عندما يشعر الآباء أنَّ مسؤوليتهم تكمن في دفع أطفالهم إلى التحصيل، ستبدأ حاجتهم إلى التركيز على أداء أطفالهم لواجباتهم المنزلية وتحقيق النجاح تزداد، وهذه الحاجة تضع الأهل في موقف ضعيف؛ وذلك لأنَّ الطفل لا يحب أن يمنحهم ما يريدون.
تصبح المعركة المتعلقة بالواجبات المنزلية معركةً على السيطرة، فيبدأ طفلك بالقتال من أجل الحصول على مزيد من التحكم بالخيارات في حياته، بينما تشعر أنَّ وظيفتك بصفتك والداً هي التحكم بهذه الأشياء، إذاً كلاكما سيقاتل بشدة ويتحول الأمر إلى حرب منزلية.
العديد من الآباء مرابطون في خنادق المعارك مع أطفالهم، وقد وجدوا العديد من الطرائق الغريبة التي يثور فيها الأطفال عندما يتعلق الأمر برفض أداء الواجب المدرسي، فقد ينسى طفلك أداء واجباته المدرسية أو يؤديها، لكن لا يسلمها أو ينجزها بشكل مهمل أو بلا مبالاة أو لا يدرس بشكل صحيح للاختبار، وهذه مجرد طرائق قليلة يحاول الأطفال من خلالها التمسك بالسيطرة الصغيرة التي يتمتعون بها.
عندما تبدأ هذه التصرفات بالحدوث، يشعر الآباء بأنَّهم يفقدون السيطرة، لذلك يعاقبون ويتذمرون ويهددون ويتجادلون، بينما يتوقف بعض الآباء عن المحاولة تماماً لجعل أطفالهم يؤدون واجباتهم المدرسية، وهذا أمر شائع، فسوف يبالغ الآباء ويقومون بأداء واجبات أطفالهم عنهم.
المعركة الآن على قدم وساق؛ إذ يتم تصعيد التفاعل مع زيادة القلق، ويضيع الواجب المنزلي في المراوغة، والحقيقة الصعبة للوالدين هي: لا يمكنكم جعل أطفالكم يفعلون أي شيء، ناهيكم عن الواجبات المنزلية، لكن ما يمكنكم فعله هو وضع حدود واحترام خياراتهم الفردية والمساعدة على تحفيزهم لتحفيز أنفسهم.
قد تفكر في نفسك وتقول إنَّك لا تعرف طفلك ولا تستطيع تحفيزه لفعل أي شيء، كما يعتقد العديد من الآباء أنَّ أطفالهم ليس لديهم الدافع للقيام بعملهم، لكن بخلاف ذلك، إنَّ الأطفال لديهم دوافع كثيرة، لكن ليس بالطريقة التي تريدهم أن يكونوا عليها، فاستمر في القراءة للحصول على بعض النصائح الملموسة لمساعدتك على توجيههم في عملهم دون الحاجة إلى إزعاجهم أو تهديدهم أو القتال معهم.
إليك بعض النصائح للمساعدة على توجيه الأطفال للقيام بالواجبات المنزلية:
1. أوقف المعارك الليلية:
الطريقة التي يمكنك من خلالها التوقف عن القتال مع أطفالك حول واجباتهم المدرسية كل ليلة هي التوقف عن القتال معهم الليلة، فقرر عدم القتال بعد الآن، ودع أمر الواجب المنزلي بين المعلم والطالب، واستمر في التركيز على واجبك، وهو مساعدة طفلك على القيام بعمله، لكن لا تقم به بالنيابة عنه، فإذا شعرت بالإحباط، فخذ استراحة من مساعدة طفلك على أداء واجباته المدرسية، ودعه يفعل الشيء نفسه إن شعرت أنَّ المعركة ستبدأ.
2. ضع حدوداً تتعلق بوقت الواجب المنزلي:
فيما يأتي بعض الأمثلة التي وجدناها فعالة مع العائلات:
- يتم أداء الواجب المنزلي في نفس الوقت كل ليلة.
- يتم أداء الواجب المنزلي في منطقة عامة من منزلك.
- إذا انخفضت الدرجات، فخفف وقت التلفاز حتى يتمكن طفلك من الحصول على مزيد من الوقت للتركيز على واجباته.
- اجعل القاعدة أنَّ نشاطات عطلة نهاية الأسبوع ممنوعة حتى يتم الانتهاء من الواجبات.
