من هو أبو الهول؟
يُعرَف أبو الهول بأنَّه شخصية أسطورية ظهرت في أساطير المصريين واليونانيين والآسيويين أيضاً، وكان وصيَّاً روحيَّاً في حضارة مصر القديمة، وصُوِّرَ على أنَّه رجل يرتدي غطاء رأس فرعون، ويوجد العديد من التماثيل الخاصة بأبي الهول في مناطق متفرِّقة في مصر، وكان في الحضارة الآسيوية عبارة عن رأس بشري بجناحي نسر، وفي الحضارة اليونانية كان يمتلك أجنحة، وقيل إنَّه بذيل ثعبان.
لم يهتم المصريون في عصر الدولة الحديثة بمعرفة أصل هذا التمثال، وكانوا على يقين كامل أنَّه مرتبط بالشمس، ويعتقد بعضهم أنَّه "إله الشمس" ذاته، وقال بعض العلماء إنَّ أبا الهول هو مكان كان يصلِّي فيه الناس، وترك الفراعنة في عصر الأسرة السادسة عشر وتحديداً في عام 500 قبل الميلاد لوحة أُطلِق عليها اسم: "لوحة الإحصاء" أو "ابنة خوفو"، وتبيَّن لاحقاً أنَّ الملك "خوفو" قد وجد أبا الهول في هضبة "الجيزة"، وهذا يعني أنَّه يرجع إلى عصر ما قبل عهد الملك "خوفو".
أشار الكهنة إلى أنَّ عبادة أبي الهول ترجع إلى عصر الأسرة الثالثة؛ يعني في عصر الدولة القديمة، واستمرَّ هذا الاعتقاد حتى مجيء العرب، وقال "عبد اللطيف البغدادي" إنَّ جثته مدفونة تحت التمثال.
تمثال أبي الهول
نُحِتَ تمثال أبي الهول من الحجر الماسي، ثم غُطِّي بطبقة من الجصِّ، ولُوِّن وبقيت آثار هذه الألوان إلى يومنا هذا موجودة بجانب أذنه، ويبلغ طوله ما يقارب 73 متراً، وعرضه 19 متراً، وارتفاعه 20 متراً، ويبلغ طول قدميه الأماميتين 15 متراً، وهو من عصر مصر القديمة، ويوجد تحديداً على الضفة الغربية من نهر النيل على هضبة "الجيزة" في مدينة "الجيزة" المصرية، ويلقِّبه الكثيرون "حارس الهضبة".
يعتقد بعض العلماء أنَّه بُنيَ خلال عهد الملك "خفرع" بين عامي (2532 - 2558 ق.م) وكان التمثال محجَّراً، قبل أن ينحته الملك "خفرع"، ويحوِّله إلى تمثال، وهو من أكبر التماثيل الموجودة في العالم، وتقول التقديرات إنَّ بناءه استغرق ما يقارب 3 سنوات، واشترك في هذه العملية 100 عاملاً تقريباً، واُستخدِمت أدوات خاصَّة كالمطارق الحجرية، والأزاميل النحاسية.
قال بعض المؤرِّخين إنَّ ملكيَّة تمثال أبي الهول تعود للملك "خفرع" من الأسرة الرابعة، ويرى بعضهم الآخر أنَّ "جدفر" وهو شقيق "خفرع الكبير" هو من بنى التمثال؛ وذلك لإحياء ذكرى والدهم المتوفى.
تعرَّض التمثال إلى الدمار، وخاصَّة الوجه؛ وتحديداً أنفه، وبقي إلى يومنا هذا دون أنف، ويُقال إنَّه فقد أنفه بعد أن شوَّهه "محمد صائم الدهر" في القرن الرابع عشر؛ بسبب احتجاجه على عبادة الأصنام، كما امتلكَ تمثال أبي الهول لحية، ولكنَّها تآكلت مع مرور الزمن، وتشير الدراسات إلى أنَّ ألوانه كانت الأحمر والأزرق والأصفر، ويوجد على إحدى أذنيه بقايا اللون الأحمر، إضافة إلى ذلك فقد اُقتطِع جزء من رأسه، وعُرِضَت هذه القطعة في متحف بريطانيا.
سبب تسمية أبي الهول بهذا الاسم
أشار المصريون القدماء إلى أنَّ أبا الهول في الدولة القديمة (4500 ق.م) عُرِفَ باسم "روتي"، وهو رمزٌ على شكل أسد يحمي ويحرس المكان، وكان "روتي" مقدَّساً عند المصريين القدماء، وأُطلِق عليه في العصر الحديث لقب "حور إم أخت"؛ ويعني الصقر، وأُطلِق عليه لقب "حور ما هيي" في العصور المتأخرة، ويُعتقَد أنَّه يرمز إلى "الشمس" أو إلى الإله "رع" الذي يشرق ويغرب بين الهرمين.
لُقِّب تمثال أبي الهول في عصر الدولة الوسطى بـ "شسب عنخ"؛ ويعني الصورة الحيَّة، ليُطلق فيما بعد عليه لقب "حورونا "بعد نسبته إلى الإله الكنعاني، والذي يُعدُّ "إله الحماية" آنذاك، أمَّا اسم أبي الهول في اللغة العربية فهو تحريف للتسمية الفرعونية "بر حول" أو "بو حول"، ووضع العرب بعد دخولهم مصر حرف الألف قبل بو، وبدَّلوا حرف الحاء بالهاء؛ وهكذا صار يُعرَف بـ "أبي الهول".
