ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كارول ويلسون (Carol Wilson) والذي تُحدِّثنا فيه عن كيفية قياس عائد الاستثمار في الكوتشينغ.
من المعروف على نطاقٍ واسعٍ الآن أنَّ الكوتشينغ هو وسيلة لزيادة تحفيز الموظفين والاحتفاظ بهم وتفاعلهم؛ حيث يُعتقد أنَّ هذه العوامل تساهم في زيادة الأرباح، أو إدارة أفضل للميزانية في حالة المنظمات غير الربحية، ولكن يبقى السؤال الذي يشغل بال المراقبين الماليين هو: "الجميع يشعر بتحسن، لكن هل نجني المزيد من المال؟".
طرائق قياس عائد الاستثمار:
حدَّد معهد دراسات التوظيف (The Institute of Employment Studies) النماذج الرئيسة المستخدمة لحساب عائد الاستثمار في المنظمات على النحو التالي:
- كيركباتريك (Kirkpatrick).
- هامبلين (Hamblin).
- نموذج العناصر التنظيمية (OEM).
- نموذج جامعة إنديانا.
- كاروسيل (Carousel).
- فيليبس (Phillips).
- كيرنز وميلر (Kearns and Miller).
- السياق والمدخلات ورد الفعل والنتيجة (CIRO).
نشر دونالد كيركباتريك أول نموذج لعائد الاستثمار في عام 1959، واعتمَدت النماذج اللاحقة في الغالب عليه وأضافت إليه، ويتكون النموذج من أربعة مستويات:
- المستوى الأول "رد الفعل": الدرجة التي يجد فيها المشاركون التدريب إيجابياً وجذاباً وملائماً لوظائفهم.
- المستوى الثاني "التعلُّم": الدرجة التي يكتسب بها المشاركون المعرفة والمهارات والسلوك والثقة والالتزام بناءً على مشاركتهم في التدريب.
- المستوى الثالث "السلوك": الدرجة التي يُطبِّق بها المشاركون ما تعلَّموه في أثناء التدريب عند عودتهم إلى الوظيفة.
- المستوى الرابع "النتائج": الدرجة التي تتحقق بها النتائج المستهدفة نتيجة التدريب وحزمة الدعم والمساءلة.
شاهد بالفيديو: 6 طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين
التخطيط:
تبدو عملية كيركباتريك منطقية كلما تقدَّمتَ فيها، ولكن في نهج الكوتشينغ نبدأ بالنظر إلى المكان الذي نريد الوصول إليه قبل بدء العملية، لذلك يجب المرور بمرحلة أخرى من البحث في البداية، وهي تحديد الأهداف وطريقة قياسها.
يجب اتخاذ الخطوات الأولى لتقييم فوائد برنامج الكوتشينغ أو برنامج تدريب الكوتش قبل وقت طويل من بدايته؛ حيث يكشف تحليل احتياجات التدريب (TNA) عن حالة الوضع الحالي والتغييرات التي يرغب الناس في رؤيتها.
يمكن القيام بذلك من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، من مجرد طرح الأسئلة على المعنيين إلى سلسلة واسعة من الاستطلاعات والاجتماعات، وأهم جانب هو تحديد جميع المساهمين المحتمَلين من كل المستويات في المنظمة، والتأكد من دراسة آرائهم ووضعها في الحسبان.
قبل تحليل احتياجات التدريب:
المفتاح هو طرح الأسئلة المناسبة على الأشخاص المناسبين؛ لذلك قبل إجراء أي تحليل، سيكون البحث في الاستطلاعات التي أجراها الموظفون وآراء العملاء مفيداً، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع مجموعة صغيرة من المساهمين الرئيسين.
