هل يجب أن تتبع أحلامك أم تحصل على وظيفة عادية؟

يكثر الحديث في مقالات التنمية الذاتية وكتبها عن اتباع الشغف، والعثور على وظيفة الأحلام، وبناء حياة مهنية تحبها وتسر خاطرك، بدل أن تعمل في وظيفة عادية لا تعدو كونها مجرد وسيلة لكسب المال.



هنا يبرز التساؤل الآتي: هل يجب على جميع الأفراد أن يبحثوا عن وظائف أحلامهم، ويستثمروا شغفهم في تحقيق مردود مادي؟ هل يؤدي استثمار الشغف إلى تحقيق السعادة أم التعاسة؟

اتباع الشغف:

لا يمكن أن يحقق الفرد أرباحاً من استثمار شغفه بسهولة في بعض المجالات، فإذا لم تحب مشاهدة التلفاز على سبيل المثال، تستطيع عندئذٍ أن تفكر في العمل بصفتك ناقداً تلفزيونياً في صحيفة؛ لكنَّك لن تنجح في هذه الوظيفة إذا كرهت الكتابة.

لقد أحببت الكتابة منذ نعومة أظفاري، ونجحت في استثمار هذا الشغف وأصبحت أكتب كل يوم وأكسب المال لقاء ما تخطُّ يداي، ويعمل كثير من أصدقائي بشغف ومتعة في مجالات التصوير الفوتوغرافي والتصميم وتطوير مواقع الويب.

يمكن لأصحاب هذه الاهتمامات أن يعملوا لحسابهم الخاص أو يحصلوا على وظائف ضمن الشركات والوكالات، ويفضِّل بعض الأشخاص الأعمال الحرة، في حين يشعر آخرون بالاستقرار والراحة في الوظائف التي تؤمِّن لهم راتباً ثابتاً وإمكانية العمل ضمن فرق مع غيرهم من الموظفين.

الحصول على وظيفة عادية:

يُقصَد بالوظيفة العادية العمل ضمن شركة أو مؤسسة ما وفق أيام عمل محددة، وساعات محددة أيضاً، وكثيراً ما يشتكي الأصدقاء والمعارف لأنَّهم لا يحبون وظائفهم، ويرى بعضهم أنَّ العمل ضمن وظيفة مجهدة أو مملة هو أمر حتمي في الحياة.

توجد وظائف كثيرة مملة؛ لكنَّ طبيعتها تناسب أفراداً عديدين يعدُّون العمل مجرد وسيلة لكسب العيش، ويحرصون على الاستمتاع بباقي جوانب حياتهم وقضاء أوقات طيبة خلال العطل والأمسيات بعد انتهاء الدوام؛ إذ يعمل بعض الناس بجد لكي يتقاعدوا في وقت مبكر، أو يحصلوا على إجازة طويلة للتفرغ لاهتماماتهم وهواياتهم.

معرفة تطلعاتك المهنية:

أنت غير مضطر لاتباع شغفك ومحاولة بناء حياة مهنية يتسنى لك من خلالها مزاولة عمل تحبه كل يوم وتستمتع بكل لحظة فيه؛ لأنَّك لن تستطيع تحقيق هذا الهدف على الإطلاق، فهو لا يعدو كونه مجرد أضغاث أحلام. 

إنِّي أتحدث لأشخاص كثيرين يزاولون أعمالاً حرة ويعملون لحسابهم الخاص، ومع أنَّهم يحبون عملهم من أعماق قلبهم، فإنَّهم يعترفون من ناحية أخرى بعدم استمتاعهم في العمل في بعض الأحيان.

لا بأس بأن تعمل في وظيفة تؤمن لك راتباً ثابتاً، وتتابع اهتماماتك خارج أوقات الدوام، لقد طبقت هذه الطريقة قبل سنوات عدة في بداية حياتي المهنية، فكنت أكتب في أيام العطل والأوقات المسائية بعد أن أنتهي من دوام الوظيفة.

إقرأ أيضاً: 40 مثالاً يبين لك كيف تضع أهدافاً مهنية طموحة

يجب أن تعرف نفسك وتحدِّد رغباتك المهنية، وتستعد للإجابة عن الأسئلة الآتية عندما تقرر دراسة خياراتك المهنية:

  • هل تفضل تحصيل مزيد من الحرية أم المال؟
  • هل تمتلك دافعاً ذاتياً؟
  • هل تستطيع تحمُّل ضغوطات العمل؟
  • هل تفضِّل الاستراحة من العمل في أيام العطل؟

لا توجد أجوبة صحيحة أو خاطئة عن هذه الأسئلة، وإيَّاك أن تسمح لأحدهم بإقناعك بوجوب اتباع المهنة التي تحلم بها، أو أن تستقيل وتؤسس عملك الخاص، فأنت بحاجة إلى إيجاد عمل يناسب شخصيتك وحسب.

شاهد بالفيديو: كيف تحدد أهدافك في العمل لتطور مهاراتك المهنية

دور التمويل المادي في تحديد الخيارات المهنية:

تكثر الخيارات المهنية عند وجود تمويل مادي قوي؛ إذ يفرض المناخ الاقتصادي الحالي شعوراً بعدم الأمان تجاه المستقبل الوظيفي للأفراد، الأمر الذي يدفع بعض الناس إلى الشعور بالامتنان لمجرد الحصول على وظيفة ما حتى لو لم تكن توافق طموحاتهم المهنية.

إذا كانت أحوالك المادية متواضعة، عندئذٍ يجب أن تعمل على جمع مبلغ لحالات الطوارئ، وتخفيض نفقاتك الشهرية، فكلما كانت أحوالك المادية أفضل، كثرت خياراتك المهنية، سواء أكانت أخذ إجازة طويلة غير مدفوعة الأجر، أم الانتقال إلى مدينة جديدة من أجل وظيفة جديدة، أم إطلاق مشروعك الخاص.

يجب أن تكون منفتحاً للفرص المتاحة على صعيد حياتك الشخصية والمهنية على حدٍّ سواء، وتمتنع عن استبعاد الخيارات قبل أن تدرسها بدقة، وقد تقرر عندها أن تعمل في وظيفة تقدم رواتب جيدة لبضعة سنوات لتدخر بعض المال وتعيد النظر في مستقبلك المهني، بدل أن تتبع مهنة أحلامك التي تقتضي العمل لساعات طويلة لقاء مبلغ زهيد من المال في الوقت الحالي، أو ربما ستكتشف أنَّك قادر على تقليل نفقاتك وتوفير نصف مدخولك المادي، الأمر الذي يتيح لك فرصة إطلاق مشروعك الخاص.

إقرأ أيضاً: طرق تمويل المشاريع الصغيرة والناشئة

في الختام:

لا توجد حلول أو أجوبة محددة عندما يتعلق الموضوع بخياراتك المهنية، فمهما حاول أفراد أسرتك أو أصدقاؤك أو زملاؤك أن يقنعوك بنقيض ما ترغب فيه، وبصرف النظر عن المحتوى المتوفر على الإنترنت والذي تقدمه وسائل الإعلام، والذي يشدِّد على موضوع اتباع الشغف ويعدُّه الخيار الوحيد، فإنَّ حياتك المهنية خيار عائد لك بالكامل، وأنت تقرر المسار الذي يناسب شخصيتك.




مقالات مرتبطة