سنعرف في هذا المقال طرائق تطوير المهارات التنظيميَّة، فتابع معنا هذه السُّطور.
المقصود بالمهارات التنظيمية:
المهاراتُ التنظيميَّة هي خبراتٌ بسيطة تساعدُ الأفراد على إدارة مهامهم المسنَدة إليهم؛ بغيةَ تحقيق التوقُّعات المُنتظَرة منهم، وتحقيق النتائج الإيجابية في أعمالهم خلال زمنٍ قياسيٍّ.
تُساعِدُ المهاراتُ التنظيميَّة الأشخاصَ الموهوبين على التَّركيز على أركان العمل الأساسية (الوقت، الجهد، موارد العمل، النتائج المبشرة) إضافة إلى أنَّها تحافظُ على المسار الصَّحيح الواحد لكلِّ أصحاب المصلحة، وهذا يُحقِّق الأهداف المشتركة، والتقدُّم في منجزات أعضاء الفريق دون مشكلاتٍ أو تضارب في المصالح بين الأعضاء.
على سبيل المثال؛ بفرض أنَّ شخصاً ما يعمل على أربعة مشاريع غير مشتركة فيما بينها طوال ستَّة أشهر، وفي كلِّ مشروع يتعامل مع أشخاصٍ مختلفين، ستساعد المهارات التنظيميَّة القويَّة هذا الشخص على تقسيم أعماله الواجب إنجازها إلى مجموعة مهام بسيطة يُمكن إدارتها، فبدايةً يُحدِّد مواعيدَ الانتهاء من هذه الأعمال، ثُمَّ يُحدِّد أولوياته من ضمن المهام، ويعيِّنُ المهام التي تتطلَّب تشاركيَّة وتعاوناً، وهنا يكمن سرُّ المهارات التنظيميَّة الذي يجب تعلُّمه.
تجدرُ الإشارة إلى أنَّ الاستعانة ببعض الأدوات - دفتر وقلم مثلاً لتدوين الملاحظات - أمرٌ يحبَّذ القيام به، من أجل تنظيم العمل، وتحسين الأداء في المرَّات اللاحقة.
كيفيَّة تطوير المهارات التنظيمية:
إنَّ عمليَّة اكتساب المهارات التنظيميَّة تتطلَّب المرور بعدَّة مراحل، أوَّلُها تنظيم الأفكار عقلياً، ثُمَّ تنسيق أماكن العيش والعمل، وفي الختام المحافظة على الترتيب والتنظيم قدر الإمكان.
إليكم ثلاث استراتيجيات تُعلِّمُكم كيف تُطوِّرون مهاراتكم التنظيميَّة:
أولاً: استراتيجيَّة تنظيم الأفكار
إنَّ تنظيم الأفكار هو الخطوة الأوَّليَّة التي ينطلق منها الشخص، ودونها لن يستطيعَ التقدُّم والعمل مهما سعى، وتتضمَّن هذه الاستراتيجية الالتزامَ ببعض النصائح التي لا يمكن الاستغناء عنها، وفق الآتي:
1. نسِّقْ قائمةً للمهام اليوميَّة:
عن طريق كتابة جميع المهام الواجب إنجازها يوميَّاً، مع حذف كل مهمة أُنجِزَتْ، لأنَّ هذه الخطوة تُحفِّزُ الشَّخص لإنجاز مزيد من المهام، مع ضرورة الابتعاد عن التوتُّر والارتباك قدر الإمكان، لأنَّه يقلِّل الفاعليَّة في العمل.
2. ضَعْ قائمة للمهام العامَّة:
إنَّ الاختلاف الوحيد بين هذه القائمة والقائمة السَّابقة، أنَّ مدَّةَ إنجازِ مهام هذه القائمة طويلٌ، إذ يمكنُ أنْ نكتبَ فيها كلَّ الأعمال والإنجازات التي نرغبُ بتحقيقها خلال فترةٍ محدَّدة طويلة كانت أم قصيرة، وتستثمرُ هذه الطَّريقة الوقت، وتوفِّرُ زمناً أكبر للتفكير.
3. احملْ الملاحظات عند الخروج مع الآخرين:
ليس المقصود أنْ ندوِّنَ المعلومات التي نتلقَّاها من الآخرين على ورقةٍ عندما نسير في الشارع، بل أنْ نأخذَ الكلام الذي نتلقَّاه على محمل الجَّدِّ، ونحتفظ بالقسم الهامِّ منه من خلال النقاشات التي نجريها في اليوم، فربما تكون هذه النقاشات مصدراً هامَّاً للأفكار والمشاريع، وقد نجدُ من خلال هذه الاستراتيجيَّة الحلَّ للمشكلات والعقبات التي تواجهنا في العمل، فيمكن أنْ نحفظَ هذه الأفكار ونعودَ إليها عند الحاجة.