تحليل احتياجات التدريب:
يجب أن يُسأل أكبر عدد ممكن من الأفراد المتأثرين بمجال التدريب؛ أولئك الذين سيحضرون، ومديريهم، وموظفيهم وربما عملائهم، يمكن القيام بذلك من خلال إجراء استطلاعات رأي تشمل جميع الموظفين في المنظمة، بالإضافة إلى مجموعات التركيز والمقابلات مع الأعضاء الرئيسين، ويمكن أن تستند الأسئلة إلى نموذج النمو "جروو" (GROW) الموضَّح في الشكل التالي:
سوف تُحدَّد المجالات والموضوعات والصياغة المحددة حسب طبيعة المنظمة والنتائج المختلفة في أثناء التقدم:
- الهدف:
- ماذا تريد على الأمد الطويل؟ (من سنة إلى خمس سنوات).
- ماذا تريد على الأمد القصير؟ (من ثلاثة أشهر إلى سنة).
- الواقع:
- ما الذي يعمل جيداً الآن؟
- ما هي التحديات التي تواجهها؟
- الخيارات:
- ما الذي يجب القيام به؟
- ما هي التغييرات التي تريد تحقيقها؟
- ما هي اقتراحاتك؟
- مرحلة الإرادة: ليست ضرورية هنا؛ وذلك لأنَّنا نبحث عن اقتراحات وخيارات ولا نسعى إلى اتخاذ قرارات بشأن ما يجب الالتزام به.
تحديد الأهداف:
من خلال دراسة نتائج تحليل احتياجات التدريب، يمكننا تحديد التوجهات وسنكون في وضع جيد لإعداد الأهداف التي نعلم أنَّها ستؤدي إلى مشاركة معظم الأفراد في جميع أنحاء المنظمة.
بجانب كل هدف يمكننا وضع طرائق لقياس النتائج، وإذا تبيَّن أنَّ ذلك صعب، فربما يعني ذلك أنَّ الهدف ليس واضحاً بدرجة كافية، ويجب إعادة صياغته، ومعرفة هل هو حقاً هدف نهائي أم مجرد مرحلة يجب إكمالها في أثناء التقدُّم.
قد تكون بعض المقاييس نوعية، ولكن يجب دائماً تضمين بعض المقاييس الكمية أيضاً، كما يجب صياغة جميع الأهداف باستخدام عبارات إيجابية، على سبيل المثال: "زيادة حضور الموظفين" بدلاً من "تقليل التغيب"؛ فالهدف الفعَّال يُحدِّد الوجهة التي نريد الوصول إليها، وليس الوجهة التي نرغب في الابتعاد عنها.
مراقبة التقدُّم:
يمكن القيام بذلك على الأمدَين القصير والطويل وفقاً لنموذج كيركباتريك:
- مَلء المشاركين استمارات التغذية الراجعة في نهاية كل وحدة.
- تقديم تغذية راجعة نهائية حول الدورة التدريبية بأكملها أو البرنامج بأكمله.
- إجراء استبيانات المتابعة بعد ثلاثة إلى ستة أشهر لمعرفة مدى شعور المشاركين بأنَّهم استوعبوا التعلُّم جيداً.
- متابعة الاستبيانات بعد سنة إلى خمس سنوات لمعرفة فوائد البرنامج على الأمد الطويل.
يمكن أن يتضمن العنصران الأخيران سؤال الجهات التي عمل المشاركون معها أو لديها لمعرفة مدى استفادتهم من التعلُّم.
كيفية الحصول على نتائج عائد الاستثمار القابلة للقياس الكمي باستخدام الاستطلاعات:
تُجري معظم المؤسسات استبيانات منتظمة مع الموظفين، سواء كانت حول العناصر غير الملموسة مثل الرضا والتحفيز، أم الحقائق الملموسة مثل معدلات الغياب، وتحقيق الأهداف، ودوران الموظفين، وقد يُعدَّل بعضها لقياس فوائد الكوتشينغ.
لضمان تحديد تلك الفوائد التي تُعزى فقط إلى برنامج الكوتشينغ وعدم الخلط بينها وبين فوائد أخرى ناتجة عن تغييرات مختلفة قد تحدث، يجب طرح السؤال التالي: "ما هو الاختلاف الذي يُنسب فقط إلى برنامج الكوتشينغ؟".
