بعد ذلك ترغب فجأة في البدء بالعمل بسرعة فتراك تُنشئ مدونة أو تطلق شركة ناشئة أو حتى تحاول تخفيف وزنك متعهِّداً بأنَّ المرة هذه ستكون مختلفة، وستتمكن من تحقيق هدفك، وذلك كله نتيجة دفعة التحفيز التي اكتسبتها، لكن للأسف لا شيء من ذلك يدوم؛ فبعد مرور فترة من الوقت ستنخفض همتك ولن تستمر في العمل على أيٍّ من أهدافك؛ ذلك لأنَّك لم تبذل الجهد الكافي للعمل عليها؛ لتبحث بعدها عن دفعة تحفيز أخرى، وهكذا دواليك.
1. الدافع الخارجي:
وراء كل شيء محفز على الإنترنت قصة تمنحك الدافع للانطلاق، إنَّها التجارب العميقة للآخرين التي تجعلك ترغب في إعادة النظر في توقعاتك؛ لأنَّه إذا تمكن شخص آخر من التغلب على المصاعب فيمكنك ذلك أيضاً.
على سبيل المثال يمكن أن تندرج قصة اللياقة البدنية المحفزة في إحدى الفئات السبع الآتية:
- قصة شخص فَقَدَ الاهتمام بالحياة وتمكَّن من استعادتها مرةً أخرى من خلال اللياقة البدنية.
- قصة امرأة يمكنها التوفيق بين متطلبات الأطفال والحفاظ على لياقتها البدنية.
- قصة شخص ذاق طعم الخيانة، وساعدته اللياقة البدنية على تجاوز الأمر ومحبة نفسه.
- قصة صراع مع المرض الذي يستسلم له كثيرون؛ لكنَّه استمر وخرج منتصراً.
- قصة يتعلم فيها شخص ما تقبُّل نفسه وتفهُّم أنَّه كافٍ، وتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة.
- قصة شخص أعاد تقييم حياته وأعطى الأولوية للرعاية الذاتية.
- قصة شخص جاء من بيئات متواضعة، وفتحت له اللياقة البدنية العالم بأسره.
دافع اللياقة البدنية هو مجرد مثال، وأي قصة نجاح يمكن أن تكون ذات سيناريو مشابه.
بمراقبة هذه الروايات التي نراها بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي مع كثير من التفاصيل، وبعضها صحيح وبعضها الآخر مبالغ فيه ستحصل على دافع كبير، ومع ذلك فإنَّ هذا الدافع سيزول عنك بالسرعة التي أتى بها، ولكن لماذا؟
لأنَّ أيَّاً من هذه القصص لا يناسبك حقاً، بالتأكيد لقد عانيت وتألمت من قبل؛ لكنَّك لم تحارب الاكتئاب ولم تمر بتجربة غيرت حياتك، قد تحصل على مصدر للإلهام في البداية؛ لكنَّه سيزول فيما بعد.
ستبدأ في الشعور بالضعف، وتقارن نفسك بشخص تشاهد حياته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فتحل مشاعر الدونية والشعور بالذنب في النهاية محل الدافع الذي تلقيته من قبل، بصورة مشابهة للألم الذاتي فإنَّ هذه المشاعر هي شيء يفضِّل عقلك تجنبه؛ لذلك تتوقف عن التحقق من حسابات هؤلاء الأشخاص على مواقع التواصل، وتجد نفسك تبدأ في البحث عن الدافع في مكان آخر، وتبدأ الحلقة من جديد.
شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع
2. الدافع الداخلي:
إذا لم يدم الدافع الخارجي فهل يمكن أن يأتي من الداخل؟ هل يمكنك أن تحفز نفسك باستمرار نحو تحقيق هدف ما بالاعتماد على دوافعك فقط؟ نعم يمكنك ذلك، ولكن من الهام اختيار طريقة للقيام بذلك، ما دمت تفكر في أي إنجاز على أنَّه مجموعة من العقبات التي تحتاج إلى مواجهتها، فهناك احتمالات لن تدوم، إذا كان بإمكانك إضافة بعض المتعة إلى المعادلة فقد فهمت الأمر.
