هل يمكن للقهوة أن تسبب القلق أو الاكتئاب؟

يستيقظ معظم الناس مترنحين إلى أن يأخذوا أول رشفة من قهوتهم الصباحية، وبعدها يبدؤون روتينهم الصباحي بهذا المشروب الرائع، لكن هل تساءلت يوماً ما إذا كانت عادتك في شرب القهوة الصباحية تساهم في القلق أو الاكتئاب؟ إذا كان الأمر كذلك فستحصل على بعض الإجابات في هذا المقال.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة ميريديث فلاناغان (Meredith Flanagan)، وتُحدِّثنا فيه عن القهوة وما إذا كانت تسبب لنا القلق أو الاكتئاب.

لقد أصبحنا مولعين بالقهوة، وأصبحنا نشربها من أجل المتعة والاسترخاء وكذلك للتواصل الاجتماعي ومن أجل الحصول على الطاقة أيضاً، ويكفي أن نقول إنَّ كلَّ هذا الهوس بالقهوة يمكن أن يؤدي إلى إدمان غير صحي؛ لذلك كيف يمكننا الحفاظ على طاقتنا، وكيف يجب أن نعامل أنفسنا لتحقيق كلِّ الأشياء التي نحتاج إليها والتي نريد إنجازها في الحياة؟

إليك بعض المعلومات المرتبطة بعلاقة القهوة بالقلق والاكتئاب:

القهوة والاكتئاب:

توجد بعض الأبحاث المثيرة للاهتمام المتعلقة بالقهوة والاكتئاب؛ إذ اتضح أنَّ القهوة قد تقي من الاكتئاب؛ بل إنَّها مرتبطة أيضاً بانخفاض معدل الانتحار، وهذا اكتشاف رائع جداً لمحبي القهوة وأولئك الذين يعانون الاكتئاب أو يمارسون سلوكات تعكس تفكيرهم في الانتحار.

تحدثت الدراسات عن هذه النتيجة المثيرة للاهتمام ومع ذلك قبل أن نشعر بالحماسة الشديدة، دعني أوضح بعض الأمور؛ إذ تبقى الأبحاث مجرد أبحاث وعلى الرَّغم من أنَّها قد تعطينا بعض الأدلة فمن الهام أن نتذكر دائماً أنَّ كلَّ جسم يتفاعل تفاعلاً مختلفاً عن الآخر مع البيئات أو الظروف أو المواد المختلفة، وتوجد عدة متغيرات أخرى يجب مراعاتها؛ لذلك لا يوجد شيء مؤكد 100%، ولكنَّ هذا الكلام مؤشر جيد بالتأكيد.

تتضمن بعض المتغيرات التي يجب مراعاتها في هذه الدراسات نمط الحياة العام للأفراد، إضافة إلى متغير شديد الأهمية، وهو ما إذا كانت القهوة التي يشربونها تحتوي على الكافيين أو خالية منه؛ فالبحث غير واضح تماماً؛ لذا ثمة مزيد من العمل الذي يتعين على الباحثين القيام به؛ ولكنَّها بداية مشجعة.

كما شُطبت القهوة التي غالباً ما ترتبط بالعادات غير الصحية من قائمة منظمة الصحة العالمية (WHO) للأطعمة المسببة للسرطان في عام 2016، وهي خطوة نادرة إلى حد ما؛ إذ ذكرت منظمة الصحة العالمية أنَّ القهوة قد تحمي من سرطان الرحم والكبد.

لقد أعلنت منظمات عديدة أخرى معروفة ومرموقة، مثل: الصندوق العالمي لبحوث السرطان (The World Cancer Research Fund) ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية (US Department of Health and Human Services) أنَّ استهلاك القهوة باعتدال (من ثلاثة إلى خمسة أكواب في اليوم) يمكن أن يكون له آثار إيجابية في صحتك، وأن يحميك من مختلف أشكال السرطان.

