هل تحتاج التربة إلى ضوء الشمس؟

التربة هي نظام دعم الحياة الذي يؤدي دوراً حيوياً في النظام البيئي للأرض، فالتربة ضرورية للزراعة والبيئة والطبيعة وهندسة المناظر الطبيعية والحضرية، إضافة إلى ذلك فهي مصدر المواد الخام والغذاء والموئل البيولوجي للعديد من الكائنات الحية الدقيقة وديدان الأرض والنمل الأبيض والحيوانات المجهرية الأخرى التي تثبت النيتروجين وتحلل المواد العضوية.



التربة هي منصة الهياكل التي صنعها الإنسان مثل المباني والطرق السريعة، ودون تربة لا يمكن للنباتات أن تنمو، ودون نباتات لن يكون هناك تنظيم للطقس؛ إذ تمنع التربة الفيضانات من خلال تنظيم تدفق مياه الأمطار، وتخزن كمياتٍ كبيرةً من الكربون العضوي، وهي عازلة ضد الملوثات وتحافظ على جودة المياه الجوفية، والتربة هي أيضاً أساس كل تراث مادي وثقافي، كما نبني على التربة مع التربة وللتربة، فنحن من تراب وإلى التراب نعود.

في هذا المقال سوف نكتشف بعض المعلومات الرائعة عن التربة وعلاقتها بالعناصر الطبيعية الأخرى مثل الشمس والهواء "الأوكسجين" وكيف تصبح خصبةً؟

هل تحتاج التربة إلى أشعة الشمس لتكون تربة صحيةً؟

عموماً، لا تحتاج التربة إلى أشعة الشمس المباشرة لتكون صحيةً، وعلى الرغم من أنَّ ضوء الشمس مطلوب بشكل غير مباشر من قِبل الكائنات الحية التي تعيش في التربة مثل البكتيريا الزرقاء والطحالب وما إلى ذلك، فإنَّ خصوبة التربة تعتمد في الواقع على المناخ ونوعية الهواء والأسمدة المستخدمة والمياه والمواد العضوية.

ضوء الشمس هو مصدر الطاقة المتجددة الأكثر وفرةً على وجه الأرض؛ إذ تمتص جميع أنواع التربة وتعكس ضوء الشمس بشكل أو بآخر، كما تمتص التربة الرطبة معظم ضوء الشمس وتكتسب أكبر قدر من الحرارة.

من ناحية أخرى تمتص التربة الداكنة نحو 86% من ضوء الشمس، والتربة الرمادية تمتص 80%، والتربة الخفيفة تمتص 20% فقط من ضوء الشمس على التوالي، وينعكس الباقي في الغلاف الجوي، فضوء الشمس يجعل التربة خصبةً لنمو النبات، وتؤثر شدته في صناعة الغذاء النباتي وطول الساق ولون الورقة وإزهار النبات الذي ينمو في التربة.

تنتج الكائنات الحية التي تعيش في التربة مثل البكتيريا الزرقاء والطحالب وغيرها الكربوهيدرات للتربة لمساعدتها على أن تصبح صحيةً وتوفر العناصر الغذائية الأساسية للنباتات وتصنع غذاء صحياً للإنسان مع جميع العناصر الغذائية الضرورية، كما تنعكس تأثيرات التربة الصحية في معظم أهداف التنمية المستدامة التي تحتوي على جوانب اقتصادية واجتماعية وبيئية.

كيف يؤثر ضوء الشمس في التربة؟

لا يؤثر ضوء الشمس في التربة تأثيراً مباشراً؛ إذ يؤثر في الكائنات الحية الدقيقة الموجودة فوق السطح أو تحته مثل البكتيريا الزرقاء والطحالب، وتقوم هذه الكائنات بتجميع العناصر الغذائية الأساسية مثل الكربوهيدرات للتربة، وأيضاً تساعد أشعة الشمس النباتات على عملية التمثيل الضوئي وإعداد الطعام، فالمزيد من التمثيل الضوئي يعني المزيد من الفوائد للتربة.

تمتص التربة الحرارة التي تنتقل من الشمس إلى الأرض، وهذا يزيد من درجة حرارة التربة، فالتربة الدافئة أكثر خصوبةً من التربة ذات درجات الحرارة المنخفضة، وتكون الكائنات الحية الدقيقة أكثر نشاطاً في البيئات الدافئة منها في البيئات الباردة، إضافة إلى ذلك فقد تتحكم التربة في الإشعاع الشمسي.