4. احصل على مساعدة المُنظِّم السَّنوي:
يساعدُ هذا الموضوع جداً على تنظيم وترتيب الأفكار والاحتمالات التي قد نستخدمها، فيمكن أنْ نستعملَه عندما نكتبُ ونرسمُ المخطَّطات للأمد الطويل، مثل السَّفر والمشاريع الكبرى وغيرها، والجدير بالذكر أنَّه يمكن تحديثه وتطويره بين الفترة والأخرى.
5. طوِّر مهاراتك العقلية والفكرية:
يجبُ أنْ نُنظِّفَ عقولنا ونطردَ منها الأفكار السَّلبيَّة كما نُنظِّف ملابسنا وأنفسنا، كما يجب أنْ نتخلَّصَ من مشاعر التوتُّر والقلق التي تعود علينا بالإرهاق والتعب، ويمكن ذلك من خلال المواظبة على ممارسة تمرينات التأمُّل واليوغا، ولا ننسى أنْ نُعوِّدَ عقولنا على التَّفكير الإيجابي، ونبتعد عن الأفكار السلبيَّة.
ثانياً: استراتيجية تنسيق مكان العمل والمسكن
1. استخدم الصناديق وأدوات الترتيب وسمِّها وحدِّد محتوياتها:
يجب توفُّر المقوِّمات الأوليَّة للحفاظ على التَّرتيب والتَّنسيق من خلال العلب والصناديق قبل أيِّ عمليَّة ترتيب، فيمكن توضيب وجمع الكتب والأوراق والملفَّات وكل أدوات العمل وترتيبها في الصَّناديق، ثمَّ استخدامها لاحقاً عند الحاجة إليها.
ينبغي أنْ نُسجِّلَ على الصَّناديق من الخارج اسمها، وما تحتويه من الحاجيَّات الموجودة فيه؛ لتسهيل الحصول على الأغراض عندما نعود لاستخدامها مرَّةً أخرى، إضافة إلى عدم إثارة الفوضى في المكان.
على سبيل المثال، يمكن تسمية الصُّندوق: حافظة أقلام، ملفات عمل ٢٠٢٠ وهكذا، وكذلك تحديد ما يتضَّمنه الصُّندوق: عشرة أقلام زرقاء، خمس أوراقٍ.
يفضَّلُ تجهيزُ مكانٍ ضمن المكتب أو غرفة العمل للمهام المُنجَزة وغير المُنجَزة، ويمكن أنْ يكونَ هذا المكان خزانة حائط أو حافظة ملفَّات، ويمكن الرجوع إليها عند الضرورة، وبمقدورنا تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، مكانٌ نضعُ فيه الملفَّات والأعمال المُنجَزة، ومكانٌ نضعُ فيه الملفَّات غير المنجزة، وآخرٌ نضعُ فيه الملفَّات قيد الإنجاز.
2. تخلَّص من كل شيء لا تحتاج إليه:
ذلكَ من خلال رمي الأشياء التَّالفة أو المكسورة والتي لا يمكن الاستفادة منها، إضافةً إلى التخلُّص من الصَّناديق القديمة التي مضى زمنٌ طويلٌ عليها، وكذلك الأدوات التي لنْ نستخدمَها لأنَّها تحجزُ مكاناً في حيِّز العمل، ومع مرور الوقت ستكون عائقاً، فيمكنُ أنْ نتبرَّعَ بالقطع التي لا نحتاج إليها ليستفيد منها الآخرين.
3. رتِّب ونسِّق الحاسوب:
يجب ألا يقل اهتمامُ الفرد بتنظيم ملفَّاته الموجودة على الحاسوب أهميَّةً عن اهتمامه بترتيب مكان عمله أو مكان إقامته، فعندما تكون ملفَّاتك ومخطَّطاتك على الحاسوب منسَّقةً بالشَّكل الذي يساعدك على الوصول إليها في أيِّ وقت، تكون قد وصلت إلى قمَّة التَّرتيب والتنظيم، ويمكن أنْ يتمَّ ذلك من خلال تنسيق الملفَّات وتسميتها، وعنونتها، ووضعها في مجلَّداتٍ خاصَّة تُسهِّل الرجوع إليها.
