80% ممن يطلبون الجراحة التجميلية هم من النساء، ونصف هذه النسبة تقع أعمارهن بين 35 و50 سنة؛ إذ يُعَدُّ شفط الدهون الإجراء التجميلي الأكثر استخداماً.
ما هو دور الإعلان في الجراحة التجميلية؟
للإعلان دور كبير في الجراحة التجميلية؛ إذ يعمل الإعلان بشكل عام على إقناعنا باقتناء أشياء لا نحتاج إليها؛ سواء كانت سلعاً أم خدمات أم أفكاراً وقد تكون طرائق حياة؛ إذ يعمل الإعلان على إعادة صياغة آرائنا وأفكارنا وتوجهاتنا بطريقة تخدم منتجات هذا الإعلان.
يستغل الإعلان التقنيات الحديثة ونجوم السينما والفنانين وجميع وسائل الإبهار الممكنة لتحقيق أهدافه، والتي تصب في خانة تحويل المنتجات أو الأفكار أو السلع التي يقدمها إلى حاجات ضرورية وأساسية بعد أن كانت مجرد أمور ثانوية أو هامشية أو كمالية.
ما هو الدليل على الدور الرئيس للإعلان في ازدهار الجراحة التجميلية؟
ما يدل على صحة هذا الكلام هو إقبال الطبقات المتوسطة على شراء الكثير من الخدمات والسلع الكمالية التي تروجها الدعايات والإعلانات؛ وذلك من باب تقليد الأثرياء حتى ولو اضطروا إلى الاستدانة، ويَعُدُّ معظم الباحثين أنَّ أكثر المجالات ارتباطاً بالإعلان هي مجلات الجراحة التجميلية، والتي ازدهرت بسبب الإعلان وباتت عبارة عن مادة إعلانية استهلاكية أكثر من كونها مجالاً طبياً.
إنَّ الذي يبعث على القلق هو أنَّ الإعلان عن طريقة جراحية جديدة في التجميل يشبه الإعلان عن فستان سهرة، وكذلك اختيار أنف جديد يشبه شراء فستان جديد، وكأنَّ الجراحة التجميلية خالية من الألم والأذى والاختلاطات المحتملة، وكل ذلك لا ينتبه إليه المستهلك بسبب الإعلان.
ما هو المحور الرئيس الذي تدور حوله عمليات الجراحة التجميلية؟
لا شكَّ في أنَّ عمليات التجميل هي مسألة مركبة ومعقدة ومتعددة الجوانب، وتخضع لتأثير الكثير من العوامل منها النفسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، غير أنَّ المحور الذي تدور حوله العمليات الجراحية هو المحور النفسي، فقد ترى أنثى جميلة لا ينقصها من الجمال أي شيء، ولكنَّها تريد تغيير شكل أنفها، وعندما تسألها عن السبب سيكون الجواب أنَّها غير راضية عن شكلها، وربما هنا تسأل نفسك عن السبب الذي يمكن أن يدفع فتاة بمثل هذا الجمال إلى أن تضع نفسها تحت رحمة العمليات الجراحية واختلاطاتها الكثيرة.
رغبة المريضة في العملية الجراحية التجميلية بين العوامل الخارجية والداخلية:
قد تكون رغبة المريضة في العملية الجراحية ناجمة عن دوافع داخلية أو خارجية، ولأنَّ طبيب الجراحة التجميلية لا يملك الخبرة النفسية الكافية لمعرفة ما إذا كان دافع المريضة للعملية منطقياً أم لا، فإنَّه سيعتمد على تقديره الشخصي.
قد تكون رغبة المريضة في العمل الجراحي ناجمة عن عامل خارجي مثل إسعاد الآخرين سواء كان زوجاً أم عاشقاً أم غريباً؛ وذلك بسبب اعتقاد خاطئ بأنَّ التعديل في الشكل الخارجي سيؤدي إلى نتائج إيجابية مثل المحافظة على الزواج أو تحسين العلاقة بين الطرفين، وللأسف الشديد نادراً ما تتحقق هذه الغايات.
