ففي البداية ستحتاج إلى أن تحدِّد موضع القصور أو الخلل، وبالتأكيد عند تطبيق هذه الحلول على أرض الواقع ستواجهك مشكلات عدة، من بينها صعوبة التطبيق على أرض الواقع؛ لذا وفي هذا المقال سنعرِّفك على التفكير التصميمي ومفهومه وخصائصه لنساعدك في هذا الموضوع.
مفهوم التفكير التصميمي:
يفسر بعض الأشخاص كلمة (التصميم) الموجودة في هذا المصطلح على أنَّها تصميم الغرافيك أو رسم هيكل معين وشكل المنتجات، لكنَّ مفهوم التفكير التصميمي هنا بالمعنى الأدقِّ يعبِّر عن إيجاد حلول للمشكلات عن طريق التفكير الإبداعي الابتكاري، وكذلك الفهم الدقيق والعميق للأشخاص وفهم احتياجاتهم ومشكلاتهم ونوعية الثقافة المنتشرة بينهم، وكذلك أسلوب الحياة، وقد تكون هذه الحلول عبارة عن تغيُّر في شكل الاستراتيجيات والأنظمة والسياسات، وقد تكون على هيئة إعطاء خدمات وتحسين البنى التحتية.
انتشر التفكير التصميمي انتشاراً كبيراً في الآونة الأخيرة وأصبح يمثل مفتاحَ النجاحِ للشركات العالمية الكبرى ومثال عليها شركة أمازون وجوجل ونيتفلكس وأمثلة أخرى غير ذلك، وقد دُرِّسَ هذا النمط من أنماط التفكير مؤخراً في الشركات والمؤسسات الكبيرة والأنظمة التعليمية والإدارية وفي جميع المجالات المختلفة الربحية وغير الربحية.
يُعَدُّ التفكير التصميمي طريقة فعالة لمواجهة جميع التحديات وحل المشكلات وتحسين الحياة؛ عن طريق إيجاد بعض الحلول الإبداعية والابتكارية التي تدور حول حياة الإنسان وتتمحور حول استيعاب احتياجات الجمهور ورغباته.
لا يمكننا أن ننسى دوره الفعَّال في تطوير تقنيات الاتصالات والمعلومات والثورة التكنولوجيَّة والأجهزة والأدوات، التي سهَّلت حياة الأفراد والمجتمعات والتي شهدنا فائدتها في عصرنا الحالي.
مراحل التفكير التصميمي:
يضمن تكرار مراحل التفكير التصميمي تفوقَ ونجاح الأفراد والمؤسسات لتُقدِّم حلولاً مثلى لأيَّة مشكلة قد تعترض طريقنا، وإليك تعريف دقيق عن كل مرحلة من هذه المراحل:
1. فهم المشكلات المحيطة:
يركِّز مفهوم التفكير التصميمي على فهم الآخرين والتعاطف مع تجاربهم جميعها، ويكون شاملاً على مشاهدة الموضوعات مباشرةً والتفاعل تفاعلاً كبيراً مع المستخدمين لفهم احتياجاتهم والعقبات التي تعترضهم.
2. تعريف المشكلات:
تُعرَّف المشكلة وتُحدَّد تحديداً واضحاً عند الاستناد إلى الفهم والاستيعاب العميق لكل ما يحتاجه المستخدمون، ويتطلَّب ذلك تحديد المشكلات بطريقة تتيح لفريق التصميم التركيز على الجوانب الأساسية.
3. ابتكار الأفكار:
في هذه المرحلة من مراحل التفكير التصميمي تتوضَّح مجموعة كبيرة من الفِكَر المتاحة، لحلِّ جميع ما يعترض الفرد من مشكلات، كما يشجِّع هذا الإجراء على الإبداع في التفكير واتِّباع طرائق مُحدَّدة كالعصف الذهني وكتابة الخرائط الذهنية وشجرة الفِكَر وغير ذلك من الطرائق المنتشرة.
4. تطبيق الأفكار:
يقوم الفريق المُختص بالتصميم بتحويل الفِكَر من نظرية إلى عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع بسرعة وضمن تكاليف مقبولة ومنخفضة، وهذه النماذج من الممكن أن تكون رسوماً على الورق أو مجسَّمات كرتونية أو نماذج تفاعلية.
