الفصل الأول: المقدمة
في الثلاثينات من القرن الماضي كانت الكتب التي تُعنى بالوقت تسمى كتب تنظيم الوقت، وبعد دراسةٍ مُعمّقة تبيّن أنّ كلمة تنظيم الوقت لا معنى لها، لأنّ الوقت من حيث هو منظّم جداً، إن لم يكن من أكثر الأشياء تنظيماً، فالسنة تتألف من 12 شهر، والشهر يتألف من 30 يوم، واليوم يتألف من24 ساعة، والساعة من 60 دقيقة، والدقيقة من 60 ثانّية.
لهذا قامت الدراسات باستبدال عبارة تنظيم الوقت بعنوانٍ آخر هو إدارة الوقت، ليتبين لاحقاً بأنّ هذه التسمية لا تُعبّر عن حقيقة الموضوع، لأنّ كلمة الإدارة تعني التحكّم في الموارد، فمثلاً نحن نستطيع أن ندير المال عن طريق تقسيمه إلى مجموعات وتوفير جزء منه، ولكنّنا لا نستطيع أن ندير الوقت بنفس الطريقة كأن نختزن ساعتين مثلاً لاستخدامها فيما بعد، وذلك لأنّ الوقت غير قابل للتحكّم على الإطلاق، وما نستطيع التحكّم فيه هو خياراتنا فقط، ومن هنا نستنتج بأنّ المفهموم الأساسي لإدارة الوقت هو إدارة الاختيار.
الفصل الثاني: أهميّة الوقت وخصائصه
أهمية الوقت:
الوقت هو الشيء الوحيد الذي أعطاهُ اللهُ عزّ وجل لجميع الناس بالتّساوي، حيث أنّ لكل إنسان أربع وعشرين ساعة باليوم يستطيع استثمارها لإنجاز وتحقيق الأهداف، ولكن رغم هذا فإنّ هناك كثيرون لا يرون قيمة الوقت، وتستوي عندهم قيم الأزمنة طالت أم قصرت، ولا ينتبهون لأثرها في حياتهم، لهذا إذا أردت معرفة قيمة السنة عليك أن تسأل مثلاً امرأة وَلدَت قبل أوانها، وإذا أردت معرفة قيمة الأسبوع، إسأل شخصاً يُصدر مجلةً أسبوعيّة، وإذا أردت معرفة قيمة الدقيقة، أسأل الذي تأخر عن موعد طائرة، وأنّ من أدرك ذلك كلهُ عرف عظيم قيمة الوقت، فالإنسان لن يكون إنساناً ولن ينعم بالإنسانيّة إلّا بتنظيم الوقت واستثماره.
خصائص الوقت:
- لا يُمكن تخزين الوقت لاستخدامه فيما بعد، وذلك لأنّ ما مضى منه لا يعود ولا يُعوّض.
- الوقت يمضي سريعاً، فمهما طال عمر الإنسان فهو قصير ومصيرهُ إلى نهاية ما دام الموت في انتظاره، ولا يبقى له إلّا ما سلف من أعمالٍ وإنجازات.
- الوقت هو أغلى ما تملكه على الإطلاق، حيث قال أحد الحكماء بأنّ الوقت هو الحياة، فما حياة الإنسان إلّا الوقت الذي يقضيهِ من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة، فالوقت هو أغلى من كل جوهر نفيس.
- استثمار الوقت بشكلٍ فعّال يزيدُ من قيمته، والعكس يُعرّضه للتلف، أي أن كيفيّة تعلُّمنا وقضائنا لوقتنا تُحدد مدى جودة استثمارنا له.
- أولوية الوقت تعني لكل وقت نشاط خاص به ويجب أن يتم فيه، لهذا عليك أن تنتبه إلى ذروة نشاطك في اليوم لتستثمرها في الأعمال التي تحتاجُ إلى تركيز.
الفصل الثالث: إدراكنا للوقت
ينقسمُ الوقت الذي نعيش فيه إلى ثلاثة أقسام وهي الماضي، الحاضر، والمستقبل، وإذا تأملنا قليلاً نجد أنّ الحاضر ليس إلّا خطّاً وهميّاً بين الماضي والمستقبل، وقد شبه دارسوا البرمجة اللغويّة العصبيّة إدراك الإنسان للزمن بخط وهمي يُمكن تخيلهُ يُعبّر عن الماضي والمستقبل، والحاضر عبارة عن نقطة وهميّة عليه، فالحاضر هي اللحظة الحاليّة التي كانت منذّ لحظة مستقبلاً، وسُصبح بعد لحظة ماضيّاً. والناس أصناف في نظرتهم إلى الوقت فهناك مثلاً:
1- عبيد الماضي:
وهم الذين يُركّزون تفكيرهم على الماضي ولا يعرفون غيره، حاضر أو مستقبل، مثل:
- المستسلم النادم على الفائت منه.
- المُعتز بأمجاده دون تقديم المزيد.
- المُقلّد الأعمى لا المُختبر المُميّز.