دعونا نلقي نظرةً على فكرة اللياقة مرةً أخرى، إذا قررت بناء عضلات بطنك وأقنعت نفسك أنَّك ستعاني طوال الطريق فلن تصل إلى هدفك؛ ففي وقت ما ستبدأ في التفكير: "لماذا أفعل هذا بنفسي؟"، وستتمكن من تحمل القيود الصارمة قليلاً، لكن بعد مرور بعض الوقت ستبدو كأنَّها عقاب.
عند تقييم الاستمرارية المحتملة لهذه العقوبة سيفقد جسمك وعقلك مشاعر السعي للوصول إلى الهدف (أو الحفاظ على النتائج) وسيفعلان كل شيء للتوقف عن المعاناة، بصورة مشابهة للطريقة التي قضيا بها على الشعور بالذنب الذي يصاحب الدافع الخارجي، فالاستمرارية تعني الحرب مع نفسك، والخسائر أمر لا مفر منه.
لكن هذا لا يعني أنَّ الدافع الداخلي سيفشل حتماً:
على الرغم من أنَّك لا تستطيع بناء دافعك على فكرة أنَّك بحاجة إلى معاقبة نفسك، إلا أنَّك لست مضطراً لمعاملة الوصول إلى هدف بوصفه معاناة أساساً، وعندما تبدأ في التفكير في العملية وأنت تسعى إلى تحقيق هدفك على أنَّها متعة أو تصميمها بحيث تكون ممتعة، عندها يمكنك الاستمرار لفترة طويلة.
على المستوى الغريزي نحن نسعى وراء المتعة فتجعلنا ننتج هرمونات السعادة وهي هرمونات مسببة للإدمان، ونحن نرغب في الاستمرار بتكرار الأمور التي تحقق لنا السعادة، وثمَّ ننتقل إلى الهدف؛ لذا المتعة هي مصدر نهائي ودائم للتحفيز الذاتي.
لكن ماذا يعني استخدام المتعة على أنَّها مصدر دائم للدافع؟ إنَّ أيَّ شيء يستحق السعي وراءه يصعب مقارنته بالسعادة الأبدية، ومع ذلك وأنت في طريقك إلى الهدف يجب عليك أن تحب ما تفعله حقاً؛ على سبيل المثال إذا كنت لا تحب عدم اليقين وتفضل الأمان فربَّما لا يجب عليك ترك وظيفتك والعمل لحسابك الشخصي.
إضافة إلى ذلك أنت تحتاج إلى إعادة تشكيل بعض الأفكار للاستمتاع بها؛ فقد دربت نفسك ببساطة على التفكير فيها على أنَّها غير سارَّة، في الواقع يمكنك إعادة صياغة بعض المواقف بحيث تجعلها ممتعة للغاية.
في طريقك إلى هدفك ستجد بعض الأمور غير الممتعة، بصرف النظر عن نظرتك إليها، مهما كانت تلك الأمور بالنسبة إليك فقد يكون من المستحيل تجنبها، وفي هذه الحالة أنت تحتاج إلى تصميم عملية بحيث توجد دائماً مكافآت تستحق التطلع إليها، بالتأكيد ستعاني؛ لكنَّك ستصل إلى ما تريده.
في الختام:
في حين أنَّه لا يمكن التقليل من أهمية قصص الآخرين في دفعنا نحو العمل، إلا أنَّ الدافع الذي تولده هذه القصص نادراً ما يدوم لفترة طويلة، إنَّه أمر سريع سيختفي قريباً، ويحلُّ محله الشعور بالذنب.
في المقابل يمكن أن يمنحنا الدافع الداخلي الطاقة للاستمرار، ومع ذلك فإنَّ التحفيز الذاتي ليس مجرد حديث ذاتي إيجابي، وإقناع نفسك بأنَّك تستطيع القيام بذلك بصرف النظر عن التوقعات، وعندما نجبر أنفسنا على المعاناة الشديدة من أجل تحقيق هدف ما، فمن المحتمل أن ننهار قبل الوصول إلى خط النهاية؛ فنحن مبرمجون على تجنب المعاناة، ومن ناحية أخرى تعد المتعة أمراً يدفعنا إلى السعي.
لجعل المتعة جزءاً من دافعنا الداخلي نحن بحاجة إلى حب ما نفعله، وإدراك أين نحتاج إلى تغيير الموقف، وتصميم عملية بحيث تصبح المكافآت جزءاً لا يتجزأ منها.
أضف تعليقاً