ما هي الخطورة النفسية الاجتماعية التي تحملها العمليات الجراحية التجميلية؟
تُعَدُّ ظاهرة اللجوء إلى العمليات الجراحية التجميلية ظاهرة حديثة العهد في مجتمعاتنا الشرقية؛ إذ ما تزال بعض أقطاب المجتمع تَعُدُّها حالة من التطرُّف الذي يركز في الشكل بوصفه قيمة جوهرية، بينما ينظر إلى الجسد وكأنَّه سلعة يمكن التسويق لها، وتكمن النقطة الخطيرة في اختزال الإنسان ضمن نطاق شكله الخارجي بصرف النظر عن القيم والمثل والأخلاق والمبادئ والمهارات الفكرية والإبداعية التي تميزه، ويصبح مفهوم الجمال مقتصراً على ما تقدِّمه إعلانات شركات التجميل التي تستعين بالممثلات أو عارضات الأزياء لتعويم نموذج واحد من الجمال؛ وهو الجمال الذي يتمتع بمقومات تحقق الغايات الاقتصادية لهذه الشركات.
سايكولوجيا العمليات الجراحية التجميلية وانقلاب الأدوار بين المريض والطبيب:
تتميز الجراحة التجميلية بانقلاب الأدوار بين المريض والطبيب؛ ففي الطب بشكل عام يأتي المريض إلى الطبيب بشكوى معيَّنة ومن ثم يقوم الطبيب بالفحص وطلب التحاليل والصور التي تستدعيها حالة المريض، وبعدها يقرر الطبيب على أساس ما جمعه من معلومات إمكانية إجراء عملية جراحية من عدمها.
أمَّا في الجراحة التجميلية، فيأتي المريض إلى الطبيب يطلب منه إجراء عملية جراحية محددة، مع ما يترافق مع ذلك من خلل في إمكانية تحديد ما إذا كانت العملية الجراحية ضرورية أم لا؛ لأنَّ من يتخذ القرار هنا غير مؤهل من الناحية العلمية والأكاديمية.
إشكالية عدم وجود معايير واضحة للعمليات الجراحية التجميلية:
تُعَدُّ الجراحة التجميلية مثيرة لرد فعل المريض أو أهله أكثر من أيَّة جراحة أخرى، فقد تأتي الفتاة بعد أسبوع وتطلب من الطبيب إعادة أنفها إلى ما كان عليه بشكله القديم، أو قد تطلب منه إعادة أتعابه مع تكاليف العملية لأنَّ ما وعدها به لم يتحقق على أرض الواقع، وما يزيد الطين بلَّة عدم إمكانية التحقُّق من صحة ادِّعاء المريضة بسبب عدم وجود معايير واضحة للنجاح؛ وهو أمر طبيعي لأنَّ العمل الجراحي أصلاً لم يكُن واضح الأسباب؛ وذلك بسبب المكوِّن النفسي الذي يطغى على حالة المريضة وعلى رغبتها في التجميل.
سايكولوجيا العمليات الجراحية التجميلية جراحة تهدف إلى الرضى:
بشكل عام يكون المرضى الذين يراجعون عيادات الجراحة التجميلية سليمين من الناحية العضوية؛ لذلك تكون الغاية من الجراحة التجميلية هي إرضاء المريض وأن يكون سعيداً بالنتيجة؛ مما يعني أنَّ العملية الناجحة من الناحية الجراحية لا تعني الكثير في حال لم يكُن المريض سعيداً بالنتيجة الجمالية.
تظهر الدراسات المُجراة في الولايات المتحدة الأمريكية أنَّ نسبة 20% من المرضى الذين يخضعون إلى عمليات جراحية تجميلية قد لا يرضون أبداً بالنتيجة مهما كانت؛ والسبب في ذلك وجود اضطراب نفسي حقيقي؛ إذ يمكن أن تكون خيبة أمل المريض النفسي بعد إجراء العملية الجراحية مدمرة أو مميتة في بعض الحالات.
