هل يمكن للمشاعر السلبية أن تكون مفيدة؟

يرى معظم الناس أنَّ السعادة من أسمى المشاعر؛ فالجميع يتحدَّث عن أهمية السعادة وكيف يمكن أن يكون الإنسان سعيداً ولأطول فترة ممكنة، وبالتأكيد يوجد نفور من المشاعر السلبية ورغبة في تجنُّبها بأية وسيلة، وهذا يبدو منطقياً فلا أحد يبحث عن الحزن أو الغضب أو الكآبة في حياته؛ لكنَّ هذه المشاعر السلبية يمكن أن تُشكِّل دافعاً للإنسان للعمل ومصدراً رائعاً يحفِّزه ليطوِّر نفسه.



المشاعر السلبية مفيدة:

يتجنَّب أغلب الناس المشاعر السلبية بسبب الألم الذي تسبِّبه؛ لذا حاولْ أن تتذكَّر مدى قساوة الشعور في آخر مرة كنت فيها حزيناً أو غاضباً، وكم تتمنى ألا يتكرَّر الأمر مُجدَّداً.

لكنَّ الألم في حقيقته هو إشارة إلى خطأ ما يجب الانتباه إليه وإصلاحه، على سبيل المثال إذا كان لديك ألم حاد في البطن، فهذا يعني أنَّك تعاني مشكلة صحيَّة تتطلَّب الذهاب إلى المستشفى، ودون ذلك الألم لم تكن لتدرك المشكلة، ومن ثَمَّ تُسارع إلى إيجاد حلٍّ لها.

بهذا يمكن القول إنَّ الألم أمر إيجابي؛ لأنَّه يساعد ناساً كثيرين للحفاظ على حياتهم وتدارك مشكلاتهم الصحيَّة في الوقت المناسب.

من السهل والمتعارف عليه تصنيف الألم على أنَّه سيئ جداً لما يسبِّبه من شعور بالضيق والتعب؛ لكنَّ دوره أساسيٌّ جداً في حياة الإنسان ووجوده، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المشاعر السلبية، فعندما تكون حزيناً أو غاضباً يجب أن تدرك أنَّه يجب فعل شيء أو إصلاح شيء ما، فهذه المشاعر تعطيك تنبيهاً إلى ما يجري في حياتك، وما يجب إصلاحه أو تغييره، قد يكون سلوكك أو طباعك أو وضعك أو البيئة المحيطة بك.

إدراك حقيقة مشاعرك:

لا خطر في المشاعر السلبية إذا بادرت بسرعة لحلِّ المشكلة التي سبَّبتها؛ فالتقاعس والمماطلة هما السببان الرئيسان للمعاناة الطويلة الأمد وليست المشاعر بذاتها؛ فالشخص الذي يعاني الاكتئاب ولا يفعل شيئاً ليحسِّن من وضعه، لن تنتهي معاناته مع الاكتئاب.

توجد أسباب عديدة تمنع الشخص من مواجهة مشاعره السلبية أو فعل شيء لتغييرها، لكن توجد ثلاث نصائح هامة تساعدك على تحديد تلك المشاعر والتصرُّف حيالها كي لا تتفاقم إلى مشكلة أكبر في المستقبل، وهي كالآتي:

1. حدِّد ما تشعر به:

يجب أن تحدِّد الأوقات التي لا تشعر فيها بحالة جيدة دون أن تتجاهلها ظنَّاً منك أنَّها ستتلاشى من تلقاء نفسها، فهذا ليس سوى تستُّر على المشكلة الأساسية، وسيأتي وقت تتفاقم به لدرجة لا تستطيع تجاهلها أو حلها إلا بصعوبة.

في معظم الأوقات تكون المشاعر السلبية مؤقتة؛ فالجميع يختبر هذه المشاعر من وقت إلى آخر، أما إذا تكرَّرت دائماً؛ فهذه إشارة من عقلك لتصحِّح شيئاً ما.

شاهد بالفديو: 6 نصائح كي تبدأ أيامك بإيجابية

2. افهم الأسباب:

يجب - بعد أن تحدِّد الشعور السلبي الذي تشعر به - أن تفهم السبب الذي أدَّى إليه، وفي معظم الأحيان يكون هذا السبب واضحاً، أمَّا عندما يكون غير واضحٍ فهنا المشكلة، فقد يكون عائلياً أو مهنياً أو من الأصدقاء أو أحلاماً لم تنجح بتحقيقها أو لأسباب أخرى.

خُذ الوقت الكافي لتحدِّد مشاعرك وتكتشف السبب الكامن وراءها.

3. اتَّخذ إجراءاتٍ تصحيحية:

بعد أن حدَّدت سبب مشاعرك السلبية يجب أن تتَّخذ الخطوات اللازمة للتخلُّص منها، وقد يكون الأمر سهلاً في بعض الحالات، فمثلاً تستطيع ببساطة الابتعاد عن أي شخص يجعلك غاضباً.

في حالات أخرى يجب اتخاذ قرارات أكثر جرأة، مثل إنهاء زواج فاشل أو الاستقالة من العمل، لكن يجب أن تكون حَذِراً قبل اتِّخاذ مثل هذه الخطوات ومتأكِّداً أنَّها السبب في مشاعرك السلبية المستمرة.

إقرأ أيضاً: لماذا لا تعد المشاعر السلبية سيئة للغاية؟ وكيف تتعامل معها؟

في الختام:

لم تُخلق المشاعر السلبية لتجعلك بائساً؛ بل هي إشارة إلى ضرورة إجراء تغيير ما، وهي بذاتها ليست المشكلة؛ إنَّما التقاعس عن فهمها والتعامل مع السبب الذي أدى إليها هو المشكلة، فهي لن تذهب من تلقاء نفسها بمجرد التمنِّي دون فعل شيء، تماماً مثل الألم الجسدي لن يُشفى دون استشارة الطبيب والعلاج، وإلا ستتطوَّر إلى مشكلات أكثر خطورة في المستقبل.




مقالات مرتبطة