- الواجب المنزلي يأتي أولاً، ثم العطلة ثانياً.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح تساعد الأطفال والآباء على الاستعداد للعودة إلى المدرسة
3. دع طفلك يتخذ خياراته الخاصة:
يجب أن يكون لطفلك الحرية في اتخاذ خياراته الخاصة ضمن المعايير التي تحددها حول الواجب المدرسي، فقد تحتاج إلى التراجع قليلاً بصفتك والداً، وإلا أنت لا تساهم في مساعدته على الالتزام بمسؤولياته، فإذا كنت تتحكم تحكُّماً كبيراً بجميع الأمور، فسوف يأتي ذلك بنتائج عكسية عليك من خلال تحول المواقف إلى صراع على السلطة، وأنت لا تريد حدوث صراع على السلطة على الواجبات المنزلية.
لقد رأينا العديد من الأطفال يقومون عن قصد بعمل سيئ لمجرد إظهار أنَّهم متحكمون بوالديهم، ولقد رأينا أيضاً أطفالاً امتثلوا للأوامر، وذلك للتخفيف من قلق والديهم، ولكنَّ هؤلاء الأطفال أنفسهم لم يتعلموا أبداً التفكير واتخاذ الخيارات بأنفسهم.
4. دع طفلك يتحمل عواقب اختياراته:
ضمن الحدود الذي وضعتها يتاح لطفلك بعض الخيارات؛ إذ يمكنه اختيار القيام بواجبه المنزلي أو لا، ويمكنه اختيار القيام بذلك بشكل جيد وبجهد أو لا، وستأتي العواقب الطبيعية من اختياراته، فإذا لم يختر القيام بواجباته بشكل صحيح، فسوف تنخفض درجاته.
عندما يحدث ذلك، يمكنك أن تطرح عليه بعض الأسئلة الصادقة:
- "هل أنت راضٍ عن سير الأمور؟".
- "ماذا تريد أن تفعل حيال وضع درجاتك؟".
- "كيف يمكن أن أساعدك؟".
احرص على ألا تكون متغطرساً أو تصدر أحكاماً، فقط اطرح السؤال بصدق وأظهر القلق الصادق وحاول ألا تظهر خيبة الأمل.
5. تدخَّل دون سيطرة:
التوقع هو أن يتم أداء الواجب المنزلي بأفضل ما في قدرة طفلك، فعندما يتوقف عن بذل جهد وترى درجاته تنخفض، فهذا هو الوقت الذي يجب عليك التدخل فيه؛ إذ يمكنك القول: "وظيفتي هي مساعدتك على أداء عملك بشكل أفضل، سأساعدك على إعداد خطة لمساعدة نفسك، وسأقوم بالتأكد من أنَّك تتبعها بشكل صحيح".
ضع خطةً ليعاود الوقوف على قدميه، على سبيل المثال، قد تكون القواعد الجديدة هي أنَّ الواجب المنزلي يجب أن يتم في مكان محدد في منزلك لتراقبه حتى يستطيع تحسين درجاته، وقد تلتقي أنت وطفلك بالمعلم لمناقشة الإجراءات التأديبية في حالة استمرار انخفاض درجاته، وبمعنى آخر، سوف تساعد طفلك على العودة إلى المسار الصحيح من خلال وضع خطة دقيقة، وعندما ترى هذا التغيير، يمكنك التراجع عنها، وتذكر أنَّ هذه الخطة ليست عقوبة؛ بل إنَّها طريقة عملية لمساعدة طفلك على بذل قصارى جهده.
6. لا تهتم بالدرجات السيئة:
سيقول العديد من الآباء إنَّ أطفالهم لا يهتمون بدرجاتهم، وأظن أنَّهم بداخلهم يهتمون، كما تصبح عبارة "لا أهتم" أيضاً جزءاً من الصراع على السلطة، وبعبارة أخرى، قد يقول طفلك: "لن أهتم لأنَّك لا تستطيع إرغامي، فأنت لا تملك حياتي"، وهو على حق، فالحقيقة هي أنَّك لا تسطيع جعله يهتم، وبدلاً من ذلك ركز على ما يساعد على تحسين سلوكه، وركز أكثر على أفعاله وبدرجة أقل على مواقفه؛ وذلك لأنَّ الأفعال هي الأكثر أهمية.
