يمكنك تحقيق أي شيء إذا ركزت على هدف واحد

يمكنك تحقيق أيِّ شيء في الحياة تقريباً إذا كنت تركِّز على هدف واحد فقط؛ فهذه استراتيجية أثبتت جدواها عبر الزمن، وشاركها معظم الأشخاص الناجحين؛ فقد ألَّف الكاتبان غاري كلير (Gary Keller) وجاي باباسان (Jay Papasan) كتاباً كاملاً عن هذه الفكرة البسيطة، لكن لا تدع بساطة هذه الفكرة تخدعك؛ فهي من أصعب الأشياء التي يمكنك تنفيذها في حياتك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في التركيز على هدفٍ واحد في حياته لتحقيق أهدافه.

لقد نشرتُ العام الماضي مقالاً عن التركيز على هدفٍ واحد يسمى "قوة المضاعفة" (The Power Of Compounding)، وتلقيتُ عشرات الأسئلة عن هذا الموضوع، مثل "لقد فهمت الفكرة؛ لكنَّني أجد صعوبة في تنفيذها"؛ هذا لأنَّنا بشر متقلبون، ورغباتنا تتغير باستمرار، ونبحث عن أشياء جديدة قبل أن ننتهي من تحقيق أهدافنا القديمة؛ إذ إنَّنا نتعامل مع قوة غير مرئية تحاول دائماً إرباكنا، فبدلاً من التركيز على هدفٍ واحد، نضع أهدافاً متعددة، ونعتقد أنَّه بإمكاننا القيام بمهام متعددة لتحقيق تلك الأهداف.

ثمة تناقض بين ما نعرفه (التركيز على هدفٍ واحد)، وما نفعله (التركيز على كلِّ شيء في الوقت نفسه)، والسؤال ليس ما إذا كان التركيز على هدفٍ واحد هو استراتيجية جيدة أو لا؛ بل كيف يمكننا التمسك بها؟ وفي هذا المقال، سأشارك كيفية تطبيق هذه الاستراتيجية على حياتي، لكن أولاً، دعونا نحدِّد استراتيجية "الهدف الواحد":

هدف واحد في كلِّ مجال من مجالات حياتك:

غالباً ما يفترض الناس أنَّه يجب عليك التركيز فقط على هدف واحد في حياتك، لكنَّ هذا ليس ما تتحدث عنه هذه الاستراتيجية؛ بل يتعلق الأمر بذكائك في اختيار ما تسعى إليه؛ فربما بإمكانك تحقيق كثير من الأهداف، لكن ليس في الوقت نفسه؛ إذ لا يمكنك بناء مستقبل مهني، والحصول على اللياقة البدنية، والمنافسة في سباقات الماراثون، وكتابة كتاب، والاستثمار في الأعمال التجارية، وإنجاب الأطفال وتربيتهم، والسفر حول العالم في وقت واحد، لكن يمكنك فعل كلِّ هذه الأشياء طول فترة حياتك؛ فأنا مثلاً ألتزم بأولوية رئيسة واحدة لكلِّ مجال من مجالات حياتي، وقد صنفتُ حياتي على النحو الآتي: العمل والصحة والتعلُّم والمال والعلاقات.

هذا يعني أنَّني لا أعمل أبداً في أكثر من مشروع رئيسي واحد؛ فقد أكتب كتاباً أو أنشئ دورة تدريبية عبر الإنترنت، كما أنَّني أتعلم مهارة واحدة فقط في كلِّ مرة، وقد أدخر أموالي أو أتطلع إلى استثمارها (بطبيعة الحال، أنا أوفر معظم الوقت)، ومن أجل صحتي، أنا أتطلع إلى بناء بنية جسدية قوية أو أنمِّي قدرتي على التحمل، وهكذا دواليك.

لا تستند هذه الفئات إلى أيِّ شيء سوى وجهة نظري الخاصة في الحياة؛ إذ يمكنك تصنيف حياتك بالطريقة التي تريدها، ولست بحاجة إلى انتقاد الطريقة التي يصنف بها الآخرون حياتهم، لكن ما يهم هو أن نفهم كيف نصنف حياتنا، وخلاف ذلك، لن يكون هناك نظام واضح لحياتك، وعندما لا تعتمد على نظام واضح، سيكون لديك فوضى، وفي حال الفوضى، لا يوجد هدف واحد؛ بل أهداف وهذا سيء.

