هل ترغب بالعودة إلى مقاعد الدراسة؟ إليك بعض النصائح للقيام بذلك

كنت تعتقد طوال فترة المراهقة والعشرينيات من عمرك أنَّه بمجرد بلوغك الثلاثين من العمر، ستزدهر حياتك ومسيرتك المهنية دون عناء أو جهد؛ ولكن الآن، وبعد أن بلغت من العمر ما بلغت، أصبحت تدرك ألَّا شيء ثابت في حياتك المهنية، وأنَّك تحتاج إلى التنافس والمضي قدماً للبقاء في المقدمة، وباتت العودة إلى مقاعد الدراسة في سن 30 -أو حتى أكثر من ذلك- خياراً مطروحاً وواقعياً.



لا يمكنك أبداً التوقف عن التعلم في عصر السرعة هذا؛ ذلك لأنَّ عدم اكتسابك مهارات جديدة يعني تخلفك عن اللحاق بالركب، خاصة وأنَّ أرباب العمل اليوم يسعون إلى التعلم المستمر أكثر من أي وقت مضى؛ وبناء عليه، يجب على عمال اليوم أن يتوقعوا مدى تأثير المعوقات التكنولوجية والمجتمعية في وظائفهم في السنوات القليلة المقبلة، ويدركوا ضرورة استباقها بالتعليم الإضافي؛ سواء كان ذلك بالحصول على ماجستير في إدارة الأعمال، أم حضور ندوات ودروس إضافية، أم الحصول على شهادات جديدة.

لكي تحافظ على أهميتك ضمن القوة العاملة اليوم، يجب أن تحصل على تدريب (أو إعادة تدريب إن صح التعبير)، ومن المرجح أن تحصل على مكافآت مالية لقاء ما تبذله من جهد إضافي؛ حيث تشير الدراسات إلى أنَّ الطلاب الحاصلين على شهادة جامعية حصلوا على أجر أعلى بـ 57% من أولئك الحاصلين على شهادة الثانوية فقط، وحصل الذين يحملون درجة الماجستير أو الدكتوراه على أجر أعلى بنسبة  28 بالمئة من أولئك الحاصلين على درجة جامعية.

إذاً فالسر يكمن في حث نفسك على الاستمرار في التعلم، فهو سلاحك لمواجهة المستقبل. إليك طرائق القيام بذلك:

1. هيّئ نفسك لوظيفتك المستقبلية:

يجب عليك تحسين مهاراتك بسرعة تتلاءم مع سرعة تطور التكنولوجيا الفائقة؛ ولتهيئة نفسك للمستقبل، ستحتاج على الأرجح إلى تلقي تدريب تقني متقدم يسمح لك بمواكبة التغييرات الجديدة.

عندما تعقد العزم على العودة إلى الدراسة كشخص بالغ، عليك البحث عن البرامج التي تزودك بالمهارات العملية التي تحتاجها في العمل الذي تصبو إليه؛ لذا اسأل المتخصصين في المجال الذي ترغب فيه عن التدريب المحدد المطلوب.

من إحدى الطرائق لمقابلة أشخاص محترفين في المجالات التي ترغب في اكتساب خبرة فيها هي عبر "لينكد إن" (LinkedIn)، أو عبر حضور المهرجانات والفعاليات المتعلقة بمجال العمل.

تعرَّف على المتطلبات النموذجية لهذا المجال من خلال قراءة إعلانات الوظائف وتدوين المؤهلات التعليمية والتقنية المطلوبة، وتأكد أيضاً من أنَّ هذا المجال يسير في مسار تصاعدي حتى تؤتي جهودك ثمارها؛ فأنت لا تريد إنفاق آلاف الدولارات لتجد أنَّك أصبحت "مؤهلاً فوق الحد المطلوب".

إقرأ أيضاً: أهمية الوقت في حياتنا وأهم النصائح لإدارة الوقت واستثماره

2. تعلَّم المصطلحات، الشهادات والشهادات المهنية والدرجات العلمية:

قبل أن تبدأ المحادثات بخصوص الوظيفة، قد ترغب في التعرف على المصطلحات التي تحدد التعليم المتقدم اليوم.

اكتشف ما إذا كان يجب أن تسعى إلى الحصول على شهادة (certificate) -رخصة لممارسة مهنة معينة- أو شهادة مهنية (professional certification) -مثل الشهادة الجامعية- أو درجة علمية (degree)؛ وقد تكون الشهادة هي الخيار الأسهل والأقل تكلفة.

تُمنَح الشهادات عموماً في البرامج التي لا تمنح درجات علمية؛ فأنت تأخذ دروساً فقط لتعزيز معرفتك في موضوع معين؛ ومع ذلك، ستساعدك إضافة هذه المعلومات إلى سيرتك الذاتية على التميز، حيث تُظهِر من خلالها التزاماً بالتعلم مدى الحياة.

