تابع قراءة هذا المقال إن كنت تودُّ معرفة أهميَّة هذا التوجُّه، وأهدافه، وما هي البرامج المقدَّمة من خلاله، إضافة إلى أمثلة تطبيقية من الوطن العربي.
ما هو الاقتصاد الأخضر؟
الاقتصاد الأخضر هو اقتصاد يهدف إلى حماية البيئة، ومواجهة المخاطر التي تهدِّد إنشاء بيئة نظيفة من خلال الخدمات التي تحقِّق هذا الهدف، إضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة حول العالم.
يتميَّز الاقتصاد الأخضر بأنَّه يعمل على مستوى الاقتصاد الكلِّي لتحقيق نمو اقتصادي حول العالم، وأُنشِئ هذا الاقتصاد بعد حدوث عدَّة قضايا في العالم منها: التغيُّر الحاصل في المناخ، وفقدان الموارد البشرية في البلاد، إلى جانب الحرمان من التساوي الاجتماعي، وحدوث أزمة ماليَّة.
وضعت الأمم المتحدة خطَّة من 17 هدفاً لتحقيق التنمية المستدامة، وتستطيع هذه الأهداف تحقيق المساواة بين الأفراد والبيئة، ومن هنا أتت أهميَّة التوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر في الشركات، والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلاله.
أهداف الاقتصاد الأخضر في الشركات:
قد ينتعش الاقتصاد العالمي من خلال تحقيق عدَّة أهداف تصبُّ في مصلحته، وذلك عن طريق معرفة أهميَّة التوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر في الشركات.
تكمن أهميَّة الاقتصاد الأخضر للشركات في النقاط الآتية:
1. توفير التكاليف:
تستطيع الشركات أن تزيد أرباحها، وتقلِّل تكاليف منتجاتها وخدماتها عن طريق استخدام الاقتصاد الأخضر، وذلك من خلال تحسين كفاءة الاستخدام للموارد، وتقليل الهدر الحاصل بها.
2. تعزيز سمعة الشركات، والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية:
يعني استخدام الاقتصاد الأخضر والالتزام به من قبل الشركات بناء سمعة جيِّدة للشركة، وهذا يزيد من مسؤوليتها تجاه كل من المجتمع والبيئة معاً، وتعني السمعة الجيِّدة زيادة الطلب على المنتجات، وزيادة قيمة الأرباح.
3. جذب المستثمرين، وتحسين الصورة العامَّة للاستثمار حول العالم:
يساعد استخدام الاقتصاد والتمويل الأخضر في الشركات على جذب الاستثمار إليها، فيريد كثير من المستثمرين استخدام أموالهم في مشاريع تدرُّ عليهم أرباحاً ماليَّة إضافة إلى الالتزام بترك أثر إيجابي في البيئة والمجتمع، ويمكِّن استخدام هذا الاقتصاد الشركات من تكوين صورة حسنة عنها لدى المستثمرين حول العالم، وهذا يعزِّز الصورة الإيجابية للشركة.
4. تلبية كل ما يحتاجه المستقبل:
يساعد التمويل الأخضر على التوجُّه إلى المشاريع التي تهدف إلى تلبية احتياجات الجيل القادم والحالي معاً، بشرط أن تكون قائمة على الاستدامة، وهنا يصبح من السهل الحفاظ على الموارد الطبيعية حول العالم، إلى جانب تحقيق التنمية الاقتصادية عل الأمد الطويل.
5. الوقوف بوجه تحديات المناخ:
يؤدي استخدام التمويل الأخضر وتحقيق اقتصاده إلى التقليل من أيِّ انبعاثات ضارَّة في الشركات والمنشآت، ويكافح تغيُّر المناخ الذي يتضرَّر بسبب هذه الانبعاثات، وهذا يسهم في مواجهة التغيُّرات المناخيَّة.
6. المحافظة على البيئة:
يدعم التمويل الأخضر المشاريع التي تقلِّل من التأثير السلبي في البيئة، ويدعم التنمية المستدامة التي يجب أن تتحقَّق حول العالم، ويعزِّز المشاريع المتعلِّقة بالبنى التحتيَّة الخضراء، إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجدِّدة.
