هل ترغب أن تكون من الرحالة الرقميين؟ إليك بعض النصائح

نحن نمر في الحياة بأوقات ساحرة لا مثيل لها، أو أوقات عصيبة في بعض الأحيان، لكنَّنا لا نعلم ما تخبئه لنا الأيام في ظل تفاقم انتشار جائحة كورونا (COVID-19).



إن كنت قد أمضيت هذه الأيام بالعمل عن بعد من المنزل ضمن ساعات عمل مرنة، فأنت غالباً لا تفتقد التنقلات اليومية ذهاباً وإياباً إلى مكان العمل؛ حيث أجبرت جائحة كورونا (COVID-19) عدداً غير مسبوق من الموظفين على العمل من منازلهم، وربما عمل بعضهم لأول مرة من المنزل لفترة طويلة كهذه.

لقد كانت ردود أفعال الموظفين وأرباب العمل إيجابية رغم هذه الأوقات العصيبة التي لم تكن بالحسبان؛ فقد ازدادت الإنتاجية، وأصبح جدول العمل مرناً؛ مما مكَّن الموظفين من قضاء الوقت مع أسرهم، وغيرها من النقاط الإيجابية.

دفع هذا الكثير من الشركات للسماح لموظفيها بالعمل الدائم من المنزل، وبذلك أصبح تزايد عدد الموظفين الذين يعملون من المنزل خطوة أولى من خطوات هذا التغيير.

ماذا لو كان باستطاعتك العمل من أي مكان في العالم؟

وفقاً لتقرير صادر عن شركة خدمات الأعمال لأرباب العمل الحر "إم بي أوه بارتنرز" (MBO Partners)، تخلَّى 4.8 مليون شخص فعلاً عن حلم حياة الاستقرار الوادعة كي يصبحوا رحالة رقميين "Digital Nomad" ورواد أعمال يجوبون العالم منذ عام 2018.

يشق هؤلاء طريقهم المهني بحقيبة سفر ومخطط رحلة لا غير، ويجوبون العالم على هواهم وإيقاعهم الخاص، ويستكشفون الوجهات التي نادراً ما يزورها الأشخاص العاديون، في الوقت الذي يؤسسون فيه مشاريعَ تجارية عبر حواسيبهم المحمولة.

وأنت أيضاً تستطيع بنفسك امتهان العمل الحر حيثما شئت في العالم؛ ومع أنَّ ذلك قد ينطوي على حياة صعبة تقترف خلالها الكثير من الأخطاء، لكنَّ التجارب الجديدة دائماً ما تثبت لنا صحة خيارنا حال العمل عليها.

ومع التطور التكنولوجي، وكثرة الراغبين في أن يكونوا من الرحالة الرقميين الذين وصل عددهم إلى 17 مليون شخصاً، نجد أنَّ هذه الصيحة قد أخذت بالانتشار السريع مؤخراً؛ لذا إن كنت تفكر في شق طريقك المهني كرحَّالة رقمي، أو أردت الاطلاع  على أسلوب حياتهم، فتابع معنا هذا المقال الذي جمعنا فيه أفضل النصائح والطرائق والأدوات من تجارب حقيقية لأشخاص دخلوا هذا المجال:

1. تبنَّ روتيناً بسيطاً:

يجذب الترحال الرقمي الأشخاص لما ينطوي عليه من حرية ورفض للروتين بالمجمل؛ حيثُ يمكِّنهم من عيش حياة ملؤها الإثارة والتجارب الجديدة. لكن عليك في المقابل دفع ضريبة هذه الحرية بالعيش في فوضى مستمرة؛ فقد تتغير خططك على حين غرة، أو تُرفض تأشيرة دخولك أو يطلب منك العميل القيام بمشروع على وجه السرعة؛ لذا عليك اتباع عادات يومية بسيطة كي تتفادى التوتر والضغوطات أو غضب العملاء.