بالنسبة إلى الاكتئاب، فقد وُجد أنَّ الكافيين قد لا يكون هو المؤثِّر الوحيد؛ إذ توجد مكونات أخرى مؤثرة في القهوة وأشهرها: حمض الكلوروجينيك (chlorogenic acid) وحمض الفيروليك (ferulic acid) وحمض الكافيين (caffeic acid) وهي جميعها تقلل التهاب الأعصاب الذي وجد أنَّه يؤثِّر في أدمغة الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب.

شاهد بالفيديو: 6 طرق تساعدك في التغلب ذاتياً على الاكتئاب

القهوة والقلق:

مع كلِّ ما ذُكِرَ سابقاً، فإنَّ الأبحاث المتعلقة بالقهوة والقلق ليست إيجابية تماماً بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون القلق كما هو الحال بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون الاكتئاب؛ إذ تبيَّن عامة أنَّه إذا لم تكن تعاني القلق، فمن المحتمل ألا يكون للقهوة تأثير سلبي كبير فيك عند شربها باعتدال، ومع ذلك عندما تزيد جرعات الكافيين يومياً فقد تظهر الأعراض المصاحبة للقلق، مثل: الأرق والعصبية وصعوبة الاستغراق في النوم.

لكن حسب ما يُتناقل، يوجد كثير من الوثائق عن الأشخاص الذين يتركون القهوة لمدة من الوقت ويكتبون عن تأثير ذلك في قلقهم، والذي تبين أنَّه ليس له تأثيرات تُذكَر؛ لذلك إذا كنت تعاني القلق، من المحتمل ألا يكون لاستهلاك القهوة المعتدل تأثير كبير في قلقك على الرَّغم من أنَّه بالتأكيد لن يساعد على التخلص منه.

تأثير القهوة في مزاجك:

عندما يتعلق الأمر بمزاجك العام، فإنَّ الشيء الذي يجب أن تفكر فيه هو كيفية استجابة جسمك للكافيين؛ لأنَّ هذه هي المشكلة الأساسية لمعظم الناس - بصرف النظر عن إصابتهم بالاكتئاب أو القلق - إذ تختلف حساسية أجسادنا تجاه الكافيين.

يمكن لبعض الناس شرب الإسبريسو قبل النوم مباشرة دون أن يجدوا صعوبة في النوم، لكن بالنسبة إلى الآخرين، يمكن أن يضمن لهم ذلك ليلة من الأرق، كما أنَّ قلة النوم تساهم في الانفعال وصعوبة التعامل مع ضغوطات الحياة إضافة إلى المؤشرات الصحية السيئة الأخرى؛ ومن ثمَّ انخفاض الحالة المزاجية.

يُعدُّ الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً ضرورياً جداً، خصوصاً عند التعامل مع القلق المزمن؛ لذا إذا كنت تعاني ذلك، فقد يكون من الجيد أن تخفف استهلاك القهوة أو حتى مجرد تقييم نفسك لمعرفة ما هو التأثير المحتمل عند ترك الكافيين لمدة من الزمن.

من الهام أن تتعرف إلى جسمك وإلى الطريقة التي يتفاعل بها مع المواد والبيئات المختلفة، ويمكن أن يكون إجراء تجربة صغيرة على نفسك طريقة ممتعة للتعرف إلى جسمك وفهمه واكتشاف كيف يستقبل الكافيين.

يشير البحث إلى أنَّه من المحتمل أن يكون ثمة عدد قليل من الفوائد الصحية عندما يتعلق الأمر بالاكتئاب وشرب القهوة - أكثر من القهوة والقلق - فقد وُجِدَ أنَّ لها تأثيراً سلبياً أو محايداً، إضافةً إلى ذلك توجد مجموعة من الآثار الصحية المفيدة المحتملة الأخرى من شرب القهوة.

