أولًا: من هو الطبيب عادل محمود؟
هو أحد روّاد أبحاث اللقاحات والأمراض المعدية في العالم، ويُعتبر من أبرز العلماء في المجال الأكاديمي والطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، ترجع شهرته في مجال تطوير اللقاحات التي ساهمت في إنقاذ حياة مئات الملايين حول العالم من سرطان عنق الرحم أثناء خدمته كرئيس لشركة ميرك آند كو للأدوية، كما عمل كأستاذ بجامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية.
وكان الطبيب عادل محمود طموحًا منذ صغرهِ، ومتفوقًا في دراستهِ، بالإضافة إلى أنّه كان محبوبًا من قبل أصدقائهِ ومعلميه، وتميّز هذا الطبيب بإنسانيتهِ الكبيرة وتفانية في العمل، حيثُ كان يمد يد العون لكل المرضى، وكل هذا جعله ينجح في تأسيس جيل من الأطباء المُحترفين والبارعين.
ثانيًا: ولادته ووفاة والده
ولد عادل محمود في مدينة القاهرة سنة 1941، وفي سن العاشرة من عمرهِ، أصيب والده بمرض الإلتهاب الرئوي واشتدّ عليهِ المرض، وهذا ما أجبر الطفل الصغير للهرع نحو إحدى الصيدليات للبحث عن حقنة البنسلين لإنقاذ حياة والدهِ، إلّا أنّه وللأسف الشديد لم ينجح في ذلك وتُوفي الوالد بسبب تأخر الطفل الصغير عن جلب العلاج في الوقت المناسب، وقصة وفاة والدهِ أثّرت بشكلٍ كبير على حياة الطفل الموجوع نفسيًا، وهذا ما شجعه وترك حافزًا كبيرًا في قلبهِ لدراسة الطب، حيث تقول زوجته البروفيسورة الأمريكيّة سالي هودر، (كنت أتعجب من إصرارهِ الشديد بحياتهِ وكنت أتسائل حول السبب، وما إن كانت تلك الدوافع نشأت من تربيتهِ المُبكرة، أم أنّها جزء من شخصيته).
ثالثًا: تعليمه وسفره والمناصب التي شغلها
خلال حياتهِ الدراسيّة كان عادل محمود متفوقًا ومجتهدًا، وكان يسعى دائمًا للحصول على أعلى العلامات لكي يتمكّن من الدخول إلى كليّة الطب، وبالفعل نجح في تحقيق هدفه وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة سنة 1963.
سافر عادل محمود سنة 1968 إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراسته وحصل على شهادة الدكتوراه للمرة الثانية عام 1971 من كلية لندن للصحة والطب المداري، وركّز خلال رسالة الدكتوراه على دراسة الحمضيات، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، وذلك بهدف مكافحة الديدان الطفيلية، ومن بعدها سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة سنة 1973، من أجل استكمال دراستهُ والعمل هناك.
انضم إلى جامعة كيس وسترن ريسرف الأمريكية، كمدرس جامعي مساعد، وسرعان ما أثبت كفاءته وعُيّن رئيسًا لقسم الطب هناك مدة عامين تقريبًا، وكان لهذا الطبيب دور فعّال في الجامعة حتى أنه ترك تأثيرًا بين الطلاب فيها، حيث أشادت به عميدة الطب في الجامعة نفسها، والتي كانت تُدعى باميلا ديفيس، وقال:(كان ذكيًا في التعامل مع المشكلات بدرجة تفوق الطبيعي، حتّى أنّ العالم صار مظلمًا بعد غيابه).
تمّ تعيين الطبيب عادل محمود في مجالس إدارة GAVI، وفي مبادرة اللقاحات الدوليّة لمكافحة مرض الإيدز، كما وتمّ تعينه في المعهد الدولي للقاحات، وفي العديد من شركات القطاع الخاص، وشغل منصب رئيس لقاحات شركة ميرك سنة 1998، هذه الشركة التي تعتبر من أكبر شركات الدواء على مستوى العالم، ويقع مقرها الأساسي في الولايات المتحدة الأمريكيّة، واستمر في العمل بها لمدة ثمان سنوات متواصلة.
