في هذا المقال، سنستكشف كيف يعمل ضغط الأقران الإيجابي وكيف يمكن له أن يكون عاملاً رئيسياً في تطور ونمو الشبابن كما سنلقي نظرة على أمثلة عملية وكيف يمكن للأهل تعزيز هذا النوع من التأثير لصالح تشكيل مستقبل مشرق للشباب.
ما هو ضغط الأقران الإيجابي؟
قد تتسائل كيف يمكن أن تكون الضغوط الناتجة عن الأقران إيجابية؟ الضغوط الناتجة عن الأقران لا تقتصر على تشجيع المراهقين على تحمل المخاطر أو المشاركة في سلوك غير صحي، حيث هناك أيضاً العديد من الجوانب الإيجابية في الضغوط الناتجة عن الأقران، فيمكن أن تكون قوة إيجابية حقيقية في حياة مراهقك وأصدقائه، ويحدث ضغط الأقران الإيجابي عندما يؤثر أقران شخص ما على قيامه بشيء إيجابي أو يسهم في نموه.
على سبيل المثال، يمكن أن يؤثر الأقران الملتزمون بتحقيق النجاح في المدرسة أو في الرياضة على الآخرين لتحديد أهدافهم، وبالمثل، يؤثر الأقران الذين يتسمون باللطف أو الولاء أو الدعم على الآخرين ليكونوا مثلهم.
وغالباً ما تكون النصيحة من الأقران أكثر تأثيراً على المراهق من نصيحة الكبار، قم بتزويد طفلك (أو أصدقائه) بالبيئة الداعمة لتكون ذات تأثير إيجابي، لأنهم قد يؤثرون على الاختيارات التي يقوم بها الأقران أكثر من أي بالغ في بعض الأحيان.
كيف تشجع طفلك على استخدام ضغط الأقران الإيجابي؟
فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها تشجيع طفلك على أن يكون له تأثير إيجابي على الآخرين:
- علم طفلك أن سلوكه يؤثر دائماً على الآخرين، شجعه على فهم أن أصدقائه يدركون ما يفعله الآخرون، تماماً مثله.
- إن التصرف بثقة وحكم سليم يعني أن الآخرين سيكونون أكثر ميلاً إلى احترامهم واتباع خطواتهم.
- تحدث معه عن أنواع الأصدقاء الذين يرغب في الحصول عليه، وتحدث مع طفلك عن قيمه وكيف يمكنه إظهارها، وشجعه على البحث عن أصدقاء لديهم نفس القيم.
- دعم اهتمامه بنماذج القدوة الإيجابية، يمكن أن يقدم النموذج الذي يحتذى به ضغطاً أو تأثيراً قوياً من الأقران.
- شجع طفلك على تحديد السمات التي يريد محاكاتها في قدوته، وادعمه لاستكشاف الاهتمام بنماذج القدوة الجيدة.
لماذا ضغط الأقران الإيجابي فعال؟
على عكس الكبار الذين يتصرفون عادة بشكل مماثل سواء كانوا وحدهم أو في مجموعة، يكون المراهقون أكثر عرضة لتأثير الجماعة أو أصدقائهم، بينما يتعلمون عن مكانهم الاجتماعي وهويتهم، يتطلعون بشكل تلقائي إلى أصدقائهم للحصول على معلومات حول كيفية التصرف والتفاعل مع الآخرين.
حيث يكون دماغ المراهق حساساً بشكل زائد لآراء الآخرين ومكانتهم في المجموعة الاجتماعية، وتكون مناطق المخ المرتبطة بالمكافأة أكثر نشاطاً عندما يكونون مع أقرانهم، مما يمنحهم الكثير من التغذية الإيجابية عندما تتم مراقبتهم أو تفاعلهم مع الآخرين. ولنفس السبب، يتعلمون بسرعة أكبر بوجود أقرانهم.
وعلى إثر هذا، يمكن لطفلك استغلال هذا لصالحه. لذا بنفس الطريقة التي تقوم بها بنمذجة السلوك الذي ترغب في أن يتبناه طفلك، اطلب من طفلك أن يقوم بنمذجة السلوك الذي يرغب في رؤيته من أصدقائه وأقرانه.