بالنظر إلى كلِّ هذه الأبحاث المتنوعة - والتي كان بعضها واعداً جداً (بالنسبة إلى الاكتئاب) وبعضها غير مفاجئ (بالنسبة إلى القلق) - لن تقضي القهوة على أيِّ مخاوف تتعلق بالصحة العقلية على الرَّغم من أنَّها قد لا تسببها بالضرورة؛ لذلك أهم شيء يجب مراعاته عند التفكير في تأثير شرب القهوة في قلقك أو اكتئابك هو أنَّه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشكلات النوم، وهو جزء هام حقاً من رعايتك الذاتية عند التعامل مع الاكتئاب أو القلق أو أيَّة مشكلة تتعلق بالصحة العقلية.

هل تريد التقليل من شرب القهوة؟

إذا كنت تتطلع إلى تقليل كمية القهوة التي تشربها قليلاً أو حتى مجرد إجراء تلك التجربة الصغيرة على نفسك، فيمكنك البدء ببعض النصائح البسيطة:

1. قلِّل منها تدريجياً:

إنَّ الكافيين عبارة عن منبه ومن المحتمل أن تشعر ببعض الأعراض الفيزيولوجية عند التقليل منه، مثل الصداع وضبابية التفكير والتعب العام؛ إذ سيستمر هذا الأمر لمدة يوم أو يومين، وربما أكثر اعتماداً على كمية الكافيين التي كنت تستهلكها، لكن قبل البدء في التقليل من الجيد معرفة كمية الكافيين التي تستهلكها في اليوم، فبهذه الطريقة يمكنك التقليل تدريجياً منه كلَّ يوم أو نحو ذلك.

2. احرص على شرب كثير من السوائل:

إنَّ القهوة أو الكافيين هما مُدِرَّان للبول، ممَّا يعني أنَّهما يؤديان إلى إصابتك بالجفاف؛ لذا التقليل منهما من شأنه أن يساعد على التخلص من الجفاف على الأرجح، ومع ذلك من الهام أن تحرص على أن تشرب كمية كافية من السوائل؛ لأنَّ ذلك سيساعد على تقليل آثار انقطاعك عن القهوة أو الكافيين.

3. احصل على قسط وفير من الراحة:

ستشعر بالتعب قليلاً عند تقليل الكافيين أو القهوة؛ لذلك احرص على أن تحصل على قسط كافٍ من الراحة، ممَّا يمنح جسمك فرصة للتكيف والتعافي من الانقطاع عن القهوة أو الكافيين.

4. زِد نشاطك البدني:

حاول زيادة نشاطك البدني قليلاً، فمن المعروف أنَّ النشاط البدني يعمل على تعزيز المزاج، ممَّا يقاوم الانفعال الذي قد تشعر به عند التقليل من تناول القهوة.

إقرأ أيضاً: 9 طرق للحفاظ على النشاط البدني داخل المنزل

5. دوِّن الملاحظات:

احتفظ بدفتر ملاحظات صغير أو دفتر يوميات لتدوين ما تشعر به في أيام مختلفة وكمية الكافيين التي تستهلكها في أثناء المراحل المختلفة في تجربتك، وفكر في حالتك المزاجية، وكيف تشعر وكيف تنام، وما هو تأثيرها في علاقاتك ونشاطاتك اليومية، فعندما تعود لإلقاء نظرة على بياناتك ستكون قادراً على تقييم تأثير استهلاك الكافيين والقهوة تقييماً أكثر دقة.

إقرأ أيضاً: 6 معلومات تاريخية عن القهوة

في الختام:

تختلف كمية القهوة التي نستهلكها وتأثيراتها اختلافاً كبيراً اعتماداً على عوامل مختلفة عديدة؛ لذلك أفضل شيء يمكنك القيام به هو معرفة نفسك والانتباه إلى تأثير القهوة فيك، والتحدث إلى أطبائك، والتفكير في ظروف حياتك الشخصية؛ إذ سيساعدك اتخاذ كلِّ هذه الخطوات على اتخاذ قرار مدروس لنفسك، والذي من المحتمل أن يتغير بمرور الوقت.




مقالات مرتبطة