوم، وعالم الأعمال المبني على المشاريع والتحسينات التقنية المتجددة، ورغبة الشركات في البقاء في صدارة المنافسة؛ حيث تجتمع هذه الأشياء معاً لدفع التغييرات المستمرة في طريقة عملنا.
عندما تكون قائداً، فسواءً كنت تفكر في إجراء تغيير بسيط على عملية أو عمليتين، أو تغيير نظامٍ على مستوى مؤسسةٍ ما؛ فمن الشائع أن تشعر بعدم الارتياح والرهبة من حجم التحدي، إذ إنَّك تعلم أنَّ التغيير يجب أن يحدث، لكنَّك لا تعرف حقاً كيف تمضي قدماً في تنفيذه، ومن أين تبدأ، ومن تشارك، وكيف ترى ذلك حتى النهاية.
هناك العديد من النظريات حول كيفية "القيام" بالتغيير، وقد قدَّم جون كوتر -خبير القيادة وإدارة التغيير، والأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، وخبير التغيير المشهور عالمياً- عملية التغيير المكونة من ثماني خطوات في كتابه "قيادة التغيير" لعام 1995.
حدد جون كوتر 8 مراحل يجب على جميع الشركات أن تمرَّ بها من أجل إدارة التغيير الفعَّالة، وإليك ملخصاً سريعاً لأهمِّ الخطوات التي اقترحها كوتر:
- إيجاد إحساس بالحاجة الملحَّة إلى التغيير.
- تشكيل تحالف داخلي قوي.
- وضع رؤية واستراتيجية للتغيير.
- نشر الرؤية وتعميمها.
- إزالة العوائق أمام التغيير.
- تحقيق نجاحات قصيرة المدى.
- تعزيز النجاحات الصغيرة والدفع نحو المزيد.
- ترسيخ التغييرات وتثبيتها كجزءٍ من ثقافة الشركة.
إذا كان لديك فريق أكثر مرونة، فسيفوز هذا النموذج على المدى القصير، ويتكرر بناءً على ما تتعلَّمه في أثناء تقدمك.
سنتحدث في هذا المقال بإسهابٍ حول الخطوات المذكورة، مع التفصيل قليلاً في كلٍّ منها على حدة:
1. الخطوة الأولى: تنمية الشعور بالحاجة الملحَّة إلى التغيير
لكي يحدث التغيير، فمن المفيد أن تكون الشركة بأكملها تريده حقاً أو تشعر بالحاجة الملحة إليه؛ فالمَهمَّة الأولى هي تنمية الشعور بالإلحاح حول الحاجة إلى التغيير.
قد يساعدك هذا في إثارة الدافع الأولي لتحريك الأشياء، وهذه ليست مجرد مسألة إظهار إحصاءات المبيعات الضعيفة للأفراد أو التحدث عن زيادة المنافسة والتخويف من المستقبل الذي ينتظر الشركة، بل افتتاح حوارٍ صادق ومقنع حول ما يحدث في السوق ومع المنافسين؛ فإذا بدأ الكثير من الأفراد في المؤسسة الحديث عن التغيير الذي تقترحه، فيمكن للإلحاح بناء وتغذية نفسه.
يقترح كوتر في هذا الصدد أنَّه لكي يكون التغيير ناجحاً، فإنَّ 75% من إدارة الشركة بحاجةٍ إلى تبنِّي التغيير والإيمان به؛ أي بعبارةٍ أخرى: ينبغي على القائد بذل جهد مضاعف في الخطوة الأولى من أجل تحقيق انطلاقة حقيقية، وقضاء وقت طويل وبذل طاقة عالية في تنمية الشعور بالحاجة الملحة للتغيير، وذلك قبل الانتقال إلى الخطوات التالية.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- تحديد التهديدات المحتملة، ووضع سيناريوهات توضح ما يمكن أن يحدث في المستقبل.
- دراسة الفرص التي ينبغي استغلالها (أو يمكن استغلالها)، والتي يمكن للتغيير تحقيقها.