وعلى النقيض من ذلك، تؤهلك الشهادات المهنية أو العلمية لأداء وظيفة أو مَهمَّة معينة، حيث تتطلب بعض المجالات التقنية والتعليمية شهادات مهنية للحصول على وظيفة، وتتطلب الشهادات المهنية أو العلمية اتباع جلسات تعليمية منتظمة والخضوع إلى اختبار نهائي لنيل الشهادة؛ بينما تتطلب الدرجات العلمية المتقدمة غالباً مزيداً من الالتزام بالوقت، ولكنَّها تساعد في زيادة أرباحك، وخير مثال على ذلك: ماجستير إدارة الأعمال، وماجستير الفنون الجميلة.

تكون درجة الماجستير في إدارة الأعمال غالباً مطلوبة إذا كنت تخطط للتحول إلى العمل في مجال مالي، في حين يسمح ماجستير الفنون الجميلة للكتَّاب بالتدريس في المدارس والكليات المعتمدة.

إذا كنت لا تستطيع ترك وظيفتك لبضع سنوات لمتابعة هذه الدرجات العلمية، فتحرَّ عن ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية وخيارات التخصص الأخرى، وربَّما تجد طريقة لتجميع النقاط التعليمية في سبيل الحصول على الشهادة -ولو عبر الإنترنت- بينما تستمر في عملك.

إن كنت ترغب في زيادة قدرتك على التعلم واكتساب المهارات بصورة أسرع، فجرب دروس التعلم السريع المجانية المتاحة على الإنترنت، وهي حصص دراسية مكثفة ذات مدة قصيرة تساعدك على تنمية مهاراتك التعليمية أو المهنية.

3. قُل لنفسك "لم يفت الأوان بعد على التعلم":

في حين أنَّ التدريب الإضافي يغريك للعودة إلى الدراسة في سن الثلاثين وما بعده، فقد تقرر أيضاً أنَّ عليك إنهاء الدرجة العلمية التي بدأتها ولم تحصل عليها بعد لأسباب مختلفة.

كان هذا هو الحال مع لاعب كرة السلة شاكيل أونيل (Shaquille O’Neal)، أو شاك (Shaq) كما يُطلَق عليه؛ حيث بدأ مسيرته المهنية التي دامت 19 عاماً في الدوري الأميركي لكرة السلة للمحترفين (NBA) بعد أن أكمل ثلاث سنوات فقط في جامعة ولاية لويزيانا (Louisiana State University)، لكنَّه حصل لاحقاً على درجة البكالوريوس في الدراسات العامة، ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال، ثم الدكتوراه في التعليم.

كما حصل المنتِج والمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ (Steven Spielberg) أيضاً على الدرجة العلمية بعد توقفه عن الدراسة، حيث ترك جامعة ولاية كاليفورنيا (California State University) "لونج بيتش" (Long Beach) وقد تبقَّى له بضع نقاط تعليمية فقط للحصول على الدرجة العلمية؛ ولكن بعد أكثر من ثلاثة عقود، أنهى متطلباتها التي تضمنت تقديم فيلمه "قائمة شندلر" (Schindler’s List) لتلبية متطلبات دورة تدريبية في صناعة الأفلام.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

كما قد يكون من المحتمل أنَّك اكتشفت بحلول سن الثلاثين أنَّ الاتجاه الوظيفي الذي اتبعته في العشرينيات من العمر لم يعد مجالاً ترغب فيه، وهذا ما حدث مع كارلي فيورينا (Carly Fiorina)، الرئيسة التنفيذية لشركة هيوليت باكرد (Hewlett Packard) والمرشحة الرئاسية الأمريكية في عام 2016، والتي التحقت بكلية الحقوق بعد حصولها على درجة البكالوريوس في التاريخ والفلسفة من جامعة ستانفورد (Stanford)؛ ولكن بعد فصل دراسي واحد، تركت الدراسة ووجدت وظيفة في شركة وساطات عقارية تجارية، وأرادت في النهاية استكشاف مجالات أخرى من الأعمال، وعادت للحصول على ماجستير في إدارة الأعمال؛ وبعد ذلك حصلت على وظيفة في شركة الهاتف والاتصالات (AT&T)، حيث ترقَّت في غضون عامين إلى منصب إداري، ثمَّ رعتها الشركة في برنامج زمالة في كلية سلوان للإدارة (Sloan School of Management) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، والذي وضعها على المسار الصحيح لتصبح الرئيس التنفيذي لشركة إتش بي (HP).

يمكن أن تمثل العودة إلى الدراسة في سن الثلاثين أو في مرحلة البلوغ تحدياً، خاصة إذا كنت تدير عدة التزامات أخرى؛ فعلى سبيل المثال: التحقت ماندي جينسبرج (Mandy Ginsberg) في واحدة من أكثر البيئات الأكاديمية تحدياً في العالم كأم عزباء؛ ورغم صعوبة الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال من كلية وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا (University of Pennsylvania’s Wharton School of Business) وتربية طفل في الوقت ذاته، إلَّا أنَّها أثبتت إمكانية تحقيق ذلك من خلال حشد فريق دعم متكامل حولها.

