هل بإمكان المراهقين اكتساب عقلية رواد الأعمال؟

أن تسمع عن عباقرة صغار تركوا بصمتهم في هذا العالم شيء، وأن تتعلم منهم وتنضم إليهم في رحلتهم شيء آخر.



تمتلئ عقول المراهقين الفتيَّة بالطموح الذي لا يمكن أن يقتله إلَّا نظام تعليمٍ متزمتٍ وصوراً نمطية شائعة كانت تحمل معها جزءاً من الحقيقة في العقود الماضية، والتي تعود لآباء يفضلون ألَّا يتخصص أبناؤهم إلَّا في المجالات التي "تدر عليهم المال"؛ وإذا انتقلت سريعاً إلى الحقبة العظيمة التي شهدت التطورات التكنولوجية وإدخالها جزئياً إلى المدارس، ستجد جيلاً من المراهقين الذين يتحلون بالإصرار.

لذا دعنا نتعرف معاً على بعض هؤلاء المراهقين الذين تمكَّنوا من شق طرقهم في عالم ريادة الأعمال وافتتاح شركاتهم الناشئة:

1. أديثيان راجيش (Aadithyan Rajesh):

أديثيان راجيش (Aadithyan Rajesh)

يقول أديثيان راجيش، مؤسس شركة "تراينت سولوشنز" (Trinet Solutions)، ومديرها التنفيذي البالغ من العمر 14 عاماً: "لقد كان عمري 6 سنوات حينما اخترقت كلمة مرور كمبيوتر أبي. لقد كنت أطمح إلى أن أكون مطوراً، ولم أرغب في الانتظار حتى سن الـ 18 أو الـ 23 لأقوم بالعمل الذي أحب".

إنَّه لمن المذهل أن ترى شخصاً يتحلّى بالموهبة في مثل هذه السن الصغيرة، لاسيما حينما يظهر الإصرار لديه بطريقةٍ كان يظنُّ أنَّها لا تظهر إلَّا لدى البالغين.

لقد تَعَلَّمَ راجيش البرمجة -مثلما يتعلم أيُّ شخص وُلِد بعد عام 1990 أيَّ شيء- عن طريق الإنترنت الذي يعدُّ بالنسبة إلى مديرٍ تنفيذيٍّ يبلغُ من العمر 14 عاماً "فرصةً لتذليل العقبات التي تقف في طريق تعلم الأطفال والمراهقين البرمجة مهما كانت أعمارهم أو خلفياتهم، وتشجعهم على استكشاف عالم علوم الكمبيوتر بطرائق كانت تعدُّ مستحيلةً في يوم من الأيام".

عند إلقاء نظرةٍ على حساب راجيش على موقع "لينكد إن"، ستذهلك كثرة الإنجازات التي يستعرضها الحساب، فقد عمل المراهق الهندي الذي يقيم في دبي موظفاً متدرباً في موقعي (BankOnUs) و(Trift)، ومديراً تنفيذياً لشركته الناشئة، ونائباً لمدير قسم التسويق في منظمة "نيكست جينيريشن نيشنز" (Next Generation Nations)؛ ممَّا يعكس اهتمام هذا المراهق فعلاً بعالم ريادة الأعمال دون أن يفوِّت الذهاب إلى المدرسة إلَّا في مرات نادرة.

إقرأ أيضاً: 10 مواقع رائعة تقدم دروساً مجانية في مهارات ريادة الأعمال

2. سيمران تشودري (Simran Chowdhry):

سيمران تشودري (Simran Chowdhry)

لقد ترافق دخول سيمران تشودري -البالغة من العمر 23 عاماً، والتي تمتلك ألقاباً كبيرة وأحلاماً أكبر- إلى عالم ريادة الأعمال في هذه السن المبكرة مع إخفاقات لا حصر لها.

تقول "تشودري" في حديثها عن الرحلة التي خاضتها لتحقيق حلمها في تأسيس شركة "بلو فين" (BluePhin) المتخصصة بإدارة النفايات اعتماداً على التكنولوجيا، والتي مقرها الإمارات العربية المتحدة: "لقد شعرنا عدة مرات أنَّ الاستمرار صعب جداً؛ لكنَّنا تحلينا بالإصرار، وذكَّرنا أنفسنا بالهدف الذي بدأنا من أجله. لقد كنَّا نجرب كلَّ يومٍ أفكاراً جديدة، ونقوم بمحاولات جديدة، ونواجه إخفاقات جديدة؛ وقد تابعنا التعلُّم إلى أن تغيرت النتائج في يومٍ من الأيام".

تؤمن تشودري بالتوازن، لكن ليس ذاك النوع الخاطئ الذي يروج له الناس؛ وتقول: "إذا كان عقلك منشغلاً بمَهمَّةٍ ما، فأنهِ هذه المَهمَّة؛ وإذا شعرت بأنَّك لا ترغب في الذهاب إلى الحفلة، فلا تذهب إليها".