- بدء مناقشات صادقة، وتقديم أسباب ديناميكية ومقنعة لجعل الناس يتحدثون ويفكرون.
- طلب الدعم من العملاء وأصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين لتقوية حجتك.
2. الخطوة الثانية: تشكيل تحالف داخلي قوي (فريق التغيير)
غالباً ما يتطلب إقناع الناس بأنَّ التغيير ضروري، قيادةً قويةً ودعماً واضحاً من الأشخاص الرئيسين داخل مؤسستك (Key People)؛ لذا لا تنشغل في هذه اللحظات الحاسمة بالإدارة، بل بالقيادة -الفرق بين القيادة والإدارة كبير جداً-، إذ يتحتَّم عليك قيادة التغيير بشكلٍ واعٍ ومدروس.
يمكنك العثور على قادة التغيير الفعَّالين في جميع أنحاء مؤسستك، فهم لا يتبعون بالضرورة التسلسل الهرمي التقليدي للشركة؛ ذلك لأنَّك تحتاج في قيادة التغيير إلى الجمع بين ائتلاف أو فريق للتغيير قوي ومؤمن بالفكرة.
قد يتكوَّن تحالف التغيير من الأشخاص ذوي النفوذ الذين تأتي قوتهم من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك: المسمَّى الوظيفي، والنفوذ، والتخصص، والخبرة، والمكانة الاجتماعية؛ وبمجرد تشكيله، يجب أن يعمل كفريق، ويستمر في تعزيز الشعور بالحاجة الملحة إلى التغيير.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- تحديد القادة الحقيقيين في مؤسستك، وكذلك أصحاب المصلحة الرئيسين.
- التواصل معهم بشكلٍ فردي، وبناء الثقة اللازمة لبدء التغيير.
- طلب التزامٍ عاطفي من الأشخاص الرئيسين (نواة فريق التغيير).
- العمل على بناء الفريق ضمن ائتلاف التغيير المنشود.
- التأكد من أنَّ لديك مزيج جيد من الأشخاص من مختلف الإدارات والمستويات المختلفة داخل شركتك.
3. الخطوة الثالثة: وضع رؤية واستراتيجية للتغيير
عندما تبدأ في التفكير في التغيير لأوّل مرة، فمن المحتمل أن يكون هناك العديد من الأفكار والحلول الرائعة.
اربط هذه المفاهيم برؤية ملهمة وشاملة وعميقة مرتبطة بالصورة الكبيرة التي ترغب في تحقيقها، واحرص على أن تكون سلسلة يمكن تذكُّرها بسهولة، بحيث تساعد الرؤية الواضحة فريق التغيير والأفراد على فهم التغيير وملاءمته؛ فعندما يرى الناس بأنفسهم ما تحاول تحقيقه، تميل التوجيهات التي يتلقونها إلى أن تكون أكثر منطقية.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- تحديد القيم الأساسية للتغيير.
- وضع ملخص قصير (جملة أو جملتين) يوضح "الرؤية"، وما الذي ينبغي تحقيقه خلال الفترة القادمة.
- وضع استراتيجية لتنفيذ هذه الرؤية.
- التأكد من أنَّ تحالف التغيير بشكلٍ عام وفريق التغيير بشكلٍ خاص، يمكنه أن يصف الرؤية في خمس دقائق أو أقل.
- تدريب فريق التغيير دورياً على شرح "الرؤية" للآخرين، بحيث تكون الرؤية حاضرةً في أذهانهم دائماً.
4. الخطوة الرابعة: نشر الرؤية وتعميمها
تحتاج بعد صياغة الرؤية إلى قنوات تواصل لإيصالها إلى الجميع، وسيحدد ما تفعله برؤيتك بعد إنشائها نجاحك.
إنَّه لمن المحتمل أن تختفي رؤيتك في أروقة الأعمال الروتينية والانشغالات اليومية للموظفين؛ لذلك تحتاج إلى توصيلها بشكلٍ متكرر وبقوة، وتضمينها في كلِّ ما تفعله.
