هل يدرك مدراؤك أهمية إدماج الموظفين؟

تخيَّل مثلاً أنَّك كنت تملك مصنعاً وكان يعمل بنسبة 50% من طاقته، لا بُدَّ أنَّك سوف تبذل قصارى جهدك في محاولة استعادة الطاقة القصوى، وإذا أجريت استبياناً لخدمة العملاء وقدَّم لك عملاؤك نتائج تُظهِر أنَّهم غير راضين عن شركتك، فسوف تستنفر وتبذل كل ما في وسعك في محاولة اكتشاف الخطأ الذي أدى إلى ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدير الإداري "رون توماس" (Ron Thomas)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في اكتشاف أهمية إدماج الموظفين في عمل الشركات.

كانت تلك أفكاري عندما ألقيتُ خطاباً بشأن التراجع في أرقام إدماج الموظفين، التي تُظهِر في معظمها أنَّ معظم العمال غير مندمجين مع شركاتهم، وتكمن مشكلتي في إجراء محادثاتٍ مع كبار القادة الذين يتظاهرون بالاهتمام بأفكار أهم ما يملكون - أي موظفوهم - في حين أنَّهم في الواقع لا يكترثون؛ إذ يتحدثون جميعاً أحاديثَ منافية لأفعالهم، وبالنهاية لا يهتمون كثيراً.

تتعلق هذه الحالة بالعمل:

كما هو الحال في الأمثلة التي قدمتها عن المصنع والعملاء، يجب أن تأخذ نتائج استطلاع الإدماج القدر الكبير نفسه من الأهمية.

تحب جميع الشركات أخذ التغذية الراجعة من العملاء، لكنَّ القليل منها وحسب يكرس قدراً كبيراً من الطاقة للتغذية الراجعة للموظفين، يقول نائب الرئيس السابق لولاء العملاء في شركة "إي-باي" (eBay)، "تروي ستيفنسون" (Troy Stevenson): "في مقابل كل دولارٍ يُنفَق على تلقِّي التغذية الراجعة من الموظفين، تنفق الشركات مئات الدولارات على تلقِّي التغذية الراجعة من العملاء".

يمثِّل هذا التصريح انتقاداً للوضع الراهن؛ إذ إنَّك تريد تفاعلاً رائعاً من العملاء، وتقضي ليالٍ بلا نومٍ محاولاً إدماج عملائك، ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالعاملين لديك، فإنَّ مستوى القلق يكون أقل.

إقرأ أيضاً: 3 أمور يحتاجها أرباب العمل لجذب الكفاءات والاحتفاظ بهم

ما معنى ذلك؟

أتذكَّرُ أنَّني شاركت في العديد من اجتماعات نتائج الاستطلاع، وشعرت أنَّ القيادة العليا كانت متناقضةً بشأن النتائج، وكانت نظرة عدم الاكتراث تعلو وجوههم؛ إذ طرحوا بعض الأسئلة الروتينية، وكان ذلك كل شيء، ومع انتهاء الاجتماع، عادوا إلى روتين حياتهم الطبيعي، وبالنسبة إليهم، كان هذا مجرد اجتماعٍ آخر، وسيتولى قسم الموارد البشرية علاج المشكلة؛ إذ إنَّ قسم الموارد البشرية سيقترح بعض الامتيازات، وسيتحسن الأمر تلقائياً؛ غير أنَّ الأمر ليس بتلك السهولة.

لقد سُئِلت في مقابلةٍ منذ فترة، فيما إذا تُرِك لي الخيار بإضافة صالة ألعابٍ رياضيةٍ ضمن الشركة، فهل سيزيد ذلك من إدماج الموظفين؟ وفي محاولةٍ لكتم ضحكي، شرحت أنَّ الحل لا يكمن في تقديم الامتيازات؛ بل ستكون الامتيازات حلاً قصير الأمد وحسب، ومع مشاركتي في مهام استشارية، بدأت الآن أطلب إلقاء نظرةٍ على أرقام الإدماج لمحاولة التعرف إلى الثقافة التنظيمية، خاصةً إذا كانت المهمة تتعلق بتطوير القيادة.