قصة أبي الهول
وردت قصَّة أبي الهول في العديد من الروايات القديمة، والأساطير اليونانية والرومانية، ويُعدُّ أبو الهول مخلوقاً وهمياً غير موجود في الواقع، وهو من خرافات تاريخ مصر القديمة.
اكتشف مؤسِّس المتحف المصري "أوجوست" في عام 1857 "لوحة الإحصاء"، وقال إنَّها تعود للأسرة السادسة والعشرين، وإنَّ هناك مساحات موجودة على اللوحة تُعدُّ دليلاً على كيفية وصول "خوفو" إلى أبي الهول، واتَّهم الكهنة على هذا الأساس، ويُعدُّ هذا الدليل دليلاً مزيفاً للتاريخ، وإلى الآن لا توجد معلومات صحيحة عن قصَّة أبي الهول.
صور أبي الهول
شكل أبي الهول من الداخل
بيَّنَ بعض العلماء أنَّه يوجد داخل تمثال أبي الهول أربعة أنفاق، ويقع السرداب الأول أعلى ظهره، وحفرَ مهندس فرنسي في عام 1937م خلف رأسه، واستخدم "بريمة" للحفر، ولكنَّه توقَّف عندما وصل لعمق ثمانية أمتار؛ بسبب تعثُّر "البريمة" وعجزها عن الدخول لعمق أكبر، وهدفت هذه الحركة إلى البحث عن الكنوز داخل الجسد.
يقع السرداب الثاني في الجهة الشمالية منه، وأغلقه العالم الأثري الفرنسي "بارثر"، أمَّا الثالث فيقع تحديداً خلف "لوحة الحلم"، والسرداب الرابع عند مؤخرة التمثال، وتبيَّن أنَّ عمقه يصل إلى ما يقارب 15 متراً.
معبد أبي الهول، وعلاقته بالتمثال
يقع "معبد أبي الهول" في مدينة "الجيزة" المصرية بالقرب من تمثال أبي الهول، ويُعتقَد أنَّه بُنِي في عام 2500 ق.م، وهو نفس الوقت الذي بُنِي فيه تمثال أبي الهول، ويقع المعبد مباشرة أمام التمثال، ويبلغ طوله 45 متراً وعرضه 20 متراً، وكان مكاناً لإقامة الطقوس الدينية، والاحتفالات التي تُقام على شرف التمثال.
زُيِّن مدخل المعبد بنقوش تصوِّر كلاً من الفرعون "خفرع" و"أبا الهول"، ويضمُّ عدداً من الغرف الصغيرة، كما توجد بداخل المعبد نقوش هيروغليفية ساعدت على التعرُّف إلى تاريخ أبي الهول، وبيَّنت أهمَّيته، كما اُستخدِم المعبد لتقديم القرابين لأبي الهول، وكان مكاناً للعبادة في آن واحد، فكان الناس يأتون للصلاة فيه، وفي أوائل القرن الماضي أُعيد اكتشافه بعد أن دُفِنَ لعدة قرون في الرمال.
معلومات غريبة عن أبي الهول
توجد عدة حقائق مذهلة عن تمثال أبي الهول، وهي:
- يمتلك التمثال أنفاً يصل طوله إلى متر، ولكنَّه دُمِّر، وتقول الأقاويل إنَّ الجنود الذين كانوا يتدرَّبون خلال حملة "نابليون" قد أصابوه ودمَّروه، ويقول آخرون إنَّ البريطانيين والمماليك هم من دمَّروه.
- توجد 4 سراديب في جسد التمثال، وأهمها السرداب الموجود في نصف ظهره، ويوجد في فتحة السرداب باب معدني يمكن أن يُفتَح ويُغلَق، ولكن لا توجد معلومات عن نهاية هذا السرداب، أو إلى أين يؤدي.
- ضربت العاصفة الرملية التمثال، وهذا أدى إلى تآكله، وخاصَّة في رقبته وقدميه والجزء الخلفي له.
- بيَّن علماء مصريون أنَّ الملك "خفرع" هو من شيَّده، وأعطاه رأسه قبل 4500 عام.
- أُطلِق اسم "بوحول" على التمثال في أيام الفراعنة، ولكنَّ العرب أطلقوا عليه لقب "أبي الهول".
- ينظر تمثال أبي الهول باتجاه الشرق؛ أي باتجاه مدينة سيناء.
كيف استُعيد تمثال أبي الهول؟
تعرَّضت البلاد لموجة من الرمال أدَّت إلى دفن التمثال، وفي عام 1400 قبل الميلاد نقِّبَ عنه لأوَّل مرة، وجُمِع فريق للقيام بعملية الحفر، وتمكَّنوا بعد جهد كبير من حفر الكفوف الأمامية، ووضعوا الجرانيب بينها، وعثرَ الإيطالي "جيوفاني باتيستا كافيجليا" في عام 1817 على التمثال كاملاً، بعد عمليات بحث وتنقيب مجهدة.
كُشِف في عام 1887 عن رحلات الدرج؛ بسبب ظهور الصدر والكفوف والهضبة ظهوراً مرئيَّاً للجميع، وبيَّنوا أنَّ الارتفاع يصل إلى 100 قدم، وأنَّ طول الكفوف يصل إلى 35 قدماً، وأُصلِح الرأس في عام 1931 بعد أن سقط جزء منه في عام 1926، وأُجريت إصلاحات دقيقة لقاعدته وجسمه، وأُعيد بناؤها مرة أخرى في التسعينيات.
في الختام
ذكرنا في هذا المقال من هو أبو الهول، وما هي مواصفات تمثاله، إضافة إلى سبب تسميته، وماذا يوجد في داخله.
أضف تعليقاً