شاهد بالفيديو: 11 مهارة تنظيمية يحتاجها كل قائد ذكي
ثالثاً: استراتيجية ديمومة الترتيب والتنظيم
بعد أنْ تتجاوزَ المراحل السَّابقة، يجب أنْ تُحافظَ على استمرار تقدُّمك، لأنَّك قطعتَ شوطاً كبيراً في اتجاه تطوير مهاراتك التنظيميَّة، فلن تحتاجَ إلى إعادة ترتيب حاجاتك وملفَّاتك مرَّة أخرى، ويكفي أنْ تعيدَ كلَّ شيءٍ إلى مكانه بعد الانتهاء من استخدامه، وهذا يوفِّر عليك الجهد والوقت المبذول، وللحفاظ على التَّرتيب الذي أنت فيه، اتَّبِع النصائح الآتية:
- خصِّصْ خمسَ أو عشرَ دقائق في اليوم، للتأكُّد من أنَّ حاجيَّاتك في أماكنها الصَّحيحة، وعَدِّل وضعيَّة الأشياء التي ليست في مكانها الصَّحيح.
- عندما تُحضِر أو تشتَري شيئاً جديداً لتضيفه إلى مجموعتك العمليَّة، يجب بالمقابل أنْ تتخلَّصَ من غرضٍ قديمٍ لا تحتاج إليه، مثل كتابٍ أو مجلَّةٍ أو ما شابهَ ذلك.
- خَصِّصْ صندوقاً للتبرُّع، بحيث تضع فيه كلَّ غرضٍ لا تحتاجه، ويمكن أنْ يستفيدَ منه غيرك، ولا سيَّما إذا كانت أغراض التبرُّع جديدةً أو قابلةً للاستخدام مرة أخرى، على سبيل المثال ملابسك التي لا تناسب مقاسك، أو ألعابك القديمة.
- يجبُ عليك الاستمرار في ترتيب حاجيَّاتك وملفَّاتك كلَّما وجدت شيئاً في غير مكانه، فمن الخطأ أنْ تنتظرَ لنهاية الأسبوع حتى تفعل ذلك.
- استعِنْ بالإنترنت والتكنولوجيا ووظِّفها لخدمتك، ولا سيَّما في مجال الأفكار التي تساعدك في عملك، فشبكة الإنترنت ممتلئة بكثير من البرامج التي تساعدك على تنفيذ أعمالك.
- تجنَّب مشاعر الانزعاج والإحباط والحزن عندما تكون فوضويَّاً، إذ يمكنك من الآن الانطلاق في عالم التَّنسيق والتَّرتيب، وتعلُّم فنون التَّنظيم، لتصبحَ شخصاً مرتَّباً من خلال التزامك بالنصائح المذكورة آنفاً.
بعد فترةٍ من الزمن، ستجد نفسك تحوَّلتَ لشخصٍ إيجابيٍّ ومرتَّب يستطيع التعاملَ مع المشكلات بمنتهى البساطة، وإيجادَ الحلول المناسبة لها.
أنواع المهارات التنظيمية:
توجد عدة مهارات تنظيمية في حياة الأفراد، والتي يجب أن تتوفَّر في كُلِّ شخصٍ، ليتمكَّن من تسيير حياته بسهولة وبالنمط الذي يحبِّذه، بعيداً عن التعقيد والمشكلات والضَّغط، ويمكن تحديد هذه المهارات على الشكل الآتي:
1. التَّنسيق المادِّي Physical Organization:
يؤمِّنُ ترتيب المكتب والغُرَف والمبنى، وتصميمها بشكلٍ مريحٍ جوَّاً مناسباً للعمل.
2. مهارة التَّفويض Delegation skills:
يمكنك الحصول على المساعدة من أشخاص آخرين يكونون محلَّ ثقةٍ، وذلك من خلال التَّشاركيَّة في العمل؛ لأنَّه لا يمكنك إنجاز كل الأعمال وحدك.
3. مهارة الإدارة الوقتيَّة Time Management Skill:
إنَّ استثمارَ الوقت بالشَّكل الصَّحيح سيجعل منك شخصاً ناجحاً في عملك، لذا يجب عليك الاهتمام بهذه المهارة بشكلٍ خاص.
4. مهارات المُخطَّطات Planning Skills:
لا يمكن لأيِّ شخصٍ أن يقومَ بعملٍ ناجحٍ دون أنْ يضعَ له خطَّةً تناسبه، وتتضمَّن - هذه الخطَّة - طريقةَ العمل، والإنجازات، والنتائج، والزَّمن الذي يحتاجه إنجاز المهمَّة.
5. مهارات الإشراف على المصادر Resources Organization:
تعني تحديد المصادر التي تستعين بها للعمل، وكذلك مصادر الدَّعم المادِّي، وبشكلٍ عام كل المصادر الضرورية التي ستساعدك على إنجاز المهام.
في الختام:
لقد شرحنا لكم أهمَّ طرائق تطوير المهارات التنظيمية، والتي يجب الالتزام بها حتى تصل إلى قمَّة نجاح المهمة.
أضف تعليقاً