استغربت حين سمعت كلامها، ثم تذكَّرت كثيراً من الأمثلة عن زيجات بدأت بحب وانتهت بالطلاق، وغيرها كثير من الزيجات التي بدأت بتعارف بسيط وكانت ناجحة نجاحاً مبهراً، فهل سألت نفسك لماذا تفشل بعض الزيجات وتنجح الأخرى؟
لا توجد قواعد محدَّدة يمكن اتِّباعها تساعد الأزواج على تجنُّب المشكلات، فطبيعة الإنسان معقَّدة وكل شخص يمتلك ما يميِّزه عن الآخر، وتحقيق الانسجام التام صعب جداً، فالتحديات كثيرة والعلاقات الزوجية لا تنجح إلَّا بوجود رغبة مشتركة من الطرفين بحلها، لذلك خصَّصنا مقالنا اليوم للتحدث عن أبرز التحديات والمشكلات التي تواجه الأزواج، والتي يجب حلها قبل أن تتفاقم للحفاظ على العلاقة الزوجية، وتحقيق النجاح في المحافظة على الأسرة.
أبرز التحديات التي تواجه الأزواج
لا يمكن إحصاء المشكلات والتحديات التي يمر بها الأزواج، ولكن يمكننا ذكر أبرزها وأكثرها شيوعاً، وهي التحديات الآتية:
1. ضعف التواصل
لعلَّ أكثر ما يُزعج الأزواج هو ضعف التواصل، فالإنسان يحتاج إلى التواصل الكثير لفهم الطرف الآخر وطبيعة تفكيره ورغباته وأحلامه ومشاعره، وربَّما يكون أحد الأطراف غير قادر على التعبير عن مشاعره أو أفكاره ببساطة، فإن لم يتواصل شريكه معه، فلن يتحدَّث أبداً ويؤدي ذلك إلى بُعد الطرفين عن بعضهما بعضاً.
التواصل هو حجر الأساس في العلاقة ولا يمكن تعزيز الحب والمحافظة على الرومانسية في العلاقة في غيابه، ولا يمكن أيضاً الوصول إلى حلول مشتركة للمشكلات ترضي الطرفين.
2. المال
إنَّ المشكلات المالية هي الأسرع في تدمير العلاقات الزوجية وخاصة إن كان حساب البنك مشتركاً بين الطرفين، فلا بدَّ من الاختلاف في كيفية إدارة شؤون المنزل، وتترافق إدارة المال عادة مع كثير من التوتر، فعادات الإنفاق مختلفة بين الطرفين، فمثلاً يجد أحد الزوجين أنَّه غير قادر على التخلِّي عن التدخين، فيتسبب ذلك بمصاريف تجدها الزوجة غير ضرورية، بينما يجد الزوج أنَّ المصاريف غير الضرورية هي شراء طلاء الأظافر وأدوات التجميل.
3. الأطفال
كثيراً ما يتسبَّب الأطفال بمشكلات بين الزوجين، بدلاً من تقريبهما من بعضهما بعضاً، فهُم نعمة من الله عز وجل، وأبرز تلك المشكلات هي كيفية تقسيم الوقت بين الزوجين، بحيث يتمكَّن كلاهما من القيام بأعماله الأخرى، ويجدا الوقت الخاص لهما أيضاً، وكذلك اختلاف أسلوب التربية، فكلُّ طرف تلقَّى أسلوب تربية مختلف ولديه رأي معيَّن في التربية وقواعد الانضباط، إضافة إلى الإرهاق المصاحِب لتربية الأطفال والقلق من صعوبة تأمين الاحتياجات لهم، وقد تتغيَّر أولويات أحد الأطراف بعد الزواج فيُهمل شريكه ويهتم بطفله فقط.
4. الأصدقاء والعائلة
يمكن لأي طرف خارجي أن يسبِّب ضغطاً على الأسرة والزوجين خصوصاً، فيتسبَّب بتوتر العلاقة نتيجة التدخل غير المناسب بشؤونهم الخاصة، وإعطاء النصائح ومحاولتهم لحل المشكلات بين الزوجين، وهذا يتسبَّب بتوتر العلاقة أكثر من قبل، وربما نتيجة النميمة فقد تتحدث الزوجة لصديقتها أو عائلة زوجها عمَّا يزعجها في سلوك زوجها، فينزعج الزوج عند سماع ذلك، وقد تتسبَّب المقارنة المفرِطة التي يقوم بها أحد الأطراف بين حياته وحياة صديقه بالشعور بأنَّه يفتقد تلك السعادة التي يعيشها غيره.