شاهد بالفيديو: 3 نصائح من براين تريسي لزيادة الثقة بالنفس عند أطفالك
أمثلة على ضغط الأقران الإيجابي
توضح الأمثلة أدناه بعض الطرق التي يمكن بها أن يؤثر الأقران بشكل إيجابي على بعضهم البعض.
1. تشكيل مجموعة دراسية
يتحدث طفلك وأصدقاؤه بانتظام عن حصة الأحياء، وقد علمت أنها أصعب حصة بالنسبة لهم، وأن هناك الكثير من المعلومات لتعلمها، ويقوم معلمهم بإجراء اختبارات مفاجئة صعبة كل أسبوع.
وفي يوم من الأيام تسمعهم يتحدثون عن اختبارهم النهائي، "ما هو الهدف من دراسة الأحياء؟" يتنهد أحدهم ويقول: "نحن دائماً نكلف بالكثير من الواجبات المنزلية. لن أصبح طبيباً، لماذا سأهتم بهذه المادة؟".
"أعتقد أنها مثيرة للاهتمام"، يقول شخص آخر، "على الرغم من أنها تتطلب الكثير من الواجبات المنزلية التي تأخذ وقتاً طويلاً".
"لماذا لا نقوم بها أثناء وجودنا معاً؟ سيكون من الأسهل لنا العمل سويةً، ويمكننا التحقق من إجاباتنا للتأكد من أننا جاهزون للاختبارات"، يتفق الجميع على أن هذه فكرة رائعة.
2. وقف الثرثرة السلبية
أنت تقود طفلك وصديقه إلى منزل صديق آخر عندما تسمع شيئاً مثيراً للقلق، "أحمد بدا اليوم فظاً أكثر من المعتاد"، يقول طفلك البالغ من العمر 13 عاماً، وينظر إلى صديقه، "ما الذي يحدث معه في الآونة الأخيرة؟ ملابسه دائماً فوضوية، ورائحته فظيعة".
كنت على وشك أن تقول شيئاً حاداً لطفلك حول عدم الحكم على الآخرين عندما قال صديقه: "هذا أمر لا يليق، ربما لديه مشكلة، ماذا لو كان حمامه معطلاً، أو ليس لديهم غسالة؟".
يستقيم طفلك في جلوسه، ويشعر بالذنب، ويمكنك أن تتخيل تقريباً دماغه وهو يفكر في كيفية العيش بدون حمام أو غسالة.
"أنتِ على حق"، يقول بعد دقيقة، "ربما يجب علينا أن نسأله غداً إن كان بخير ليس بطريقة واضحة، فقط قل مرحباً واسأله كيف حاله".
3. تجربة أشياء جديدة
كان يرغب طفلك في الانضمام إلى صحيفة المدرسة منذ بداية المرحلة الإعدادية، ولكن حتى الآن، كان خجله يمنعه من اتخاذ خطوة الحضور إلى اجتماع فعلي، هو الآن في الصف التاسع، لذا هذا العام هو فرصته الأخيرة للانضمام.
يوماً ما تتلقى رسالة نصية: "هل يمكنك أن تقلني في الساعة الخامسة؟ سأذهب إلى نادي الصحافة، لذا لن أعود بحافلة المدرسة".
4. في الطريق إلى البيت، يخبرك كيف تم الاجتماع
"كان شريكي في التجارب العلمية يقول إنه يفكر في الانضمام إلى الصحيفة، قلت إنني أخاف من الذهاب إلى الاجتماع بمفردي، فقال لي يجب أن ننضم معاً. ونظراً لأنني أعرفه، لم أشعر بالتوتر كثيراً".
أنت توافق على أنه غالباً ما يكون من الأسهل تجربة شيء جديد عندما تأخذ صديقاً معك.
تأثير ضغط الأقران الإيجابي
هذا النوع من التأثير الإيجابي هو شيء جيد، ولكن قد يكون له تأثيرات فعّالة بشكل خاص على الأطفال الأكبر سناً. حتى إذا كنت وطفلك على علاقة وثيقة، قد تبدأ في ملاحظة أنه ينعزل عنك ويتجه إلى أصدقائه للحصول على النصائح والدعم مع نموه.