قد تكون الزيادة في درجة حرارة التربة جيدةً أو سيئةً، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي زيادة درجة حرارة التربة إلى قتل الكائنات الحية الدقيقة الموجودة داخل التربة على الفور أو زيادة عدد العناصر الغذائية في التربة.

من ناحية أخرى يؤدي الكثير من ضوء الشمس إلى تبخر الماء الزائد من التربة، وهذا بدوره يؤدي إلى تجفيف وتقليص جزيئات التربة وتُسحب بعيداً عن بعضها بعضاً، فيمكن ملاحظة ذلك في المناطق القاحلة مع وجود تشققات على طول سطح التربة.

إقرأ أيضاً: فوائد وأضرار أشعة الشمس

طرائق زيادة خصوبة التربة:

تعتمد خصوبة التربة على المناخ وضوء الشمس والهواء والماء والمواد العضوية، وفيما يأتي طرائق زيادة خصوبة التربة؛ إذ تحدد المواد الثلاث "النيتروجين والفينول واللجنين" التي تحتوي عليها النباتات جودتها بوصفها أسمدة عضوية.

يتم استخدام فضلات النباتات والحيوانات والبول وتقليم الأشجار والسماد الأخضر وروث المزارع ومخلفات الأعشاب الضارة ومخلفات المحاصيل بوصفهم سماداً عضوياً، وقد يؤدي رعي الماشية أيضاً دوراً أساسياً في تدفق العناصر الغذائية إلى أراضي المحاصيل.

1. إضافة المواد العضوية:

توجد مجموعة متنوعة من المواد العضوية لتحسين خصوبة التربة، فقد يضاف السماد إلى النيتروجين وهو عنصر حاسم في التربة الخصبة، كما يُعَدُّ روث الماشية من الأبقار والماعز وغيرها جيداً.

مع ذلك فمن الأفضل جمع الروث من الحيوانات الصحية ذات المراعي الحرة "غير المزروعة في المصانع"، ومن المرجح أن يكون لدى روث الحيوانات غير الصحية والمحصورة عوامل مسببة للأمراض تلوِّث محاصيلك.

حتى قبل استخدام روث الحيوانات السليمة، انتظر ثلاثة أشهر على الأقل قبل وضع الروث على فراش الحديقة لحصاد الخضروات، فهذا سوف يساعد على منع التلوث.

2. إضافة السماد:

السماد هو مصدر ممتاز آخر للنيتروجين لحديقتك؛ فقد يساعد السماد على تفتيت جزيئات الطين التي تسمح بتصريف المياه بشكل أفضل، والسماد سهل التحضير؛ إذ يُصنع من مواد عضوية مثل قصاصات الحديقة والأوراق الجافة وفضلات خضروات المطبخ وحتى الورق المقطَّع الذي يُحفظ في براميل محكمة الإغلاق ليتحلل.

بمجرد أن يصبح السماد جاهزاً، ضعه على سرير حديقتك؛ إذ سيؤدي ذلك إلى جعل التربة أكثر نيتروزاً وإنتاج خضروات جميلة وصحية، إضافة إلى ذلك فإنَّ الطميية الرملية تربط الحبيبات ببعضها بعضاً لتقليل الرطوبة، وهذا يجعل التربة أكثر خصوبةً.

3. ديدان الأرض:

ديدان الأرض أكثر حيوية بين الكائنات الحية الكبيرة؛ وذلك لأنَّها تتغذى على المواد الميتة والمتحللة؛ إذ تسمى زراعة ديدان الأرض بصفتها نفايات عضوية زراعة الديدان، بينما تسمى معالجة النفايات بالتسميد الدودي، وبعد الهضم تفرز الروث الغني بالمغذيات، فقد تساعد هذه الكائنات الدقيقة والكبيرة على تحلل المواد العضوية وتكوين الدبال، وهو أمر ضروري للتربة الصحية؛ لذا تؤدي دوراً هاماً في إعادة تدوير مغذيات التربة وإتاحتها للنباتات.