شاهد بالفديو: 10 طرق سهلة لتكون صديقاً للبيئة
فوائد الاقتصاد الأخضر في الشركات:
يحقِّق تبنِّي استخدام الاقتصاد الأخضر في الشركات عدة فوائد، ومن أهمها:
1. تحقيق أهداف التنمية المستدامة:
يؤدي استخدام التمويل الأخضر الدور الأهم والأكبر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن هذه الأهداف: القضاء على الفقر حول العالم، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية، وتوفير الرعاية الصحية للأفراد، والحفاظ على نظافة المياه، وتأمين مصادر الطاقة النظيفة، وتحقيق النمو الاقتصادي في البلاد.
2. تحفيز التطوُّر التكنولوجي والابتكار في العالم:
يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال دعم المشاريع التي تستخدم التمويل الأخضر، ويساعد هذا التمويل على التطوُّر التكنولوجي النظيف من خلال الابتكار بالطاقة المتجدِّدة وجميع أنواع التكنولوجيا البيئية.
3. تقليل التكاليف المستقبلية:
يمكن للمشاريع التي تستخدم التمويل الأخضر تقليل أي تكلفة على الأمد البعيد؛ بسبب تحسين الكفاءة، وتقليل الأثر السلبي في البيئة، وذلك من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، وتجنُّب أي تكلفة تترتَّب على التلوُّث الناجم.
4. توفير فرص العمل:
توفِّر المشاريع الخضراء فرص عمل عديدة، كإدارة النفايات البيئية الناتجة، أو وظائف في مجالات الطاقة المتجددة، ويمكن لهذه الفرص دعم التنمية المستدامة وتحقيق أهدافها.
أسباب التوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر في الشركات حول العالم:
توجَّهت الشركات حول العالم نحو الاقتصاد الأخضر بصفته أحد الحلول للنهوض باقتصادها، وتوجد عدَّة أسباب لهذا التوجُّه منها:
1. التطوُّر التكنولوجي في مجال الطاقة النظيفة:
توسَّعت المشاريع التي يمكن دعمها بالاقتصاد الأخضر في مجال الطاقة النظيفة وأصبحت على نطاق واسع، مثل الطاقة المتجدِّدة، والبنية التحتية الخضراء، إضافة إلى تحسين استخدام الموارد الطبيعية.
2. الشفافيَّة والضغط الاجتماعي:
تبنَّت بعض الشركات إطلاق عدَّة مبادرات صديقة للبيئة؛ بسبب الضغط عليها من قبل أشخاص أدركوا المخاطر التي تهدِّد البيئة والمناخ، وعدَّ هؤلاء الأشخاص هذه القضايا مسؤوليَّةً اجتماعية، وقالوا إنَّ على المستثمرين فحص استدامة استثماراتهم قبل البدء بتنفيذها.
3. القوانين والتنظيمات المحفِّزة:
شجَّعت الحكومات والهيئات التنظيمية حول العالم على استخدام التمويل الأخضر في الشركات والاستثمارات، وجاء هذا التشجيع من خلال وضع قوانين محفِّزة قادرة على حماية البيئة والمستثمرين معاً.
4. الفوائد الماليَّة والاقتصادية:
يمكن تعزيز الاستدامة إلى جانب وضع مشاريع تخصُّ البيئة والطاقة المتجدِّدة وتوفر فرصاً اقتصادية، وذلك من خلال زيادة الوعي بالفوائد الاقتصادية للتمويل الأخضر.
5. وضع اتفاقيات دولية من أجل الحفاظ على البيئة:
بحثت الحكومات والشركات عن تمويل يدعم الاقتصاد الأخضر، وذلك بعد توقيع عدَّة اتفاقيات، مثل "اتفاق باريس للمناخ 2015"، ونتج عن هذا الاتفاق سنُّ قوانين تُلزِم الشركات بالحدِّ من الانبعاثات الكربونيَّة وتعزيز الاستدامة.