وعلّق رئيس مجلس إدارة الشركة والمدير التنفيذي، كين فرايزر بعد رحيلهِ (كان شخصية محبوبة، وترك تأثيرًا كبيرًا في مجال الطب على مستوى العالم، بل وله الفضل في إنقاذ وشفاء العديد من الرضع والمراهقين، ويُعتبر من الشخصيات القليلة التي تركت بصمتها في الطب عالميًا).
اقرأ أيضاً: 3 من أشهر علماء العرب وأكثرهم تأثيراً في حياة البشريَّة
رابعًا: عمله في مجال تطوير اللقاحات الطبيّة
قام الطبيب عادل محمود بتطوير الكثير من اللقاحات الطبيّة خلال عمله في شركة ميرك، مثل:
- اللقاح الرباعي للحصبة والحصبة الألمانيّة.
- لُقاح النكاف والحماق.
- تطوير لقاح خاص بمقاومة عدوى فيروس الروتا للرضّع.
- لقاح فيروس الورم الحُليمي المسؤول عن إصابة المرأة بسرطان عنق الرحم، والذي يتسبّب في وفاة الآلاف من النساء والأطفال سنويًا.
- كما ونجح هذا الطبيب الشهير بتوزيع ما يزيد عن 500 مليون جرعة من هذهِ اللقاحات في العالم، ليُنقذ حياة البشريّة.
خامسًا: المسؤوليات الاجتماعيّة
سعى الطبيب عادل محمود لإنشاء صندوق عالمي لتنمية اللقاحات، والمساهمة في الحد من تنامي فيروس إيبولا غرب إفريقيا وكان هذا سنة 2014، مساهمًا في ذلك بوضع حد للعديد من الأزمات الصحيّة العالميّة.
كما وقام بقديم الكثير من المشروات لمنظمة الصحة العالميّة، وعمل على تطوير برنامج الصحة العالميّة، بالإضافة لتقديم الاستشارات القيّمة للمعاهد، والجامعات، والمؤسسات التي تقوم بالأبحاث العلميّة في كل دول العالم.
وعلى الصعيد الطبي، اهتم بالمشاركة في الفعاليات السياسيّة والاجتماعيّة، التي تعمل على تقديم النصائح والتوعيّة للشباب والأجيال القادمة، بشأن قضايا الصحة العامة.
سادسًا: تقاعده عن العمل
تقاعد الطبيب عادل محمود عن العمل سنة 2006، وعاد إلى الدراسة الأكاديميّة مقدمًا النصائح إلى أبناء جامعة وينستون سالم ستيت، بالإضافة لتقديم بعض النصائح السياسيّة، وهذا ما دفع الدكتور أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسيّة والأمراض المعديّة، بالإشادة برأيه السياسي، حيث قال عنه (كان من أوائل الشخصيات التي تتّجه إليه للحصول على النصائح السياسيّة بأصعب القضايا).
سابعا: أشهر أعمالهِ
قام الطبيب عادل محمود بالعديد من الأعمال أهمها هو المساهمة في حل أزمة التطعيمات سنة 2013، هذا العام الذي شهد انتشارًا لعدد كبير من حالات التهاب السحايا بين طلبة الجامعة، حيث لم يكن في الولايات المتحدة أي تطعيمات لهذا المرض، ولم يتم تصنيع التطعيمات في أمريكا، وعندها استخدام صلاته مع الجامعات الأوروبيّة لجلب المصل والتطعيمات لمساعدة الجامعة، كما وتدخل لدى إدارة أوباما ليتم الحصول على تصاريح دخول التطعيمات.
ثامنًا: وفاته
توفي الطبيب المصري عادل محمود في 11 يونيو نتيجة إصابتهِ بنزيفٍ حاد في المخ، وذلك في مستشفى جبل سيناء في مانهاتن بولاية نيويورك، وقد نعى مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس خبر وفاة الدكتور مغردًا على توتير: (في وقت سابق من هذا الشهر، فقد العالم واحدًا من أعظم مبدعي اللقاحات في عصرنا، الطبيب عادل محمود الذي أنقذ حياة عدد لا يُحصى من الأطفال).
كانت هذه مُقتطفات من قصة حياة ونجاح الطبيب المصري الأمريكي الشهير عادل محمود، الذي يعود إليه الفضل في إنقاذ حياة الملايين من الأطفال والأشخاص في العالم.
المصادر:
أضف تعليقاً