4. التجيير أو التكليس:

يجب أن تكون التربة في النطاق الأمثل لدرجة الحموضة لتكون منتجةً؛ إذ تختلف قيم/ نطاقات الأس الهيدروجيني المثلى للإنتاجية العالية باختلاف أنواع التربة والمحاصيل، وبالنسبة إلى معظم المحاصيل يكون نطاق الأس الهيدروجيني من 5.5 إلى 6.5 مرضياً للمحصول المعتدل.

لسوء الحظ فإنَّ نطاق الأس الهيدروجيني من 4.5 إلى 5.0 "حمض" يمكن أن يلحق أضراراً بالغةً بالنباتات عن طريق التسبب في نقص المغذيات (على سبيل المثال الفوسفور والمغنيزيوم، وغير ذلك) والسمِّيات (من الحديد والمنغنيز والألمونيوم)، ولتحييد حموضة التربة يجب استخدام الجير "الكلس".

5. استخدام منتجات المطبخ:

استخدام قشور الموز وقشر البيض والماء بعد غسل الأرز وجوز الهند وعلب البيض تصبح نشارةً ممتازةً تعمل بوصفها طبقة تربة إضافية تحافظ على التربة وتحافظ على الرطوبة وتقلل من نمو الحشائش، إضافة إلى ذلك تُعَدُّ نشارة أقلام الرصاص طارداً ممتازاً للآفات.

6. زراعة مختلطة:

تُعَدُّ زراعة محاصيل مختلفة في نفس الحقل طريقةً أقل شهرةً لتحسين خصوبة التربة ومنع تآكلها والسيطرة على انتشار الأمراض النباتية التي تنقلها؛ إذ سيؤدي القيام بذلك مع البقوليات إلى الاستفادة من إضافة النترات إلى التربة، إضافة إلى ذلك تعمل الخضروات ذات الجذور العميقة على تحسين خصوبة التربة بشكل طبيعي.

7. النشارة:

النشارة هي طريقة أخرى لتغطية التربة للمحافظة على المياه فيها والتحكم في الأعشاب الضارة ومنع التعرية، ومن ثمَّ تحسين خصوبة التربة، فيمكن استخدام نفايات النباتات بوصفها نشارة أو شراؤها من متجر البستنة، ومع ذلك يجب تجنُّب استخدام نشارة كثيفة للغاية، فقد تزيد من الرطوبة كثيراً وتسبب أمراضاً للنبات.

عندما يتم البحث عنها واستخدامها بشكل صحيح، تصبح الإجراءات المذكورة آنفاً طرائق رائعةً لتحسين خصوبة التربة بشكل طبيعي؛ إذ تُعَدُّ خصوبة التربة أمراً ضرورياً لزراعة الخضروات الخاصة بك؛ لذلك من المفيد استثمار الوقت للتعرف إلى هذه التقنيات.

هل التربة تحتاج إلى أوكسجين؟

تعني أكسجة التربة أو تهويتها إضافة الأوكسجين إلى التربة؛ إذ تُشجع نمو الجذور وتُحسن تدفق الأوكسجين والمواد المغذية في التربة وتمنع الجريان السطحي، كما تُعَدُّ المسام بين جزيئات التربة ضروريةً لتدفق المياه ولحركة الغازات.

يُعَدُّ تبادل الأوكسجين مع الغلاف الجوي أمراً بالغ الأهمية؛ وذلك لأنَّ جذور النباتات ومعظم كائنات التربة تحتاج إلى الأوكسجين للتنفس، فدون الأوكسجين تُستنزف التربة استنزافاً سيئاً، وتنمو النباتات العارية ذات الأوراق المتغيرة، إضافة إلى ذلك يمكن أن يتباطأ نمو النبات وحتى قد يتوقف إذا لم تحصل جذور النبات على كمية كافية من الأوكسجين.

التربة

هل يساعد ضوء الشمس الحشائش على النمو على التربة؟

الجواب "نعم" يتسبب ضوء الشمس في نمو الأعشاب الضارة في التربة، ويمكن أن تنمو شتلات الحشائش نمواً جيداً للغاية عند تعرضها لأشعة الشمس، وببساطة هذه النباتات تكون أسعد عندما تتعرض لأشعة الشمس؛ إذ تتطلب نباتات الحشيش تربةً غنيةً بالمواد العضوية لتنمو، وتحتاج تقريباً 10 إلى 13 ساعةً من أشعة الشمس المباشرة.

