ركوب الطائرة سلس نسبياً وخاصةً إذا كان الطقس لطيفاً، ومع ذلك إذا كنت مسافراً متوتراً فستكون دائماً مرتبطاً بحزام الأمان الخاص بك؛ إذ تتعرض الطائرات لبعض الاضطرابات في أثناء المرور عبر الغيوم، فقد يشعر المرء بالاضطراب داخل الطائرة على شكل طبطبة وإحساس متقطع بالصعود والسقوط؛ ونتيجةً لذلك من المحتمل أن تتم مطالبتك بالبقاء جالساً مع ربط أحزمة الأمان.
هل تساءلت يوماً لماذا يمكن أن تكون الغيوم وعرةً جداً؟ لفهم سبب تسبب الغيوم في الاضطرابات نحتاج إلى فهم ماهية الغيوم؛ إذ إنَّها مؤشرات مرئية للهواء المختلط غير المستقر والظروف الجوية المتغيرة؛ ونتيجةً لذلك غالباً ما يكون من الصعب على الطائرات المرور عبرها، وتشير الغيوم نفسها إلى منطقة انخفضت فيها درجة الحرارة إلى ما دون نقطة الندى بسبب اضطراب ميكانيكي أو ديناميكي حراري في الغلاف الجوي.
هل تتسبب الغيوم دائماً بالاضطرابات؟
يُعَدُّ التعرف إلى أنماط الغيوم والتهديدات المحتملة التي تشكلها في أثناء الطيران جزءاً أساسياً من التدريب على الطيران، فيمكن أن يكون الطيران عبر الغيوم مثل القيادة عبر الضباب؛ إذ لا يمكنك رؤية الكثير، لكن لا يوجد شيء مروع يحدث، وقد تشكل تهديداً خطيراً للطيارين والطائرات والركاب.
الإجابة عن السؤال هي "لا"، لا تسبب الغيوم دائماً اضطرابات، فتوجد أنواع مختلفة من الغيوم، ويمكن أن يكون هذا عاملاً من شأنه أن يحدد ما إذا كانت ستسبب اضطراباً أم لا، وبعضها يشمل الغيوم الركامية والطبقية الركامية وغيرها.
عندما ينتج عنها هطول أمطار، يجب توقع اضطراب خفيف أو معتدل أو شديد، فالغيوم الركامية هي أمثلة عن الغيوم التي تؤدي إلى اضطراب عندما تمر طائرة عبرها، ومن ناحية أخرى لا تسبب الغيوم العالية مثل الغيوم الرقيقة والغيوم الثلجية أي اضطراب، كما أنَّ الغيوم الوسطى مثل غيوم (Altostratus) لا تسبب اضطرابات أيضاً.
لا داعي للقلق، لا يضطر الطيارون دائماً إلى المرور عبر كل الغيوم التي يرونها، فيمكنهم استخدام أسس الطيران المرئية ببساطة عن طريق التحديق من النافذة والطيران بناءً على ما يلاحظونه، ولقد تم تدريبهم على التعرف إلى الغيوم التي يمكن أن تسبب الاضطرابات وتلك التي لا تسبب الاضطرابات، وبهذه الطريقة يمكنهم تجنبها في أثناء الطيران.
هل من الخطورة الطيران بين الغيوم؟
يمكن أن تتراوح الاضطرابات في الطائرة من الخفيفة إلى الشديدة جداً، فالخفيف غير ضار، ولكنَّه غير مريح قليلاً ويمكن أن ينتهي في غضون ثوانٍ، ومن ناحية أخرى فإنَّ الاضطراب الشديد الناجم عن العواصف الرعدية والسحب المنخفضة يمكن أن يشكل خطورةً على الطيران.
يمكننا القول إنَّ العديد من الحوادث التي تحدث بعضها ناتج أحياناً عن الطقس، ومع ذلك تحدث العديد من حوادث الطائرات أيضاً بسبب سوء الأحوال الجوية، ومع ذلك قد تكون الغيوم غير ضارة نسبياً، ونادراً ما تسبب أي اضطراب، ومثال عن ذلك الغيوم العالية.