يميل المراهقون والشبَّان إلى تركيز الاهتمام على الدراسة والحياة الاجتماعية، ويوجد العديد ممَّن يضيفون إلى برامجهم الأسبوعية أنشطة غير مرتبطة بالمناهج التعليمية وأخرى تطوعية؛ فإذا أضفنا إلى جدول الأعمال تأسيس شركة ناشئة وتشغيلها والانشغال في الوقت نفسه بالامتحانات التي من المفترض أن يدرسوا استعداداً لها، ستكون النتيجة مشاعر قلق تحرم البالغين من النوم.

تذكر المؤسسة والمديرة التنفيذية أنَّ الاستراحة تعدُّ ضرورية لاستعادة الطاقة، لكنَّها لن تكون كذلك حينما يفرضها عليك أشخاص لا يؤمنون بعملك؛ وتكمل حديثها قائلة: "لقد علمني هذا الانضباط، وأهمية التنظيم، وأهمية الوقت المتاح خلال ساعات النهار، وما يمكنني أن أفعل به. لقد واجهنا ما يكفي من المتشائمين والأشخاص الذين لا يؤمنون بنا؛ وقد كنَّا لا نعيرهم آذاناً صاغية، ونعود إلى أعمالنا".

3. ريثيش براديب كومار (Rethesh Pradeep Kumar):

ريثيش براديب كومار (Rethesh Pradeep Kumar)

يؤمن "ريثيش براديب كومار" (Rethesh Pradeep Kumar) البالغ من العمر 13 عاماً بفكرة التوازن نفسه، وهو مؤسس ومدير تنفيذي لشركة "تيك سواب" (Tech Swap) -شركة الاستشارات المتخصصة بالتطبيقات وتطوير البرامج، والتي مقرها الإمارات العربية المتحدة-، وهو إلى جانب كلِّ ذلك طالب متفرغ للدراسة.

تعدُّ العائلة والأصدقاء على رأس قائمة أولوياته، وهما يمنحانه حافزاً كبيراً؛ لكنَّ كلَّاً من المدرسة والشركة الناشئة وتعلُّم مجموعة متنوعة من المواضيع يتربعون على رأس هذه القائمة.

وفقاً لكومار: يخوض المراهقون الذين يعملون في مجال ريادة الأعمال تجربة يمكن أن تساعدهم في تقرير مستقبلهم وتطوير مهاراتهم، حيث يعدُّ رواد الأعمال المراهقون مفكرين مبدعين مقارنة مع أقرانهم الأكبر سناً.

4. محمد شبيب (Muhammad Chbib):

محمد شبيب (Muhammad Chbib)

يمكن أن يُعدَّ محمد شبيب (Muhammad Chbib) -المدير التنفيذي لشركة تريدلينغ (Tradeling)، وهي شركة التقنيات الإبداعية التي تؤدي دوراً رائداً في سوق العمل الإلكتروني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- أحد المعجبين بالعقول الشابة.

يدعم السيد شبيب الشباب باستمرار من خلال توفير فرص التدريب التي تجعلهم يطلعون على "المشكلات التي تواجه الموظفين في المنظمات"، و"التحديات التي تواجه القادة"، وغيرها من الموضوعات.

صحيح أنَّه لم يَعُد صغيراً، لكنَّ السيد شبيب نفسه كان شاباً يسعى إلى الاستقلال مادياً عن والديه، وهو ما دفعه إلى المتاجرة بالدراجات المستعملة وهو في سن الـ 12؛ ويقول عن ذلك: "لقد كان هذا بداية رحلة التطور في عالم ريادة الأعمال؛ ذلك لأنَّها كانت المرة الأولى التي أطبق فيها معادلة: (جهد + قيمة = نتيجة)".

5. ناصر حسين (Nasir Hussain):

ناصر حسين (Nasir Hussain)

يعدُّ ناصر حسين (Nasir Hussain) مهندس برمجيات ومؤسس شركة "تينز هو كود" (Teens Who Code)، وهو يبلغ من العمر 15 عاماً.

يقول حسين: "تتعلق المسألة بتغيير نمط التفكير الأساسي من التفكير بالمشكلات إلى التفكير بطرائق لحلها مهما كانت هذه المشكلات صغيرة؛ فبعد أن تعثر على الحل، ستجد نفسك في سعيٍ دائمٍ إلى تطويره من وقتٍ إلى آخر؛ وطالما أنَّك ستستخدمه بنفسك، ستتمكن من اكتساب تجربة مباشرة تبيِّن لك كيف تستطيع تطوير الحل والتعلم منه".

هل بإمكان المراهقين اكتساب عقلية رواد الأعمال؟

وفقاً للأمثلة التي استشهدنا بها أعلاه: هل بإمكان المراهقين اكتساب عقلية رواد الأعمال؟

نعم، فمع وجود أهالي ومعلمين وأصدقاء يوفرون الدعم، سيتحول الشبان أصحاب العقول الفتية إلى أشخاص بارعين في حلّ المشكلات، ومستعدين لتغيير العالم.