5. اختبار مبدئي:
تُجرى الاختبارات الأوليَّة على النماذج بمساعدة المستخدمين؛ وذلك من أجل الحصول على ردود فعل سريعة وفورية؛ وذلك لفهم مدى فاعلية الحلول المقترحة وتحسينها بناءً على التجربة الفعلية.
6. تكامل جميع الخطوات:
عند النظر إلى نتائج اختبار النماذج، نقوم بتحسين وتعديل التصميم مراراً وتكراراً، ومتابعة تكرار هذه العملية إلى أن تتحقَّق الحلول النهائية التي تلبِّي توقُّعات واحتياجات المستخدمين في المستقبل.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الابداعي
مهارات التفكير التصميمي:
لا يتم بناء نهج التفكير التصميمي بليلة واحدة؛ بل هو يحتاج من الشخص إلى اتِّباع طرائق عدَّة، لينمِّي مهاراته ويُحسِّنها يوماً بعد يوم ومن ثم تعود عليه بالنفع في المستقبل، وإليك مهارات التفكير التصميمي التي يجب أن تتمتع بها:
1. الانفتاح على الآخرين:
يُعدُّ الفهم العميق والتفاعل وكذلك الانفتاح على فِكَر الآخرين من أهمِّ المهارات الواجب اكتسابها؛ وذلك لما لها من تأثير كبير في التواصل مع المستخدم والتحديات التي تواجهه.
2. التحليل وحل المشكلات:
لا يتمتع كثيرٌ من القادة بميزة التحليل وحل المشكلات بطريقة الانتباه لكل تفصيل ودراسته دراسةً نقديةً وتحديد المشكلات الأساسية التي يجب حلها.
3. الخيال الإبداعي وتوليد الأفكار:
القدرة على الخيال الإبداعي وتوليد الأفكار هي مهارةٌ أساسية من مهارات التفكير التصميمي؛ لذا يجب على القادة التمتُّع بها للتميُّز عمن سبقهم والارتقاء بمستوى الفريق.
4. بناء النماذج وتجربتها:
مهارات بناء وتصميم النماذج بسرعة كبيرة وتجربتها مع المستخدمين لاستيعاب كيفية التفاعل مع الحلول المقترحة.
5. القدرة على التعاون:
لا يمكن أن يكون الشخص متمتعاً بالتفكير التصميمي من دون أن تكون عنده قابليَّة العمل ضمن الفريق والتعاون مع أفراد يمتلكون خبرات متنوعة جديدة لاكتسابها وتعلُّمها.
6. حبُّ التعلم باستمرار:
يجب أن يكون الشخص قابلاً للتعلم المستمر، ليواكب التطور ويُغني فِكرَهُ باستمرار ويبقى قادراً على مواجهة المشكلات بديناميكية وثقة.
خصائص التفكير التصميمي:
تظهر أهمية التفكير التصميمي في عدَّة جوانب، ويساهم هذا النوع من التفكير في تحسين العمليات الإبداعية ومواجهة العقبات في كافة المجالات ومن أهم خصائص التفكير التصميمي إليك ما يأتي:
1. الاهتمام بالمستخدِم:
يضع التفكير التصميمي العميل نصب عينيه ويهتم بتفصيلاته اهتماماً بالغاً؛ وهذا يجعله يراقب احتياجاته ومتابعتها باستمرار دون خوف من عدم نيل الإعجاب أو عدم موافقة المستخدم على الفِكَر.
2. زيادة الأفكار الإبداعية:
يعمل التفكير التصميمي على تشجيع الفرد على التفكير خارج الصندوق، وتحسين تجربته باستمرار، والخروج عن الفِكَر المعتادة ليصل إلى حلول مُبتكَرة.
3. تفسير المشكلات ودراستها دراسةً شاملةً:
إذ يُعدُّ التفكير التصميمي منهجاً شاملاً تُحلَّل من خلاله المشكلات وتُفهم فهماً دقيقاً، مع الأخذ بالحسبان جميع العوامل المحيطة سواء الثقافية أم الاقتصادية أم البشرية أم التقنية.