من ناحية أخرى تسبب معظم الغيوم المنخفضة مثل الغيوم الركامية اضطراباً شديداً؛ إذ يمكن أن يكون التحليق في واحدة منها أمراً خطيراً، وغالباً ما يُعتقد أنَّ الاضطراب الذي بداخلها قوي بما يكفي لتحطيم طائرة، وعلى الرغم من أنَّ هذا الأمر قد يحدث، إلا أنَّه نادر نسبياً، إذاً للإجابة عن السؤال المطروح "هل من الخطر الطيران بين الغيوم؟"، حسناً، إنَّه كذلك لكن ليس طوال الوقت.
لماذا تهتز الطائرات عند المرور بالغيوم؟
عادةً ما يكون الجزء الأكثر صعوبةً غير المريح في السفر جواً هو إقلاع الطائرة وهبوطها، لكن قد تحدث بعض الاضطرابات عند الطيران عالياً في السماء أيضاً، فعندما تحلق الطائرة عالياً في السماء فإنَّها تهتز أحياناً، ويُعرف هذا بالاضطراب، وقد يسبب بعض القلق غير الضروري للركاب؛ وذلك لأنَّ معظم الطائرات الحديثة مصممة لتحمل جميع أشكال الاضطرابات، والسبب الأكثر شيوعاً هو اضطراب الهواء داخل الغيوم، ففكر في الغيوم على أنَّها حفر في السماء، تماماً كما لدينا حفر في الطرائق.
لتوضيح ذلك عليك أن تفهم أنَّ الغيوم تتكون من قطرات ماء صغيرة أكثر برودةً من الهواء المحيط بها؛ ونتيجةً لذلك فهي أكثر كثافةً من الهواء المحيط، لذلك عندما تمر طائرة تختلف سرعة الهواء والكثافة والتدفق اختلافاً كبيراً عن الطيران خارج الغيوم، ويتفاعل هذا الاختلاف مع جناح المركبة، وهذا بدوره يؤدي إلى تأثير الاهتزاز.
هل يمكن للاضطراب أن يُسقط الطائرة؟
هل سبق لك أن واجهت اضطرابات في أثناء السفر على متن طائرة؟ عندما تحدث هذه الوعورة الطفيفة حين نكون عالياً في السماء، فإنَّ غريزتنا تحركنا على الفور للدعاء والصلاة، فلا أحد يرغب في تحطم الطائرة التي يسافر فيها، وقد يشعر معظم الركاب بالقلق بشكل كبير عندما تبدأ الطائرة بالاهتزاز والخشخشة في منتصف الرحلة.
سيكون من غير الطبيعي ألا نتساءل عما إذا كان الاضطراب قد يؤدي إلى سقوط الطائرة خلال هذه اللحظات، لكن هي ظاهرة شائعة نادراً ما تثير القلق، ففي حين أنَّها شائعة، إلا أنَّها نادراً ما تتسبب في وقوع حوادث خطيرة؛ وذلك لأنَّ الطائرات الحديثة تم بناؤها لتحمُّل هذه الظاهرة قليلاً.
يكاد يكون خطر تحطم طائرة بسبب الاضطرابات أو سوء الأحوال الجوية هو نفس خطر التخريب، وهذا يعني أنَّ ثمة فرصة متساوية لتحطم طائرة بسبب التخريب والاضطراب؛ إذ تُعَدُّ حوادث الطيران المرتبطة بالاضطرابات نادرةً بسبب الطائرات الحديثة وتدريب الطيارين.
عند الطيران عبر الغيوم التي تسبب اضطراباً متوسطاً إلى شديد، يقوم الطيارون بإبطاء الطائرة لاستعادة السيطرة والمرور عبر الحالة بسهولة، وبفضل التدريب المكثف يفهم الطيارون الأسباب ويعرفون أفضل طريقة للتعامل معها، فغالبية الاضطرابات لا تؤدي إلى حوادث أو وفيات.
