ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "كورنيليوس موتا" (Cornelius Mota)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.
تعوق أنماط التفكير والسلوكات الثابتة إمكانية التفكير الإبداعي، ويعجز المرء عن إدراك الخيارات المنطقية المتاحة ما لم يحدث ما يغيِّر طريقة تفكيره جذرياً.
يختلف مفهوم التوازن بين الحياة الشخصية والعمل من شخص إلى آخر، لكن من ناحية المبدأ يعرِّفه الأفراد جميعهم بأنَّه توفُّر الوقت الكافي للقيام بنشاطات خارج بيئة العمل، وهذا يشمل قضاء الوقت مع العائلة، أو تخصيص الوقت لتحقيق النماء الروحي أو ممارسة الهوايات أو الرياضة للحفاظ على اللياقة، وغيرها من النشاطات.
سنتناول موضوع التوازن بين الحياة الشخصية والعمل عبر جزأين في هذا المقال:
- سنقيِّم في البداية المشهد العام؛ إذ يجب أن تنظر إلى الحياة بطريقة تستطيع من خلالها تحقيق التوازن.
- سنقدِّم في الجزء الثاني 5 نصائح محدَّدة لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل حتى يتسنَّى لك إجراء تحسينات ملموسة في حياتك في الوقت الحالي.
الجزء الأول: تقييم المشهد العام:
1. توضيح الأولويات:
يبدأ الحل بتوضيح أولوياتك في الحياة، ولا يوجد نموذج محدَّد يصلح للأفراد جميعهم.
تزداد سعادة بعض الأفراد عند تخصيص الجزء الأكبر من وقتهم في تأسيس حياتهم المهنية، ولا بأس بعدم توزيع الوقت والطاقة توزيعاً متساوياً في هذه الحالة والمرحلة من حياة المرء لأنَّه يتم بمحض إرادته.
تظهر المشكلات عندما لا تتوافق أحداث حياتك مع مبادئك أو أولوياتك، فعلى سبيل المثال يكون قضاء بعض الأوقات الماتعة مع عائلتك أمر هام جداً بالنسبة إليك، وتظهر المشكلة في هذه الحالة عند اضطرارك إلى تخصيص وقت محدود جداً لأحبتك بسبب العمل.
توجد فرصة لتحسين التوازن بين الحياة الشخصية والعمل لِمن يواجه مشكلة في تخصيص الوقت الكافي لنفسه أو لأحبته، فيجب أن تكون صادقاً مع نفسك في تحديد مبادئك وأولوياتك في هذه المرحلة، بمعنى ألا تدَّعي السعادة جراء العمل طوال اليوم وقضاء وقت قليل جداً مع عائلتك، ما لم يكن شعورك صادقاً.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح للموازنة بين الحياة والعمل
2. تخيُّل الحياة المثالية بالنسبة إليك، وتقييم وضعك الحالي، وتحديد الهوَّة بينهما:
يجب أن تتخيَّل الحياة المثالية المتعلقة بمسألة التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، على أن يكون تصوراً منطقياً مبنياً على أسس عملية تتوافق مع أولوياتك؛ إذ من غير المنطقي مثلاً أن تتصوَّر أهداف حياتك على الشكل الآتي: تأسيس حياة مهنية ناجحة في مجال الاستشارات الإدارية، وقضاء وقت طويل مع العائلة، واحتراف رقص التانغو، وقراءة 10 كتب في الأسبوع.
تتطلب الوظائف في بعض القطاعات بذل كثير من الوقت والطاقة، وعندها لن تلاحظ فرقاً عند تغيير الوظيفة لأنَّ بقاءك في القطاع نفسه يفرض عليك العمل لساعات طويلة، فلنأخذ مجال الاستشارات الإدارية على سبيل المثال، ولنفترض أنَّك تريد العمل في شركة استشارات مرموقة، عندئذٍ عليك أن تستعدَّ للعمل لساعات طويلة والسفر لأماكن بعيدة.
قد تقتضي وظيفتك الحالية العمل بانتظام لمدة 12 ساعة يومياً بصرف النظر عن إنتاجيتك؛ لذا يُستحسن أن تبحث في هذه الحالة عن وظيفة جديدة.
3. اتخاذ التدابير اللازمة لردم الهوَّة بين وضعك الحالي والحياة المثالية بالنسبة إليك:
مهما يكن الأمر، لا بدَّ من وجود خيارات عدة متاحة، مثل تغيير القطاع الذي تعمل فيه أو تغيير الشركة أو نوع الوظيفة؛ إذ تتطلب هذه الخطوة القيام ببعض التدابير الإضافية لتلبية المتطلبات التعليمية، ولا بأس بذلك؛ فلا يوجد شيء مستحيل عند التحلي بالعزيمة.
