تأخر الكلام عند الأطفال:
يُعَدُّ تأخر الكلام عند الأطفال مشكلة شائعة تواجه 10% منهم، ويمكن تعريف هذه المشكلة على أنَّها تأخر امتلاك الطفل للمقدرة اللغوية التي تمكِّنه من التواصل مع محيطه عن طريق الكلمات، ويحدث عندما يعجز الطفل عن تطوير مقدرته الكلامية للتعبير عن طلباته وما يدور في نفسه مقارنة بما هو متوقع منه، أو مقارنة بأقرانه الطبيعيين في السن ذاته.
لكل مرحلة من مراحل نمو الطفل معدل متوقع من الكلمات يُعَدُّ منسوباً معيارياً تقاس عليه مقدرة الطفل الكلامية ليصح تشخيص حدوث تأخر الكلام عنده، فعلى سبيل المثال، يتوقع من الأطفال في سن 3 سنوات أن يكوِّنوا جملاً من ثلاث أو أربع كلمات.
لا يمكن تشخيص تأخر الكلام عند الأطفال بشكل اعتباطي، كون تطور المهارات عند الأطفال يختلف من طفل إلى آخر ويتعلق بعوامل عديدة، فقد أثبتت الدراسات أنَّ الفتيات يتحدثن في وقت مبكر مقارنة بالذكور، والأطفال الذين يمتلكون أشقاء أكبر سنَّاً يعانون من تأخر الكلام، كونهم يعتمدون على إخوتهم في شرح متطلباتهم، والأطفال ثنائيو اللغة يتأخرون في تحدث أي من اللغتين.
أسباب تأخر الكلام عند الأطفال:
أوضحت الأم الواعية للجارة أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، ولخصتها لها على هيئة النقاط الآتية:
1. أسباب عضوية:
الأسباب العضوية هي أول ما يخطر في بالنا عند الحديث عن أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، ومن بينها اللسان المربوط الذي يكون عبارة عن حزام نسيجي يربط مقدمة لسان الطفل إلى أسفل، وغالباً ما تُكتشف هذه المشكلة في الفحص الأول للطفل حديث الولادة، لكن في حين تأخر اكتشافها يمكن أن تسبب تأخر الكلام عند الأطفال، ويكون حلها بعملية بسيطة يجريها الطبيب.
2. فقدان السمع:
يُعَدُّ فقدان السمع من أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، فالطفل الذي لا يسمع الكلام لا يمكن أن يكوِّن مخزوناً لغوياً يستعين به ليبدأ الكلام، وقد يكون تأخر الكلام عند الأطفال هو الإشارة الوحيدة للدلالة على معاناتهم من فقدان السمع.
شاهد: 8 طرق لتحسين المهارات اللغوية عند طفلك
3. اضطراب طيف التوحد:
قد تكون الإصابة باضطراب طيف التوحد سبباً من أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، وهذا الأمر يتم تشخصيه من قِبل المختصين في هذا المجال.
4. الإعاقات الذهنية والمشكلات العصبية:
تُعَدُّ إصابة الطفل بإعاقة ذهنية أو مشكلة عصبية من أسباب تأخر الكلام لديه، ويكون تأثير المشكلات العصبية في العضلات اللازمة للكلام، ومن هذه المشكلات نذكر إصابات الدماغ والشلل الدماغي.
5. أسباب نفسية تخاطبية:
لا يمكن إغفال الأسباب النفسية في كونها من أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، فتخويف الطفل باستمرار أو حزنه على فقد شخص مقرب قد يسبب له هذه المشكلة، أما الأسباب التخاطبية تكون في التلعثم أو عدم التحدث مع الطفل أو عدم القدرة على نطق الحروف ومخارجها بشكل صحيح.
