إذا كانت القيادة ضرورية في كل مناحي الحياة، لكنَّها تختلف حسب الظروف، فكيف يمكن لأيِّ شخص قياس ما لدى الشخص من قدرة قيادية؟ كيف نعرف من يجب ترقيته، ومن يجب توظيفه، وفي بعض الأحيان، من يجب تسريحه من العمل؟
إذا أردت أن تعرف ما إذا كان شخص ما مناسباً لتولي منصب قيادي، فابحث عن هذه الصفات الثلاث التي يجب أن يتمتع بها كل قائد ناجح:
1. الإخلاص:
ما الذي يخطر في بالك حين تسمع كلمة "مُخلص"؟ فهل تفكر بزوج مخلص ومحب، أو ربما شخص متدين وتقي؟
لا يعني الإخلاص هذه الأمور هنا؛ وإنَّما يعني الالتزام والثقة؛ فالالتزام والثقة في أيِّ مؤسسة أمران أساسيان لخلقِ فريق متماسك وعالي الأداء؛ حيث تكرِّس الكتب المتخصصة بالأعمال فصولاً كاملة للعلاقة بين القيادة والثقة.
لعلَّ الكثير من الناس نصحوك؛ حيث كنت طالباً جامعياً وتعمل في وظائف جانبية أخرى، بألَّا تُبدِّل بين الوظائف باستمرار؛ وذلك لأنَّه سيبدو لأرباب العمل بأنَّك تنتقل من وظيفة إلى أخرى كثيراً، وسيظهر ذلك جلياً في سيرتك الذاتية، فلن يكونوا مستعدين بذلك لتدريبك أو منحك الثقة للعمل في مؤسساتهم، ظنَّاً منهم أنَّك لن تبقى في الوظيفة لفترة طويلة.
عندما تريد أن ترقِّي أو توظِّف أو حتى تسرِّح شخصاً من الوظيفة، فانتبه إلى مدى إخلاصه، فكيف أَثبَت هذا الشخص أنَّه مخلص وجدير بالثقة في مسؤولياته السابقة؟ وكما يقول المثل، "من لا يؤتمن بدينار لا يؤتمن بقنطار" فهل هو مقتنع وملتزم بعمل مؤسستك؟ أم أنَّ العمل بالنسبة إليه لا يتعدى كونه عمل؟ حيث يتصف القادة العظيمون بالإخلاص والثقة وإمكان الاعتماد عليهم.
2. الحنكة:
لا تكفي الصفات المذكورة آنفاً لتصنع قائداً؛ وإنَّما يجب أن يتمتع بالحنكة؛ أي أن يكون ذا تفكير عميق واستراتيجي وواسع الحيلة في عمله.
يقول روبرت ويلكينسون وكيمبرلين ليري (Robert Wilkinson and Kimberlyn Leary)، أعضاء هيئة التدريس في كلية هارفارد كينيدي (Harvard Kennedy School) إنَّ العزيمة هي سمة أساسية لأيِّ قائد في أيِّ مجال، وأنَّها نادراً ما تكون خَطِّيَّة أو مباشرة وتتطلب في المقام الأول "الانتباه، والقدرة على التعلم بسرعة وفي الوقت المناسب".
من المهام الأساسية للقادة حل المشكلات؛ وفي مشوار كل قائد، ستظهر حتماً مشكلات لن يجد لها حلولاً واضحة؛ حيث لا يمكن حل هذه المشكلات بالعمل الجاد أو بذل مزيد من الجهد؛ وإنَّما بالتفكير الاستراتيجي وسعة الحيلة.
لا يقتصر عمل القائد على إنجاز مهمة ببساطة؛ بل هو الشخص الذي يقود ويفعل كل ما في وسعه لتوجيه الناس وأنفسهم نحو فريق أكثر صحة وتماسكاً وإنتاجية، ولا يسمح للعوائق بأن تقف في طريق أهدافه وغاياته، إنَّه يعتقد أنَّه إذا كانت هناك إرادة، فلا بد من وجود طريقة لتحقيق الأمر، ويفعل كل ما في وسعه للعثور عليها؛ لذلك، فإنَّ القادة العظيمين هم صاحبو حنكة وتفكير استراتيجي وسعة حيلة.
3. السعي إلى التعلم:
بغض النظر عن مدى موثوقية أو حنكة أو موهبة الشخص أو خبرته، فلن يكون أبداً فعَّالاً ومنتجاً مثل الشخص الذي يمكنه التعلم؛ حيث ناقش الباحث جيم كولينز (Jim Collins) ومن تلاه من باحثين أنَّ التواضع هو سمة شخصية أساسية في القادة".
لا شيء يدوم، لا الحكومة ولا السوق ولا الشركة ولا حتى الناس؛ لذا يسمح التمتع بعقلية منفتحة ومتواضعة تسعى إلى التعلم الدائم للقائد بالتكيف والعمل في أيِّ ظروف.
برأي العالم تشارلز داروين (Charles Darwin) أنَّه إذا لم تستطع التعلم والتكيف، فسوف تنخفض إنتاجيتك حتماً، وينعدم تأثيرك في النهاية، دون التمتع بعقلية تسعى إلى التعلم، فإنَّ الحفاظ على تأثيرك وفاعليتك سيكون أمراً شاقاً وصعباً.
بدأت شركة نتفلكس (Netflix) عملها في تأجير الفيديو عبر البريد، ولكن كما نعلم جميعاً، فقد استمرت وتطورت لتغدو علامة تجارية لا نستغني عنها في منازلنا؛ كما بدأ يوتيوب (YouTube) كموقعِ مواعدة، ولكنَّه الآن تطبيق أساسي لا غنى عنه في هواتفنا وأجهزتنا، تمكنت هذه الشركات وغيرها من الاستمرار والازدهار؛ ذلك لأنَّهم كانوا قادرين على تقييم أعمالهم بتواضع والتعلم والالتزام.
ومن ثم، فإنَّ الشركات الكبرى والفِرق والقادة يجب أن يتمتعوا بعقلية تسعى إلى التعلم؛ فهُم متواضعون ويسعون إلى البحث عن رؤى جديدة وتغذية راجعة بنَّاءة.
شاهد بالفيديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد
في الختام:
على الرغم من وجود عدد كبير من الخصائص التي من شأنها أن تصنع قائداً عظيماً، لكنَّ ما يرتكز عليه كل قائد قادر ومؤثر هو الإخلاص والحنكة والسعي إلى التعلم؛ حيث إنَّهم أشخاص ملتزمون بالمهمة، ومستعدون لفعل ما يلزم لإنجاز الأمور ومتواضعون يصغون ويتعلمون طرائق جديدة للعمل والقيادة.
أضف تعليقاً