ما هو السلوك الفوضوي عند الأطفال؟
هو مجموعة من التصرفات والعوامل التي تشترك فيما بينها فتسبِّب اضطراباً في مجرى الأمور، وربَّما تحول دون قيام الفرد بوظائفه، والجدير بالذكر أنَّ الفوضوية سلوكٌ سلبي ولا يقتصر على الأطفال، فيمكن ملاحظته أيضاً عند الكبار، ولكن دائماً ما يظهر جليَّاً عند الصغار فيُعاني الأهل من السلوك الفوضوي عند أطفالهم.
كما يَظهر أحياناً السلوك الفوضوي في صفوف المدرسة، ويُعرف بأنَّه الاستجابات وردود الأفعال التي تؤثِّر بصورة سلبية في العملية التعليمية.
الطفل الفوضوي وأهم صفاته:
يختلف الأطفال في سلوكهم وصفاتهم، فمنهم الهادئ ومنهم الفوضوي، ويوصف الطفل الفوضوي بأنَّه كثير العناد والتخريب ويحاول بشتَّى السبُل جذب انتباه الأطراف المحيطة به من خلال كلامه أو أفعاله الفوضوية أو سلوكه الحركي الزائد، وبكثيرٍ من الأحيان يتحدَّى الأكبر منه مُسِّبباً لهم الشعور بالخيبة وفقدان الأمل منه، وسنذكر لكم أهم صفات الطفل الفوضوي، والتي يمكن أن نميِّزه من خلالها، وهي:
- التمرُّد على أوامر الأهل والمدرسين.
- إظهار اضطرابات سلوكية كالكذب والعنف وغيره.
- إهمال الواجبات والوظائف المدرسية.
- العشوائية في تنسيق أموره وترتيب أشيائه.
- نسيانه للتعليمات المفروضة عليه واللامبالاة بالقوانين.
- إثارة الفوضى والخراب في المكان الذي يلعب به أو يجلس فيه.
- انفعالاته السريعة على الأشياء.
- الاعتداء الكلامي والجسدي لمن حوله.
- الاستهزاء الدائم بزملائه.
- التعامل العنيف مع الباقيين.
- انحرافه في سلوكه البشري الطبيعي، وقيامه بالكذب والتنمُّر.
- القيام بالأعمال التخريبية بتصميم وإصرار.
- السب والشتم الكثير والمتقصَّد لمن حوله من أهله وأخوته وزملائه.
- انعدام دوافعه في المبادرة بالترتيب، أو اهتمامه بنظافة أشيائه وتنسيقها.
- عدم قدرته على التركيز في الأمور.
أسباب الفوضوية عند الأطفال:
في الحقيقة يوجد عددٌ من أسباب الفوضوية عند الأطفال، وأغلبها ناتج عن الظروف التي يوضع بها الطفل، أو التي تُفرَض عليه من البيئة المحيطة، وسنذكر لكم أهم هذه الأسباب:
- شعور الطفل بعدم امتلاكه شخصية مُستقلَّة متفرِّدة، وقد يكون ذلك بسبب فرض الأهل السيطرة الكاملة على أفعاله جميعها، والتحكُّم المُطلَق بأدقِّ أمور حياته، ومن ذلك طريقة تسليته ولعبه، وهذا ما يدفع الطفل إلى التمرُّد وعدم الانصياع لقوانين وتعليمات الوالدين، بغيةَ إثبات نفسه وإبراز شخصيته المُستقلَّة.
- الانعدام الكامل لوجود الأنظمة والقوانين في البيت، والتي تلزم الأولاد بالخضوع لها.
- كما قلنا آنفاً إنَّ الفوضوية مُكتسبة من الوسط المحيط، ولهذا تكون فوضوية الأبوين أو فوضوية واحدٍ منهما كافيةً لأن تنعكس انعكاساً مباشراً على سلوك وتصرُّفات الأطفال.
- أحياناً يقوم الأطفال بأفعال فوضوية بهدف لفت انتباه الأهل أو الأطراف المحيطة، ويُرجَّح الأمر بسبب غيرتهم ولا سيَّما عند مجيء ولدٍ جديد للعائلة، أو تمييز الأبويين بين الإخوة، وتفضيل أحدهم عن البقية، فهذا يُسبِّب اضطرابات سلوكية لدى الطفل ويندفع نحو الفوضوية والعدوانية.