ينتمي نبات "الحشيش" (Marijuana) إلى عائلة (Cannabaceae) سواء أكانت ذكراً أم أنثى، فلا تتطلب نباتات "الماريجوانا" ضوء الشمس المستمر فحسب؛ بل تحتاج إلى أطوال موجية مختلفة من الضوء، كما تحتوي نباتات "الماريجوانا" أيضاً على الكلوروفيل لتحويل الضوء إلى طاقة غذائية.

هل تحتاج الكائنات الحية الدقيقة في التربة إلى ضوء الشمس؟

الكائنات الدقيقة مثل الطحالب والبكتيريا الزرقاء تتطلب ضوء الشمس لنموها وتطورها في التربة؛ إذ تُعَدُّ البكتيريا الزرقاء من أقدم أشكال الحياة وأحد أسباب وجود الأوكسجين على الأرض، وتعتمد الطحالب على ضوء الشمس للنمو، لذلك تميل المسطحات المائية التي تتعرض أكثر لأشعة الشمس إلى نمو طحالب أكثر من التعرض لأشعة الشمس، فهذه الكائنات الحية الدقيقة تقوم بعملية التمثيل الضوئي وتحتوي على الكلوروفيل لتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية، كما يمكن أن يؤدي تجريد الطحالب من ضوء الشمس إلى موتها.

إقرأ أيضاً: التنوع الحيوي: أهميته، ومهدداته، وكيفية المحافظة عليه

هل يؤثر ضوء الشمس في درجة حموضة التربة؟

يشير الرقم الهيدروجيني للتربة إلى حموضة التربة أو القلوية، فيحدد صحة التربة المطلوبة لنمو النبات الصحي الذي يؤثر في غلات المحاصيل وتوفر المغذيات للنباتات ونشاط الكائنات الحية الدقيقة في التربة والعمليات الحيوية الأخرى، كما يُعَدُّ الرقم الهيدروجيني للضوء والتربة عاملين حاسمين في نمو المحاصيل.

عموماً ارتبط نمو النبات المتزايد مع زيادة الضوء وانخفاض درجة الحموضة بصرف النظر عن المعالجة بالضوء، وكان محتوى الصبغة أعلى عند درجة الحموضة المنخفضة، وفي مزيج المعالجة بالضوء المنخفض/ الأس الهيدروجيني المنخفض، حدث أقصى نمو للساق في النباتات.

هل تغطية التربة تقتل الحشائش؟

ستقتل التربة المغطاة بالصفائح البلاستيكية الحشائش، وهذا يترك لك مساحة حديقة جيدة، وبعد ذلك باستخدام الألياف الطبيعية يمكنك وضعها على الأرض العارية حول جذوع الأشجار؛ إذ تمنع الأعشاب الضارة نموها وتسمح للماء والمواد الغذائية الأساسية بالمرور من خلالها.

يمكن أيضاً تغطية التربة بالصخور والرمل للحصول على فوائد فريدة، على سبيل المثال، يمكن أن تغطي الحجارة التربة السطحية في أصص النباتات لمنع فقدان المياه والآفات والأعشاب الضارة وتناثر التربة وفقدانها في أثناء الري وعندما تحاول الحيوانات الأليفة حفر التربة.

يزيد استخدام الرمل بوصفه غطاءً من جماليات الحديقة من خلال التباين بين خضرة النبات وخلفية بيضاء أو سمراء، فهو لا يمنع نمو الحشائش فحسب؛ بل يحمي التربة السطحية من فقدان الماء ويزيد من تصريف التربة وتهويتها ويمنع الآفات مثل البعوض والفطريات.

في الختام:

تحدثنا في هذا المقال عن التربة وإذا ما كانت تحتاج إلى ضوء الشمس لتكون صحيةً، وعن كيفية تأثير ضوء الشمس فيها، وذكرنا طرائق زيادة خصوبتها وإذا ما كانت تحتاج إلى أوكسجين أم لا، وأجبنا عن سؤال إذا ما كانت تحتاج الكائنات الدقيقة في التربة إلى ضوء الشمس، إضافة إلى تأثيره في درجة حموضة التربة وغيرها من المعلومات، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.




مقالات مرتبطة