لا تدعُ الآخرين إلى اجتماعات خاصة لإيصال رؤيتك، بل تحدث بدلاً من ذلك عن الأمر كلَّما سنحت لك الفرصة، واستخدم الرؤية يومياً لاتخاذ القرارات وحلِّ المشكلات؛ إذ إنَّك عندما تبقيها حاضرةً في أذهان الجميع، فسيتذكرونها ويستجيبون لها.
من الهام أيضاً أن يرى الآخرون حماسك وحرصك على تحقيق الرؤية كقائد؛ فالأفعال أعلى صوتاً من الأقوال، وما تفعله أهم بكثير ممَّا تقوله. فقط أظهِر السلوكات والممارسات التي ترغب في تحقيقها من الآخرين.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- التحدث عن رؤيتك للتغيير.
- معالجة هموم الناس وقلقهم بصراحة وصدق.
- تطبيق رؤيتك على جميع جوانب العمليات.
- محاولة ربط كلِّ شيء بالرؤية.
- أن تكون مثالا يُحتذَى به في تطبيق التغيير.
5. الخطوة الخامسة: إزالة العوائق أمام التغيير
إذا اتبعت هذه الخطوات ووصلت إلى هذه النقطة في عملية التغيير، فأنت تتحدث عن رؤيتك وبناء الدعم من جميع مستويات المؤسسة.
هل تأمل أن يرغب موظفوك في الانشغال وتحقيق الفوائد التي كنت تروج لها؛ لكن يوجد من يقاوم التغيير منهم؟ وهل هناك عمليات أو هيكليات تقف في طريقها؟ وهل تعتقد أنَّ التغيير سيمرُّ بهدوء ودون مقاومة؟ وهل يرحب الناس عادة بالتغيير؟
لا شك أنَّه رغم كلِّ الخطوات السابقة التي بذلتها، فإنَّ للتغيير مقاومون يسعون إلى منع التغيير من الحدوث (انظر مقالنا حول ذلك). أضف إلى ذلك، قد تكون السياسات والإجراءات والهياكل الإدارية أيضاً سبباً في إعاقة التغيير؛ لذا على القائد أن يضع هيكل التغيير، ويتحقق باستمرار من العوائق التي تعترضه، إذ يمكن أن تؤدي إزالة العقبات إلى تمكين الأشخاص الذين تحتاجهم لتنفيذ الرؤية، ويمكن أن تساعد التغيير على المضي قدماً.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- تحديد أو توظيف قادة التغيير الذين تتمثل أدوارهم الرئيسة في إحداث التغيير؛ وإعلان ذلك صراحة.
- النظر إلى الهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي وأنظمة الأداء والمكافآت للتأكد من أنَّها تتماشى مع رؤيتك للتغيير.
- تكريم ومكافأة الأفراد الإيجابيين والمتعاونين على إحداث التغيير.
- تحديد الأشخاص الذين يقاومون التغيير، ومساعدتهم على فهم رؤيته واستراتيجيته الخاصة.
- اتخاذ الإجراءات الضرورية لإزالة الحواجز بسرعة، سواءً أكانت أفراداً أم أنظمةً أم هيكليات أم سياسات وإجراءات.
6. الخطوة السادسة: تحقيق نجاحات قصيرة المدى
لا شيء محفز أكثر من النجاح؛ لذا امنح المؤسسة طعم النصر في وقتٍ مبكر من عملية التغيير.
سترغب في غضون فترةٍ زمنيةٍ قصيرة -قد تكون شهراً أو عاماً، وذلك اعتماداً على نوع التغيير- في تحقيق بعض المكاسب السريعة (quick wins) التي يمكن لفريقك رؤيتها؛ ودون هذا، قد يكون للنقَّاد والمقاومين والمفكرين السلبين تأثيرٌ سيئٌ في مسيرة التغيير ومحاولة إظهار فشله.
