ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب ديريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن استراتيجية التوقف عن المماطلة.
لا يُنصَح باتخاذ خطوات كبيرة في البداية، فقد تتخذها حجَّةً للاستسلام؛ إذ تُعَدُّ هذه نصيحةً منطقية، لكن قلة قليلة من الناس تبدأ بخطوات صغيرة في الواقع؛ إذ أرى عدداً أكبر من الأشخاص يبدؤون بخطوات كبيرة، وذلك لأنَّهم قد يكونون متحمسين للغاية لإجراء تغيير أو القيام بأشياء جديدة، فعندما نحلم بإحداث تغيير في حياتنا ونبدأ في الإيمان به، عادة ما تسيطر هذه الإثارة علينا.
شاهد بالفيديو: 10 طرق للتغلب على المماطلة والتخلص منها
كيف يمكنني أن أمنع نفسي من الشعور بالحماسة الشديدة؟
لا أعتقد أنَّ الشعور بالحماسة أمر سيئ، فأنت بحاجة إلى الطاقة لإحداث تغيير، ومن الرائع أن تكون متحمساً لتحقيق شيء ما في حياتك، تذكَّر دائماً أنَّك تريد أن تظل متحمساً؛ فعندما تصبح الأمور صعبة، يمكننا أن نفقد تلك الحماسة؛ ولذلك عندما تبدأ في إنشاء عادة الكتابة أو التمرين أو القراءة أو الأكل الصحي أو تعلُّم مهارة جديدة، تذكَّر أنَّها لا ينبغي أن تمثل تحدياً؛ بل يجب أن يكون النشاط سهلاً، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فنحن جميعاً نماطل؛ وحتى الأشخاص الأكثر انضباطاً يفعلون ذلك.
عندما تبدأ شيئاً جديداً، لا يتعلق الأمر بنتائجك، فعندما بدأت الكتابة كلَّ يوم، لم أكن أهتم كثيراً بعدد الكلمات التي كتبتها، أو عندما بدأت في ممارسة الرياضة، لم أكن أهتم بنوع التمرين؛ بل أردت فقط التأكد من أنَّني فعلت ذلك.
لقد كتب جيمس كلير (James Clear)، مؤلف كتاب "العادات الذرية" (Atomic Habits)، الذي يتحدث عن تغيير حياتك من خلال تكوين عادات صغيرة عن هذه الفكرة في كتابه الجديد، أحب الطريقة التي يزيل بها الحواجز جميعها التي تحول دون بدء العادة، فقد كتب عن استراتيجية التغلب على المماطلة: "ينبغي ألا تمثل العادة الجديدة تحدياً، يمكن أن تكون الإجراءات التالية صعبة، لكن يجب أن تكون أول دقيقتين سهلتين، فما تريده هو عادة تحثك على الانطلاق وتقودك بطبيعة الحال إلى مسار أكثر إنتاجية".
تذكَّر أنَّ الإجراء في حدِّ ذاته ليس أمراً سهلاً، لكن كما يقول جيمس: يجب أن تكون أول دقيقتين سهلتين، وستجد أنَّك تستطيع تقليص أيَّة عادة أو نشاط تقريباً إلى نسخة مصغرة مدتها دقيقتان.
- هل تريد أن تقرأ كلَّ يوم؟ اقرأ صفحة واحدة.
- هل تريد ممارسة التأمل كلَّ يوم؟ اجلس في وضع التأمل.
- تريد الدراسة لامتحان؟ افتح كتابك.
الإرهاق والمماطلة والاستمرارية:
أنا أحب استراتيجية المماطلة هذه؛ لأنَّها تجعل المماطلة مستحيلة تقريباً، فعندما أتذكَّر كلَّ المرات التي مارست فيها المماطلة، أرى أنَّ الأمر دائماً مرتبط بالإرهاق، فعندما لا تبدأ شيئاً ما، تبدو النتيجة النهائية بعيدة للغاية، وبهذه الطريقة ينتهي بك الأمر إلى الاستسلام؛ لذا بدلاً من التركيز على النتيجة النهائية، ركِّز على البداية الصغيرة.
انظر إلى ما تريد تحقيقه في حياتك، وبعدها انظر إلى العادات التي ستؤدي إلى حدوث ذلك، فعلى سبيل المثال، هل تريد أن تصبح مديراً تنفيذياً؟ معظم القادة قُرَّاء؛ ولذلك قد ترغب في البدء في عادة القراءة اليومية، وبعد ذلك اختزل العادات التي تحتاج إليها للنجاح في نشاط مدته دقيقتان.
الهدف ليس البدء فقط؛ بل الاستمرار، فلا أحد يريد قراءة صفحة واحدة في اليوم إلى بقية حياته، وبالنسبة إلي هذه الاستراتيجية تركِّز على التعود على القيام بشيء ما كلَّ يوم، وتغيير نمط حياتك ليس أمراً سهلاً، فلنفترض أنَّك تعيش بطريقة معينة لمدة 30 عاماً، ماذا تتوقع أن تتغير بين عشية وضحاها؟ أنت وأنا نعلم أنَّ الأمر يستغرق وقتاً؛ لذلك يجب أن نغير وجهة نظرنا وفقاً لذلك، ويجب أن تكون أولويتك الأساسية دائماً هي تكوين العادة، والمواظبة عليها.
في الختام:
تذكَّر أنَّ العادات لا تتعلق بالنتائج، فلا أحد يهتم بعدد الصفحات التي قرأتها أو مدى صعوبة عملك أو المدة التي لم تدخن فيها سيجارة؛ بل يجب أن تهتم فقط بما فعلته اليوم؛ ولا تركِّز على المقارنة؛ فالحياة منافسة مع نفسك؛ وليس مع الآخرين، وإذا كنت تريد الفوز، فعليك أن تجعل الأمر سهلاً على نفسك.
أضف تعليقاً