4. توافق التصميم مع التنفيذ:
يعمل التفكير التصميمي على جمع وتوافُق التصميم مع التنفيذ، ويرسم ملامح هذا الانسجام رسماً مبكراً، الأمر الذي يقلِّل من الهُوَّة الكبيرة التي تحدث بين المطوِّر والمصمِّم عادة.
5. دعم التطور باستمرار:
يُحفِّز التفكير التصميمي على فحص فِكَر وتجارب العُملاء، ويجد الحلول دائماً ليُحقِّق النمو المستمر.
6. استبصار المستقبل بطريقة أفضل:
عن طريق إنشاء رؤية مثالية وواسعة والتمكن من حل المشكلات، فهذا يساعد على حفظ الطرائق الفعَّالة وتطبيقها باستمرار.
7. مواكبة التغيير:
يُسهم نشر ثقافة التفكير التصميمي في مواكبة التغيير والتمتُّع بالمرونة والتكيف السريع مع مختلف المجريات، وهذا يجعل المؤسسات أكثر قابليةً لمواجهة مختلف التطوُّرات والتغيرات.
أمثلة عن التفكير التصميمي:
الآن وبعد أن تعرَّفت إلى مفهوم التفكير التصميمي لا بدَّ أنَّك تتساءل كيف تستفيد منه في الحياة العملية؟ ولهذا حضرَّنا لك أمثلة عن التفكير التصميمي لتكون دافعاً لك على اكتساب هذه المهارة وتعلمها:
1. تصميم السلع والمنتجات:
حُسن التفكير التصميمي من تجربة المستخدم عند استخدام الهواتف الذكية؛ إذ ساعدت التطبيقات المختلفة على تحديد أذواق المستخدمين وتقسيمها إلى فئات محدَّدة وتطوير تصميمات جديدة لمواجهة المستخدم والاستعانة بمجموعة من المستخدمين من فئات مختلفة لاختيار النماذج لتطبيقها لاحقاً.
2. تحسين الخدمات:
مثال على ذلك تسريع عملية تسجيل المريض في المستشفى؛ وذلك عن طريق تحليل مختلف تفاصيل تجربته، وبناء عملية تصميم ترتكز أساساً على التفاعل الإلكتروني واختبار هذا النموذج على مجموعة مرضى لدراسة مدى رضاهم عنه وتقييمه مباشرةً.
3. إنشاء الخدمات المختلفة:
عند تحسين التفاعل بين المواطنين والدولة التي يعيشون بها ومختلف دوائرها الحكومية وإجراء المقابلات مع المواطنين، لاستيعاب التحديات التي تواجههم وتصميم بعض التجارب الرقمية ليسهل من خلالها الوصول إلى الخدمات الحكومية.
4. ابتداع الأعمال:
على سبيل المثال يتحقَّق ذلك عند اكتشاف فرصة جديدة لإمكانية النمو في سوق محدَّدٍ، ويتم هذا عن طريق تحديد احتياجات السوق وفهم ما يحتاجه العميل ومن ثم ابتداع فِكَر جديدة للمنتجات الواجب تزويد السوق بها، وكالعادة يُختبَر مدى تقبُّل المستخدمين لهذه المواد وإقبالهم عليها وتقييم ذلك فوراً.
5. إيجاد حلول لمُختلَف المشكلات في المجتمع:
يشجِّع التفكير التصميمي على استخدام مواد بديلة للبلاستيك عند زيادة معدَّل المُخلَّفات الصناعية في منطقة معيَّنة، ويُحفِّز القيام بحملات توعيةٍ ليُحافَظ من خلالها على البيئة، كتشجيع أفراد المجتمع على اتِّباع طريقة إعادة التدوير وكذلك زيادة التشجير وتجنُّب الحرائق في الغابات وما إلى ذلك.
في الختام:
لقد تعرَّفنا إلى التفكير التصميمي ومفهومه وخصائصه، وكيف يساعدنا على مواجهة العديد من المشكلات وتحسين مختلَف الحلول تحسيناً متكاملاً، وإبراز دور التعاون بين الابتكار والتنفيذ والجوانب التقنية كافة ليعطي حلولاً عمليةً وفعَّالةً.
أضف تعليقاً