فعلى سبيل المثال، إن كان الترحال الدائم يمنعك من التمدد والاسترخاء أو كتابة يومياتك، فاستغلَّ الوقت الذي تمضيه في رحلتك على الطائرة للاستراحة والقيام بهما. تسمح لك هذه القدرة في التكيف على الالتزام التام بالروتين الخاص بك، حتى ولو اختلف بعض الشيء من يوم إلى آخر.

إقرأ أيضاً: 9 طرق يُهَوِّن بها الروتين عليك حياتك

2. تعرّف على ثقافة مواصلات البلدان التي تزورها:

قبل أن تفكر في زيارة أي مكان جديد، عليك إجراء استطلاع عن نوعية المواصلات المستخدمة فيه؛ فمثلاً إن كنت تفكر في زيارة أمريكا، إيَّاك أن تسافر بالحافلات، ذلك لأنَّ حركتها بطيئة، أو حتى القطار، فتذاكره مكلفة أكثر من الطائرة.

أما في تايلاند، فيعد التجول بعربة التوك توك أو الدراجات النارية أكثر رواجاً وأرخص ثمناً من سيارات الأجرة. بينما لدى المكسيك نظام حافلات مزدهر عبر شبكة من الطرق في جميع أرجائها، وتتميز الحافلات برخص ثمن تذاكرها وتأمينها الراحة والأمان والرفاهية بمقاعدها القابلة للطي المشابهة لمقاعد الطائرات.

3. اختر وجهتك بحكمة:

قد يكون اختيار البلد أو المدينة التي ترغب بزيارتها أمراً محيراً؛ خاصةً إن كنت ترغب في الإقامة لفترة طويلة. يعتمد اختيار المكان الأمثل على ما تفضله أنت، لكن إن كنت تخطط للسفر إلى الوجهة التالية على خريطتك أو تعتزم السفر أول مرة، فلا بدَّ لك من أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة:

  • هل بإمكاني تحمل نفقات العيش هناك؟
  • هل تشكِّل اللغة عائقاً بيني وبين المهام الضرورية؟
  • هل يتمتع هذا المكان الذي سأقصده بطبيعة خلابة أو مجتمع مزدهر من الرحالة الرقميين؟
  • ما هي الأماكن التي أنوي زيارتها بادئ ذي بدء أثناء رحلتي؟
  • كم سيكلفني السفر إليه؟
  • كيف حال الطقس في هذا الوقت من السنة؟
  • هل هذا موسم السياحة لديهم الآن؟ هل أنا على استعداد لتحمل زيادة النفقات والتعامل مع زحام السياح؟
  • هل تتناسب منطقته الزمنية مع جدول مواعيد زبائني؟

أضف هذه الأسئلة وغيرها إلى قائمتك المرجعية كي تكون دليلاً لك خلال ترحالك. ولا تنسَ أن تأخذ إجراءات الحصول على التأشيرة بعين الاعتبار كأن تعلم متى تبدأ ومتى تنتهي صلاحيتها، وإلا عرَّضت نفسك للمساءلة في بلد غريب.

إقرأ أيضاً: الـ "فريلانسرز" سعداء وناجحون... هل يدهشك سماع هذه الحقيقة!

4. توقّع حدوث أي شيء:

لا تسير الرياح دوماً كما تشتهي سفن المسافرين؛ فعندما تقضي حياتك في السفر، ستتعلم سريعاً أنَّ مخطط الرحلة لا يتضمن فقرة هامةً هي "عش حياتك". فأنت مدين لنفسك بالبهجة خاصةً في أيام السفر، ولا ضير في تغيير مخطط الرحلة على هواك إن رغبت في تمديد إقامتك بمكان جميل أحببته، أو مغادرة المكان إن لم تشعر به بالراحة.