يمكن أن تستخلص الإجابات فوائد أكثر تحديداً، وعند الاقتضاء، من الممكن طرح أسئلة تستوجب إجابات كمية، مثل:
- ما مقدار؟
- كم عدد؟
- ما هي النسبة المئوية؟
يمكن أيضاً طرح الأسئلة لمعرفة نسبة الفائدة من برنامج الكوتشينغ؛ لذلك إذا تم التأكد من أنَّ هناك زيادة بنسبة 20٪ في الأرباح، وقال الموظفون إنَّ 80٪ من هذه النسبة يُعزى إلى برنامج الكوتشينغ، فهذا يعني أنَّ برنامج الكوتشينغ أدى إلى زيادة الأرباح بنسبة 16٪.
يمكن استخدام استطلاعات مختلفة لقياس التغيير في الثقافة، وإحدى هذه الاستطلاعات عبر الإنترنت هي "التحول الثقافي لريتشارد باريت" (Richard Barrett’s Cultural Transformation) التي تُمكِّن العمال من جميع الاختصاصات في الشركة من تحديد نقاط القوة والضعف للقيادة في الشركة دون تحديد أفراد بعينهم، أو تقديم انتقادات دون ذِكر أسماء قائليها حتى لا تكون متأثِّرةً بالتحيزات الشخصية.
عند استطلاع أعداد كافية من الموظفين، يمكن أن تُظهر هذه الاستطلاعات التوجهات؛ على سبيل المثال، إذا اشتكى عدد كبير من الارتباك أو التنمر، فيمكن تصميم استطلاع لمعرفة تأثير هذه العوامل في الشركة.
يُقدِّر المشاركون النسبة المئوية للخسائر في الإيرادات الناجمة عن العوامل المُقيِّدة، وبالاطلاع على إيرادات العام السابق، يمكن تحويل هذه النسبة إلى رقم؛ فنتيجة مثل تلك الموجودة في الجدول أدناه، على الرغم من أنَّها ليست دقيقة من الناحية الإحصائية، إلا أنَّها كافية لجذب انتباه المسؤولين عن المالية والميزانيات:
الاستفادة من التغذية الراجعة لتحقيق عائد الاستثمار:
يمكن تقديم مساهمة هامة لقياس عائد الاستثمار في تدريب الكوتش في أثناء البرنامج من خلال جمع التغذيات الراجعة كتابياً أو شفوياً؛ حيث يمكن ملء نماذج التغذية الراجعة في نهاية كل يوم تدريب، مما يوفر أساساً جيداً لإعداد تقرير في نهاية البرنامج.
إذا وافق المشاركون، فيمكن ذكر أسمائهم، الأمر الذي يُضفي أهمية كبيرة لا سيَّما إذا كانوا من كبار المسؤولين في المنظمة؛ حيث تأتي أهمية التغذية الراجعة التي يقدِّمونها من قدرتهم على تبرير الإنفاق وتشجيع الموظفين الآخرين على المشاركة في التدريب المستقبلي.
كلما قُدِّمت التغذية الراجعة بسرعة أكبر، كان ذلك أفضل، تُخصَّص عادةً عشر دقائق في نهاية برنامج الكوتشينغ، أو كل يوم، لملء الاستمارات في الوقت الذي تكون فيه التجربة جديدة في أذهان الجميع، أما إذا طُلب منهم إكمال التغذية الراجعة عبر الإنترنت أو عبر البريد الإلكتروني بعد الدورة، فمن المحتمل ألا يجد معظم المديرين الوقت للقيام بذلك عند عودتهم إلى حياتهم المكتظة بالعمل.