شاهد بالفيديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح

إدارة رغباتك:

الشيء الطبيعي الذي يجب أن يفعله معظم الناس هو البدء في تحديد الأهداف أو اختيار أولوية واحدة يريدون التركيز عليها، لكن ما لم تكن قد دربت عقلك على التركيز على هدفٍ واحد، فلن يكون هذا مُجدياً؛ إذ يجب عليك تحسين قدرتك على التركيز وتقويتها أولاً، وإلا فإنَّك تحدد هدفاً، وتركِّز على شيء واحد، وستعود إلى سلوكك القديم في غضون أسبوع.

إذا كنت تريد تغيير طريقة تفكيرك، انتقل من عقلية "أريد كلَّ شيء" إلى عقلية "أنا أقدِّر ما لدي"؛ فهي الطريقة الوحيدة لعيش فكرة "الشيء الواحد"، وبمعنى آخر التحكم برغباتك.

أوصي بممارسة اليقظة أو اتباع الفلسفة الرواقية من أجل ذلك؛ إذ تتحدث الفلسفتان كلتاهما حديثاً مكثفاً عن فصل أنفسنا عن رغباتنا، وأعتقد أنَّ رغبتنا المفرطة في تحقيق مزيد من الإنجازات هي سبب عدم قدرتنا على التركيز على هدفٍ واحد؛ لذا أزل رغباتك، وستحصل على الحرية الحقيقية، فكما قال الفيلسوف الإغريقي ستويك إبيكتيتوس (Stoic Epictetus): "لا يتم الحصول على الحرية من خلال إشباع رغبات المرء، لكن من خلال التخلي عن تلك الرغبات".

إذا تمكنت من إدارة رغبتك، فإنَّك تحارب المشكلة من جوهرها، ومن واقع خبرتي، لا يمكنك عيش حياة هادئة ومركزة إذا كنت ترغب دائماً في المزيد والمزيد من الأشياء الجديدة، لكن هذا لا يعني أنَّه علينا رفض الرغبة في تحسين حياتنا؛ بل على العكس من ذلك؛ فالغرض الأساسي من الحياة هو المُضي قُدماً؛ لذلك لا تخف من تحديد الأهداف والسعي إلى تحقيق أشياء عظيمة، لكن حقق شيئاً واحداً تلو الآخر فقط.

إقرأ أيضاً: كيف تركز على نفسك وتحقق أهدافك في الحياة؟

التدرب على المهام واحدةً تلو الأخرى:

حان الوقت الآن للتدريب؛ لذا أدِّ مهامك في الأسبوع القادم واحدةً تلو الأخرى، وإذا كنت إنساناً عصرياً معتاداً على التكنولوجيا، فسيكون ذلك صعباً للغاية، لكن أعتقد أنَّك تحب التحدي؛ لذا جرِّب ما يأتي:

  • الذهاب في نزهة (أو ممارسة تمرينات رياضية) دون الاستماع إلى الموسيقى.
  • ضبط هاتفك في وضع "الرجاء عدم الإزعاج" طوال اليوم.
  • عدم الرد على الهاتف عند إجراء محادثة.
  • التركيز على مهمة واحدة تلو الأخرى عندما تعمل.
  • عدم التحقق من بريدك الإلكتروني خلال الاجتماعات.

يسمى هذا أيضاً حضور الذهن، كن أقل تشتتاً فقط، هذا كلُّ ما في الأمر؛ إذ يمكنك التدرب على أيِّ شيء بفعل شيء واحد فقط.

إقرأ أيضاً: 4 استراتيجيات للتركيز على أهدافك وتجنب عوامل التشتيت

في الختام:

بعد أن تتحكم برغباتك فقط وتتدرب على فعل شيء واحد تلو الآخر، تصبح مستعداً لتطبيق استراتيجية "الهدف الواحد" في حياتك، وسبب رغبتك في التدرب هو أنَّ الحياة طويلة، فإذا كنت تأخذ الوقت الكافي لتقليل تشتيت انتباهك بالرغبات، ستصبح أكثر موثوقية، وسوف تصبح شخصاً يفعل ما يقول، وشخصاً يحقق ما خطط له.

بعد أن تبدأ في تحقيق أهدافك واحداً تلو الآخر، ستحصل على الزخم، وستكون مهمتك هي الحفاظ على هذا الزخم، وهكذا يصبح الناس سعداء وأثرياء، ويزدادون سعادة وثراء بمرور الوقت؛ لذا تذكَّر أن تضع الصورة الأكبر في الحسبان، ستحقق كلَّ أهدافك، لكن لا يهم إن كنت ستحققها الآن أو في المستقبل، كلُّ ما يهم هو أنَّك لا تتأثر في الرغبة أو القوى الخارجية، أنت صانع حياتك.

You Can Achieve Anything If You Focus On ONE Thing




مقالات مرتبطة