تقول ماغ بورون (Mag Boron) وهي صاحبة خمس سنين من الخبرة في العمل كرحالة رقمية، والمؤسِّسة والمديرة التنفيذية لمجتمع العمل عن بعد بانغين (Pangian): "لا تتوقع أبداً أن تكون تجربة السفر مثاليةً؛ فقد تُلغى رحلة الطائرة فجأة، أو يتأخر القطار، أو ينسف الطقس غير المتوقع كامل مخطط الرحلة؛ لكنَّ هذا الوقت الضائع قد يكون من أسعد اللحظات التي قد تعيشها في رحلتك؛ ومن يدري، ربما تُجبرك العاصفة على البقاء في مقهىً صغير متواضع في وسط مدينة تتذوق فيها أشهى وجبة طعام تناولتها في حياتك!"

5. حدد سرعة مخطط الرحلة التي تجدها مناسبة:

قد تخطط لتزور جميع مدن البلد الذي تنوي السفر إليه خلال فترة زمنية قصيرة، لكنَّك لن تحتفظ عن هذا المكان إلا بذكريات ضبابية المعالم، وستصاب بالإرهاق، ويتعكَّر صفو مزاجك في نهاية المطاف، فلا ترغبُ سوى في الراحة.

لذا فقد تحتاج بعض الوقت لضبط سرعة سير مخطط الرحلة المناسب لك، والتي قد تختارها حسب المكان؛ حيثُ يفضل البعض قضاء شهر على الأقل كي يستجمعوا طاقتهم بعد مشقة السفر، ويستعيدوا نشاطهم ويستكشفوا ثقافة البلد.

يقول مايكل أليكسيس (Michael Alexis)، وهو المدير التنفيذي لشركة تيم بلدينغ (TeamBuilding) ورحالة رقمي منذ ما يقرب تسع سنوات: "تكمن مشكلة الرحلات السريعة في أنَّ مسافة الطريق قد تتطلب يوماً كاملاً من رحلتي، فأنكب على العمل حالما أصل الفندق. لذا بتُّ أفضِّل الآن الإقامة الطويلة في المكان الذي أحب، حيث يمنحني ذلك الاستقرار والقدرة على الاعتياد الذي يسهل عليَّ بناء عملي التجاري رغم مشقة الرحلة".

6. ابحث عن المكان المريح لك اجتماعياً:

يختلف كل شخص عن الآخر من الناحية الاجتماعية؛ فبعض الأشخاص لا يحبون الاختلاط مع الآخرين كثيراً، بينما يكون غيرهم اجتماعيين بطبيعتهم؛ لذا ابحث عن المكان المريح لك اجتماعياً للتعرف بالأشخاص أياً كانت شخصيتك؛ فعلى سبيل المثال، يجد بعضنا في المباريات الرياضية الجماعية مثل كرة الشاطئ أفضل فرصة للتعرف إلى الآخرين، وتشكيل صداقات تستمر طويلاً حتى بعد الرحيل عنهم.

تقول جولي بينيت (Julie Bennett) التي تعمل رحالةً رقميةً متنقلةً بمقطورة منذ ست سنوات، وصاحبة مدونة RVLove.com: "شعرت بالقلق من عدم القدرة على تكوين علاقات أول ما بدأت ترحالي؛ لكنَّني اكتشفت لاحقاً أنَّ استهلال حديث مشوق مع أشخاص نقابلهم أول مرة أسهل بكثير مما نظن؛ ويعود ذلك إلى الاحترام المتبادل، والعقلية المتشابهة في التخلي عن الحياة الرتيبة وعيش حياة الترحال".