إليك بعض نماذج الأسئلة في نموذج التغذية الراجعة:
- ما هي الفوائد الرئيسة الثلاث التي اكتسبتها؟
- أين ستستخدمها في عملك؟
- ما هي الفوائد الملموسة التي حصلت عليها؟
- ما هي الفوائد الملموسة للمنظمة؟
- ما هي الفوائد غير الملموسة التي حصلت عليها؟
غالباً ما تكون التغذية الراجعة الشفوية مُعبِّرةً أكثر من الكتابية؛ حيث يلاحظها الكوتش أو المدرب ويطرحان أسئلة لاستخلاص التفاصيل، بما في ذلك الأرقام حيثما أمكن ذلك، يمكن بعد ذلك تحويل الإجابة إلى تقرير يُقدَّم إلى المنظمة بعد أخذ الإذن من المُتدرِّبين أو ممن يُقدَّم لهم الكوتشينغ، ويساعد كل هذا في إيجاد دليل على عائد الاستثمار من خلال الكوتشينغ.
استفادة عائد الاستثمار من عملية البحث:
يُعدُّ البحث طريقة أخرى فعَّالة لإقناع المنظمات بقيمة الكوتشينغ؛ على سبيل المثال، قدَّمَت شركة إنوفيست (Innovest) الأمريكية الرسم البياني أدناه:
يُظهر البحث أنَّه من المتوقع قياس قيمة المؤسسة من خلال فحص سجلاتها المالية، مثل الأرباح وسعر السهم، ولكن يبدو أنَّ 60-85 % من قيمتها الحقيقية تكمن في رأس المال الثقافي؛ أي الدوافع غير الملموسة مثل العلاقات والتواصل والاحتفاظ بالمعرفة والمهارة والسلوك داخل الشركة والمجتمع الخارجي والاستدامة وما إلى ذلك.
تاريخ حالة، عائد استثمار تدريب الكوتش في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS):
منذ عام 2015، قدَّمنا برنامج كوتشينغ ومنتورينغ مكثف لمشفى "رويال فري في لندن" (Royal Free London) والعديد من مشافي هيئة الخدمات الصحية الوطنية الأخرى.
لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية نظام قوي لقياس رضا الموظفين وتُظهر نتائج ذلك العائدَ على الاستثمار من حيث التغيير الإيجابي الذي حققه برنامج الكوتشينغ؛ حيث تقيس العملية النتائج النوعية والكمية من خلال تحديد المجالات التي يجب أن يحدث فيها التغيير، ثم تشكيل الأسئلة التي ستمثل بدقة ما إذا كانت التغييرات قد تحققت وإلى أي مرحلة تحققت.
تطرقت الأسئلة المطروحة على الموظفين من جميع المستويات في هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى مجموعة واسعة من الموضوعات بما في ذلك المساواة والتنوع، والصحة والرفاهية، وجودة التقييمات وتفاعل الموظفين؛ حيث يمكن ملاحظة أنَّ درجات "رويال فري لندن" قد تحسَّنت منذ بدء برنامج الكوتشينغ، كما هو موضح في الرسم البياني أدناه:
استنتجت كارولين مابي (Caroline Mabey) نائبة مدير التطوير التنظيمي والتعلُّم: "ترسم البيانات الثابتة بالإضافة إلى الشروحات صورة عن التقدُّم الملحوظ نحو ثقافة الكوتشينغ".
في الختام:
لا يوجد حل سريع لقياس عائد الاستثمار في تدريب الكوتش، ولكن يمكن الحصول على أدلة هامة عن التحسن نوعاً وكماً من خلال مزيج من الكوتشينغ والاستطلاعات والتغذية الراجعة والبحث كما هو موضح أدناه:
من الناحية العملية، لقد وجدت أنَّه على الرغم من أنَّ المنظمات غالباً ما تُعبِّر عن رغبتها في قياس عائد الاستثمار خلال مراحل التخطيط لبرامج الكوتشينغ، إلا أنَّ التغييرات التي تحدث عندما يبدأ المديرون في استخدام مهارات الكوتشينغ تُقدِّم أدلة كثيرة عن عائد الاستثمار، وتضيف بوضوح قيمة للمؤسسة تُغني عن استخدام هيكل لقياس عائد الاستثمار.
أضف تعليقاً