6. الالتفات نحو الاستدامة البيئية:
وضعت الحكومات والجهات المختصَّة وسائل لحماية البيئة، ونتج عن ذلك ازدياد الوعي بالالتفات إلى خطورة التغيُّر المناخي الحاصل، وتبيَّن أنَّ الاقتصاد والتمويل الأخضر يدعم المشاريع التي تؤثِّر في البيئة، وتحقِّق التنمية المستدامة.
البرامج التي تستخدم الاقتصاد الأخضر:
تستخدم بعض البرامج مبادئ خاصة بالاقتصاد الأخضر؛ لتحقِّق أهدافها الموضوعة بعد معرفة فوائده في الشركات.
من أبرز هذه البرامج:
1. برنامج التوعية البيئية:
يقوم هذا البرنامج أساساً على الحملات التي تهدف لتوعية وتثقيف المواطنين بأهميَّة القضايا البيئية، واتِّخاذ الإجراءات لحماية البيئة، والحد من التلوث.
2. برنامج النقل الأخضر:
يهدف هذا البرنامج إلى تقليل كميَّات غاز ثنائي أكسيد الكربون المنبعثة وسائل النقل، ويشجِّع على استخدام السيارات التي تعمل على الكهرباء، ووسائل النقل الجماعية العامَّة.
3. برنامج تدوير الموارد:
يُعدُّ هذا البرنامج من أهمِّ البرامج الموضوعة، فهو يعمل على حماية البيئة من خلال جمع المواد وإعادة تدويرها مرة أخرى؛ وذلك بهدف استخدامها في الإنتاج بدلاً من استخدام مواد جديدة مكانها.
4. برنامج توفير الطاقة:
يعمل هذا البرنامج على تحسين كفاءة استخدام طاقات المباني والمعدَّات، ووضع تقنيات هادفة لتوفير هذه الطاقة، وتقليل استهلاكها الذي ينجم عنه انبعاثات ضارَّة.
5. برنامج الزراعة المستدامة:
يهدف لتطبيق أي ممارسة تخصُّ الزراعة المستدامة، كاستخدام الأساليب العضوية، إلى جانب إدارة الموارد التي توازِن بين الإنتاج من جهة، والحفاظ على البيئة نظيفة من أيِّ تلوث من جهة أخرى.
برامج تطبيق الاقتصاد الأخضر في الوطن العربي:
أطلقت دولة الإمارات المتحدة برنامج يدعى "العلامة البيئية للمصانع الخضراء"، وطوِّرَ هذا البرنامج وحُدِّثَ وفق أفضل الممارسات العالمية الداخلة في هذا المجال، ويهدف إلى بناء شركات ومنشآت تدعم حماية البيئة في مختلف القطاعات الصناعية، ويُنفَّذ هذا البرنامج من خلال تشجيع الشركات على إيجاد حلول تتحكَّم بالملوِّثات البيئية، للتخلُّص منها، ومنح الشركات الملتزِمة علامة بيئية.
يقوم هذا البرنامج على أربعة محاور يجب على الشركات تطبيقها؛ لتُمنَح العلامة، وهي:
- تطبيق ممارسات فنيَّة وإدارية مميَّزة؛ للحدِّ من أي عمليَّة تلوُّث ناجمة عن العمليَّات التصنيعية.
- نوع الحلول التي ابتكرتها الشركة أو المنشأة لحماية البيئة، وتعزيز نمو البلاد الاقتصادي، وتعزيز جودة الحياة في المجتمع.
- كيفيَّة إدارة طلبات الموارد، وذلك عن طريق ترشيد استهلاك الطاقة، والاستخدام الأفضل لها، والحفاظ على موارد البلاد.
- وجود تقييم لسجلَّات الامتثال للأوامر، ووضع نتائج لعمليات التفتيش التي تقوم بها المنشأة.
في الختام:
لقد ذكرنا في هذا المقال أهميَّة التوجُّه نحو الاقتصاد الأخضر في الشركات، وكيف يمكن تحقيق، وأمثلة مطبَّقة عليه في الوطن العربي.
أضف تعليقاً