5. غياب التعاون
أيضاً يعدُّ التعاون من أساسيات بناء علاقة زوجية صحية ومستقرة وناجحة، فمثلاً عندما تتولَّى الزوجة شؤون الأطفال وتربيتهم وتنظيف المنزل وإعداد الطعام والتخطيط لميزانية الأسرة المنزل، وكذلك تعمل في الخارج كما يعمل الزوج في الخارج، فإنَّها ستشعر بالظلم بعد مدة نتيجة الإرهاق والسعي المتواصل لتلبية احتياجات الجميع ودون الحصول على التقدير المساوي لجهودها.
6. الملل
قد يصل الأزواج إلى مرحلة من الملل بالرغم من عدم معاناتهم من أية مشكلة من المشكلات المذكورة آنفاً، وذلك نتيجة الروتين اليومي وفعل الأشياء ذاتها وخاصة بعد مرور سنوات من الزواج، فيُقدِّم الزوج الهدايا المتشابهة في عيد زواجهما، وتُعِدُّ الزوجة الأطباق المتشابهة ويذهبان في نهاية الأسبوع للأماكن ذاتها.
شاهد بالفيديو: 6 إشارات تدل على فشل الزواج مبكراً
كيفية التعامل مع التحديات وحل المشكلات قبل تفاقمها
يمكن النجاح في العلاقة الزوجية من خلال اتباع أسلوب حياة سليم، والعمل على مواجهة التحديات بالشكل الآتي:
1. التواصل المستمر والمفتوح
يجب أن يكون التواصل بين الأزواج لا حدود له، ويُحقَّق كما يأتي:
- الاستماع الفعَّال للشريك وعدم مقاطعته عند التحدث عن أفكاره ومشاعره وإظهار الاهتمام لحديثه دائماً ليكون صريحاً وصادقاً في كلامه، ويتم ذلك باستخدام لغة الجسد من خلال التواصل البصري وعدم التحرك كثيراً.
- تخصيص وقت يومياً للتحدث في مختلف الأمور والمشكلات العالقة بهدوء بعيداً عن كافة الضغوطات، ربَّما بعد نوم الأطفال وقبل خلود الزوجين للنوم.
- الابتعاد عن إلقاء اللوم على الشريك وانتقاده، والتركيز على إيجاد الحل المشترك.
- احترام وجهات نظر الطرف الآخر والعمل على تقريبها من وجهة نظرك.
- الرحمة والتسامح والمرونة في الحديث لحماية مشاعر الطرف الآخر من الجرح.
- التعبير عن المشاعر بوضوح، فلا داعي للانتظار حتى يطلب منك الشريك التعبير عنها لكي لا يسيء فهمك ويعتقد أنَّك لا تبادره مشاعر الحب.
2. التعاون
يجب أن يكون التعاون عنوان الحياة الزوجية، فلا تتعاوَن بأمر واحد وتُهمِل باقي الأمور، لذلك من الضروري الحرص على تقاسم المسؤوليات بين الزوجين، من أعمال منزلية وتربية أطفال وشؤون مالية وواجبات اجتماعية، وكذلك التعاون لإيجاد حلول لمختلف المشكلات، فلا تنتظر شريكك أن يبادر لإيجاد الحل؛ بل ساعده ليزداد مستوى الرضى ويشعر برغبتك في حياة مستقرة معه.