6. الفروق اللغوية:
في الحالات التي تقطن فيها العائلة في بلاد غير ناطقة بلغتها الأم، أو في الحالات التي يتكلم فيها الأبوان لغتين مختلفتين تكون الفروقات اللغوية من أسباب تأخر الكلام عند الأطفال، وقد لا يحدث أي تأخر في الكلام إذا ما تم إدخال اللغتين إلى عقل الطفل بطريقة صحيحة مدروسة.
علامات تأخر الكلام عند الأطفال:
من علامات تأخر الكلام عند الأطفال عدم نطقهم لأيَّة كلمة عند بلوغهم العامين، وبحسب نظريات أخرى حتى بلوغهم العام والنصف، وفي سن الثالثة أو الرابعة يكون عدم نطق أيَّة كلمة ذات معنى من علامات تأخر الكلام، أما العيوب في النطق عند بلوغ الخامسة من العمر تكون علامة حرجة من علامات تأخر الكلام عند الأطفال.
مع مراعاة الفوارق الفردية بين الأطفال تكون عموماً عدم استجابة الأطفال للأوامر البسيطة التي تُطلب منهم في سن الثانية مثل "افتح الباب" أو نطق ما يقارب 50 كلمة من علامات تأخر الكلام عند الأطفال، وفي سن الثالثة يكون فقدان مهارة الحديث بعبارات من كلمتين أو ثلاث كلمات، والافتقار إلى مهارة الإشارة إلى أنفسهم بكلمات مثل "لي، أنا، ملكي" علامتين واضحتين من علامات تأخر الكلام عند الأطفال.
علاج تأخر الكلام عند الأطفال:
يكون علاج تأخر الكلام عند الأطفال كما أخبر المتخصصون صديقتنا الأم عبر اتباع النصائح الآتية:
1. هوِّني عليكِ:
تأخر الكلام عند الأطفال أمر شائع ولا داعي للخوف منه إذا ما تأكدت من سلامة طفلك العضوية والنفسية، ففي كثير من الأحيان يكون إلحاح الأهل على الطفل بالكلام واحداً من أسباب تأخر الكلام عنده، فهو بذلك يستحوذ على اهتمامهم وهذا أمر يحبه كل الأطفال.
2. حدِّثي طفلك منذ اليوم الأول:
تشير الدراسات إلى ضرورة توجيه الكلام إلى الطفل من عمر يوم واحد، فقد يبدو الأمر غريباً ولكنَّه يفيد في ملء المخزون اللغوي للطفل، وبالتأكيد علاج تأخر الكلام عند الأطفال، وتشير الاختصاصية "غزل بغدادي" إلى أهمية هذه الخطوة في خلق أواصر التواصل بين الأم والطفل ورفد الأخير بالكثير من الكلمات، وتنصح بإخبار الطفل بأيَّة خطوة سيقوم بها واستغلال أي موقف لتعليمه كلمات جديدة مثل "سنغير الحفاض" ونشير بيدنا إلى الحفاض قائلين "هذا حفاض" وغيرها من المفردات والمواقف.
3. اقرئي القصص لطفلك:
تُعَدُّ قراءة القصص من طرائق علاج تأخر النطق عند الأطفال، ومن المشجعات للطفل على الكلام، ويُنصح ببدء القراءة منذ عمر مبكر لما لها من دور فعال في تعزيز المخزون اللغوي للطفل، وتعليمه تقليد الأصوات مثل صوت سيارة الإسعاف "وي وي" وصوت بوق السيارة "بيب بيب"، فضلاً عن تعليمه أصوات الحيوانات التي تجذب اهتمامه وتشجيعه على تقليدها.
4. شجعي طفلك على الكلام:
إذا أردت علاج تأخر الكلام عند طفلك فاحرصي على تشجيعه على لفظ الكلمة، فإذا ما أخذك طفلك من يدك إلى المطبخ وأشار إلى الماء معرباً عن رغبته بالشرب قولي له: "تريد الماء؟"، "قل ماء" وكرري الكلمة على مسامعه حتى لو لم يتمكن من نطقها بشكل صحيح.