أُجريَت دراسة راجعة على أكثر من 3000 امرأة؛ إذ أجرينا غرسات تجميلية في منطقة الثدي، وكانت نتائج هذه الدراسة أنَّ نسبة الانتحار كانت أعلى عند هؤلاء النساء بثلاثة أضعاف مقارنة مع النساء اللائي لم يخضعن إلى جراحة تجميل الثدي.
ما هو التفسير السايكولوجي لميل بعض الأشخاص إلى العمليات الجراحية التجميلية؟
يشير علم النفس إلى أنَّ رغبة هؤلاء الأشخاص في تجميل الأنف أو التخلُّص من التجاعيد أو شد البطن قد تكون ذات جذور عميقة في الثقافة الإنسانية، وحتى في البيولوجيا النفسية للبشر تربط أغلب الثقافات ما بين الجمال والصحة الجيدة.
تشير النظريات البيولوجية والاجتماعية إلى أنَّ الأشخاص الأجمل في المجتمع تكون لديهم أفضلية في اختيار الشريك الأنسب، وهو ما يتوافق بشكل أو بآخر مع قانون التطور والبقاء للأصلح، كما أنَّ الكثير من الأبحاث تشير إلى أنَّ الأشخاص الأكثر جاذبية هم الأشخاص الذين يحصلون على وظائف ذات أجر أعلى، وقد يكونوا أكثر نجاحاً في المجال المهني من بقية الأشخاص.
وتوجد العديد من الأدلة على أنَّ التنافس الاجتماعي بين الناس بشكل طبيعي، يدفعهم إلى الاعتناء بمظهرهم من أجل النجاح، ويَعُدُّ خبراء علم النفس استخدام أدوات المكياج واقتناء الملابس المناسبة وسيلة لترك انطباع جيد، وعلى هذا المنوال تُعَدُّ الجراحة التجميلية وسيلة متطورة يلجأ إليها بعض الأشخاص لإعطاء انطباع جيد لدى من يودون التأثير فيهم.
ما هي الإجراءات الجراحية التجميلية التي تسمح بها الجمعية الأميركية لأطباء الجراحة التجميلية؟
بحسب رأي الجمعية الأمريكية لأطباء الجراحة التجميلية تُعَدُّ الإجراءات الآتية ضمن المقبول وهي:
- يقترح الأطباء على النساء الثلاثينيات إجراء حقن البوتوكس من أجل التخلص من التجاعيد التعبيرية، وكذلك يمكنهم اللجوء إلى إجراء طي المعدة، بالإضافة إلى عملية رفع الثدي مع اشتراط عدم وجود رضاعة.
- بينما النساء في سن الأربعين تتيح الجمعية لهنَّ إجراءات شفط الدهون عند توضعها في مناطق محددة من الجسم، مثل منطقة تحت الذقن أو الفخذين أو الوركين، وكذلك عمليات إزالة الأوردة العنكبوتية.
- أما بالنسبة إلى النساء في سن الخمسين وما فوق، فتتضمن لائحة الجمعية عمليات رفع الوجه وجراحة الأجفان.
في الختام:
حتى في البلدان الغربية فإنَّ الميل إلى العمليات الجراحية هو ميل إلى تقليد بعض النماذج الاجتماعية من المشاهير بغرض كسب بعض الشهرة أو استقطاب الأضواء، أمَّا في المجتمع الشرقي، فهو يعكس الدونية وعدم الرضى عن الذات، والرغبة في التشبه بما تقدِّمه الثقافة الغربية من نماذج الجمال؛ لذا من الضروري أن نفهم أنفسنا أولاً ثم نحدد فيما إذا كنا حقاً بحاجة إلى جراحة أم لا.
ملاحظة: المصدر الثاني للمقالة يحتاج إلى سماحية للوصول للملف.
أضف تعليقاً