إقرأ أيضاً: أهم الدروس التي يجب أن نتعلّمها من الحياة

4. احرص على التوازن:

سواء كنت تأخذ بعض الفصول الدراسية القائمة على المهارات، أم تهدف إلى الحصول على درجة علمية كاملة؛ سيمثل إيجاد الوقت غالباً أصعب جوانب العودة إلى الدراسة عندما تبلغ من العمر 30 عاماً أو أكثر، إذ ليس لديك مَهمَّة الالتزام بالدورة التدريبية فحسب، ولكن قد تضطر أيضاً إلى موازنة ذلك مع متطلبات وظيفتك اليومية، وربَّما حتى الزوج والأولاد.

إذا كنت تخطط للعودة إلى الدراسة في سن الثلاثين أو أكثر، فتأكد من أنَّك تعرف بالضبط ما تريده من شهادتك الأكاديمية؛ لذا ابحث قبل اختيار جامعة أو برنامج عن تصنيفات البرامج الدراسية، ولاحظ معدل تخرج البرنامج وأنواع الوظائف التي ستحصل عليها بعد التخرج، واكتب لنفسك جدول أهداف، وضعه على لوحة إعلانات أعلى جهاز الكمبيوتر في منزلك، حيث تظهر الدراسات أنَّ تدوين أهدافك هو أفضل طريقة لتحقيقها.

ماذا عن الخيارات المتاحة عبر الإنترنت؟ قد تكون تلك البرامج خيارك الأفضل من حيث الراحة وخيارات الشهادة العلمية المستهدفة، لكنَّها تفتقر في بعض الأحيان إلى سُمعة برامج الدراسة التقليدية؛ لذا قبل أن تقرر الدراسة عبر الإنترنت، تأكد من أنَّ الجامعة تتمتع بسمعة طيبة وتقدم شهادة معتمدة، وتحقق فيما إذا كان الطلاب يحصلون على الدعم الذي يحتاجون إليه، وابحث عن المراجعات لتعطيك لمحة عن ردود أفعال الطلاب تجاه البرامج المختلفة.

إذا كنت تستطيع الحصول على إجازة من وظيفتك الحالية والعودة إلى الدراسة الجامعية، فقد تجد أنَّه من الأسهل تعزيز العلاقات الجديدة مع الأساتذة وزملائك الذين تأمل أن يصبحوا جزءاً لا يتجزأ من شبكة عملك.

بينما تلائم بين المتطلبات المتزامنة للعمل والمدرسة، حدِّد ما إذا كان يمكنك تقليص العمل بدوام جزئي والذهاب إلى الجامعة بدوام كامل؛ فإن استطعت فعل ذلك، فسوف تنهي دراستك بسرعة أكبر؛ ولكن إذا كنت بحاجة إلى الاحتفاظ بوظيفة بدوام كامل، فابحث مسبقاً عن أدنى حد من حجم الدورة التدريبية للتسجيل.

في حين يمكن أن تجعل الدراسة بدوام جزئي العمل أكثر سهولة، إلَّا أنَّها قد لا تسمح لك بأن تكون مؤهلاً للحصول على مساعدة مالية أو منحة دراسية.

إقرأ أيضاً: 7 وصايا عليك معرفتها قبل بلوغ الثلاثين من العمر

الخلاصة:

من الناحية المثالية، يجب أن يفتح التعليم الأبواب أمام مهنة تسمح لك بسداد أي دين ناتج عن دراستك؛ ومع ذلك، من الهام أن تجري الحسابات اللازمة لمعرفة ما إذا كنت ستجني الأرباح من عودتك إلى الدراسة على الأمد الطويل، وأن تقارن تكلفة الرسوم الدراسية والرسوم الأخرى بالإيرادات التي من المحتمل أن تكسبها.

إنَّها لفكرة جيدة أن تخبر زملاءك في العمل ورئيسك أنَّك ستعود إلى مقاعد الدراسة، حيث سيُظهِر لهم ذلك أنَّك تمتلك الدافع لتحسين نفسك؛ فعندما يعرفون ما تقوم به، قد يكونون أكثر تفهماً ويتعاطفون مع تعبك في المؤاءمة بين العمل ومسؤولياتك الإضافية، وقد يكون رب العمل أيضاً قادراً على المساعدة في دفع بعض التكلفة إذا كان لدى الشركة برنامج تدريب داخلي.

ستبيِّن العودة إلى الدراسة في سن الثلاثين لأرباب العمل الحاليين والمستقبليين أنَّ عقلك لا يزال نشطاً، وأنَّك تمتلك نظرة واسعة إلى الأمور.

 

المصدر




مقالات مرتبطة