- إنَّ المشكلات العائلية والأزمات التي تحدث في الأسرة مثل انفصال الأبوين (حدوث الطلاق)، من أهمِّ وأبرز الأمور التي تُنشِئ طفلاً ذا سلوك فوضوي، فيعبِّر هذا الطفل عن معاناته وألمه النفسي من خلال الفوضوية، فهو يكبت مشاعر الحزن بسبب الحياة الأسرية الصعبة التي يعيشها.
شاهد بالفيديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية
أسباب السلوك الفوضوي للطفل في المدرسة:
قد يكون للطفل سلوك فوضوي في المدرسة أيضاً، ومن أبرز أسبابه:
1. الإحساس بالملل والضجر:
أحياناً يراود التلاميذ شعورٌ بالملل بسبب كثرة التنسيق في الأمور المدرسية، وكذلك الابتعاد وترك النشاطات المدرسية المُسلِّية.
2. الإحباط:
قد تسبِّب الأوامر والتعليمات الصادرة عن الإدارة والمُعلِّم إحباطَ الطفل، إضافة إلى صعوبة التعلُّم الفردي للطفل، وكذلك السرعة في إعطاء الدروس والمواد التعليمية دون أخذ قسطٍ من الراحة، وقد تُسبِّب أيضاً زيادة الدروس ونشاطات التدريس وعدم حيويتها وصعوبتها الإحباطَ للطفل.
3. لفت الانتباه:
يميل التلاميذ إلى لفت انتباه الأطراف الأخرى في الصف عن طريق أفعالهم الفوضوية السيئة.
4. دلال الأطفال:
إنَّ تدليل الطفل أكثر من اللازم يجعل الطفل متكبِّراً ويضع في ذهنه أنَّه هو من يتَّخذ القرار بنفسه ويقود الأمور بنفسه.
5. تقليد الكبار:
في أغلب الأحيان ينشأ الطفل الفوضوي من بيئة فوضوية يعيش فيها، فلا يوجد بها نظام أو قانون، بحيث يُكرِّر صفات وأفعال الأشخاص الأكبر منه.
الآثار المترتِّبة على الطفل والمعلِّم من السلوك الفوضوي:
يؤثر السلوك الفوضوي سلباً في كل من الطالب والمعلم، ومن تلك التأثيرات ما يأتي:
- توقُّف المعلم عن التدريس لوقت محدد، وهذا يُسبِّب حرمان باقي الأطفال من الاستفادة والتعلُّم.
- إنَّ الطالب الفوضوي يُخفِّض من قدرة المعلم على إتمام مهامه التعليمية.
- يولِّد الطالب الفوضوي عند المعلم شعورَ الإحباط واليأس، ولا سيَّما بعد المحاولات المتعدِّدة التي يقوم بها المعلِّم للتصدي لهذا السلوك الفوضوي السيئ.
- يُسبِّب الطالب الفوضوي التشويشَ على زملائه في الصف؛ وهذا يعني عدم تركيزهم وفهمهم للدرس.
كيفية التعامل مع سلوك الطفل الفوضوي:
بعد أن شرحنا أسباب الفوضوية عند الأطفال، سنعرض لكم الآن بعض المقترحات لمعرفة كيفية التعامل مع الطفل الفوضوي:
1. إنشاء روتين منظَّم للطفل:
يتم إنشاء روتين منظم للطفل من خلال تعويد الطفل على ترتيب سريره فورَ استيقاظه وتنظيم غرفته، إضافة إلى توكيله ببعض المهام التي تتناسب مع عمره وحجمه، هذه التفاصيل وإن كانت بسيطة تجعلهم أطفالاً مُحبِّين للنظام والترتيب، ونذكر على سبيل المثال وضعه لملابسه في أمكنتها المناسبة ووضع الثياب المُتَّسخة في مكانها أيضاً.
2. تسهيل عملية الترتيب التي يكرهها الطفل:
يمكن تقسيم عملية الترتيب لمهامٍّ بسيطة صغيرة، فعلى سبيل المثال عند قيامه بتنظيف غرفته، يمكن أن يُقسم هذا العمل إلى مهام كترتيب الألعاب في البداية، ثم وضع الكتب والدفاتر في أمكنتها، وترتيب السرير بعد ذلك.
