هل تعاني شركتك من الإيجابية السامة؟

هل شعرت يوماً أنَّ قادة مؤسستك يحاولون جاهدين التظاهر بأنَّ كل شيء على ما يرام؟ أو أنَّ سياسة الشركة تتجنَّب أي موضوع غير إيجابي؟ أو أنَّهم يتجنَّبون المحادثات غير المريحة بتحذيرات مثل "دعونا لا نتطرق إلى السلبيات"؟



إذا حصلت معك أياً من هذه السيناريوهات، فمن المحتمل أنَّك عانيت من الإيجابية السامة.

تقول الدكتورة "أندريا بورغيو مورفي" (Dr. Andrea Burgio-Murphy) الاختصاصية في علم النفس السريري: "الإيجابية السامة هي شكل متطرفٌ ومُشوَّه من أشكال التفكير الإيجابي، وهذا الأمر الذي يضفي تأثيراً إيجابياً في جميع التجارب، مهما كانت مروِّعة أو مأساوية".

على سبيل المثال، يمكن أن تعاني من الإيجابية السامة عندما يقلل صديقك أو رئيسك أو يرفض الاعتراف بمشاعرك السلبية، أو ربما يذهبون إلى أبعد من ذلك ويحاولون التعامل مع وضعك المزري تعاملاً إيجابياً، بعباراتٍ مثل: "لعل في هذا نعمةٌ من الله"، أو "هذا هو القدر".

مقارنة الإيجابية السامة بالتفاؤل:

الإيجابية السامة ليست تفاؤلاً، فالتفاؤل هو الاعتقاد بأنَّ الأحداث أو التجارب ستكون جيدة أو إيجابية، والتفاؤل لا يعني إنكار الحقائق غير السارة. في الواقع، يظهر التفاؤل بوضوح في أغلب الأحيان في الطريقة التي يواجه بها الموظفون الصعوبات أو الشدائد.

في أغلب الأحيان تُرى الإيجابية السامة في الشركات عندما يتجنَّب القادة مشاركة أو مناقشة التحديات الصعبة التي يواجهونها. في دراسة أجراها موقع "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) بعنوان "مقاومة التغيير في الشركات" (Resistance to Change in Organizations)، اكتشفنا أنَّ 15% فقط من الموظفين يعتقدون أنَّ شركاتهم تصرِّح علناً ودائماً عن التحديات التي تواجهها. وعلى النقيض من ذلك، يقول 42% إنَّ شركتهم لم تُصرِّح عن تحدياتها أبداً، أو فعلت ذلك نادراً.

هناك اعتقاد راسخ بين القادة معظمهم أنَّ الحديث عن القضايا الصعبة يخيف الموظفين ويزيد من سوء الوضع، والحقيقة هي عكس ذلك تماماً، في الدراسة، وجدنا أنَّه إذا اعتقد الموظف أنَّ شركته تشارك مشاركة علنية التحديات التي تواجهها، فمن المرجح أن يزداد احتمال أن يذكر الموظف أنَّها مكان عمل رائع بنحو 10 أضعاف.

ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على مشاركة التحديات التنظيمية حيث تظهر الإيجابية السامة.

في دراسة بعنوان "حالة تطوير القيادة" (The State of Leadership Development)، سُئِل أكثر من 21000 موظف إلى أي مقدار استجاب قائدهم جيداً لسماع المشكلات. ومن المثير للقلق أنَّ النتيجة كانت 26% فقط من الموظفين يقولون إنَّ قائدهم يستجيب دائماً استجابة بنَّاءة عندما يشارك الموظفون مشكلاتهم في العمل.

إقرأ أيضاً: أهم منهجيات التغيير في المؤسسات

الاعتراف بالواقع:

إنَّ مفتاح تطوير المرونة والتفاؤل والكفاءة الذاتية ومجموعة من مهارات السلامة العاطفية الأخرى هو الاعتراف بالواقع، وليس إنكاره أو تجنُّبه أو رفضه، إنَّ الاستسلام للبؤس سيزيد بالطبع من المشاعر السلبية، لكنَّ إنكار البؤس والتحديات الصعبة هو أسوأ من ذلك.

ولتجنُّب الإيجابية السامة، يتعيَّن على القادة والشركات قبول أنَّ موظفيهم ليسوا جاهلين، كما أنَّهم ليسوا ضعيفين لدرجة أنَّهم لا يستطيعون التعامل مع الواقع؛ إذ يُعَدُّ تجاهل الواقع من أسرع الطرائق لتقويض ثقة الموظفين بالقيادة؛ لذا بدلاً من ذلك، يحتاج القادة إلى الاعتراف بالواقع ثم تركيز جهودهم على تطوير وشرح الخطط لجعل هذا الواقع أفضل.

عندما يتجنَّب القادة مشاركة التحديات الصعبة أو يستعملون عبارات مثل: "هذا هو القدر"، أو "لعل في هذا نعمةٌ من الله"، فهم ينكرون الواقع، ويُظهرون أيضاً نقصاً في التعاطف.

يتألَّم الناس ويُصابون بالاحتراق الوظيفي، وإنَّ إنكار هذا الألم لن يبدده بطريقة سحرية؛ إذ سيقبل أفضل القادة الواقع ويعترفون به ومن ثم يعملون بجد لتحسينه؛ فهذه هي الطريقة التي يُظهر بها القادة التفاؤل والمرونة.

يجب عليك أن تضيف بعض الأسئلة إلى استطلاع مشاركة الموظفين التالي لتقييم ما إذا كانت شركتك تعاني من الإيجابية السامة. ضع في حسبانك استعمال الأسئلة التي تطلب من الأشخاص تقييم عبارات مثل: "هل يستجيب قائدي استجابة بنَّاءة عندما أشارك مشكلات عملي؟"، و"هل تشارك هذه المنظمة مشاركة مفتوحة التحديات التي تواجهها؟".

يُوضِّح كلا السؤالين إلى أي مدى يشعر القادة والمنظمة بالراحة عند الاعتراف بالواقع. وإذا كنت ترغب في تجنُّب أن تصبح مؤسستك منظمةً حيث يكون الواقع موضوعاً محظوراً، وتسود الإيجابية السامة، فسترغب في التأكد من أنَّ موظفيك واثقون من أنَّك مُطَّلعٌ على تحدياتهم.

المصدر




مقالات مرتبطة