ضع أهدافاً قصيرة المدى وقابلة للتحقيق والنجاح، وليس مجرد هدفٍ طويلِ المدى. قد يضطر فريق التغيير إلى العمل بجدٍّ للتوصل إلى هذه الأهداف، ولكن يمكن أن يحفز كلُّ "مكسب" تحققه الموظفين بالكامل.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- البحث عن مشاريع صغيرة ضمن إطار مشروع التغيير الكبير تكون ذات نجاحٍ مؤكد للبدء بها.
- الحرص على تنفيذها دون مساعدة من منتقدي التغيير، خاصة المجموعات القوية.
- عدم اختيار أهداف مبكرة باهظة الثمن، بحيث لا تكون قادراً على تبرير التكلفة العالية لكلِّ هدف.
- تحليل شامل للإيجابيات والسلبيات المحتملة لأهدافك؛ فإذا لم تنجح في تحقيق هدفٍ مبكر، فقد يضرُّ ذلك بمبادرة التغيير بأكملها.
- مكافأة الأشخاص الذين يساعدونك في تحقيق الأهداف.
7. الخطوة السابعة: تعزيز النجاحات الصغيرة والدفع نحو المزيد
يجادل كوتر بأنَّ العديد من مشاريع التغيير تفشل بسبب إعلان النجاح مبكراً جداً؛ لكنَّ التغيير الحقيقي عميق ويحتاج إلى وقتٍ وجهدٍ طويل الأمد.
المكاسب السريعة ليست سوى بداية لما يجب القيام به لتحقيق تغييرٍ طويلِ الأجل؛ لذا يعدُّ إطلاق منتجٍ جديدٍ من خلال مشروع التغيير أمراً رائعاً؛ ولكن إذا كان بإمكانك إطلاق 10 منتجات أو مشاريع ناجحة، فيعني هذا أنَّ التغيير بدأ يؤتي أُكُله.
عليك لتحقيق ذلك مواصلة البحث عن التحسينات في كلِّ مشروع، ومعرفة كيفية البناء عليه وتعزيزه؛ وتأكد أنَّ كلَّ نجاحٍ فرصة للبناء على ما تم بشكل صحيح، وتحديد ما يمكنك تحسينه.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- تحليل ما حدث بعد كلّ نجاح بشكلٍ صحيح، وما الذي يحتاج إلى تحسين؛ والمحافظة على ذلك باستمرار.
- وضع أهداف قابلة للتحقيق لمواصلة البناء على الزخم الذي حققته.
- تطبيق فكرة التحسين المستمر (Continuous Improvement) أو (Plan – Do – Check – Act).
- الإبقاء على بيئة العمل متجددة وحيوية من خلال تعيين قادة وأبطال جدد ضمن فريق التغيير.
8. الخطوة الثامنة: ترسيخ التغييرات وتثبيتها كجزءٍ من ثقافة الشركة
أخيراً، لإجراء أيِّ تغيير، يجب أن يصبح جزءاً من جوهر مؤسستك وفي ثنايا ثقافتها.
غالباً ما تحدد ثقافة مؤسستك ما يُنجَز؛ لذا يجب أن تظهر قيم التغيير والرؤية متحققة في العمل اليومي؛ ولهذا على القائد بذل جهودٍ متواصلةٍ لضمان رؤية التغيير في كلِّ جانب من جوانب المؤسسة، إذ سيساعد ذلك في منح مشروع التغيير مكاناً واضحاً في ثقافة المؤسسة.
إنَّه لمن الهام استمرار قادة المؤسسة في دعم التغيير، ويشمل هذا الموظفين الحاليين والقادة الجدد؛ فإذا فقدنا دعم هؤلاء الأشخاص، فقد ينتهي بنا الأمر إلى حيث بدأنا.
ما الذي تستطيع فعله كقائد؟
- التحدث أمام موظفيك عن التقدم والإنجازات التي تحققت في كلِّ فرصة تحصل عليها.