7. أضئ درب ترحالك للآخرين:

تزخر مراجع الرحالة الرقميين بالمعلومات، ويمكنك معرفة كل شيء عن رحلاتهم عبر مجموعاتهم وصفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي أو اللقاء بهم شخصياً في الفعاليات التي يجتمعون بها أو المؤتمرات أو الكتب أو الرحلات المخصصة لهم؛ لذا لا تتردد في تجربة مخطط رحلة بناءً على توصية الآخرين أو اتباع خطة ممتعة اقترحوها، أو المغامرة وتجربة ذلك بنفسك؛ فقد لا نحب الأماكن أو الأنشطة التي نصحَنا بها الآخرون، وبالمقابل قد تكون التي اكتشفناها بالصدفة هي المفضلة لدينا.

8. حافظ على التنظيم:

دائماً ما تكون حقائب الرحالة الرقميين منظمةً ومرتبةً بعناية فائقة، كما يحفظون أوقات المغادرة وأرقام البوابات في المطار عن ظهر قلب ما إن يقترب موعد السفر.

تتطلب هذه المهارة بعض التدريب والوقت؛ ففي البداية، إذ عليك أن تقوم بجرد مفصَّل لأغراضك، وتستخدم تطبيقات تساعدك على التنظيم كي تبقى على المسار الصحيح في كل من رحلتك وعملك.

تقول صوفي بومان (Sophie Bowman) الرحالة الرقمية منذ ست سنوات، والمديرة التنفيذية والعضو المؤسس في شركة براند براندين (Brand Branding) محدودة المسؤولية وعضو مجموعة (BusinessOwnerSociety.com): "إنَّ التنظيم من أروع الأمور التي يتعلمها الرحالة الرقميون؛ إذ تتعلم حرفياً أن تحزم مكتبك دون عناء وبترتيب كالخبراء؛ إذ تحتوي حقائبهم على أشياء لم تكن تدري أنَّك بحاجة إليها، كالمناديل المعطرة ومعقمات اليدين والكثير من الوجبات الخفيفة والأدوية".

شاهد بالفيديو: 8 نصائح رائعة حول حزم الحقائب في أثناء السفر

9. خصص بعض الوقت لتقضيه بمفردك:

يسافر بعض الرحالة الرقميون رفقةَ أزواجهم، فلا يجدون الوقت ليختلوا بأنفسهم، مما يخلق الكثير من المشاحنات؛ وقد يكون من الأفضل الإقامة في غرفتين منفصلتين للتخفيف من حدة التوتر والحصول على متنفس ولو لبعض الوقت.

يكون الإبداع أمر جوهري في هذه الحالة؛ إذ يمكن لأحدكما التنزه على الشاطئ، بينما يسترخي الآخر في الغرفة؛ وإن كان أحدكما يحبذ العمل صباحاً، فعلى الشريك احترام ذلك ومنحه بعض الخصوصية.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح بسيطة للتخلص من ضغوط الحياة

10. ضع بعض الحدود لنفسك:

يحب بعضنا ألا يفوِّت عليه أيَّ نشاط يخص مخطط الرحلة؛ حيث نرغب في كل مكان نزوره القيام بالعديد من النشاطات وزيارة المعالم السياحية وحضور الفعاليات جميعها؛ لكنَّ هذا الحماس الزائد يضر بصحتك النفسية والعاطفية، خصوصاً إن كنت شخصاً لا يحب الاختلاط بالآخرين كثيراً؛ لذا لا تحمِّل نفسك فوق طاقتها ولا ترغم نفسك على مشاهدة كل شيء كلما زرت مكاناً جديداً.

سيمنحك اتباع هذه النصيحة البسيطة الحرية في الاستمتاع بكل ما تراه عيناك.

الخلاصة:

في الوقت الراهن، بينما يتعافى العالم من آثار جائحة كورونا (COVID-19)، أصبح الترحال حلماً بعيد المنال؛ وعلى الرغم من أنَّنا أهملنا أنفسنا، لكن سيأتي اليوم الذي يعود فيه نمط الحياة هذا آمناً وعملياً، وعندها قد نرغب في شق طريقنا المهني مجدداً، ونقابل رحالةً رقميين في كل مكان من العالم.

المصدر




مقالات مرتبطة