هل التغيير هو الحل الأمثل لمشاكلك؟

البشر يتعوَّدون على كل شيء في الحياة

هل تتذكَّر أول مرة فعلت فيها شيئاً جديداً ومثيراً؟ وشعرت بأنَّه إنجاز رائع، لكن بعد فترة من الزمن تعودت عليه، فنحن البشر نتعود على كلِّ شيء في الحياة، وهذا أمر جيد؛ لكنَّه قد يكون سيئاً أيضاً في الوقت نفسه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن التغيير.

إذ تتمثل إحدى نقاط قوة البشر في أنَّنا نعتاد على كلِّ شيء تقريباً، وساعدتنا هذه القدرة على البقاء والتطور؛ ففي المرة الأولى التي ركبت فيها طائرة، كان عمري 16 عاماً واعتقدت أنَّها أروع شيء في العالم.

الآن، أراها مجرد وسيلة نقل، فتجربة الطيران لم تتغير، وما تزال أمراً رائعاً، لكن أنا تغيرت، وتعودت على ركوب الطائرة؛ مثلما تعودت على أشياء كثيرة، وعندما انتقلت إلى لندن قبل بضع سنوات، اعتقدت أنَّني لن أشعر بالملل مرة أخرى، واعتقدت أنَّ الانتقال إلى مدينة جديدة سيحل مشكلاتي؛ لكنَّ الحياة صعبة، في البداية، عملت وكنت أخرج طوال الوقت، واكتشف أماكن جديدة، لكن بعد فترة، اعتدت على ذلك.

لقد اعتدنا على كلِّ شيء؛ حتى الأشياء التي لا نقرر الاعتياد عليها عمداً، لكن معظمنا يرى "التغيير" حلَّاً سحرياً لكلِّ شيء في الحياة، فتقول:

  1. "أحتاج إلى تغيير ديكور منزلي".
  2. "شراء بيت جديد سيجعلنا أكثر سعادة".
  3. "أشعر بأنَّني عالق في وظيفتي، ويجب أن أحصل على وظيفة جديدة".
  4. "العلاقة الجديدة ستجعلني أشعر بالراحة مرة أخرى".
  5. "أحتاج إلى الانتقال إلى مدينة جديدة؛ لأنَّني مللت من المدينة التي أعيش فيها".
  6. "سأكون سعيداً عندما أشتري ملابس جديدة".

شاهد بالفيديو: 7 طرق لإحداث تغيير مذهل في حياتك بشكلٍ فوري

البشر، كما يقول الكاتب الأمريكي سيث جودين (Seth Godin)، آلات لرواية القصص؛ إذ نحب أن نخبر أنفسنا والآخرين جميع أنواع القصص؛ ففي حين أنَّ التغييرات التي تجريها قد تجعلك تشعر بالسعادة أو الإثارة على الأمد القصير، إلا أنَّك ستعتاد عليها؛ فستعتاد على شريكك الجديد، ووظيفتك الجديدة، والسفر حول العالم، لكن لدينا هذا الدافع الفطري للسعي وراء الأشياء الجديدة؛ لكنَّ التغيير ليس جيداً دائماً، وقبل أن تصدق القصص التي تخبرها لنفسك أو يخبرك بها الآخرون، توقف للحظة وفكِّر فيها.

اسأل نفسك: ما هي نتيجة التغيير؟

إذا كنت لا تستطيع التفكير في نتيجة جيدة، فتوقف عن محاولة التغيير؛ لأنَّ التغيير جيد من أجل التحسن، كما قال القائد العسكري الفرنسي نابليون بونابرت (Napoléon Bonaparte) "التاريخ مجموعة أكاذيب متفق عليها"، فهل سيحل التغيير سبب احتياجك إليه في المقام الأول؟ إذا كان الانتقال إلى مدينة مختلفة يحسن حياتك على الأمد الطويل لأنَّ لديك فرصة في انتظارك، انتقل، لكن لا تتحرك لأنَّك تؤمن بقصة خاطئة؛ مثل أنَّ المدن الكبرى تقدم لك مزيداً من الفرص.

فهذه مجرد قصة من القصص التي يحب الناس سردها، وهذه القصة بالذات ربما كانت صحيحة قبل 100 عام، لكن ليس اليوم، وتوجد الآلاف من القصص  الخاطئة؛ لذا تحدَّ كلَّ شيء، خاصة طريقة تفكيرك.

إقرأ أيضاً: التكيف مع التغيير: ما أهميته؟ وكيف نطبقه؟

لكنَّ المشكلة هي أنَّك لا تستطيع أن تثق بعقلك في بعض الأحيان، فنحن نميل إلى الكذب على أنفسنا، وكما قال الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي (Fyodor Dostoyevsky): "الكذب على أنفسنا متأصل فينا أكثر من الكذب على الآخرين"؛ لذا استمر في تحدي نفسك، لأنَّ التغيير دون نتيجة ليس سبباً لتغيير شيء ما، فكِّر في سبب رغبتك في التغيير.

إقرأ أيضاً: إدارة التغيير: مفهومها ومراحلها وأنواعها

في الختام:

يتطلب الأمر التأمل والصبر؛ لكنَّه يستحق العناء، خاصة إذا رأيت أنَّ معظم التغييرات غير ضرورية أو لا تحلُّ أيَّ مشكلات على الإطلاق؛ فالتغيير رائع، لكن ليس إذا لم يكن للأفضل.




مقالات مرتبطة