- تعلُّم رواية قصص النجاح المتعلقة بمشروع التغيير، وتعزيز القصص الأخرى التي تسمعها حول التغيير.
- تضمين مُثُل التغيير وقِيَمِهِ عند تعيين موظفين جدد وتدريبهم.
- التقدير العلني لقيمة ومساهمة الأعضاء الرئيسين في فريق التغيير، والتأكد من أنَّ باقي الموظفين -الجدد والقدامى- يتذكرون مساهماتهم.
- وضع خطط لإيجاد قادة جدد للتغيير خلال فترة المشروع، وخاصةً عند انتقال أو رحيل قادة التغيير الرئيسين المؤسسين؛ إذ يعمل القادة الجدد على ضمان عدم فقدان إرث سابقيهم أو نسيانه.
عندما نتحدث عن نموذج "كوتر" للتغيير، فإنَّه لا ينبغي أن نغفل عن أنَّ النموذج له مزاياه وعيوبه كذلك؛ إذ يبقى الجهد البشري مهما عظُم محل نقد ونقاش، وهذا ما يدفع إلى التطوير المستمر له؛ إذ من أهم مزايا النموذج أنَّه نموذج سهل مرسوم بدقة، ويوفر وصفاً وإرشاداً واضحاً لعملية التغيير بأكملها، ويَسهُل تنفيذه نسبياً.
يركِّز النموذج على مشاركة وقبول الموظفين للنجاح في العملية الشاملة، وينصب تركيزه الرئيس على الاستعداد الذهني وبناء القبول لدى الأفراد للتغيير، بدلاً من شرح عملية التغيير الفعلية.
في حين يبدو نموذج كوتر أنَّه نموذج تدريجي، فقد يؤدِّي تخطي خطوة واحدة إلى حدوث مشكلات خطيرة، كما أنَّه يستغرق وقتاً طويلاً لتنفيذه، وهو مبني على أساس أنَّه موجَّهٌ من القيادة إلى القاعدة، وبالتالي لا يشجع على المشاركة أو الابتكار المشترك والاستماع إلى آراء الأفراد؛ إضافة إلى ذلك، يمكن له أن يثير الإحباط وعدم الرضا بين الموظفين إذا أُعطِيَت المتطلبات الفردية اهتماماً على حساب المجموعة.
ملخص خطوات نموذج كوتر للتغيير:
الخلاصة:
أخيراً؛ نموذج التغيير الرائد من ثماني خطوات من كوتر (Kotter) هو مخططٌ جيدٌ لإحداث التغيير في المؤسسات؛ ومع ذلك، فهو ليس مثالياً، حيث أشار بعض العلماء إلى أنَّ التغيير عمليةٌ أكثر مرونةً ولا تتبع بالضرورة مساراً خطياً للتقدم التدريجي؛ بالإضافة إلى ذلك، لا يراعي التركيز الشديد على القيادة في نموذج كوتر (Kotter) العوامل الأخرى الهامة مثل: المالية والسياسية والخارجية التي تؤثر في نجاح جهود التغيير.
في حين أنَّ هناك جزءٌ من الصحة لهذه الانتقادات الموضوعية، يمكن معالجة هذه المخاوف المتعلقة بنموذج كوتر (Kotter) من خلال دمج أدوات -مثل تحليل لوين (Lewin)- خلال عملية التغيير المكونة من ثماني خطوات؛ كما يمكن أن يساعد استخدام هذه الأداة في تحديد القوى الداعمة والمقاومة التي تعارض جهود التغيير وتطوير استجابات تنظيمية مناسبة لتعزيز أو تقليل هذه القوى.
عند تقييم أيِّ نموذج، فإنَّه لمن الهام عدم إهماله بسبب وجود بعض الانتقادات حوله؛ فقد حقق هذا النموذج صدىً ممتازاً على أرض الواقع، وجرى اختباره بنجاح؛ فهو عمليٌّ وناجح.
أضف تعليقاً