3. قضاء الوقت معا
مهما كانت الظروف التي تعيشها مع الشريك، ومهما كانت الأشغال كثيرة، لا تتركها تسيطر عليك ولا تترك شريكك يشعر بالملل ويرغب في التخلص من تلك العلاقة الروتينية، وقضاء الوقت معاً ليس فقط نشاطاً ترفيهياً، إنَّما هو العمل على بناء ذكريات جميلة وسعيدة ناتجة عن مشاركة في النشاطات التي يحبُّها الشريك ومعرفة الأشياء التي تسعده وتجربة أشياء جديدة، والذهاب إلى أماكن جديدة ومثيرة لتجديد مشاعر الحب بينكما، وكذلك عيش اللحظات الرومنسية في أوقات غير متوقَّعة، فلا تنتظر عيد زواجكما لتقدِّم هدية لزوجتك مثلاً؛ بل افعل شيئاً غير متوقَّع كأن تضع طاولة في مكان من حديقة المنزل أو الشرفة، وتضع الشموع وبعض الحلويات أو وجبة تفضِّلها، فتدخل زوجتك إلى المنزل بعد انتهاء دوامها وتُصدَم بوجودك وبالأجواء الرومنسية غير المتوقَّعة.
4. وضع الحدود للآخرين
لا تسمح لأي طرف خارجي باقتحام خصوصية حياتكما وتعكير صفو مزاجكما، فلا تقضي أوقات الفراغ دائماً مع العائلة والأصدقاء، وتتحدَّث عن حياتكما الزوجية أو المهنية أو الأطفال؛ بل اترك تلك الأحاديث الخاصة لجلستك مع زوجتك، والأهم من ذلك هو اختيار الأصدقاء بدقة، فلا تسمح لكل شخص تعرَّفت إليه أن يدخل حياتك الخاصة ويعرف أسرارك.
5. المحافظة على العلاقة الحميمية
تساعد العلاقة الحميمية على استقرار الحياة الزوجية، لكونها تعبير عن استمرار الحب والرومنسية بين الأزواج، لذلك إن واجهتكما بعض المشكلات المتعلِّقة بذلك، فلا تتردَّد في التحدث عنها تحدثاً صريحاً وواعياً مع شريكك، وأخبره بمخاوفك أو احتياجاتك، فالتواصل الجريء في هذه الحالة مطلوب، وحاوِلْ إضفاء الرومنسية على اللحظات الحميمية بينكما وابحث دائماً عن التجديد.
6. مناقشة الأمور المالية
من الضروري إنشاء ميزانية للعائلة يخطَّط لها في بداية كل شهر لمراعاة أهداف وغايات الشريكين، فحساب المصاريف بالشكل الذي يحقق للجميع ما يتمناه، ولا يجب إخفاء ما يتعلق بالأمور المالية عن الشريك مهما كان الظرف الذي تعيشه، فالصدق هو الأفضل دائماً.
7. الثقة بالشريك والتعاطف معه
يجب توفُّر ثقة عالية بالشريك حتى لا تشغل بالك بما يحدث في حياته في غيابك، فإن كنت تعاني من الغيرة الشديدة أو الشك، عليك معالجة نفسك بالتأمُّل الذاتي وحل مشكلة انعدام الأمان التي تعاني منها بالاستعانة بأخصائي نفسي، لكي لا تظلم الشريك وتدمِّر منزلك، وكذلك الأمر إن كنت تعاني من الغضب السريع أو التوتر، فالحل هو طلب المساعدة للوصول إلى الاستقرار النفسي، وكذلك بممارسة الرياضة والتخلص من الطاقة السلبية والتوتر الناتج عن ضغوطات الحياة.
في الختام
يعدُّ الزواج مؤسسة ناجحة إن تمكَّن الزوجان من التغلُّب على التحديات وحل المشكلات التي تواجه معظم الأزواج والتي ذكرناها في مقالنا، كالمشكلات المالية أو غياب التواصل بينهما أو اختلاف نمط تربية الأطفال الذي يرغب كل طرف باعتماده، إضافة إلى تدخُّل الأصدقاء أو العائلة بهما وتقديم نصائح غير مرغوبة، ولقد تحدثنا عن أهم الاستراتيجيات التي تساعد على استقرار الحياة الزوجية، مثل الحفاظ على التواصل المستمر والتعاون مع الشريك بمختلف جوانب الحياة، والوضوح في المشاعر والأمور المالية ومحاولة كسر الروتين بقضاء الوقت معاً والقيام بنشاطات مختلفة، إضافة إلى ضرورة المحافظة على العلاقة الحميمية والرومنسية التي تقوِّي الروابط بين الأزواج.
أضف تعليقاً