7. اعلم أنَّ الدافع يأتي من الملكية:
من الهام أن نفهم أنَّ الاهتمام والتحفيز يأتيان من الملكية؛ إذ يمكنك مساعدة طفلك على التحفز من خلال السماح له بتملك حياته أكثر؛ لذا دعه يمتلك خيبة أمله بشأن درجاته، ولا تشعر به أكثر مما يشعر بنفسه، ودعه يختار ما سيفعله وما لا يفعله بشأن واجباته المدرسية ومواجهة عواقب تلك الاختيارات، وسترى هنا بداية شعوره بالتملك، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة اهتمامه وسعيه.
دعه يكتشف ما يحفزه ولا تجعله مدفوعاً بالخوف منك، وساعد على إرشاده، لكن لا تمنعه من الشعور بالعواقب الواقعية المترتبة على الخيارات السيئة، وفكر في الأمر بأنَّه من الأفضل لطفلك أن يتعلم من تلك العواقب في سن العاشرة من خلال رسوبه في الصف والالتحاق بالمدرسة الصيفية بدلاً من التعلم في سن 25 بفقدان وظيفته.
8. تأكد إن كان طفلك يعاني من إعاقة في التعلم:
تجدر الإشارة إلى أنَّه من الهام جداً أن تتحقق من عدم وجود مشكلات تعليمية أخرى تتعلق برفض طفلك أداء الواجب المنزلي، فإذا كان يواجه صعوبة في أداء الواجب أو كان أداؤه أقل من التوقعات على مستوى الصف، فيجب اختباره لاستبعاد أيَّة صعوبات تعلُّم أو مخاوف أخرى، وإذا كانت لديه إعاقة في التعلم، فقد يحتاج طفلك إلى مزيد من المساعدة.
كن حريصاً، ففي كثير من الأحيان يحصل الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم على الكثير من المساعدة ويطورون ما يسميه علماء النفس بالعجز المكتسب، فتأكد من أنَّك لا تفرط في مساعدة طفلك الذي يعاني من صعوبات التعلم عن طريق القيام بعمله نيابة عنه عندما يكون قادراً على التفكير فيها بنفسه.
شاهد بالفيديو: كيف يمكنني جعل أطفالي يقومون بواجباتهم المنزلية؟
9. فرِّق بين التوجيه والإفراط في المساعدة:
يحتاج طفلك إلى توجيه منك، لكن عليك أن تفهم أنَّ التوجيه لا يعني القيام بواجبه الإملائي عنه، وبدلاً من ذلك ساعده على مراجعة كلماته وتصحيح أخطائه، وعندما تتخطى الحد وتبدأ بفرط المساعدة، فإنَّك تتحمل عمل طفلك وتضع مسؤولياته على عاتقك؛ لذا فأنت تريد إرشاده من خلال مساعدته على تصحيح كتابته بنفسه أو مساعدته على قضاء الوقت في المراجعة قبل الاختبار.
يمكن أن تكون هذه طرائق جيدة لتوجيه طفلك، ولكنَّ أي شيء أكثر من ذلك يُعَدُّ استيلاء على الكثير من ملكيته، فإذا طلب طفلك المساعدة، يمكنك تدريبه، فاقترح عليه التحدث مع معلمه عن كيفية أن يكون طالباً جيداً وتعليمه مهارات الاتصال هذه، وبعبارة أخرى، أظهر له كيف يساعد نفسه؛ لذا لا يجب عليك التراجع تماماً، فهذا هو الحل الوسط الذي تبحث عنه.
في الختام:
يجب على الآباء أن يبدؤوا بالإيمان بأطفالهم، فلا تستمر في النظر إلى طفلك على أنَّه مخلوق هش لا يمكنه القيام بهذا العمل، وأعتقد أنَّنا غالباً ما نأتي إلى طاولة المفاوضات بالخوف والشك معتقدين أنَّنا إذا لم نساعد أطفالنا فلن يساعدوا أنفسهم، لكن بقدر ما تقول: "أنا فقط أحاول مساعدتك"، فإنَّ ما يسمعه طفلك هو: "أنت فاشل، لا أعتقد أنَّك تستطيع القيام بذلك وحدك"، وبدلاً من ذلك يجب أن تكون رسالتك: "أعلم أنَّك تستطيع فعل ذلك، وأنا أؤمن بك بما يكفي للسماح لك باتخاذ خياراتك الخاصة والتعامل مع العواقب".
أضف تعليقاً