2- عبيد المستقبل:
وهم الّذين يُركزون تفكيرهم على المستقبل متناسين الماضي والحاضر مثل:
- المُتمني الحالم الذي يعيش حياتهُ بأمانيه.
- الرافض للماضي الذي يعرُض عن الماضي بكل مافيهِ من دروسٍ.
- المُتشائم من المستقبل الذي يقتنع بأنّ الأمور ستسير من سيء إلى أسوء.
3- عشاق اللحظة الحاضرة:
وهو الذي لا يُفكر ولا يهتم إلّا باللحظة الآتية الحاضرة، يرتشفها وينعمُ بها دون أن يُنغّص على نفسهِ بتذكّر الأمس أو التفكير في الغد، وهذا من منطلق بأنّ ما ذهب لن يعود ومن لا يعود لا يستحق التفكير فيه، حيثُ لا يجوز للإنسان الواقعي أن يتعلق بمجهول.
4- السادة المعتدلون المتوازنون:
وهم الذين يأخذون الماضي والمستقبل والحاضر بعين الاعتبار، ويُعطون كل زمن حقه، فيُقيّمون الماضي، ويستفيدون منه، ويُحاسِبون نفسهم عليه ويعتبرونه مخزن العبر، وفي نفس الوقت يعتزون بأمجادهم السابقة بشكلٍ يُحفزهم على العمل والنشاط، وهم كذلك يتطلعون إلى المستقبل ويُخططون له بشكلٍ واقعي ومتفائل، ويُوجهون اهتماماً خاصاً إلى الحاضر وإلى الساعة التي يعيشونها وذلك لكي يغتنموها قبل أن تذهب ولا تعود.
الفصل الرابع: طبيعة الوقت
قدّر الله تعالى لكل منّا رزقهُ من المال، الصحة، والغذاء، وكذلك من الساعات التي يقضيها في الدنيا، وبمجرد انتهائها يُجبر الإنسان على ترك الدنيا بالوفاة لأنّ رصيدهُ قد انتهى،، لهذا فإنّ رأسمالك الحقيقي هو عمرك الذي يتألف من سنوات وأشهر وأيّام وساعات وثوان، وكما يقوم مالك المال بالتخطيط لاستثمار مالهِ، وذلك بالتعرف على ما يملكهُ بدايةً، فإنّهُ حري بالإنسان أن يتعرف على رأس مالهِ الحقيقي. ولكي تسير في طريقك الممتع نحو إدارةٍ أفضل لعمرك عليك أن تتقيّد بثلاث خطوات مهمة، وهي:
1- ارفع معاييرك:
عندما تريد أن تُحدث أي تغيير ما بحياتك، فأوّل ما يجب فعله هو أن ترفع معاييرك، وأن لا ترضى سوى بالأفضل.
2- غيّر مُعتقداتك المُعيقة:
تُعدُ المعتقدات بالنسبة لنا كمسلّمات غير قابلة للنقاش وهي التي تحدد ما هو ممكن وما هو غير مُمكن، لهذا عليك أن تُغيير معتقداتك المُعيقة لتنجح في إحداث أي تغيير دائم في حياتك.
3- غيّر من طرق الوصول:
من أجل تحقيق غاياتك وأهدافك لابدّ من أن تسلك أفضل الطرق الممكنة، وعندما ترفعُ من معاييرك ومن معتقداتك المُعيقة وتتبنى أخرى تساندك، فلا بُدّ من أنّك ستجد طرق الوصول المطلوبة للحصول على النتائج التي تريدها بشكلٍ سريع.
الفصل الخامس: ماهي المهارات التي تحتاجها
إذا كنت تبحث عن التغيير فأنت تريد الانتقال من وضعك الراهن إلى وضع أفضل، إلى حال تكون فيهِ راضيّاً عن نفسك إلى الحال الذي ترغبُ أن تكون، ومن هنا لابُدّ في البداية من معرفة وضعك الحالي بنقاط قوته وضعفه، وذلك ليكون الانتقال أكثر سلاسة، بمعنى آخر القيام بتشخيص لوضعك الراهن ليكون قاعدة للتغيير المطلوب، ويكون ذلك عن طريق:
- التعرف على: ماهي افتراضاتك عن الوقت.
- التعرف على لصوص العمر كالافتقار إلى الأهداف، الافتقار إلى التخطيط، وفقدان الرغبة والملل.
- التشخيص: كيف تُدير نفسك لاستثمار عمرك.
- ماهي المهارات التي تحتاجها لاستثمار وقتك بالشكل الأفضل.
إنّ لهذا الكتاب الرائع أهميّة كبيرة ودوراً مهماً في تعليم الإنسان كيفيّة إدراة وقته واستثماره بشكلٍ جيد، وسنتابع ما جاء فيه من معلومات في الجزء الثاني من هذه المقالة.
اضغط على "تحميل" للحصول على الفصل الأول من الكتاب مجاناً.
رابط الكتاب في إيلاف ترين للنشر
أضف تعليقاً