أي إيَّاك أن تخضع لظروف الحياة فأنت تملك الخيار لتحسين وضعك دائماً، وعليك أن تحدِّد الهوَّة بين مفهوم الحياة المثالية بالنسبة إليك وحياتك الحالية فيما يتعلَّق بمسألة التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، والمباشرة بردم هذه الهوَّة عبر التفكير بأبرز فرص التحسين الممكنة.
الجزء 2: تطبيق 5 نصائح لتعزيز التوازن بين الحياة الشخصية والعمل
1. ارفع مستوى إنتاجيتك في العمل:
يُستحسن أن تعمل على تنمية مهارات إدارة الوقت، وزيادة فاعليتك وكفاءتك إلى أقصى درجة ممكنة، وتحرص على تطبيق قاعدة 80/20 في أثناء ذلك، فإذا رفعت إنتاجيتك؛ لكنَّك تولَّيت مزيداً من الأعمال، عندئذٍ لن تحقِّق تقدُّماً من ناحية التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.
2. افرضْ حدوداً على العمل:
لا بدَّ من إتقان مهارات تعيين الحدود حتى ينعم المرء بالتوازن بين الحياة الشخصية والعمل؛ إذ يميل معظم الأفراد إلى الإفراط في العمل لساعات طويلة والانتقال من مهمة عاجلة إلى أخرى دون وضع حدود للإنجاز.
عندما لا تضع حدوداً، ستخضع لسيطرة الظروف والضغوطات الخارجية؛ ومن ثَمَّ يجب تحديد وقت مغادرة المكتب، ونشير هنا إلى ضرورة التحلِّي بالمرونة في بعض الظروف الخاصة، مع محاولة الالتزام بالقاعدة ما لم يحدث ظرف طارئ.
يساعدك تحديد وقت مغادرة العمل على الخروج من المكتب في وقت مقبول، كما عليك أن تمتنع عن اصطحاب العمل إلى المنزل لكي تفصل حياتك المهنية عن الشخصية.
3. تعلَّمْ الرفض:
ترتبط هذه النصيحة مباشرة بالقاعدة آنفة الذكر؛ إذ تتطلَّب حياتنا الشخصية والمهنية على حد سواء مزيداً من الوقت والاهتمام، ولكي نستطيع التركيز على الجوانب الضرورية بالنسبة إلينا، نحتاج إلى أن نتوقف عن هدر الوقت على النشاطات قليلة الأهمية، وسنتعرض لضغوطات مستمرة من الآخرين للقيام بأعمال معينة؛ لهذا السبب عليك أن تتعلَّم رفض الالتزامات ذات الأولوية المنخفضة.
4. بسِّط حياتك:
كثيراً ما يعتاد المرء على تنفيذ الأعمال بطريقة معيَّنة، دون إجراء تقييمات دورية على هذه الطرائق، أو البحث عن طرائق جديدة أكثر فاعلية؛ لذلك يجب تخصيص بعض الوقت للتفكير بالنشاطات التي تقوم بها بانتظام، والنظر في إمكانية اختصار بعض الخطوات، أو القيام بالنشاطات بأسلوب يضمن توفير الوقت، أو ربما استبعاد النشاط من أساسه.
5. اهتم بنفسك:
تهدف هذه النصيحة لحملك على مراعاة أساسيات الحياة، كأن تحصل على قدر كافٍ من الراحة، وتمارس التمرينات الرياضية بانتظام، وتأكل طعاماً صحياً قدر المستطاع؛ إذ تشكِّل هذه القواعد أساساً سليماً للشعور بالتوازن، كما أنَّها تؤثَّر في حياتك على الأمد الطويل.
في الختام:
لا يحدث التغيير دفعة واحدة وفجأة؛ بل إنَّه يأتي تدريجياً على مضض؛ لذا يجب ألا تضع خطة تقلب حياتك رأساً على عقب؛ بل عليك أن تختار إجراء واحداً وتبدأ باتخاذ تدابير بسيطة لتحقيقه، ولا بدَّ أن يتحسَّن التوازن بين حياتك الشخصية والعمل عند المداومة على اتخاذ إجراءات متسقة وهادفة مع مرور الوقت.
أضف تعليقاً