إنَّ التنمية في جوهرها متعلقةٌ بالموظفين؛ إذ يتعين على الشركات أن تدرك أنَّ مهمة تطوير القادة هي رحلةٌ طويلة الأمد، ومن أجل ضمان استدامة المنظمة، فإنَّ القادة المندمجين هم المكوِّن الأساسي في تلك الرحلة.

ومع ذلك، لن تكون هذه الرحلة ناجحةً إلا إذا تفاعل القادة مع موظفيهم تفاعلاً أكبر، وليس بالاهتمام بالنتائج النهائية وحسب من دون غيرها؛ إذ يجب أن يتجاوز التواصل إطار العمل، ويجب أن يأتي العمل في المرتبة الأخيرة، فاعمل معهم، وحاورهم، وتعرَّف إليهم، ثم امنحهم كل ما يحتاجون إليه لإنجاز العمل، ومن ثم دعهم ينجزونه.

شاهد بالفيديو:  6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

القيادة هي الحلقة المفقودة:

أجرت شركة "أون هيويت" (Aon Hewitt) دراسةً شارك فيها نحو 25000 من المديرين ذوي المستوى المتوسط في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا؛ إذ ذكر واحدٌ من كل أربعة أنَّه يظن أنَّ لا شيء سيتغير، ولن يُتَّخَذ أيُّ إجراءٍ بعد استطلاع إدماج الموظفين، وهذا لا يفاجئني على الإطلاق، لكن دعنا نعود إلى بداية هذا المقال، هل سيرون الأمر بنفس الطريقة إذا كان الاستطلاع معنياً بخدمة العملاء؟ هنا سيدركون أنَّه إذا كانت الأرقام سيئة، فسيجعلون من تصحيح هذه الأرقام أو تحسينها أولوية.

يبدو أنَّ الجميع يدرك مفهوم إدماج الموظفين في عملهم، ومفهوم تبنِّي مسؤولية إنشاء مكان عملٍ في القرن الواحد والعشرين، لكنَّ مديرينا وقادتنا لا يفهمون تماماً دورهم في هذه العملية، وهم لا يفهمون كيفية ممارسة الإدارة ممارسةً مبنية على الاهتمام بالإدماج.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح لتعزيز إدماج الموظفين

نقاطٌ رئيسةٌ يجب أخذها في الحسبان:

هناك بعض النقاط الرئيسة التي يجب مراعاتها في الدور الذي يؤديه المديرون، وهي:

  • المديرون هم أكثر مَن يتفاعل مع الموظفين؛ إذ إنَّهم يشكلون 70% من التباين في درجات الإدماج وفقاً لبيان مؤسسة "غالوب" (Gallup) عن "دراسة المدير الأمريكي" (American Manager study).
  • من أجل إدماج الموظفين، يحتاج المديرون إلى فهم كيفية ترجمة إدارة الموظفين إلى إجراءاتٍ يومية.
  • ترتبط هذه المسألة بالعمل؛ لذلك دع المديرين يفهمون العلاقة المباشرة بين جهود إدماج الموظفين ونتائج الأعمال.
  • هل مديروك مُدمَجون؟ من المُرجَّح أنَّك قد تود الاطلاع على ذلك في الاستبيان الآتي؛ إذ وفقاً لهذا الاستبيان نفسه الذي أجرته مؤسسة "غالوب" (Gallup)، فإنَّ إدماج المدير في أدنى مستوياته على الإطلاق، ويجب أن يكونوا أنفسهم مُدمَجين قبل إدماج فريقهم.

في حين أنَّ كل هذا قد يبدو منطقياً عادةً لمتخصصي الموارد البشرية، إلا أنَّ العديد من القادة لا يفهمونه؛ لذلك، عندما نفكر في تطوير القيادة، يجب أن ينصبَّ تركيزنا على بناء القادة الذين يفهمون دور القائد المتفاعل في توجيه وتدريب فريقٍ متفاعل، فإنَّ المعادلة سهلة، والأمر مجرد مسألة إيصال فكرة أهمية الإدماج إلى جميع مديريك، وهو لا يقل أهميةً عن إدماج العملاء الذين تقرُّ أنَّك تهتم بهم.

المصدر




مقالات مرتبطة