هل يمكن للحيوانات الأليفة تعزيز الصحة العقلية والعافية؟

ثمَّة ظنٌّ سائدٌ أنَّ نحو 450 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون مشكلةً في الصحة العقلية، وفي بريطانيا وحدها يواجه واحد من كل أربعة بالغين نوعاً من الاضطراب النفسي كل عام مع انتشار الاكتئاب والقلق بصورة أكبر، وإلى جانب العلاجات التقليدية؛ مثل العلاج بالكلام والأدوية ازداد استخدام الحيوانات الأليفة في المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل للمساعدة على تعزيز الصحة العقلية والعافية.



ما هو العلاج بمساعدة الحيوانات الأليفة؟

العلاقة بين الإنسان والحيوان علاقة عميقة ومعقدة، وقد اكتُشِفت منذ قرون؛ إذ لطالما دُرِّبت الحيوانات لمساعدة البشر بعدة طرائق؛ لكنَّ نظرية العلاج بمساعدة الحيوانات الأليفة تعود إلى بداية ستينيات القرن الماضي، ويستخدمها الأطباء جزءاً من علاج الصحة العقلية.

لقد اكتشف عالم نفس الأطفال الأمريكي "بوريس ليفينسون" (Boris Levinson) من خلال المصادفة على ما يبدو أنَّ الطفل الذي كان يعالجه أصبح أكثر استجابةً معه عندما كان كلبه حاضراً في الجلسات، كما مهَّد هذا الطريق لمزيد من البحث في هذا المجال بدراسات عن فائدة الحيوانات للأشخاص الذين يعانون مجموعة من الاضطرابات العقلية تشمل خرف ألزهايمر، واضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب.

أثر الحيوانات الأليفة في تحفيز استجابة المرضى:

أخذت عالمة النفس الإكلينيكي "هانا هومر" (Hanne Homer) كلبها لزيارة المرضى ولاحظت صحوة المرضى عند رؤية كلبها، وقالت إنَّها لم تفعل هذا بغرض العلاج؛ لكنَّها كانت مهتمة بمعرفة ما سيحدث، فقد كان الأشخاص الذين رآهم كلبها يعانون سكتة دماغية وإصابات دماغية رضحية، وعسر الكلام، إضافة إلى الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والأشخاص المصابين بالاكتئاب.

تقول هومر: "كان الشيء المميز هو أنَّ المرضى المنطوين على أنفسهم وغير المتحفزين أبدوا صحوة لدى رؤيتهم كلبها"، لقد لفت انتباه هومر حادثتان على وجه الخصوص، تقول: "كان يوجد رجل لديه إعاقة لغوية، لقد رأيته في جلستين من جلسات العلاج النفسي قبل أن أحضر كلبي، ولأول مرة تمكن من نطق كلمة فهمتُ لاحقاً أنَّ تلك الكلمة هي اسم كلبه، وكان الآخر مريضاً يعاني اكتئاباً حادَّاً يجلس على كرسي متحرك ولا يتحرك أبداً، وعندما رأى كلبي مدَّ يده ببطء وبجهد شديد ليداعبه".

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتربية القطط المنزلية.

لماذا يستجيب البشر للحيوانات؟

تقول هومر إنَّ كلبها يبلغ من العمر تسع سنوات، ومع أنَّه كان خائفاً من الكراسي المتحركة في البداية سرعان ما فهم دوره وجلس بهدوء ليداعبه المريض الجالس على كرسي متحرك، كما تقول هومر: "ما هو سر قدرة الحيوانات على استثارة استجابة لدى البشر؟ أظنُّ أنَّه شيء يحتاج إلى مزيد من البحث".

يقول الدكتور "دانيال ألين" (Daniel Allen) مؤسِّس مؤسسة بيت نيشن (Pet Nation): "منذ الطفولة كان لدى الجميع تجاربهم الشخصية مع الحيوانات، ويمكن أن تثير رؤيتهم الذكريات وتحفز أولئك الذين قد يكونون خجولين أو لديهم مشكلات في بناء العلاقات الاجتماعية أو التواصل؛ فالحيوانات الأليفة هي مخلوقات اجتماعية معروفة، ويمكن للتفاعل معها أن يزيد الثقة ويساعد الأفراد على الشعور بالقبول على نطاق واسع داخل مجتمعهم، والفائدة العلاجية من خلال الحيوان مرتبطة بالصحة العقلية للشخص واحتياجات التنمية البشرية، وليست مرتبطة بنوعية معينة من الكلاب".

إقرأ أيضاً: نصائح العناية بالحيوانات المنزلية الأليفة بشكل صحي وآمن

العلاج بمساعدة أنواع مختلفة من الحيوانات:

استخدم الأطباء أيضاً العديد من أنواع الحيوانات المختلفة؛ مثل الخيول والقطط جزءاً من دراسات العلاج بمساعدة الحيوان، وأجرت مؤسسة الصحة النفسية (The Mental Health Foundation) استطلاعاً بالتعاون مع جمعية حماية القطط، وقد شمل الاستطلاع أكثر من 600 شخص؛ نصفهم وصفوا أنفسهم بأنَّهم يعانون مشكلة صحية عقلية.

أظهرت النتائج أنَّ 87% من الأشخاص الذين كان لديهم قطة شعروا بأنَّ لها تأثيراً إيجابياً في صحتهم اليومية، في حين قال 76% إنَّهم يخوضون حياتهم اليومية على نحو أفضل بفضل قططهم.

شعر نصف أصحاب القطط بأنَّ وجود قطتهم ومرافقتها كان مفيداً للغاية، ووصف ثلثهم أنَّ مداعبة القطط هو نشاط مهدئ ومفيد.

تقول "إيفا سيلاروفا" (Eva Cyhlarova) رئيسة الأبحاث في المؤسسة: "دعمت الأبحاث السابقة مساهمة الحيوانات الأليفة في صحتنا العقلية، وتدعم نتائجنا الرأي القائل إنَّ رعاية قطة يمكن أن تحسِّن صحتك".

إقرأ أيضاً: الحيوانات الأليفة: أنواعها وفوائدها ومخاطرها

في الختام:

على الرغم من وجود أدلة على أنَّ الحيوانات الأليفة يمكن أن تؤدي دوراً في الصحة العقلية؛ فإنَّنا ما نزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات المتخصصة لمعرفة ما إذا كان العلاج بمساعدة الحيوانات الأليفة سيصبح علاجاً رسمياً.




مقالات مرتبطة