3. إثارة جوٍّ من المرح في عملية الترتيب:
يجب على الأم أن توفر جوَّاً من الفرح للطفل عند قيامه بعملية الترتيب لأشيائه، أو تنظيم حاجاته، ويمكن أن يتم ذلك من خلال جعل المهام على شكل مسابقات سرعة، أو مغامرات، وقصص يستطيع الطفل الحصول على التسلية خلال إنجازها، إضافة إلى كون هذه الأمور تُنمِّي الخيال والتفكير الجيِّد عنده.
4. تشجيع الطفل والثناء عليه عند قيامه بمهمة:
بعد أن يُنجز الطفل المهام الموكلة إليه، حتَّى وإن لم يقم بها بكفاءة عالية، فيجب تشجيعه على الاستمرار بالأداء وتحسينه، إضافة إلى شكره على ما بذله من جهد، وإعطائه مكافأة يُحبُّها كقطعةِ حلوى أو قطعة نقود.
5. عدم توبيخ الأطفال:
يجب على الأهل تجنُّب توبيخ الطفل أمام الآخرين أو في الشارع، إضافة إلى عدم نعته بصفات يكرهها، لأنَّ ذلك يساهم في جعله طفلاً مُضطرِباً وفوضويَّاً.
6. رسم مخطط للتربية بين الأبوين:
إنَّ الدور الهامَّ لكلا الطرفين من الأهل له تأثير مباشر في الطفل، فيجب على الأب والأم الاتِّفاق على تكوين أسلوبٍ موحَّدٍ وسليم في تربية الأطفال، فلا يجوز للأب أو للأم التساهل مع الطفل في أمرٍ خرَقَ القواعد أو المبادئ السليمة للتربية، كما يمكن للأبوين الحصول على استشارة من معالجين نفسيين أو مصلحين اجتماعيين عند الضرورة القصوى.
7. الاطِّلاع المستمر على أفعال الطفل:
لا يجب أن يتغاضى الأهل عن السلوك السيئ السلبي الذي يقوم به طفلهم، بحجَّة مزاجهم الجيِّد في هذا اليوم، بل يجب أن يُعاقب بأسلوبٍ صحيح غير مُفرِط، كما يجب عدم عقابه عقاباً مُفرِطاً وقاسياً؛ لأنَّ الأبوين مزاجهما سيئ في هذا اليوم، فهذا العقاب القاسي سيسبِّب ردود فعل لدى الطفل بسبب توبيخه العنيف.
8. التصحيح السريع لسلوك الطفل عند القيام بفوضى:
يجب تعديل السلوك الخاطئ الفوضوي مباشرةً للطفل وعدم الانتظار على ذلك واستبداله بقرينه الصحيح مباشرة، فلا يجب انتظار الأب لعقابه عند ارتكابه السلوك الفوضوي.
على سبيل المثال عندما يرفض الطفل ترتيبَ ألعابه ووضعها في مكانها المُخصَّص، يمكن للأم أن تشرح له عن خطورتها فهي من الممكن أن تؤذيه أو تؤذي أحد ما لأنَّها موجودة على الأرض، وفي حال عدم انصياعه للأمر وبقي يرفض إرجاعها إلى مكانها، عندها يمكن للأم أن تنفِّذ عقاباً بحقِّه كي يحترم التعليمات ويحترم ألعابه، ويجب إبقاءه تحت العقاب وإن اعتذرَ، فتستطيع الأم في هذه الحالة أن تفرض العقاب لمدة يومين أو ثلاثة مثلاً، كعدم السماح له باللهو في ألعابه حتَّى يتأدَّب وينصاع للأوامر مرة أخرى.
في الختام:
إنَّ السلوكَ الفوضوي للأطفال من أكثر العقبات التربوية التي تُتعِب الأهل وتسبِّب لهم إحباطاً، لكن وبعد البحث عن الأسباب التي كوَّنت هذا السلوك عند الطفل والتعامل الصحيح معه، يمكن للأهل تخطِّي هذه المشكلة وإعادة تأهيل ولدهم تأهيلاً سليماً.
أضف تعليقاً