يبيِّن راجيش ذلك قائلاً: "من المحتمل ألَّا أقدم أداءً جيداً في امتحانٍ معيَّنٍ يوماً ما، لكنَّ التجارب التي أخوضها والمعلومات التي أكتسبها الآن ستساعدني كثيراً في الحياة. لم أجد قط أنَّ ريادة الأعمال عملٌ مجهد؛ ذلك لأنَّني وجدت السعادة دائماً في العمل الذي أؤديه، وما زال حبُّ ريادة الأعمال يأسرني حتى الآن".

يقاسم جميع رواد الأعمال المراهقين راجيش الإحساس نفسه، حيث تقول تشودري: "تشبه ريادة الأعمال ركوب الدراجة، حيث تكتسب العضلات نوعاً من الذكريات التي تتعمق مع التدريب".

وقد أكد الفكرة نفسها رائد الأعمال المراهق الباكستاني "ناصر حسين" إذ يعتقد بأنَّه حينما يطلع شخصٌ ما على عدة جوانب تخص موضوعاً ما، وبعد التواصل مع الخبراء العارفين بهذا الموضوع؛ يصبح البدء بمشروعٍ ما أسهل قليلاً، ويُحرَز النموّ والتقدم "بسرعةٍ فائقة".

إقرأ أيضاً: كيف تدير شركتك مثلما يفعل قدوتك في مجال ريادة الأعمال!

نصائح رائعة:

نصائح رائعة من محمد شبيب:

"أعتقد بأنَّه يجب على كلِّ مراهق أن يتعلم الأمور الآتية:

  • البرمجة.
  • فهم أساسيات التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • فهم أساسيات الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • إتقان عمليات التحليل التي تُجرَى على مواقع الإنترنت والتطبيقات.

"أنا أنصح كلَّ مراهق بالبحث عن طرائق لجني المال، وبذل أقصى ما بوسعه لجني أمواله الخاصة دون مساعدة والديه. أخبر والديك أنَّك لا تحتاج إلى أيِّ دعمٍ ماليٍّ منهم، وحاول أن تقف وحدك على قدميك؛ وكلَّما فعلت ذلك في سنٍّ مبكرة، كان ذلك أفضل. أبسط أشكال ريادة الأعمال هي التجارة؛ فإذا كان لديك أغراض مستعملة، فابدأ بيعها في كراج المنزل؛ وإذا لم يكن لديك أيُّ شيءٍ لتبيعه وكان لديك مدخرات، استخدم المدخرات لشراء بضائع تعتقد بأنَّ الناس في المدرسة أو الحي يحتاجون إليها، وبعها لهم".

نصائح رائعة من سيرمان تشودري:

"لقد غير العمل في مجال ريادة الأعمال نظرتي إلى الحياة بأكملها؛ فطريقة التعامل مع الإخفاق، والتأقلم بسرعةٍ مع المواقف التي يسودها الشك، والوقوف بثقة؛ جميعها أمور اكتسبتها خلال رحلة بناء شركتي الناشئة. لذا كن صبوراً، وأخفق، وتعلم، وحاول مجدداً؛ إذ يعني مصطلح النجاح بين ليلةٍ وضحاها "أنَّ إحراز النجاح احتاج إلى 10 سنوات"، لذا لا تخشَ أن تأخذ كامل وقتك".

نصائح رائعة من أديثيان راجيش:

"يعدُّ البحث عن الفكرة المناسبة واحداً من أهم الجوانب التي تجعل الشخص رائد أعمال، ويتعلق الأمر كلُّه باتخاذ الخطوة الأولى عن طريق العثور على التخصص، وإجراء عمليات البحث، وأن تعرف أنَّك سترتكب الأخطاء خلال رحلتك، وأنَّك يجب أن تتعلم وتتطور دائماً".

نصائح رائعة من ناصر حسين:

"أحد الدروس التي تعلمتها من تجربتي أنَّه لا يوجد مقالةٌ واحدةٌ أو كتابٌ واحدٌ أو شخصٌ واحدٌ بإمكانه أن يساعدك بشكلٍ كاملٍ في مسيرتك؛ إذ تختلف طرائق تفكيرنا وتعاملنا جميعاً مع الأشياء، على الرغم من أنَّنا بدنياً متشابهون. إنَّ من أفضل النصائح العامة التي وجدتها: أن تتقبل دائماً الأفكار الجديدة والنمو".

نصائح رائعة من ريثيش براديب كومار:

"بإمكان تأسيس الشركات الناشئة أن يساعد المراهقين في اكتساب الخبرة والمهارات، وهو أمرٌ يمكن أن يكون مفيداً جداً للمستقبل؛ لذا خطط، وطور، وحقِّق النجاح".

 

المصدر




مقالات مرتبطة