هل يمكن للاضطراب أن يكسر جناح الطائرة؟
الطائرات لها شكل مميز نتعرف إليه جميعاً، فهي تشبه الطيور ولها جناحان وجسم معدني طويل وذيل، ومظهر أو هيكل الطائرات هذا متعمد التصميم هكذا تماماً، فيجب أن يحافظوا على هذا الشكل والمظهر للإقلاع والبقاء في الهواء.
لا تقل أهمية أجنحة الطائرة عن أهمية إطارات السيارات، فبينما ما يزال من الممكن تشغيل الطائرة بمحرك واحد، إلا أنَّها لا تعمل بجناح واحد، فأجنحة الطائرة ضرورية للطيران؛ إذ إنَّها أساسية لتحقيق التوازن في الهواء، ويمكن أن يؤدي أخذ جولة واحدة بجناح واحد إلى فقدان الطائرة لتوازنها، وسيتم نقل كل الوزن إلى جانب واحد من الطائرة.
إذاً هل يمكن للاضطرابات الهوائية أن تتسبب في تحطم جناح الطائرة؟ يمكن أن يكون اضطراب الطائرة مرهقاً للطيارين والركاب على حدٍّ سواء، لكن هل يسبب ضرراً شديداً لأجزاء من الطائرة؟ قد تشعر بالصدمة ولكنَّك سعيد لسماع أنَّه حتى أسوأ اضطراب لم يتسبب أبداً في كسر جناح الطائرة.
صُممت أجنحة الطائرة لتكون مرنةً، وعلى الرغم من أنَّها معدنية، إلا أنَّها مصنوعة لتحمل الكثير من الثنيات؛ إذ يمكنها تحمُّل ما يصل إلى 10 درجات من الثني، وهذا كثير بالنسبة إلى المعدن القوي.
فكر في انثناء الجناح للطائرات مثل ممتص الصدمات في السيارات، فدون ممتص الصدمات في المركبات لن تكون قادرةً على تحمل الصدمات، ونفس الشيء مع الطائرات، فدون انثناء الجناح ستواجه الطائرة صعوبةً بالغةً في المناورة في أي اضطراب، والقليل من الاضطراب لا يمكن أن يكسر جناح الطائرة.
هل يسبب المطر اضطرابات؟
الجواب البسيط عن هذا السؤال وهو لا، المطر لا يسبب الاضطرابات، فإنَّها سمة من سمات نوع الغيوم التي تسبب الاضطراب، فقطرات صغيرة من الماء تشكل الغيوم، ولا يعني مجرد هطول المطر في أثناء رحلتك أنَّك ستقضي وقتاً عصيباً في الجو.
تحلق العديد من الطائرات في جميع أنحاء العالم في أثناء هطول الأمطار دون وقوع حوادث؛ إذ تخضع عمليات شركات الطيران التجارية لإرشادات صارمة، بما في ذلك الشروط التي يمكن بموجبها الإقلاع، فإذا كانت الظروف غير آمنة، فلن يُسمح للطائرة بالمغادرة، وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تتأخر الرحلات الجوية.
التحليق عبر غيوم المطر ليس مشكلةً، ففي ظل الظروف العادية لا تكون الغيوم الممطرة مضطربةً ولن تشعر بأي اختلاف بالمرور عبرها عن الطيران عبر الغيوم العادية، وفي العواصف الشديدة قد تتسبب الغيوم في عدد قليل من الرحلات الوعرة، ومع ذلك لا يوجد ما يدعو إلى القلق، والإجابة ببساطة المطر لا يسبب أي اضطراب.
في الختام:
فيما يتعلق بالاضطرابات، فإنَّ أهم شيء يجب ملاحظته هو أنَّها ليست خطيرةً وقد تشعر بعدم الارتياح، لكن كن مطمئناً طائرتك مصممة لتحمُّل أسوأ الظروف، ففي أثناء الطيران في اضطراب، لا تتحرك طائرتك بالقدر الذي تعتقده، وإذا كانت ثمة احتمالية للاضطراب في أثناء الرحلة، فتذكر استخدام حزام الأمان والامتثال لتوجيهات الطيارين، والقليل من الحذر لا يضر، فدمتم سالمين.
أضف تعليقاً