5. لا تقلدي الطفل:
قد ينطق أطفالنا الكلمات بطريقة طريفة، وبشكل لا شعوري نستخدم كلماتهم للدلالة على الأشياء، وهذا خطأ في الحقيقية، فمن طرائق علاج تأخر الكلام عند الأطفال التأكيد على تعليم الطفل اللفظ الصحيح للكلمة وتدريبه على نطقها بدلاً من أن نستخدم مفرداته، فيجب أن نقول له: "أين السيارة؟" مع توضيح مخارج حروف الكلمة بدلاً من أن نقول له: "أين يالا" كما ينطقها.
علاج تأخر الكلام عند الأطفال البالغين من العمر 3 سنوات:
يكون علاج تأخر الكلام عند الأطفال البالغين من العمر 3 سنوات عن طريق التأكد من عدم وجود أيَّة مشكلة عضوية أو نفسية عند الطفل عن طريق عرضه على الاختصاصيين، وفي حال وجود مشكلة معينة يجب العمل على حلها ومعالجة الأسباب التي أدت إلى تأخر الكلام، فإذا كانت مشكلة في السمع يجب اللجوء إلى طبيب متخصص، وإذا كانت المشكلة بسبب اضطراب معين يجب اللجوء إلى العلاج المعرفي السلوكي.
في جميع الأحوال يجب عرضهم على اختصاصي نطق ولغة وتشجيعهم منزلياً على الكلام عن طريق القصص المصورة أو دندنة الأغاني معهم أو منحهم الاهتمام الذي يحتاجونه؛ وذلك لأنَّه في حالات كثيرة يكون السبب نفسياً، وثمة أطفال يتوقفون عن الكلام بسبب غيرتهم من إخوتهم الجدد أو تقليدهم لهم.
شاهد أيضاً: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية
علاج تأخر الكلام عند الأطفال البالغين من العمر 4 سنوات:
يكون علاج تأخر الكلام عند الأطفال البالغين من العمر 4 سنوات أيضاً عن طريق التأكد من خلوهم من المعوقات الجسدية والنفسية التي تكبح رغبتهم بالكلام، ومحاولة التقرب منهم وتشجيعهم على نطق الكلمات عن طريق الاستعانة بقراءة القصص وتذكُّر الكلمات الموجودة فيها.
من الضروري أيضاً التحدث مع الطفل عن الكثير من التفاصيل ومشاركته مواقف الحياة اليومية، مثل إعداد وجبة طعام يحبها وذكر المكونات والعمليات التي نقوم بها كأن نقول: "نقطع الطماطم بالسكين، فهذه طماطم، وهذه سكين، ونحن نقطع بهذا الشكل"، مع محاولة تقليد صوت التقطيع وإضافة المرح إلى الوقت الذي نقضيه مع الطفل.
كما يمكن الاستعانة باللعب من أجل علاج تأخر الكلام عند الأطفال البالغين من العمر 4 سنوات، كأن نمثل سقوط الدمية على الأرض ونطلب منه الاتصال بسيارة الإسعاف وتقليد صوتها "وي وي"، فإنَّ جميع هذه الخطوات يتم اللجوء إليها بعد سماع رأي اختصاصي نطق ولغة الذي يشخص حالة الطفل ويقترح لكم التمرينات التي تساعد على تقوية عضلات وجهه وفمه.
في الختام:
تأخر الكلام عند الأطفال هو مشكلة شائعة وغير مقلقة إذا ما تم التأكد من خلوه من الإصابات السمعية أو الاضطرابات الجسدية والصدمات النفسية، وقبل التفكير في علاج تأخر الكلام عند الطفل يجب أولاً عدم مقارنته بأي طفل آخر فكل طفل مختلف، والتأكد من تعرُّضه للغة بشكل سليم عن طريق التحدث المستمر معه وتشجيعه على الكلام وقراءة القصص له، ومن ثمَّ رفد مخزونه اللغوي بكلمات عديدة ترى طريقها إلى النور في الوقت المناسب.
أضف تعليقاً