وقد يكون هذا مؤلماً قليلاً، ولكنه أمر طبيعي تماماً، حيث يبدأ الأطفال في اللجوء إلى أقرانهم للتوجيه أكثر وأكثر خلال سنوات ما قبل المراهقة وفترة المراهقة المبكرة.
وبشكل عام، يكون المراهقون في هذه الفترة العمرية عرضة بشكل خاص لتأثير الأقران، من الطبيعي أن يرغب طفلك في الاندماج مع الأصدقاء والزملاء.
لهذا السبب، يمكن لضغط الأقران الإيجابي أن يكون له العديد من الفوائد، يزيد من احتمالية قيام المراهقين بالخيارات الإيجابية لأنفسهم عندما يرون زملاء الدراسة يشاركون في أمور مثل:
- الرياضة والأندية.
- الوقوف ضد التنمر أو الثرثرة السلبية.
- مساعدة الآخرين.
- التطوع أو الحصول على عمل بدوام جزئي.
وقد يميل طفلك نحو هذه السلوكيات بالفعل، ولكن عندما يرى أقرانه يتخذون نفس الخيارات، لن يشعر بالقلق من أن يظهر بمظهر "المضجر" أو "غير الجذاب".
وقد يكون لضغط الأقران الإيجابي تأثيرات أكثر دقة أيضاً، إذا كان أصدقاء طفلك يستمتعون بالمدرسة ويظهرون اهتماماً في الحفاظ على علاماتهم عالية، قد يبدأ طفلك في بذل جهد مماثل.
كيف يعمل ضغط الأقران؟
يأتي ضغط الأقران، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، إما بشكل صريح (بشكل مكشوف) أو ضمني (بشكل غير صريح):
- الضغط الصريح يحدث عندما يعلق شخص ما مباشرة على سلوك الأقران أو يقترح عليهم التصرف بطريقة معينة. على سبيل المثال: "نحن جميعاً سنتخطى حصة الرياضيات لأن المعلم رجل غير لطيف. تعالوا لنهرب منها معاً".
- الضغط الضمني يحدث عندما يقوم شخص بتغيير سلوكه لينسجم بشكل أفضل مع الأشخاص من حوله، يأتي هذا التأثير غير اللفظي غالباً من اتجاهات الشعبية المدرسية. قد يساعد في شرح اختيارات الملابس التي تراها صعبة الفهم، أو رغبة طفلك في لعب لعبة فيديو لم يكن مهتماً بها من قبل.
- يكون تأثير الأقران في بعض الأحيان غير ضار تماماً. على سبيل المثال، قد لا يكون تغيير لون الشعر ملائماً في الصغر، ولكن لن يضره أيضاً.
على الجانب الآخر، قد يكون لضغط الأقران السلبي تأثيرات بعيدة المدى، سواء كان صريحاً أو ضمنياً.
يمكن أن يأتي التأثير السلبي بأشكال مختلفة:
- صديق يقدم كحولاً أو سيجارة.
- أقران يتخطون وجباتهم ويصفون أنفسهم بأنهم "سمان".
- أصدقاء يتشاركون النميمة حول زملاء الدراسة ويحثون الآخرين على الانضمام لهم.
في الختام
نجد أن ضغط الأقران الإيجابي يمثل عنصراً أساسياً في تشكيل تطور الأطفال والمراهقين. من خلال فهم كيف يعمل هذا الضغط، وكيف يمكن للأقران أن يكونوا مثل المثل الإيجابي، يمكننا تجهيز الشباب لاتخاذ قرارات صحية وبناء علاقات إيجابية.
وبدلاً من التركيز على تحذيرات الضغوط السلبية، يمكن للأهل أن يلعبوا دوراً فعّالاً في تعزيز توجيه الأقران نحو سلوكيات إيجابية، وتشجيع الأطفال على أن يكونوا قادة في تأثيرهم على الآخرين.
وبفضل هذا التوجيه الإيجابي، يمكننا بناء جيل قادر على تحقيق التفوق والنمو الشخصي في ظل تأثيرات إيجابية قوية تأتي من قلوب وأذهان الأقران.
أضف تعليقاً